خمس سنوات زاهرة من حكم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز
[COLOR=green]صحيفة طبرجل الإخبارية – تقرير -فهد الحارثي [/COLOR]
تبرز إنجازات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز جلية في مجالات التمنية والصحة والاقتصاد والتعليم كما تزخر مسيرته حفظه الله بالمواقف الحكيمة الشجاعة في الكثير من الأزمات، وإن كانت مواقفه من قضايا الوطن الداخلية تضع هموم المواطن السعودي أمام عينيه، فمواقفه من الأزمات التي تواجه العالمين الإسلامي والعربي تتسم بالحكمة والحزم والشجاعة، أما نظرته حفظه الله للعلاقة بين الشعوب فتحكمها رغبة كبيرة في السلام والانسجام بين الشعوب والثقافات مع الحزم في التصدي للإرهاب ولأصحاب الأفكار الهدامة التي تهدم ولا تبني شيئا، مستلهما مبادئ الدين الإسلامي الحنيف في الحرص على راحة المواطنين، والدفاع عن الأمتين العربية والإسلامية، الوسيطة في التعامل مع الآخرين.
الملك والسياسة .. سلام يحميه الحزم
يسجل لخادم الحرمين الشريفين حفظه الله أنه أول قائد ينجح في توحيد مواقف الدول العربية من الصراع العربي الإسرائيلي حيث طرح في قمة بيروت عام 2002 (وهو لا يزال وليا للعهد) المبادرة السعودية للسلام، والتي قوبلت بتأييد كامل من الدول العربية جميعها، لنجاحها في تأمين جميع الحقوق الفلسطينية، ليقرها ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية المجتمعين كمجلس لجامعة الدول العربية على مستوى القمة في بيروت ولتصبح المبادرة العربية للسلام.
وقد جاء طرح هذه المبادرة حرصا منه حفظه الله على إنهاء الصراع واستعادة الحقوق الفلسطينية كاملة دون نقصان.
وكما كان خادم الحرمين صاحب هذه المبادرة لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي كان أول من لوح بسحبها غضبا من عنجهية إسرائيل واعتدائها على غزة، وذلك في قمة الكويت الاقتصادية في العام 2009 حيث قال إن «مبادرة السلام العربية لن تبقى طويلا على الطاولة»، مشيرا إلى أن «إسرائيل أمام خيارين: الحرب أو السلام». كما استنكر ما سماها المجازر الجماعية التي قال إنها نُفذت في غزة تحت سمع العالم وبصره، وعلى يد من سمّاها العصابة الإجرامية. معلنا عن «تبرع الشعب السعودي بمليار دولار لإعادة إعمار غزة».
وكان خادم الحرمين دائما حريصا على وحدة الصف العربي، وظهر هذا في أوضح صوره في جهود التقريب والمصالحة بين حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين واستضافتهما في مكة المكرمة، وإعمار لبنان بعد العدوان الإسرائيلي عليها، وزيارته إلى دمشق لتحسين العلاقات بين البلدين بعد أزمات دبلوماسية متعددة، وتوسطه للمصالحة بين السودان وتشاد، وبين الأطراف المتصارعة في الصومال، ودعوته المستمرة لاستقرار العراق وتحكيم لغة العقل ووقف العنف واستضافة المملكة لمؤتمر المصالحة العراقية في مكة المكرمة.
ويكفي للتدليل على الحجم الذي يحتله خادم الحرمين الإشارة إلى استطلاع الرأي الذي أجراه مركز أبحاث بيو الأمريكي وحصل فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، على المرتبة الأولى بين القادة الأكثر شعبية وتأييدا في العالم الإسلامي، في العام 2009 وذلك بعد أن حل حفظه الله أولا في استطلاع سابق لنفس المركز في العام 2007.
واللافت أن الاستطلاع شمل أكثر من 25 دولة إسلامية منها ثماني دول عربية، وسبق الاستطلاع اختيار مجلة “فوربس” (أكبر مجلة اقتصادية دولية) خادم الحرمين ضمن قائمتها للأشخاص الأكثر نفوذا وتأثيرا في العالم.
كان آخرها إنهاء قطر والبحرين لخلافاتهما استجابة لمبادرة خادم الحرمين الشريفين.
