الأخبار المحلية

إمام الحرم يدعو المُتلهِّفين للعَافِية والإِبلال بالذهاب إلى الرُّقاة الصَّادقين بالمَنْهج الصّحيح في العلاج

[COLOR=green]صحيفةطبرجل الإخبارية-مكة المكرمة[/COLOR]

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس المسلمين بتقوى الله و الاستمساك مِن التَّقوى بِالعُروة الوُثْقى وقال فَمَا أزْكَى مَغَبَّاتِها، وأَهْنَى ثَمَرَاتِها، واعْتَبِرُوا صِحَّةَ الأبْدَان قَبْل العِلل وآفَاتِها، وابْتَدِروا القُرُبات والصّالحات قبل فوَاتِها:وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى.
وأضاف فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام “أيها المؤمنون دَبَّجَتْ أمَّتُنا الإسلامِيّة عَبْر حضارتها السَّامِقَة الإنسَانِيَّة ، المَثَل المُبْهِرَ الجليل، في مَيَادِين الاستشفاء الأصيل،المعتمدِ على نورِ الكتاب والسُّنَّة، القَاضِيين بإخراج النَّاس رُوحًا وذَاتًا من دَرَكِ الأدْواء والدُّجُنّة، ولكن في هذا العصر الزَّخَّار بشتَّى التّحَدِّيات، المضطرم بِمَشُوب المقاصِد والنِّيَّات، أسْفَر عَنْ قضِيّة علاجيَّة عقَديّة، مُهِمَّةٍ سَنيّة، تلكم أيها الأحِبَّةُ الأكارِم- دَوَائيَّةُ الرُّقية الشرعيّة، والأدْعيَة النَّبَوِيّة، على صَاحِبِها أفْضَل الصَّلاة وأزْكى التَّحِيّة، وتَكمن أهمِّيَّتُها القصوى في كون جوهرها عِلاج الأبْدَان والنّفوس التي لَيْس دونَ التّفريط فيهَا عِوض أو بَدَلْ، وتحصيل حفظِها وسلامتِها غَايَة المُنَى والأمل، يقول المصطفى :”مَن بَات آمِنًا في سِرْبِه،مُعَافًى في بَدَنه، عِنْدَه قوت يَومه، فكأنما حِيزَت له الدّنيا” أخرجه الترمذي وحسنه.
وأوضح أنه في هذا الزَّمان عمَّت أَمْرَاضٌ جَمًّا مِن الأقطار وفيها تَوَغَّلت، وأمَّتها العِلل وتَغَلْغَلَت، مِن صَرْعٍ ومسٍّ وسِحْرٍ وعَيْن، ونَفْسٍ وحَسَدٍ مُفْضٍ إلى حَيْن، وقد أشْرَقتِ الآيات القرآنية بِأعْظم بُرْهَان، والنّصوص الحديثيّة بأروع بيان، والشاهِدُ مِن الواقِع والعَيَان، أنَّهما البَلْسَم والشِّفاء لكل دَاءٍ عَيَاء، قال سبحانه:قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ، وقال في مَعْرض تقرير الرُّقى والحثِّ عليها:”اعرضوا عليَّ رُقَاكم لا بَأسَ بِالرّقى ما لم تكن شركا” أخرجه الإمام مسلم، وكم مِن مريضٍ أشرف على الهلكات والمَمَات، ولم تُجْدِ في عِلَّتِه فَخَامَة المِصَحَّات، ولا البَرَعَة مِن النِّطاسِيِّين والأطِبَّاء، واستطَبَّ بِالرُّقيةِ الشرعيةِ فحَقق الله له البُرْء والشِّفَاء، وذاك مِصداق قوله :”عليكم بالشِّفاءيَن: القرآن والعسل” أخرجه ابن ماجه والحاكم والبيهقي بإسنادٍ صحيح، قال الإمام السّيوطي :”جمع بين الطبِّ الإلهي والطبِّ البَشَري”، ويَقُول العلاّمَة ابن القيم :”فالقرآن هو الشِّفاء التَّام، من جميع الأدْوَاء القلبِيّة والبَدَنِيّة، إذا أحْسَن العليل التّداوي به، وكيْف تُقاوم الأدْوَاء كلام ربِّ الأرض والسَّمَاء، الذي لو نزل على الجبال لَصَدَعَها، أو على الأرض لَقطعها”، الله أكبر يَالَهُ مِنْ قولٍ كالإبْرِيز، مِن نحْرِير أرْبى على التَّبريز.

