الأخبار المحلية

إمام الحرم المكي: ارتحال الزمان عبرة.. والتغيير الصادق والمخلص يبني المجتمعات

[COLOR=green]صحيفةطبرجل الإخبارية-مكة المكرمة[/COLOR]

أوصى الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس إمام وخطيب المسجد الحرام في مكة المكرمة المسلمين بتقوى الله عز وجل وان يحذروا الغفلات والاغترار وان يعتبروا بتقضي الدهور والأعمار وان يتخذوا تقواه سبحانه سبيل لهم ومنار ليفوزوا بالنعيم المقيم وأزكى القرار.
وقال في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام “في ارتحال الزمان وتعاقب الشهور والأعوام بالتقضي والانصرام عبر وعظات لمن رام استدراك الهفوات ومحاسبة الذوات قبل الفوات بالتقويم والمراجعات، فالأمم الناهضة الباقية المستبصرة الراقية هي التي تستنبؤا دقائق الأحداث الغابرة وتفاصل الوقائع العابرة والغير الثابرة”.

وأضاف ” د مضى وتولى واستقبلت آخر وافانا وتدلى، عام انقلب بمالنا وما علينا في مطاويه وآخر استهل شاهدا على مضي الدهر في تعاديه فنسال الله أن يبارك للأمة في ما قدر فيه ومن لم يستعض بزوال الأيام ولم يعتبر بتصرم الأعوام فما تفكر في مصيره ولا أنام ولا اتصف بمكارم الخلص أولي الألباب، وتغافل عن حقيقة قاطعة ساطعة هي كون الآخرة أبدا والدنيا أمدا أعمالنا فيها مشهودة وأعمارنا معدودة وأنفاسنا محدودة وأقوالنا مرصودة والودائع لا محالة مردودة والمقام لتبصير النفوس وإرشادها وتصحيح عثار المسيرة وتذليل كئابها وتوجيه الأمة المباركة شطر العلاء الوثاب والحزم الهادف الغلاب فما أحوج امتنا في هذه السانحة البينية أن تنعطف حيال أنوار البصيرة فتستدرك فرطاتها وتنعتق من ورطاتها وتفعم روحها بمعاني التفاؤل السنية والرجاءات الربانية والآمال الايجابية والعزائم الفولاذية وصوارم الهمم الفتية.

كي تفيء إلى الاهتداء والقمم وبدائع الخلال والقيم على ضوء المورد المعين والنبع الإلهي المبين هدي الوحيين الشريفين إبانها ستتعافى امتنا من التفرق والشتات وستنبؤ في قضاياها عن مدارك الفشل الذريع وتبعات التلكؤ الفضيع وإنها لسانحة غراء للمناشدة الحراء التي لا يمل تكرارها ولا يسام تردادها للعمل الجاد الدءوب لحل قضايا امتنا وانقاد مقدساتها وتحرير المسجد الأقصى المبارك من أغلال المعتدين وبراثن المحتلين بعد أن بلغ السيل زباه والصلف الأرعن مداه وانه لأولى ما تهتز له الهمم وتنبعث له أفئدة الإباء والشمم ولو عملت بدين الله حقا لغير ما بها أملا ويسرا بوعد الله امتنا ستحيى وتلقى منه تأييدا وأزرا”.

وتابع يقول “ومن الفوادح الحازمة التي تكتم من الغيور أنفاسه وتكبل حواسه أن تتناهش فئام من الأمة وأجيالها بوار الحيرة والتقاعس وتفترس كثير منهم فتن الشهوات التي طوحت بهم في كدر المباءات وآخرين عصفت بهم أضاليل الشبهات فنصبوا أشرعتهم صوب فكر التكفير والتفجير والتخريب والتدمير وسوى ذلك من الطوام التي يتبرأ منها كل مؤمن بالله واليوم الآخر، فحمدا لك اللهم حمدا أن كشفت عوارهم وفضحت أخبارهم ذلكم وأي نوائب أخرى حين يطوق الخمول والكسل والباطلة والإحباط أفئدة غضة من الأمة وأي محرجة تلك ترزح أجيال من الأمة منها ذوات الخدور تحت أوطار التفلت الهباء والانهزامية الرعناء واهتزاز الثقة البلجاء إضافة إلى قضايا الأمة الجل التي تقض المضاجع وتفض المدامع والى الله وحده المشتكى والملتجاء وبه وحده المستعان والمرتجى وإننا لنرسلها هتافة مكررة مدوية مكبرة في مطلع عامنا الهجري الميمون (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) التغيير المنعكس بصدق وإخلاص ورسوخ على صعيد الواقع والتربية والسلوك التغيير الذاتي الذي يبني المجتمعات ويستشرف طلائع الأجيال الفتية الصاعدة وسبيل ذلك ورافده وأوله وبادئه إلهاب علو الهمة في نفوس الأمة كي تعلي الذرى والقمة وإذكاء جذا الأمل والتفاؤل في الشباب كي يستنفر قدراته وملكاته وكفاءاته وانتماءاته ليعيش حلاوة الإيمان وبرد اليقين وبهجة الطموح بقلبه وعقله ومشاعره فالهمة القعساء والآمال الشماء ضياء ساطع في دامس الخطوب وحكيم حاذق في يعماء الكروب إنها الأمل المشرق المزهر الذي يحمل النفس على ولوج المكاره والمصاعب وخوض غمار المتاعب لبلوغ مراق العزة والفلاح ومذرات الفوز والصلاح ولا بلوغ لمقامات العلاء إلا بمكابدة اللواء واحتساء كؤوس العناء واللجين والدر لا ينال إلا بالمر .