حوار الأديان .. ورفض الإرهاب
شكل المنتدى السادس لحوار الحضارات بين اليابان والعالم الإسلامي الذي عقد بعنوان «الثقافة واحترام الأديان» في 18 ربيع الأول 1429 هـ الموافق 24 مارس 2008 يوما تاريخيا في حياة مختلف شعوب العالم حيث أعلن خادم الحرمين خلاله مبادرة حوار الأديان مقدما أملا مشرقا للخروج من دعوات العنف وصراع الحضارات، وهو ما توج في المؤتمر العالمي للحوار في مدريد 13 رجب 1429هـ الموافق 16 يوليو 2008م.
والذي تلاه مؤتمر حوار الأديان في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بدعوة من خادم الحرمين وبمشاركة أكثر من 80 دولة.
وقد دعا خادم الحرمين في كلمته أمام المؤتمر إلى قيام جبهة موحدة ضد الإرهاب “عدو كل الأديان” وإلى تشجيع التسامح بينها، وقال العاهل السعودي “إن الإرهاب والإجرام هما عدوان لكل دين وكل حضارة، ولم يكونا ليظهرا لولا غياب مبدأ التسامح”، فيما يوضح رفضه حفظه الله للإرهاب كسلوك اعتمده بعض المغرر بهم لتحقيق طموحات وهمية.
كما حرص حفظه الله على دعم الحوار الداخلي في المملكة عبر مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، ونشاطاته المتعددة.
وجاءت كلمات الملك في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب بالرياض لتترجم سياسته الحكيمة، حيث أكد أن «نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم هو نبي الرحمة، والإسلام هو دين الرحمة ولا يمكن أن تجتمع الرحمة والإرهاب في عقل واحد، أو قلب واحد، أو بيت واحد، وقال “إنني أعرف أن خطر الإرهاب لا يمكن أن يزول بين يوم وليلة. وأن حربنا ضد الإرهاب ستكون مريرة وطويلة. وأن الإرهاب يزداد شراسة وعنفًا كلّما ضاق الخناق عليه. إلا أنني واثق بالله تمامًا من النتيجة النهائية وهي انتصار قوى المحّبة والتسامح والسلام ».
وتبنت المملكة في عهد خادم الحرمين حفظه الله إستراتيجية داخلية لمكافحة الإرهاب تعتمد المواجهة الفكرية والمناصحة بنفس درجة الاهتمام بالتعامل الأمني والإجراءات القانونية، واقترنت مواقف المملكة الواضحة على المستوى الدولي في رفض الإرهاب بتحرك كبير لتحقيق التعاون في مواجهة الجرائم الإرهابية، توجتها دعوة خادم الحرمين لإنشاء مركز دولي لتبادل المعلومات والخبرات بين الدول وإيجاد قاعدة بيانات ومعلومات أمنية واستخباراتية تستفيد منها الجهات المعنية بمكافحة الإرهاب.
كما عملت المملكة على تجفيف منابع الإرهاب واجتثاث جذوره من خلال إعادة تنظيم جمع التبرعات للأعمال الخيرية التي قد تستغل لغير الأعمال المشروعة وقامت بإنشاء هيئة أهلية كبرى تتولى الإشراف والتنظيم على جميع الأعمال الإغاثية والخيرية بهدف تنظيم عمل تلك الهيئات وعدم السماح لذوي النوايا والأهداف الشريرة باستخدام الهيئات الإنسانية لأعمال غير مشروعة.
محاربة الفقر.. ودعم المحتاجين
لا تقتصر إنجازات خادم الحرمين الشريفين على المستوى الدولي والخارجي فقط بل كان لمواطني المملكة الجزء الأكبر من اهتمامات وجهود الملك ولقد بدأ حفظه الله أول ما بدأ بالفقراء ثم المحتاجين وذوي الدخل المحدود.
فقد سلط حفظه الله الضوء على الفقر بين مواطني المملكة كقضية ملحة يجب التعامل معها فورا، فبادر حفظه الله بزيارة أحياء فقيرة في الرياض في شهر نوفمبر من عام 2002 طالب بتسليط الضوء على القضية لتثمر عن تأسيس «الصندوق الخيري لمكافحة الفقر» بأمر حكومي في عام 2003، ليكون إحدى آليات الإستراتيجية الوطنية لمكافحة هذه الظاهرة، وعمل الصندوق على دعم الفقراء القادرين على العمل بإقامة مشروعات استثمارية صغيرة أو مشاركتهم في رأس مالها، وتيسير الإجراءات الإدارية والمتطلبات النظامية.