وقال الدكتور السديس إخوة الإيمان “وفي إغفال كثير من شرائح المجتمع آثار الرُّقية الشرعِيّة، والجوانب الإيمَانِيّة والعقديّة لَدَى المَرْضَى، يَنْجَفِلُ كثِير منهم إذا بطَّأَ بِهم الشّفاء، وفدَّحتهم الآلام والسِّقام والرَّهَق، وغَدَوا مِنَ العَجْزِ والضَّرَاعَةِ في وَهَق عَافاهم الله- انْجفلوا بِقصْدٍ أو بِغَيْرِه إلى أحْلاسِ الشّعْوَذة والطّلاسم والخُرَافات، والسحر والدجل والمُخَالفات، وتَلَقَّفَهم مَنْ في سِلْكِهِم مِن أدْعِيَاءِ الرُّقية الشرعِيّة. وهنا ياعِبَاد الله- مقام عَجْم الحروف، ولابُدَّ مِن كَشْف أحوال الرُّقَاةِ الزُّيوف، ومَنْع مَن يتطرَّق إلى الرُّقيَة وهو عَارٍ من رِدَائها، وكَفِّ مَن يتقحّم عِلاج النُّفوس وهو عَطِلٌ عن معرفة أدْوائها، فضلاً عن دَائها، وأن تُصَان أوْصَابُ العِبَاد عن غَيْر رَاقِيها الصادق البَصِير، وتُحمَى حَوزة الاسترقاء عن الجهلة أهل التَّكدِير، كيف وإنَّك لَرَاءٍ خَلْفَ الأكمَاتِ عَجَبَا!! فَهَذَا رَاقٍ يُقَرْمِط بِكتابة غامضة ويُتَمْتِمْ، وآخر يُهَرْطِق بِمُبْهم الكلام ويُدَمم، وآخر يَقْطع بأنَّ الدَّاء عَيْن، والعَائِنُ من ذوي القُرْبى، ومَا دَرى أَنَّه أَتَى الحمق وقطع الأرحام وأرْبَى.

وتابع يقول “آخر لا يَنْفكُّ عن ضرْبٍ مُبَرِّح يهدِم الجلاميد، فكيف بالجسم المُعَنَّى العميد، ويَزْعُم في بُهَتَان، أنَّ العَذَاب الأليم للمَارِدِ لا للإنْسَان. والمريض الضَّارِع، يدَافع سَوَادَ فعلة الرّاقي بصَمْتٍ لاهِبٍ كالحميم، وبعضهم يَتجَلُّدُ بالأنين الدّامِع الكظيم، وسِواهم إن أعْيَتْه الحِيل، لَبَّب العليل مِنَ المَخَانِق، فعل عدوٍّ حانق، وآخر صَعق بالكهرباء حَدَّ الإغماء أو الإفْنَاء، رَبَّاه ربَّاه، أيُّ جهل مُرَكَّبٍ أُوتوه، رُحْمَاك ربَّاه رُحْمَاك “.

