الدمج من أجل تطوير المناهج سيطبق العام المقبل وتأييد ومعارضة في أوساط التربويين
[COLOR=green]صحيفة طبرجل الإخبارية – الرياض[/COLOR]
دمج المواد من أجل تطوير المناهج سيجري تعميمه على مدارس المملكة العام الدراسي 1431-1432هـ قضية أشغلت العديد من المختصين والمهتمين بين مؤيد ومعارض لها، قضية اختلف عليها الكثيرون رغم أهمية الهدف منها وتحقيق التنمية لمخرجات التعليم وإكساب الفرد الخبرات والمؤهلات التي تجعله يتفاعل مع العصر الحاضر والمتغيرات التي تحدث في العالم الخارجي ..
وزارة التربية والتعليم تحقق تطلعات كبرى في تحقيق تطوير المناهج من أجل تقديم مناهج تعليمية ذات سمات تواكب العصر الحاضر والمتغيرات الاقتصادية والعالمية وتحاول في الوقت ذاته الحفاظ على قيم ودستور المملكة وعدم المساس به والحرص الشديد على المواد الدينية واللغة العربية.. لأن الحفاظ عليهما حفاظاً على هويتنا وثقافتنا الإسلامية، لكنها تواجه تخوف البعض من الدمج.
«الجزيرة» التقت بذوي الخبرات والاختصاص من أجل معرفة ماهية البرنامج لتطوير المناهج الذي أثار ضجة من أجل التغيير، وناقشت أهمية هذا الدمج ودوره الإيجابي بنهضة التعليم بالمملكة.
صاحبات الخبرة كان لهن رأيهن بين مؤيد ومعارض لما تم طرحه وتجربته في المدارس، أ – ابتسام النافع مديرة الابتدائية الرابعة والستين من المؤيدين للتطوير في المناهج سواء الذي نتج في المواد نفسها أو بأسلوب التعامل مع المواد مثل إلغاء دفاتر الطالبات والاكتفاء بكتاب النشاط بالإضافة إلى ملف للطالبة مخصص لجميع المواد توضع به أوراق العمل.
وعن الدمج الذي حصل توضح:
تم دمج مواد اللغة العربية بفروعها المختلفة بمادة واحدة لغتي الجميلة ولم يتم تغيير في عدد الحصص سوى في الصف الرابع، فأصبحت 8 حصص بدلا من 9 حصص لصالح المواد الدينية.
كما تم دمج القرآن مع التجويد بحيث كان هناك 3 حصص قرآن وواحدة تجويد فدمجت كمادة ولم يتغير عدد الحصص وذلك بالنسبة للصف الخامس والسادس وأضافت: بالنسبة للصف الرابع لم يكن لديهم تجويد فأضيف كمادة للقرآن، كما أضيفت مادة الحديث وزاد عدد الحصص من 9 إلى 10حصص دراسية، كما تم دمج مواد الاجتماعيات في مادة واحدة وعن الاستحداث في المواد قالت: تم استحداث مادة تربية أسرية للصفوف الأولى واستبدل بهذه المادة التربية النسوية في الصفوف العليا ودمجت التدبير والتفصيل والخياطة في المرحلة المتوسطة.
وتؤكد مديرة الابتدائية الرابعة والستين أن دمج المواد له من الإيجابيات الكثير:
في دمج مواد اللغة العربية تكامل لها بحيث تراعي الطالبة قواعد الخط السليمة أثناء كتابة الإملاء وتراعي القواعد الصحيحة عند القراءة، كما أن دمج القرآن مع التجويد له أهمية كبيرة حيث لا يمكن قراءة القرآن دون تجويد أو شرح التجويد دون التطبيق على القرآن الكريم.
وطالبت بتطبيق مراحل أخرى في المرحلة التالية للدمج بحيث يتم دمج مواد الدين خاصة بالمرحلة الابتدائية بحيث تكون متكاملة على النحو التالي مادة القرآن الكريم وتفسيره وتجويده كمادة واحدة، بحيث تلم الطالبة بمعان بسيطة عن الآيات التي تقرأها قراءة مجودة.
ومثلها مادة الثقافة الإسلامية كمادة واحدة، شريطة أن لا يتم تخفيض عدد الحصص بل تظل 9 حصص بالأسبوع، ولكن يكون الفرق في تكوين المقرر بحيث يتم كمثال شرح أقسام التوحيد كبداية ثم التطرق للصلاة وأهميتها وشرح معناها وصفتها وأحكامها والدلالة على ذلك بأحاديث نبوية وهكذا لجميع العبادات والأخلاقيات الإسلامية الهامة للطالبة في المرحلة الابتدائية.