وفى إطار استراتيجية مكافحة الفقر تمت زيادة المخصصات المقدمة للأيتام ذوي الظروف الخاصة ومن في حكمهم بمبلغ اثنين وثمانين مليون ريال سنويا، كما أقر مجلس الوزراء بتاريخ الرابع والعشرين من محرم عام 1424 هـ تأسيس المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام بهدف مساعدة الأيتام ومن في حكمهم من ذوي الظروف الخاصة.
وأقامت الدولة برنامج “المساعدات الطارئة” للأسر الواقعة تحت خط الفقر المطلق التي تتعرض لحالات طارئة حرجة تتسبب في زيادة معاناتها أو تعرضها لمشكلات مثل: وفاة المعيل أو سجنه أو مرضه أو مرض الأبناء أو حوادث الحريق في المنزل أو الكوارث الطبيعية ونحوها على أن تحدد سقوف هذه المساعدات بحسب الحالة ودرجة المعاناة.
كما حرصت الدولة في عهد خادم الحرمين على دعم المؤسسات الخيرية وتطوير دورها من مجرد تقديم المساعدات المالية إلى توفير الخدمات المباشرة وغير المباشرة التي تساعد الفقراء على وجه الخصوص على الاعتماد على النفس، فزادت من مخصصات هذه الجمعيات من مائة مليون ريال إلى ثلاثمائة (300) مليون ريال سنويًا.
أما البسطاء وذوي الدخل المحدود فلم يغفل عنهم خادم الحرمين حيث أصدر في السابع عشر من رجب عام 1426 هـ أمرا ملكيا بزيادة مخصصات الضمان الاجتماعي للأسرة إلى 28 ألف ريال في السنة.
وقد كان قرار الملك بزيادة مخصصات الضمان الاجتماعي حافزا لتطوير الضمان الاجتماعي لخدماته، فاستحدث مشاريع جديدة مثل فرش وتأثيث الإسكان الشعبي، وكذلك مشاريع الأسر المنتجة، وتقديم الدعم المادي والمساعدة لهذه الأسر الفقيرة بهدف تحويلهم من أسر معولة إلى أسر عائلة قادرة على العمل والإنتاج.
وفى السادس من رجب عام 1427 هـ الموافق الحادي والثلاثين من شهر يوليو 2006، أقر مجلس الوزراء الموافقة على مشروع نظام الضمان الاجتماعي المرفوع من وزير الشؤون الاجتماعية، ومن أبرز الملامح العامة للنظام أن يقتصر الانتفاع من أحكام هذا النظام على المواطنين السعوديين المقيمين في المملكة إقامة دائمة، واستثناء من شرط الجنسية تستفيد من أحكامه أيضاً المرأة الأجنبية المتزوجة من سعودي، أو أرملته التي لها أولاد منه، وكذلك أبناء الأرملة السعودية من زوجها الأجنبي، إضافة إلى المعوقين والأرامل ذوات الأيتام، والأيتام ممن لا تتوافر لديهم وثائق إثبات الجنسية السعودية ولديهم بطاقات تنقل، وذلك وفق الشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية للنظام.
وفى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تم أيضا استحداث ودراسة خمسة برامج لمساعدة المحتاجين، وهي ترميم المنازل، والحقيبة المدرسية، والزي المدرسي، والمساعدة في توفير الأدوية للأمراض المستعصية، والمساهمة في فواتير الخدمات وتوفير تكاليف المواد الغذائية.
مواجهة المفسدين .. ولا عفو
استبشر المواطنون خيرا عندما أصدر مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتاريخ 1/2/1428هـ قرارا بالموافقة على الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، وإعلان تحصين المجتمع السعودي ضد الفساد هدفا لهذا القرار.
فقد أظهر خادم الحرمين بهذا القرار حرصه على المواطن الذي يقع ضحية لهذا الفساد في خدمات سيئة تهدد مستوى حياته أو حياته ذاتها كما حدث في كارثة سيول جدة، والتي أثبت بعدها خادم الحرمين عزمه الأكيد على محاربة الفساد في المجتمع السعودي واجتثاثه من جذوره.