ومضى فضيلته يقول “جُلُّ هؤلاء الأدْعِيَاء، يُمَوِّهون بِإظْهَار سَمْتِ العُقلاء التُّقَاة، وإن هم إلاَّ مِنَ المُخَادِعين الدُّهَاة، المُحْتالِين لابْتِزَاز أموال النَّاس، واسْتِدْرَارِها على غير قِيَاس، وقد يُزَجُّ بوصفاتٍ تروِّجُ للوهم، وتجارة الدجل باسم المشاهير لخداع الجماهير، واستغلال ربَّات الخدور بما يجر إلى البلايا والشرور، وإنك لواجدٌ في عالم المرأة مع هؤلاء الدجاجلة ما يذهل الألباب ويثير العجب العجاب، كيْف والمُدْنَفُ العَلِيل، تَمَنَّى زوال السَّقَم ولو فَدَّاه، بالنُّضَار وما مَلَكت يَدَاه. وعلى إثر تلك التجاوزات الشرعيّة، والمخالفات الزرية، لَزِم أنْ لا يَتَعَرَّض لِهَذَا العِلم الشرعي، إلاَّ ذُو دِيَانَة مَشهورة، وأمَانةٍ منشورة، وسِيرَة مُثْلَى مَشْكورَة، بِصِدْق في العِلاج شَافٍ، وحِذْقٍ كَافٍ، وورَعٍ عَمَّا في أيْدِي النّاس صَافٍ، وتَنَزُّهٍ عنِ الغِلظة والعُجْبِ وتَجاف، وأن يكون الرَّاقي رَحِيمًا رقيقًا، بالمَرْضى رَفِيقا، غَاضًّا أطرافه دُون موضع الدَّاء، خُصوصًا لَدَى النِّسَاء، مع الحذر من دواعي الاختلاء المحرم، وما يدعو إلى الفتنة، والالتزام بالضوابط الشرعية في هذا المجال، ومَن كان هذا لازم وصْفه، حقيق أن يُوَفَّق ويُسَدَّد، وتَرْمُقه الأبصار بالتَّقدير والوقار.

وبين فضيلته أن أهل العلم عدوا شروطًا ثلاثة للرقية الصحيحة أولها: أن تكون بأسماء الله وصفاته وآياته القولية، الثاني: أن تكون بلغةٍ عربيةٍ واضحة المباني مفهومة المعاني، الثالث: أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى.

ودعا إمام وخطيب المسجد الحرام المُتلهِّفون للعَافِية والإِبلال بالذهاب إلى الرُّقاة الصَّادقين الأخيار وهم وفْرٌ بحمد الله-، المُتمسِّكين بالمَنْهج الصّحيح في العلاج، والأمل أن تَحْظَوا بالفَرَج والانبلاج، والأكمل أن يَرْقِيَ المريض نَفْسه، لأنه أدْعَى لِمَقام الذُّلِّ والافتقار، شكى عثمان بن أبي العاص إلى الرسول وَجَعًا في جسَدِه، فأرْشَدَه عليه الصلاة والسلام- قائلاً:”ضعْ يَدَك على الذي تَألَّمَ مِن جسَدَك، وقل باسم الله ثلاثًا، وقل سبع مَرَّاتٍ أعُوذ بالله وقدْرته مِن شَرِّ ما أجِدُ وأُحَاذِر”، أخرجه الإمام مسلم.

وقال //ناهيكم عن أهمية تحصين البيوت والأولاد بالأوراد الشرعية والأذكار الصباحية والمسائية، فهي الحصن الواقي بإذن الله-، مَع التوكُّل الجازم على المولى البصير السّميع، وتفويض الأمر لِتَدْبيره المحكم البديع، وليس معنى ذلك ترْك الأسباب وحسن التدبير، كلاَّ وإنَّما حقيقته عَدَم الاعتدَادِ بِمُكنةِ الرَّاقي وكفَايته، والاعتمَاد في حصول السّبب على توفيق الله وعنايته، أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ، فاليقين في الله أجلُّ العزائم قَدْرَا، وأجْلاها في حُلكِ الحيرة بدرَا مع اتخَاذِ السَّبَب الدَّوائي مِن الطِّبِّ الحديث، سواءً أكان المَرَضُ عُضوِيًّا أم نَفسِيًّا، لقوله :”تدَاوَوْا عِبَاد الله، ولا تدَاوَوا بحرَام” أخرجه أبو داود والبيهقي بإسنادٍ صحيح.

