«أم رقيبة» … طالت رقبتها بمزايين الإبل
[COLOR=green]صحيفة طبرجل الإخبارية – أحمد الديحاني[/COLOR]
في الطريق من المدينة المنورة حتى حفر الباطن, لك أن تتخيل مراحل عدة تمر فيها باستثناء هذا المكان, وإن كنت مواطنا تربى ثقافيا على التلفزيون السعودي, فلن يكون للطريق البري الرابط بين المدينتين مراحل تعرفها غير الزلفي والقصيم بعاصمتيه الإدارية والسياحية بريدة وعنيزة. ذلك الطريق لمواطن تعود منذ الصغر سماع أسماء من قبيل ثادق، والمحمل، وطبرجل، والقريات كل ليلة, أما من تعودوا في هذا العصر الفضائي الصحراوي مشاهدة مسابقات ملكات الإبل, فستكون أم رقيبة المحطة الأهم بالنسبة لهم. «أم رقيبة «، الاسم الذي أطلق بداية على «كثبان رملية» على هيئة رقبة أصبح منذ أقل من عقد يعني التجمع الأبرز لثقافة باتت تفرض سطوتها على الشخصية السعودية والخليجية بشكل عام، حيث تتطاول فيها رقاب الإبل للفوز بالتاج الذي يطوق أعناق أصحابها.
مكان صحراوي مقفر على جانبي الطريق , يمتد من شمال مركز الأرطاوية حتى الجنوب من حفر الباطن تظهر فيه النوق بجميع ألوانها كبطل للمشهد تحوطها السيارات وأصحابها بالعناية، وصولا إلى «أم رقيبة» لتتحول سفينة الصحراء من ناقل في زمان مضى إلى منقول في زمن العناية بالجمال. «أم رقيبة « .. منطقة صحراوية لم تعرف وجودا بشريا ذا شأن طوال تاريخها غير أنها الآن تستقبلك بمدخل خرساني على شكل بوابة ضخمة تزينها الأعلام يواري خلفه عشرات المخيمات لهواة البر، وعشاق الإبل محاطا بمخيمات تمثل الإدارات الحكومية، والوزارات المعنية بنشاط، ويلف المكان سوق تستقبل الجمهور بجميع احتياجاتها بدءا من شراء المواد الغذائية البسيطة وانتهاء بشراء النوق. الخدمات توجد مع وجود الجمهور، إذ ترتفع مؤقتا أبراج شبكات الجوال المنقولة، وتحضر الجمعيات المعنية بحفظ النعمة، وتوزيع الفائض منها على المحتاجين. غير أن السؤال يبقى حاضرا, حول الدوافع التي حولت أم رقيبة كرمز لمنطقة صحراوية صغيرة فقيرة التضاريس إلى مقصد سياحي بارز في فترتي الشتاء والربيع، وهو سؤال يمكن صياغته بطريقة أخرى حول قوة تأثير ثقافة «مزايين الإبل» على المجتمع السعودي. بسؤال المهتمين حول إيجابيات منافسات «المزايين» يمكن تلخيص الإجابات على النحو التالي «تأصيل ثقافة عشق الإبل وإعادة الاعتبار لهواية جمعها و الفخر بها تكريسا لموروث الآباء والأجداد». كما يمكن إضافة ملاحظة إيجابية تندرج تحت هذا الإطار حول تزايد اهتمام الشبان السعوديين بهذا الموروث وانشغالهم به عن المؤثرات الخارجية التي كانت تستقطب اهتماماتهم في مرحلة ما مثل منافسات «ستار أكاديمي» وغيرها من المسابقات المستوردة. وتبدو الفوائد الاقتصادية الأصدق حديثا في الجانب الإيجابي لمسابقات الإبل مع انكشاف الأرقام في الأعوام الخمسة الماضية عن مبيعات هائلة لم تعرفها سوق الماشية بشكل عام طوال تاريخها، إذ تتراوح أسعار الإبل المنتقاة من خمس على الأقل إلى سبع خانات من الأرقام تنطق بعشرات الملايين من الريالات التي قد تشرى بها ناقة توصف بالمزيونة . كما تعم الفائدة الاقتصادية والتنموية تلك المناطق التي تقام فيها مسابقات مزايين الإبل «أم رقيبه» مثالا، إذ تنتشر الأسواق وتزدهر عمليات الشراء والبيع، وفقا للحركة الجماهيرية المحيطة في المكان. كما تحضر الجهات الحكومية مع هذا التواجد لتلقي بخدماتها على مناطق نائية لم تجد كفايتها سابقا من بعض الخدمات.