فبعد أن أمر حفظه الله بصرف مليون ريال لذوي كل شهيد غرق في سيول جدة، مواساة لأهالي الضحايا، وجه بتشكيل لجنة تباشر مهامها في الحال وبتفرغ كامل للتحقيق في أسباب الفاجعة، وتحدد مسؤولية كل جهة حكومية أو أي شخص له علاقة بها.
وقال خادم الحرمين الملك عبد الله معبرا عن ألمه وقلقه لما حل بأهالي جدة “إن هذه الفاجعة نتجت عن أمطار لا يمكن وصفها بالكارثية، حيث إن مثل هذه الأمطار تسقط بشكل يومي على العديد من الدول «ومنها ما هو أقل من المملكة في الإمكانات والقدرات ولا ينتج عنها خسائر وأضرار مفجعة على نحو ما شهدناه في محافظة جدة”.
وبمجرد أن رفعت اللجنة تقريرها لخادم الحرمين حتى أصدر حفظه الله أمرا ملكيا بإحالة جميع المتهمين في القضية إلى هيئة الرقابة والتحقيق وهيئة التحقيق والادعاء العام وذلك كما قال حفظه الله “انطلاقا من مسؤوليتنا تجاه الوطن والمواطن والمقيم استهداء بقول الحق جل جلاله “إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا”، وقول النبي صلى الله عليه وسلم “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”.
وأمر الملك أيضا باستكمال التحقيق مع بقية من وردت أسماؤهم في التقرير أو المطلوب سماع أقوالهم، وفرز أوراق مستقلة لكل من وردت أسماؤهم في التحقيق وليس لهم علاقة مباشرة بمسار فاجعة جدة، وإحالتهم إلى جهات التحقيق المختصة”.
كما أمر حفظه الله بعدة خطوات للتأكد من تلافي تكرار كارثة جدة وكان على رأسها القرار التاريخي بأن “تقوم وزارة الداخلية بإدراج جرائم الفساد المالي والإداري ضمن الجرائم التي لا يشملها العفو”.
ولعل هذا القرار بمنع العفو في جرائم الفساد المالي والإداري من أقوى القرارات التي تتخذها الدول ضد المتهمين فيها وهو رسالة واضحة من الملك حفظه الله للمفسدين بأنه لم يعد لهم مكان في المملكة العربية السعودية.
اهتمام بالمدارس والجامعات .. و”كاوست” جوهرة التاج
في الرابع والعشرين من محرم 1428 هـ صدرت الموافقة السامية على مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم العام، الذي يشمل تطوير المناهج التعليمية وإعادة تأهيل المعلمين والمعلمات وتحسين البيئة التعليمية وبرنامج النشاط غير الصفي لطلاب يتجاوز عددهم 5 ملايين طالب وطالبة، وأتت هذه الخطوة لتتوج اهتمام خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بتطوير التعليم سواء العام أو العالي.
وتضمنت الخطوات لتنفيذ المشروع اعتماد 11 مليار ريال لإعداد المناهج الرقمية والكتب الإلكترونية والعناصر التعليمية للمناهج، وبناء معايير دمج التقنية في المناهج الدراسية، وتطوير المناهج في جميع المراحل ابتداءً بمرحلة رياض الأطفال وحتى المرحلة الثانوية.
وإدراكاً منه حفظه الله لتطوير البحث العلمي والتعليم، فقد ارتفعت ميزانية التعليم إلى ما يزيد عن 137 مليار ريال لقطاعات التعليم العام والعالي وتدريب القوى العاملة، كما أنشأ برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي ليشمل البنين والبنات، ولأول مرة في تاريخ المملكة تخصص بعثات خارجية للبنات إدراكاً منه بأهمية دور المرأة في التنمية.
وإن كان التعليم العام سيشهد تطويرا شاملا في عهد خادم الحرمين فقد شهد التعليم العالي تحولات تاريخية بدليل انتشار مؤسسات التعليم العالي في المناطق والمحافظات وتأسيس جامعات في جميع مناطق ومحافظات المملكة حيث زاد عدد الجامعات الحكومية من 8 جامعات إلى 24 تضم 440 كلية في مختلف التخصصات و9 جامعات أهلية، كما زاد عدد المحافظات التي تضم كليات جامعية عن 80 محافظة بعد أن كانت محصورة في 17 محافظة.
