أخبار المجتمع

“الدحة” .. رقصة حرب يعود تاريخها لمعركة “ذي قار” ضد الفرس

“هلا هلا به يا هلا لا يا حليفي يا ولد”.. مطلع أبيات شعرية يرددها مؤدو رقصة الدحة واسعة الانتشار في شمال السعودية وبلاد الشام، وصولا لصحراء سيناء، والدحة حديثا أصبحت مطلبا ملحا لزوار المهرجانات الثقافية والسياحة في المملكة، وخاصة المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية)، نظرا لشغفهم بالحركات التي يؤديها الراقصون، حيث تتعالى صيحات المتابعين مع كل حركة من حركاتهم، ولم يقتصر الإعجاب بالرقصة على السعوديين فقط، بل امتد للأجانب من زوار ورواد هذه المهرجانات.
واستطاعت الدحة أن تجذب زوار المهرجانات في السعودية، ومن أهمها وأكبرها الجنادرية. وتصنف الدحة على أنها لعبة حربية ترمي إلى محاولة إخافة الأعداء وبث الرعب في قلوبهم.
ويؤكد هنا ياسر العلي، مختص في التسويق السياحي من منطقة الجوف أن الدحة رقصة من رقصات الحرب قديما، وكانت بداياتها، بحسب سياقها التاريخي، كما أكد عارضوها أنها استخدمت في معركة ذي قار بين العرب والفرس، التي انتصر فيها العرب، الذين رقصوا هذه الرقصة قبل المعركة وبعدها.
ويذكر محمد الرويلي، أحد شعراء منطقة الجوف المشاركين بمهرجان الجنادرية، الذي اختتم مؤخرا، أن الدحة تعتبر لونا وموروثا شعبيا منتشرا بشكل واسع في المناطق الشمالية من السعودية، مؤكدا أن بداية ظهور هذا الفن كان في معركة “ذي قار” ضد الفرس، عندما استنجد بهم النعمان بن منذر فكان لقبيلة ربيعة السبق في نجدة النعمان بن منذر، عندما حاولوا سلب ابنته لملك الفرس، فاتحد أبناء ربيعة وقدموا له النجدة، ومنذ ذلك الوقت وأبناء ربيعة محافظون على هذا اللون الذي يؤدى في مناسباتهم، ولم يقف هذا اللون عند قبيلة عنزة من ربيعة فقط، بل انتقل إلى جميع قبائل شمال المملكة، إلا أنه يؤدى بأساليب فنية مغايرة.
ويذكر هنا مؤدوها أن حركات رقصة الدحة يؤديها صفان يتراوح عددهما بين 6 أشخاص وأكثر لكل صف، يشكلون نصف دائرة لكل صف، ويقف الشاعر في المنتصف يردد شعرا موحدا بلحن معين، ويكون بينهم الحاشي، الذي يؤدي رقصات مستخدما مشلحة لزيادة حماسة الراقصين والحضور، ويستخدم في هذه الأثناء السيف أو العصا أمام الصفوف مع شخص آخر أو مع الشاعر. وفي ختام أبيات الشعر تبدأ الدحة بإصدار أصوات تشبه هدير الجمال أو زئير الأسود، وتمر بمراحل عدة وطرق مختلفة، ولكن بشكل عام تبدأ الدحة ، بالنقلة، الخفيفة من صفقات متقطعة، ثم يزداد الحماس والصوت والصفقات إلى أن تستمر على وتيرة واحدة، ثم بعد ذلك تزداد إلى أن يتوقفوا، ثم يعاودون الكرة من جديد، وفي كل مرة طرق مختلفة.
يعمد البعض إلى عمل بعض الحركات في أثناء الدحة؛ كالزغاريد ونهش كتف الذي بجانبه، لبث الحماسة بين مؤديها. وعاد المختص بالتسويق السياحي في الجوف ياسر العلي، للتأكيد أن الدحة تجد طلبا كبيرا من قبل زوار الجنادرية، وهي أهم عروض الفلكلور لمنطقة الجوف، نظرا لانتشارها الواسع في المنطقة، وأيضا طريقة أدائها، التي هي أهم أدوات الجذب، وخاصة صيحات الراقصين.
ولفت العلي إلى أن الدحة تعد حاليا من الرقصات التي تؤدى في الاحتفالات والمهرجانات، وأيضا حفلات الزواج والمناسبات العامة والرسمية والأعياد.