وأشار الدكتور السديس إلى أن الرّقية الشرعِيّة -تطبيقًا وعلاجًا- تستوجب استنفار الهِمم، وتبْرِئة الذِّمم في سائر الأقطار، للضَّبطِ والتّأصيل، والبَيَانِ والتّفْصِيل تحت مِظلِّةٍ راسِخةٍ عِلْمِيّة، مكينةٍ رسميّة، تنطلق بهذا العِلم الدَّوائي إلى معارج النُّور والانتفاع، والتّالُّق والإبْدَاع، حفظًا للأفْرَادِ والمُجتمعات، وغيرَة لجَناب العقيدة العتيدة، وحِياض الشريعة البديعة. ذلكم وإنَّا لنحمد الله سبحانه- على ما تنعم به هذه الدِّيار المباركة، من تحقيق الرّقية الشرعية وفْق الضوابط المرْعِيّة، والآدَابِ السَّنِيَّة، وفي تعَقُّب يقظ لأهل الخرافة والدّجل، ومن في مَسْلَكِهم زَيْغ وضلال ودَخَلْ، تصحيحًا للمسار وكشفًا للدخلاء. وإن الغيور ليبارك هذه التوجهات الميمونة الحثيثة حيال تنظيم أمر الرقى ومتابعة الرقاة، في الوقت الذي كثر فيه الأدعياء والمتخرصون والمتاجرون، الذين وصل بهم الحال إلى استنفار وسائل الاتصال الحديثة والقنوات الفضائية لنشر الأضاليل والأباطيل، وإنه لابد لصد هذا الطوفان الجارف من تأهيل كل متصدٍّ لهذا المجال، وحصوله على ما يؤهله لذلك من شهادات شرعية وتزكياتٍ علمية من جهات الاختصاص، والله المسؤول أن يبارك في صَادِق الجهود، وتحقيق كُلّ أمَلٍ مَنْشُود، إنه جواد كريم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌوَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ.

وأردف إمام وخطيب المسجد الحرام يقول إن مماينطوي عليه حفظ جناب التوحيد، التَّنْويه بآثار اليقين المتين الذي لا تشرخُه أوهام التّطيُّر والعَرَّافين، والكَهَنة والدَّجّالين، ومَن سَلَّط على نفسه المعتقداتِ الباطلة، وتشاءم من الشهور والأيام، والطّيور وأضغاث الأحلام، وتَعلَّق بالنجوم والأبراج بزعم دفع المكروه والانفراج، فقد عبثت به الشياطين، ويُخشى على دينه من رنق كمين، وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّاهُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ، فجلَّ الله وتقدّس في عُلاه لا رَادَّ لِمَا قَضَاه، ولا مؤثِّر في الكائنات سِوَاه. وكيف تتهاوى العقول إلى هذا الحضيض من اللاّمعقول، في عصر الارتقاء العلْمِي، وتفتُّق العقل البشري، والتفجّر المعلوماتي.

واختتم فضيلته خطبته بالقول : الأدواء المعنويّة العالمية لا تقلُّ أهمِّيّة عن الفرديّة والمجتمعية، فيا أمّة الاستشفاء بالقرآن، أنتم أطباء المعضلات والأسقام، أنتم بقرآنكم الحَكَم المَرْضي، لكل اعتلال مرضي، تحملون للعالم المثخن بالجراح والأتراح، الدّواء الشّافي، وتضمِّدُون عِلَل الاحتراب بالترياق الكافي، فيغدو العالم رافِلاً في ثياب السِّلم والأمن والعافية، ومطارف السّلام والتراحم الضّافية، ألا فحيّهلاً يا أمّة القرآن حيَّهلاً،والله مؤيدُكم ونصيركم، ومعينُكم وظهيركم، قال سبحانه:يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ.