إضافة إلى برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للابتعاث الخارجي الذي شهد توسعا غير مسبوق في عدد المبتعثين ليزيد عن 80 ألف مبتعث ومبتعثة.
لكن كل هذه الإنجازات في مجال التعليم لا تستطيع التغطية على جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) والتي وصفها خادم الحرمين حين الإعلان عن فكرتها بأنها ستكون “منارة للمستقبل”، وأصبحت بعد إنشائها منارة حقيقية تضيء سماء التعليم في المملكة.
وبعد أن وضع الملك حجر أساس هذه الجامعة في ثول على ضفاف البحر الأحمر على بعد 80 كيلومترا من مدينة جدة ورصد 10 مليارات ريال كتكلفة إجمالية للمشروع تم افتتاح الجامعة في 23 سبتمبر 2009 الموافق لليوم الوطني للمملكة العربية السعودية.
وتستقبل الجامعة طلابها لدراسة الماجستير والدكتوراه في خمسة مجالات هي الهندسة الكيميائية والرياضيات التطبيقية وعلوم الحاسب والهندسة الميكانيكية وهندسة العلوم والهندسة البيئية والمدنية وستمنح الجامعة الدرجات العلمية في مجالات الطاقة الكهربائية والعلوم الحيوية التطبيقية في مرحلة لاحقة.
وستستغرق دراسة درجة الماجستير في الجامعة ما بين عام واحد إلى عامين، أما درجة الدكتوراه فتستغرق الدراسة فيها من ثلاثة إلى أربع أعوام. ومن المتوقع أن تستوعب الجامعة بانتهاء جميع مراحل المشروع نحو عشرين ألف طالب وطالبة.
وتبلغ المساحة الإجمالية للمدينة الجامعية لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية نحو 36 مليون متر مربع وتتكون من خمسة وحدات رئيسية تضم 25 مبنى منها 4 مراكز للأبحاث العلمية بمساحة أكثر من 500 ألف متر مربع ومن المنتظر أن تخصص المملكة 100 مليون دولار لتمويل تكاليف العلماء الراغبين في التعاون مع الجامعة الجديدة، بهدف وضع المملكة على خارطة التقدم العلمي والتقني في القرن الواحد والعشرين.
ومن أهم استراتيجيات الجامعة الجديدة توفير البيئة المحفزة والجاذبة لاستقطاب العلماء المتميزين من مختلف أنحاء المملكة والعالم، واستقطاب ورعاية الطلبة المبدعين والموهوبين في مجالات الصناعات القائمة على المعرفة من السعودية وغيرهم، أما أهداف الجامعة فتتلخص في إيجاد واستقطاب ورعاية الموهوبين والمبدعين والباحثين، ودعم الصناعات الوطنية والقائمة والقطاع الأهلي، ودعم وإنشاء صناعات جديدة تقوم على المعرفة، ودعم منظومة الإبداع والقدرة على توليد الأفكار، وتحويل الأفكار الابتكارية في الاختراعات التي تشكل قيمة اقتصادية مضافة، والإسهام الإيجابي في التعامل مع المؤسسات البحثية، دعم الاقتصاد الوطني وزيادة الناتج الإجمالي مع الإسهام في التحول إلى مجتمع صانع للمعرفة.
موقع عالمي .. تدعمه مدن اقتصادية
جاءت الأوامر الملكية المتتابعة بإنشاء مدن اقتصادية في مختلف أنحاء المملكة مثل حائل والمدينة المنورة وجازان ومكة المكرمة ورابغ كدليل على إدراك خادم الحرمين لأهمية تطوير الاقتصاد الوطني وتنويعه بما يرفع من مستوى معيشة الأفراد وخلق آلاف الفرص الوظيفية لشباب هذا الوطن.
وهذه النظرة بعيدة المدى منه حفظه الله تسعى لتأكيد أهمية أن يكون للمملكة موقع متميز على خريطة العالم من حيث جذبها الاستثمارات الأجنبية، وذلك انطلاقاً من توافر الميزات النسبية فيها من موقع استراتيجي جاذب، وموارد طبيعية تهيئ للنهوض بقطاع الصناعة، وموارد مالية تمكن من حشد هذه الموارد وتسخيرها لتحقيق إنتاج مادي يزيد من تنوع الاقتصاد، ويقلل من اعتماده على النفط مصدراً أساسياً للدخل الوطني.