ورأت النافع أن يتم توحيد عدد الحصص الأسبوعية لجميع مراحل الابتدائي (حيث يلاحظ الآن أنها 30 للصفوف الدنيا و31 للصف الرابع والخامس و33 للصف السادس) ويكون ذلك بزيادة 3 حصص للصفوف الأولية من الممكن أن تمثل حصة لكل من القرآن والعربي والعلوم وزيادة حصتين للصف الرابع تمثل اللغة الإنجليزية، لما لعدم تساوي الحصص للمراحل من تداعيات تربوية لا تخفى على الجميع.وتمنت في نهاية حديثها ألا يكون التطوير مجرد تغيير في المسميات دون تحقيق التكامل المقصود من الدمج ودون أن يتوافق ذلك بتطوير قدرات المعلمات اللاتي يمثلن عصب العملية التعليمية.
وأيدتها أ – جميلة الكويران: «أنا مع التطوير لأن التطور الذي يشهده العالم في مختلف أشكال الحياة وجميع أنواعه، تقتضي التطوير في التعليم فالتعليم هو البنية التحتية للمجتمعات واللبنة الأساسية لإنتاج أجيال صالحة طموحة ترفع المجتمع، فهو شيء أساسي للارتقاء بمهنة التعليم وبالمتعلم حيث تنعكس الإيجابيات على البيئة والفرد بصورة خاصة والمجتمع بصورة عامة.ويجب على الطبقة المثقفة والقائمة على التعليم أن لا يقف لديها العمل عند الواقع بل يصل إلى الحلم الذي لابد أن يتحقق بإذن الله من خلال جهود القائمين عليه والتي يجب أن تبرز على الساحة العلمية حتى نصل إلى الأهداف المنشودة».
من تعليم جزئي إلى كلي
وحول الخوف من المردود السلبي على الناشئة من تقليص المواد قالت الكويران: «كما عرف المشروع الشامل لتطوير المناهج بأنه مشروع وطني يهدف إلى تطوير جميع عناصر المنهج وفق أحدث النظريات والأساليب التربوية والعلمية المعاصرة لذا أعتقد أنه من الضروري جدا التطوير في المناهج وإذا توافرت في المناهج والمواد المطروحة على الطالب والطالبة جميع القيم الإسلامية والمعارف والمهارات والاتجاهات الإيجابية اللازمة للتعلم والتوجهات الإيجابية الحديثة في بناء المناهج مثل مهارات التفكير ومهارات حل المشكلات والتعلم الذاتي إلى رفع مستوى التعليم وحيث إن السمة التي امتازت بها المواد بعد أن كانت تعليما جزئيا أصبحت تعليما كليا حيث يستخدم المنهج التكاملي حتى لا يكون هناك تجزئة وتدرس مادة واحدة لجميع المواد مثلا اللغة العربية تحت مسمى (لغتي) دون تغير في عدد الساعات المعتمدة للتدريس إنما التغير في طريقة التقديم للمعلومة المعدة للطالبة وبما أنها نجحت في مدارس التجربة وكانت في صالح المتعلمة لا اعتقد أنه سوف يؤثر هذا التقليص على مصالح التنشئة».
إيجابيات الدمج
ويؤكد د. محمد بن عبدالله البيشي المدير التنفيذي للمشروع الشامل لتطوير المناهج أن الدمج يعد المشروع الشامل لتطوير المناهج، وهو من أهم مشاريع الوزارة الإستراتيجية لتطوير التعليم الأساسي (المرحلة الابتدائية والمرحلة المتوسطة) والذي بدأ تجريبه منذ عام 1428هـ وسيبدأ تعميمه على مدارس المملكة العام الدراسي 1431-1432هـ.، ويهدف إلى توفير وسائل فعالة لتحقيق غايات التعليم على نحو تكاملي، وتحقيق التكامل بين المواد الدراسية.وأوضح: اعتمد منهج التكامل في أسس بناء مناهج المشروع الشامل لتطوير المناهج باعتباره الأسلوب المنهجي الذي يتخطى الحواجز بين المواد الدراسية ويحقق الربط بين أجزاء المعرفة والخبرة بشكل شامل ومتوازن ويساعد المتعلم على إدراك العلاقات الأفقية والرأسية بين المعارف والخبرات بما يوفر له تعلمًا شاملاً في جميع الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية انطلاقا من واقعه ومستواه واحتياجاته.