وفي المدينة المنورة أوضح فضيلة امام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي في خطبة الجمعة ان الله قد قضى وقدر بعلمه وحكمته وقدرته ان تكون هذه الحياة الدنيا ميدانا للخير والشر وللحسنات والسيئات والصراع فيها بين حزب الله المفلحين وبين حزب الشيطان الخاسرين منذ اوجد الله آدم عليه السلام في هذه الارض وقد علم الله في الأزل مالخلق عاملون وفي الاخرة يجازي الله ويثيب على الحسنات اعظم الثواب برضوانه وجنات النعيم ويعاقب على الكفر والنفاق والسيئات باعظم العقاب بغضبه وعذاب الجحيم ، “ولا يظلم ربك احدا “..

وقال فضيلته في خطبة الجمعة إن امة محمد صلى الله عليه وسلم وارثة الكتاب وآخر الامم وسنة الله تجري على كل احد فليس بين الخالق والخلق إلا سبب الطاعة ، قال الله تعالى “فهل ينظرون إلا سنة الاولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا “.

وبين الشيخ الحذيفي ان الساعة قد اقتربت باهوالها وان الدنيا قد دنا زوالها وان الفتن قد وقعت بظلالها فكونوا من الشرور حذرين وللحق والخيرات ملازمين ، جاء في الحديث ” شر الايام الايام التي تليها الساعه ” ، وان هذه الامة شاهدت وستشاهد فتنا كقطع الليل المظلم لا ينجي منها إلا الاعتصام بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولزوم جماعة المسلمين وامامهم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ” انه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه ان يدل امته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وان امتكم هذه جعل عافيتها في اولها وسيصيب اخرها بلاء وامور تنكرونها وتجيء الفتنة فيرقق بعضها بعضا وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه فمن احب ان يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم آلاخر وليأتي الى الناس الذي يحب ان يؤتى اليه ومن بايع اماما فاعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ان استطاع فان جاء اخر ينازعه فاضربوا عنق الاخر ” ، ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام ” فليأتي الى الناس الذي يحب ان يؤتى اليه ” أي فليعامل الناس المعاملة الحسنة ببذل الخير وكف الشر ولا يمنعهم حقوقهم ولا يعتدي عليهم في دم ولا مال ولا عرض .

وأضاف فضيلته ان الفتن نوعان خاصة وعامة فالفتنة الخاصة التي تنزل بالفرد في نفسه او دينه او ماله او ولده ونحو ذلك والفتنة العامة ما يعم شره المجتمع ويضره ، ومعنى الفتنة هي النازلة التي تضر الدين او الدنيا بذهاب دين المسلم بالكلية او بنقصه او بذهاب دنياه بالكلية او بنقصها ، كما تطلق الفتنة ايضا على ما يعطي الله الانسان من متاع الدنيا وزينتها ، مشيرا فضيلته الى ان العبرة بما بعد الفتنة فان انكشفت الفتنة المكروهة وقد سلم للمسلم دينه او ازداد ايمانا وخيرا فقد نجاه الله من شر عظيم واثابه ثواب الصابرين وان شكر الله على النعم اثابه ثواب الشاكرين وان اعرض عن الشكر عاقبه الله عقاب الغافلين المعرضين ، مبيناً فضيلته أن الفتن الخاصة التي تنزل بالفرد يدفعها الله ويصرفها عنه بالصلاة والتقوى والصدقة والدعاء وترك المعاصي والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، واما الفتنة العامة التي يعم ضررها الامة يصرفها الله عن الامة ويدفعها باتقاء اسبابها وان اعظم ما يدفع الله به الفتن العامة والعقوبات النازلة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو حارس المجتمع من كل شر ورذيلة والمرغب له في خير وفضيله فالمجتمع الذي يسود فيه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الذي يحفظه الله وينجيه من العقوبات المدمرة وعليه اذا من امر بالمعروف ونهى عن المنكر نجا ومن ترك ذلك هلك .