ولعل مدينة الملك عبد الله الاقتصادية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين في مشروع يعد الأكبر قياسا بالمشروعات الاقتصادية في الشرق الأوسط أوضح مثال على ذلك حيث تقع المدينة الاقتصادية الجديدة شمال جدة وبالقرب من مدينة رابغ الصناعية حيث تمتد على مساحة 55 مليون متر مربع على ساحل بطول 35 كلم وتبلغ تكلفتها 100 مليار ريال.
وتضم المدينة 6 مناطق على رأسها ميناء بحري، بمساحة 2.6 مليون متر مربع ليكون منافسا للموانئ الكبرى في دول العالم حيث سيكون بفضل موقعه الاستراتيجي وإمكانياته محطة وصل بين آسيا وأفريقيا وأوروبا.
كما يضم الميناء مبنى خاصاً للحجاج يمكنه استقبال أكثر من 500 ألف حاج كل موسم.
ومن ضمن المدينة منطقة صناعية تخصص لتلبية احتياجات الشركات الصناعية سواء كانت بتروكيماوية أو الدوائية أو تعمل في أنشطة الأبحاث والتطوير.
وتشمل المدينة على المنتجعات الشاطئية وهي مجموعة متميزة من الفنادق المطلة على الواجهة البحرية ومباني الشقق الفندقية، تضم 3500 غرفة وأجنحة، بالإضافة إلى مجموعة شاملة من متاجر التجزئة ومنافذ الخدمة ونادي للفروسية وملعب عالمي للجولف من 18 حفرة.
وتوفر المنطقة الرابعة الجزيرة المالية، 500 ألف متر مربع من المساحات المخصصة للمكاتب والتي تستهدف المؤسسات المالية العالمية والإقليمية، بالإضافة إلى عدد كبير من فنادق رجال الأعمال ومركز جديد للمعارض والمؤتمرات، وسيعمل في الجزيرة المالية كل يوم ما يصل إلى 60 ألف متخصص. وسيتم تشييد برجين فوق جزيرة المال، يتألف الأول من 100 طابق والثاني من 60 طابقا.
وتضم المنطقة الخامسة من مدينة الملك عبد الله الاقتصادية 3 أحياء سكنية، سيحتضن أولها وسط المدينة وسيكون مزيجاً من الطرز المعمارية القديمة والحديثة، ويطل ثاني هذه الأحياء على محيط كورنيش ويلتفّ حول مرسى بحريّ يتضمن نادياً لليخوت يتسع لـ 450 يختاً. وسوف يشغل السوق ومتاجر التجزئة 350 ألف متر مربع من المساحات المميزة، ومن المتوقع أن يقطن في هذا الحي نحو 75 ألف نسمة. بينما يتكون الحي السكني الثالث في غالبيته من فلل فخمة مطلة على البحر ومزودة بمراس خاصة بها لليخوت والقوارب، بحيث يتسنى التنقل منها وإليها عبر البحر مباشرةً. وأما المنطقة السادسة فهي المدينة التعليمية وتقدم خدمات تعليمية موسعة.
ولعل مثل هذه المدينة توضح رؤية الملك لمستقبل مدن المملكة التي ستجمع بين الرفاهية للمواطنين والمراكز المالية والصناعية الكبرى، ومراكز الخدمات والتعليم.
تطوير القضاء والمحاكم
يبرز اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في التقدم بخطوات نوعية بالبلاد على مصاف الدول المتقدمة أوضح ما يكون في “مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير مرفق القضاء” والذي خصصت له ميزانية تبلغ 7 مليارات ريال.
وينشئ النظام الجديد محكمة عليا في البلاد تنتقل إليها اختصاصات مجلس القضاء الأعلى المتمثلة في مراقبة سلامة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض معها، ومراجعة الأحكام والقرارات التي تصدرها أو تؤيدها محاكم الاستئناف بالقتل وغيره من القضايا الهامة.