والأخذ في الاعتبار الأشكال الممكنة لتطبيق المنهج التكاملي: كالتكامل بين مادتين منفصلتين، أو تكامل مواد الدراسة في موضوعات معينة دون غيرها، أو إيجاد مواد مترابطة في مادة واحدة، أو دمج عدة مواد مترابطة في مادة واحدة، أو تنظيم المنهج على وحدة دراسية ملتزمة بموضوع واحد، أو إيجاد علاقة تكاملية بين مادتين أو وحدتين أو موضوعين بالتنسيق مع المعلمين.وعن مردود تطوير المناهج وإيجابياته على مخرجات التعليم يقول البيشي: «لاشك أن طبيعة البشرية متكاملة لذا لا يمكن الفصل بين الخبرات والمعارف والمهارات والقيم البشرية، فالتربية الحديثة تهدف إلى أن يظل الفرد متكامل الشخصية ليكون فاعلاً ومتفاعلاً في الحياة وهذا من أهداف المنهج التكاملي، بالإضافة إلى أنه يراعي رغبات المتعلمين وميولهم وخصائص نموهم، ويعتمد في تصميمه على عنصري الإثارة والتشويق من خلال مداخله التي يقوم عليها، ويتيح للنشء التدرب على المعاجلة الشاملة والمتكاملة لكل ما يقابله ويواجهه من مواقف ومشكلات في حياته».
لا للدمج
من جانب آخر ترى د – زينب عبد الرحمن الدخيل أستاذ التفسير المساعد بجامعة الأميرة نوره بنت عبدالرحمن أن الدمج من أجل تعليم إيجابي – كما يدعون – ليس في صالح النشء لعدة أسباب فمن الناحية الكمية فإن الناشئة بحاجة ملحة لإعطائهم كمية كافية من المعلومات الشرعية في وقت مبكر فمرحلتهم هي المرحلة الذهبية التي ترتكز عليها المراحل التالية لها، ولا يشك أحد في أن الدمج فيها تقليل أو تقليص للمعلومات التي من المفترض أن يتناولوها في هذه المرحلة، وهذا تفويت للفرصة عليهم في أخذ المعلومات الثقافية، بل المعلومات الأساسية والأصلية في هذه المرحلة.
ومن الناحية المستقبلية فإن عملية الدمج فيها تدرج إلى إلغاء التخصصات الشرعية ولا يخفى
على ذي لب أن ما يوجد في مادة التوحيد من تأصيلات عقدية ليست موجودة في مادة الفقه، وكذا في مادة الفقه فروع ومسائل ليست موجودة في مادة الحديث، وكذا في مادة الحديث كنوز حديثية وإسنادية
ليست موجودة في غيرها، وفي هذا تعطيل لإبداعات الطلاب والطالبات.. وتنمية مهاراتهم في تنوع التخصصات الفريدة والنادرة والمفيدة كحديقة غناء من كل بستان زهرة.
إن التوصل إلى الدمج (التوحيد، الفقه، والحديث) ينتقل إلى خطوة أكثر جرأة وهي دمج ((القرآن الكريم مع التفسير)) ومن ثم الاقتصار على ((القرآن الكريم ..!!)) ومن ثم إلغاء القرآن الكريم وقصره على دور التحفيظ والمساجد..!! أو جعله مادة اختيارية، وهذه مصيبة عظيمة عندما تتخلى الأمة الإسلامية في مناهجها عن عمادها وأساس قوتها ونصرها وعزها، الطاقات البشرية ليست لها حد… بإذن بارئها… فالدمج تعطيل لتلك الطاقات الناشئة التي تبدع وتتميز في تلك المراحل، كما أننا لو قسنا المواد الشرعية لوجب أن نقيسها على المواد الأخرى كالعلمية مثلاً، فمن قال إن الفيزياء ممكن دمجه مع الرياضيات.. أو دمج الأحياء مع الكيمياء؟ وهكذا جميع المواد فلا يمكن أن تحل مادة مكان مادة أخرى، فلكل تخصصه. من يرى أن دمج العلوم الشرعية يعتبر تعليما إيجابيا لتحسين سلوك الناشئة..!! فعلى أي أساس بنى هذا الرأي؟؟ وهذه النظرية؟؟
فإن قال إنه بناها على دراسات سابقة.. فهي لا تخلو من دراسات ليست من واقعنا، أو دراسات من واقعنا لكنها على فئة قليلة ضعيفة وليست هي الأغلبية ولديها قصور في كيفية العطاء والتدريس،
لابد للمهتمين بالعلم وذوي الاختصاص التركيز على المعلم الكفء والعرض الجيد مع البقاء على المنهج السابق الأصيل الذي تخرج على يديه الأفذاذ من علمائنا الأفاضل السابقين واللاحقين. فليس الخلل يكمن بمناهجنا السابقة القوية في مخرجاتها الثابتة في بنيانها.. إنما الخلل يكمن في الطريقة والوسيلة الضعيفة التي ظهرت لنا حالياً.