أخبار المجتمع

«المال السايب» يعلّم السرقة!

[COLOR=green]صحيفة طبرجل الإخبارية – الرياض[/COLOR]

جئت إلى الرياض وأنا لا أملك شيئاً، فوضعوا في يدي ملايين الريالات بدون نظام واضح، وقالوا:»انظر إليها ولا تحلم بشيء منها، فراتبك لن يتجاوز ثلاثة آلاف ريال، ووجدت أن الغالبية يأخذون منها خلسةً ما يريدون، فسول إلى نفسي الشيطان، فكانت الكارثة!».

أحمد:زملائي غدروني وأخذوا مني 2,4 مليون وتركوني وحيداً خلف القضبان

هذه هي بداية قصة المواطن «أحمد بن حسن» أثناء حديثه لــ “صحيفة الرياض” والذي تم القبض عليه بعد اختلاسه ومشاركته زملاءه مبلغ مليونين وأربعمائة ألف ريال!.

[COLOR=blue]حياة فقيرة [/COLOR]

«أحمد» كان يعيش حياة فقيرة ومن أسرة تعاني العوز، ووالده مديون ولم يستطع إكمال تعليمه، وصل إلى المرحلة المتوسطة وأجبرته ظروف عائلته على البحث عن وظيفة، وبالفعل التحق بوظيفة بسيطة في المجال العسكري في إحدى المناطق شمال المملكة، ثم مالبث أن واجه ظروفاً أُسرية أجبرته على ترك عمله والعودة إلى الرياض، حيث انتقل والده إليها.

يقول «أحمد»: فور وصولي إلى الرياض سجلت في شركة خاصة تهتم بنقل الأموال وتغذية صرافات البنوك، ثم تلقيت منهم درساً عن العمل وكيفية تطبيق النظام، وكانت لديهم خطط صارمة في التعامل مع تغذية الصرافات، ثم ادخلوني في مجموعة تتكون من ثلاثة اشخاص (سائق ومشرف ورئيس طاقم)، وفور استلام عملي تفاجأت مباشرة بأن ماعلموني إياه غير مطبق، وهو ثغرة أمنية كبيرة، فمثلاً النظام ينص على أن يتم اقفال صناديق الأموال بسلاسل معينة ولها رقم وختم أمني؛ ولكنها كانت مفتوحة وفي متناول يد الجميع!!، ثم اكتشفت أن بعض زملائي قد اعتادوا على أخذ سلف من هذه الاموال بالتوافق فيما بينهم على أن يقوموا بإعادتها على أقساط، وهي «سلف غريبة» لايتم اكتشافها، لأنه متى ما خضع الشخص للتفتيش حول المبالغ التي استلمها يقوم زميله الآخر بأخذ مبلغ من مبالغه ويكمل بها نقص زميله وهكذا بينهم!.

[COLOR=blue]حبل المصيدة [/COLOR]

ويضيف «أحمد» وهو يسرد قصته: «عملت في الشركة وكان راتبي لايكفيني وعائلتي، علاوة على الخصومات التي تردني من الشركه لأتفه الأسباب، وتحدثت مع زملائي في العمل عن ظروفي، وأنني أرغب الزواج من إحدى قريباتي وهي يتيمة، وحلمي أن اتزوج منها عاجلاً لظروفها، ولكني لا أملك مبلغ الزواج، ووالدي غير موافق على هذا الزواج، فنصحوني بأن أتزوج عبر سلفة من المبلغ الذي نحمله، والذي يقدر بالملايين، وقالوا:»إن الموضوع بسيط جداً، وبالفعل سلموني مباشرة مبلغ 120 ألف ريال، ولكن لم أفهم مقصدهم وهو توريطي معهم في هذا العمل، وتزوجت من قريبتي وكانت حياتي سعيدة لم ينغصها سوى إحساسي المتواصل بالذنب وعدم مقدرتي الوفاء بما اخذته، ثم احتجت بعدها لمبلغ لتأثيث المنزل فأخذت وحسب المعتاد وفي غمضة عين حوالي 17 ألف ريال، وهو مايعادل خمسة أشهر من راتبي، وكان زملائي في تلك الفترة يسحبون مبالغ تصل بعضها ل 800 الف ريال، وهو ماشجعني على الحصول على مبالغ كلما احتجت لشيء حتى أنني قدمت لأخي هدية مالية كبيرة مساعدة له على الزواج.

[COLOR=blue]عقوبة السجن[/COLOR]

وحول قصة مبلغ المليونين وأربعمائة ألف ريال يواصل «أحمد» سرد معاناته مع المال الحرام والصحبة السيئة: «حدثني أحد زملائي وطلب مني تكملة مبلغ لصندوقه وكان حوالي 700 ألف ريال، فبادرت بسحب المبلغ من الصندوق الذي تم تسليمه لي وسلمته إياه، وبعدها انقطع عني وعلمت أنه ترك الشركة وكانت أولى بوادر المصيبة، حيث بحثت عنه فلم أجد له أثراً، أما زميل آخر فسلمته مبلغا كبيرا ولما طالبته به وعدني بتسليمه، ثم قام بغدري، حيث أبلغ الشركة والجهات المختصة عن قيامي بسرقة مبلغ من الصندوق، وكان بالفعل صندوقي ناقصا مبلغ مليونين وأربعمائة ألف ريال، وتم القبض عليّ، وحاولت أن أشرح القصة كاملة وأن أبلغهم عن شركائي، ولكن الجهات الأمنية لم يجدوا دليلاً عليهم بعد نفيهم القاطع؛ فتم الإفراج عنهم، وسجنت أنا، وحكم عليّ بالسجن سنتين مع دفع المبلغ، وفي السجن عشت حكمتين كنت اسمعهمها ولم أعِ معناهما وهما: «المال الحرام لايدوم» و»حبل الكذب قصير».

[COLOR=royalblue]توبة صادقة [/COLOR]

«أحمد» سكت كثيراً أثناء حديثه وهو يردد «إنا لله وإنا إليه راجعون» ويواصل القول: «نعم أنا استحق السجن؛ فقد تساهلت في السرقة، ووثقت في زملاء لم يعلموني خيراً، بل غدروا بي وحمّلوني أموالاً أخرى لم أحصل عليها، بل اعطيتهم اياها من باب الفزعة، ولكنها كانت فزعة في الحرام، وهم حالياً يصرفون مبالغهم التي سرقوها في التجارة، ولكني ويشهد الله أنني حالياً أسعد منهم حالاً ويكفيني أنني اعترفت بذنبي، وعزمت على التوبة واستثمار وقتي في السجن بطاعة الله، وأحاول أن استعيد ماتبقى وأن اهتم بديني، وقد التحقت في السجن بحلقات تحفيظ القرآن، وأملي من الله أن يتقبل توبتي ويغفر ذنبي، وأن يعينني على مصيبتي؛ فقد تعلمت دروساً كثيرة منها، ولكن ما يقلقني هو حال زوجتي اليتيمة من بعدي وظروفها، فاسأل الله أن يحفظها بحفظه ويعينها على هذه المصيبة، وأن يخرجني من هذا السجن، وأن يسخر لي فاعل خير يسدد ديني أو ليتكفل بمساعدة زوجتي مالياً اثناء غيابي. ويختتم «أحمد» قصته الحزينة بوعد وعزم على العودة للمجتمع فرداً صالحاً بعيداً عن صداقات السوء والمال الحرام.