وقسم النظام المحاكم لتتكون من المحكمة العليا ومن أهم اختصاصاتها مراقبة سلامة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض معها، ومراجعة الأحكام والقرارات التي تصدرها أو تؤيدها محاكم الاستئناف بالقتل وغيره من القضايا الهامة، ومحاكم الاستئناف، وتتولى النظر في الأحكام القابلة للاستئناف الصادرة من محاكم الدرجة الأولى، وتحكم بعد سماع أقوال الخصوم وفق الإجراءات المقررة في نظام المرافعات الشرعية، ونظام الإجراءات الجزائية. ثم محاكم الدرجة الأولى وهي المحاكم العامة وتؤلف من دوائر متخصصة يكون من بينها دوائر للتنفيذ والإثباتات النهائية وما في حكمها، والمحاكم الجزائية وتشكل من دوائر متخصصة، ومحاكم الأحوال الشخصية وتشكل من دائرة أو أكثر، والمحاكم التجارية وتشكل من دوائر متخصصة، والمحاكم العمالية وتشكل من دوائر متخصصة.
وجاء قرار الملك بتطوير القضاء لاستعادة هيبة القضاء الإسلامي وجعل الشريعة الإسلامية المحور الرئيسي في حل كل مشكلات المسلمين.
مشاركة المرأة .. وحفظ الدين والأخلاق
وضع خادم الحرمين المرأة ضمن اهتماماته وذلك في سعيه ورؤيته حفظه الله لتطوير المجتمع السعودي ككل، ولقد أوضح ذلك حفظه الله حين قال عن المرأة “لن نسمح لكائن من كان أن يقلل من شأنها أو يهمش دورها الفاعل في خدمة دينها ووطنها فالنساء شقائق الرجال ولن نترك بابا من أبواب العطاء إلا وشرعناه لها في كل أمر لا مخالفة فيه لديننا أو أخلاقنا ولن نقبل أن يقال إننا في المملكة نقلل من شأن بناتنا وأمهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا ولن نقبل أن يلغى عطاء نحن أحوج الناس إليه”.
وأتت مشاركة المرأة السعودية في انتخابات الغرف التجارية وجلسات المركز الوطني للحوار ومجلس الشورى بالإضافة لعملها القيادي في مجالات التعليم، لتثبت صدق خادم الحرمين في حديثه.
كما تم تقليص دور الوكيل الشرعي من خلال السماح لها باستخراج البطاقة الشخصية دون إذن ولي أمرها لكي لا تتعرض لتعطيل حياتها ومصالحها وللقضاء على الكثير من المشاكل الاجتماعية التي كانت تحدث بسبب هذا الأمر، كما تم السماح للمرأة باستخراج السجل التجاري بشكل مباشر ودون وكيل شرعي أو كفيل لتبدأ ممارسة أنشطتها التجارية والصناعية، بالإضافة لمشاركة المرأة في الوفود الرسمية وتبوأها المناصب القيادية في مختلف الوزارات، ولدينا نماذج مشرفة بمختلف القطاعات والمجالات نذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر.
الدكتورة ثريا عبيد التي تشغل منصب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان منذ عام 2000م وتم التجديد لها مؤخراً لفترة أربع سنوات تقديراً لكفاءتها وقدراتها، والدكتورة منى دشاش التي تم تعيينها كمساعد لمدير الشؤون الصحية بجدة، بالإضافة لثمانين فتاة قامت وزارة الخارجية بتعيينهن في وظائفها، كما قامت وزارة الشؤون الاجتماعية بتعيين أول مدير فرع بالضمان الاجتماعي، ثم توالت النجاحات بتولي الدكتورة ناهد طاهر إدارة بنك مصرفي كبير. ومع بداية هذا عام 2009م صدر قرار تعيين الأستاذة نورة بنت عبد الله الفايز في منصب نائبة وزير التربية والتعليم لشؤون البنات، كأول سيدة سعودية تشغل هذا المنصب الوزاري، إشارة لدخول المرأة السعودية مرحلة المناصب القيادية في بقية الوزارات.
ومؤخرا عينت الدكتورة أروى بنت يوسف الأعمى مساعدا لأمين جدة لشؤون تقنية المعلومات في الأمانة، ويعد هذا المنصب أكبر منصب في أمانة محافظة جدة يسند لامرأة وكذلك في وزارة الشؤون البلدية والقروية.
الحكومة الإلكترونية .. بدأت من مكة
جاء الاهتمام بتنفيذ وتطوير مشروع الحكومة الالكترونية تحت إشراف ورعاية خادم الحرمين كخطوة على طريق تحديث الأجهزة الحكومية في إمارات المناطق ودعمهـا بأحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وذلك لرفع كفاءتها وتحسين مستوى الخدمات فيها لتقدم في زمن قياسي وبأقل جهد ممكن وبمستويات الكفاءة العالمية.