وكيف يظن أن غوالي الأماني تدرك بالهوينا أو التواني وهل النبوغ والحضارات وافانين الإبداع في العلوم والنهضات لحمتها إلا الهمم الوضاءة وسداها إلا العزائم المضاءة . فيا أمة الإسلام يا أمة الهمم وأجيال القمم ليكن عامكم الجديد للتشاؤم والتضاؤل ناسخا وللإحباط والتقاعس فاسخا وادابوا أن تكونوا بالتفاؤل والايجابية بعد التوكل على الله عز وجل واستمداد العزم والتوفيق منه كالنور الساطع يبدد الظلمات تسعدوا وتفوزوا وللنصر والتمكين تحوزوا وما ذلك على الله بعزيز “.

وسال الله أن يجعل عامنا هذا عام خير وبركة ونصر وتمكين للإسلام والمسلمين ويهيئ فيه لأمة الإسلام من أمرها رشدا وان يحرر فيه مقدسات المسلمين وان يصلح أحوالهم وان يوحد صفوفهم وان يجمع كلمتهم على الحق والهدى وان لا يدعنا في غفلة وان لا يجعلنا في غمرة وان لا يأخذنا على غرة وان يجعل حاضرنا خير من ماضينا ومستقبلنا خير ا من حاضرنا وان يجعل لنا من مرور الأيام مدكرا ومن تقضي الأعوام معتبرا.

وبين فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام أن استهلال العام الهجري الجديد يذكر بحدث الهجرة الذي أسفر عن التمكين المكين لهذا الدين المتين بعد المراغمة مع جحافل الزيغ والباطل التي اندحرت داعيا إلى أخذ الدروس والعبر .

وحث المسلمين على استغلال غرة شهور العام بالقربات والصيام وان ذلك من علو الهمة في مطلع العام يقول صلى الله عليه وسلم “أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم” وان يحتسبوا فيه يوما عظيم الفضل وهو يوم عاشوراء قال صلى الله عليه وسلم “صيام يوم عاشوراء احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله” والسنة صيام يوم قبله أو يوم بعده وان يحرصوا على حضور صلاة الاستسقاء يوم الاثنين القادم إحياء لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واستجابة لدعوة نائب خادم الحرمين الشريفين وفقه الله.

ودعا الله أن يسبغ على خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ثياب الصحة الضافية وحلل السلامة والعافية وان يديم عليه من حلل العافية أضفاها ومن ثياب الصحة أو فاها سائلا الله أن يعافيه ويشفيه وان يجعل ما الم به طهورا.

وفي المدينة المنورة أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير أن المنايا لزمت البرايا فلا خلد في الدنيا يرتجى ولا بقاء فيها يؤمل وما الناس إلا راحل وأبن راحل وما الدهر إلا مر يوم وليلة وما الموت إلا نازل وقريب، قال جل وعلا ((كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام))، كل شيء هالك إلا وجهه سبحانه وتعالى له الحكم واليه ترجعون ، قال سبحانه وتعالى (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور).

وقال إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبة جمعة ” انه ما أسرع الأيام في طينا تمضي علينا ثم تمضي بنا في كل يوم أمل قد نأى مرامه عن اجل قد دنا والأمل طويل والثواء قليل ورحى المنون تدور آجال إلى زوال وآمال إلى اضمحلال عام يبلي عاما وأياما تطوي أياما سبيل الخلق كلهم الفناء فما احد يدوم له البقاء يقربنا الصباح إلى المنايا ويدنينا إليه المساء، قال جل وعلا (ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء اجلها والله خبير بما تعملون لكل امة اجل إذا جاء اجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)”.

ومضى الشيخ البدير قائلا ” انه طوبى لعبد أحسن الرحلة بأحسن ما يحضره من النقمة قال إبن آدم في الدنيا ينافس قد قرت عينه بماله وجاهه إذ دعاه الله بقدره ورماه بيوم حتفه فسلبه آثاره ودنياه وصير لقوم آخرين مصانعه و مغناه أين من كان قبلنا من أناس كانوا جمالا وزينا أن دهرا أتى عليهم فأفنى عدد منهم سيأتي علينا وكم رأينا من ميت كان حيا ووشيكا يرى بنا ما رأينا ما لنا نأمل المنايا كأن لا نراها ” ، مخاطبا فضيلته في هذا السياق كل من لعب ولهى وغفل وسها ونظر في عاجله ونسى المنتهى أن يفق من خمرة الشهوات وان يبادر إلى التوبة قبل الفوات وان لا يذهب العمر منه سبهللا .

وبين فضيلته أن كل من هجر اللذات نال المنى ومن اكب على اللذات عض على اليد، يقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ” ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه عمري ولم يزد فيه عملي ” .

وخاطب إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين بقوله “قصروا الأمل وأصلحوا العمل وحاذروا بغتة الأجل وليكن عامكم الجديد مشرقا بصدق التوبة وحسن الإنابة ورد الحقوق إلى أهلها والتحلل من أصحابها فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون والتائب من الذنب كمن لا ذنب له “.