ومضى امام وخطيب المسجد النبوي قائلا / إننا محاربون في عقيدتنا التي هي سعادتنا في الدنيا والاخرة ومحاربون في شبابنا الذين هم قوام مجتمعنا فصار يتكلم في العقيدة من لا صلة له بالعلم ويفتي من لا علم له بالفقه ويتكلم في مسائل الدين من لا تخصص له في علوم الشريعة ويطعن في العلماء الراسخين الذين تدور عليهم الفتوى فيصاب الاسلام بسهام الجهل مع ما يصاب به من سهام الكفر والنفاق كما اننا محاربون في شبابنا باستهدافهم بالمخدرات التي تمسخ العقول وتدمر الاخلاق وتفسد الحياة وتقطع اواصر القربى وصلات المجتع ووشائجه وتهدم الاسلام في النفوس وتميت غريزة حب الوطن ومحاربون في شبابنا بالفكر التكفيري الضال وباراء الخوارج الذين ذمهم الكتاب والسنة ، وقد اختطف هذا الفكر الضال شبابا من الذكور والاناث من بين احضان ابويهم وزج بهم في متاهات وحيرة واوقعهم في عظائم من الامور التي يأباها الاسلام ولعياذب بالله من عقوق الوالدين واستباحة الدماء والاموال وعصيان ولي الامر وقطيعة الارحام ومخالفة العلماء وترك جماعة المسلمين / .

وحذر إمام وخطيب المسجد النبوي الشباب من هذه الفتن الضالة وان يعملوا عقولهم في هذه الفتنة وان يفكروا جيدا فان التبس عليهم الامر فليسألوا اهل الفتوى وهيئة كبار العلماء وآئمة الحرمين وان يستنصحوا والديهم وقراباتهم وان لا يغتروا بمن يوجهونهم الى دمارهم فهم يحققون اهدافا ومصالح لاعداء الاسلام شعروا او لم يشعروا وان يفحصوا تاريخ من يوجههم لتظهر لهم الحقائق والفرصة مهيئة لرجوعهم الى الصواب وتسليم انفسهم الى ولاة امرهم الذين يرعون مصالح الامة ومهيئة لاجتماعهم بذويهم ولهم تجربة ماثلة فيمن هداهم الله فرجعوا الى الحق وجمع الله شملهم بذويهم واندمجوا مع مجتمعهم المسلم ورعى مصالحهم ولاة الامر ومن لم يرجع الى الحق والصواب فمثله كمثل النعجة التي تطرد الذئب وصاحبها يطاردها لينقذها منه وهي تعدو وراءه فان ادركها صاحبها نجت وإلا افترسها الذئب ، مبديا فضيلته في هذا السياق تعجبه ممن يرى طاعة مشبوه ومفتون بالبدعة ولا يرى طاعة والديه وولي امره واقربائه والتذكر والانابة جعلها الله من صفات اولي الالباب .

واختتم فضيلته خطبته بالقول إن الغفلة والإصرار على الباطل من صفات المعرضين والله تبارك وتعالى بين الحجة وبين للناس الطريق فما على المسلم إلا ان يسلك طريق السلف رضي الله تبارك وتعالى عنهم ومن افتى المسلم بان هذا جهاد فقد غرر به وان هذا جهاد في سبيل الشيطان وليس بجهاد في سبيل الرحمن ومن قتل نفسه يظن انه سيدخل الجنة فانه قاتل نفسه ظلما وعدوانا ومن قتل نفسه بحديدة فهو يقتل بها نفسه وانه في نار جهنم ومن قتل نفسه بالسم فانه يتحساه في نار جهنم .