ووجه خادم الحرمين بتخصيص 3 مليارات ريال لتنفيذ مشاريع الخطط التنفيذية للتعاملات الإلكترونية الحكومية للخمس سنوات المقبلة وذلك في جلسة مجلس الوزراء المنعقد في 10- 4 – 1427 هـ.
وتمثلت بداية المشروع في قيام إمارة منطقة مكة المكرمة بإعداد دراسة لتطبيق الحكومة الإلكترونية في الإمارة يشمل التحول إلى ما أُطلقت عليه مصطلح الإمارة الإلكترونية.
ووضعت هذه الدراسة خططاً مرحلية للوصول بالإمارة من الحكومة الاعتيادية إلى الحكومة الإلكترونية مروراً بكل مستويات التطور: التواجد، التفاعلية، التشغيل العملي ووصولاً إلى التحول الكامل. وتوجهت الدولة نحو المزيد من استخدام التقنية الحديثة المعتمدة على منهجية الحكومة الإلكترونية وبذل المسؤولون كافة الجهود لصالح هذه التجربة الرائدة، فظهرت الكثير من الخدمات التي قدمت لأول مرة كخدمة التعقيب الإلكتروني وخدمة الجوال التفاعلية ونظام المراسلات الإلكترونية وسجل المهام والمشاريع ونظام الرد الآلي والتفاعل الصوتي عبر الهاتف ونظام الأرشفة الإلكترونية ونظام الخدمة الذاتية وغيرها من الخدمات. وبالرغم من أن مثل هذه التطبيقات تتطلب تكاليف عالية وتستمر لفترة زمنية كبيرة فإن بعض المناطق نجحت خلال وقت محدود في تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع الإمارة الإلكترونية والذي يعتبر وجهاً من أوجه تطبيقات الحكومة الإلكترونية فيها.
وتنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين بضرورة تطبيق تعاملات الحكومة الإلكترونية في كافة مرافق الدولة قامت وزارة الداخلية اعتباراً من 20 – 5- 2010 بتطبيق التعاملات الإلكترونية لكل خدماتها لكافة قطاعاتها الخدمية والأمنية وتحويل أعمالها اليدوية والورقية إلى تعامل آلي يسهل خدمة المواطن والمقيم بشكل أفضل وسعياً إلى توفير الجهد والوقت على القطاعين الحكومي والخاص من جهة وعلى المواطنين والمقيمين من جهة أخرى.
الصحة .. للمواطن والمقيم
قطعت المملكة تحت قيادة خادم الحرمين خطوات واسعة في محال تطوير الخدمات الصحية، حيث وضعت التقارير الدولية وفي مقدمتها التقارير الصادرة عن منظمة الصحة العالمية المملكة في مصاف الدول المتقدمة من حيث المستوى المتقدم الذي وصلت إليه أنظمة الرعاية الطبية وأساليب تقديم الخدمات الصحية المعمول بها في البلاد على مستوى العالم العربي.
وتدل الإحصائيات على تطور قطاع الصحة فقد بلغ عدد المستشفيات التابعة لوزارة الصحة 218 مستشفى وعدد المراكز الصحية 1905 مركزا.
ولعل أهم ما شهدته الخدمات الصحية من نقلات في عهد الملك حفظه الله تطبيق نظام الضمان الصحي التعاوني بحيث يشمل المقيمين في المملكة على أن يطبق في مرحلة لاحقة على المواطنين السعوديين بعد ثبوت نجاح التجربة حسب دراسات ستقوم بها وزارة الصحة من واقع التطبيق العملي لهذا النظام والتي ستتضح خلالها ايجابيات نظام الضمان الصحي التعاوني وسلبياته ومدى صلاحية التوسع في تطبيقه على المواطنين مستقبلاً حيث من المتوقع أن يسهم تطبيق هذا النظام بفعالية في تخفيف الضغط على المنشآت الحكومية كما يتيح الفرصة أيضاً للمنشآت الصحية التابعة للقطاع الخاص لتقديم خدماتها الطبية للمساهمة مع القطاع العام في تقديم الخدمات الطبية تحت مظلة الضمان الصحي التعاوني.