أخبار المجتمع

سموم تغتال شفاه البنات..والمملكة تحتل المرتبة الخامسة عالميا والثانية خليجيا بعدد المدخنات

ساعد انتشار المقاهي المغلقة، ومحلات بيع (الجراك) و(المعسل)، في تفشي ظاهرة ممارسة التدخين في المجتمع النسائي، شرارة التدخين لم تتوقف على هذا النحو من الانتشار، بل سرعان ما انتقلت من الخفاء إلى العلن، ووصل صداها إلى المنازل التي تحولت بدورها إلى ديوانيات وتجمعات نسائية لممارسة التدخين.

تحقيق أجرته صحيفة عكاظ، وأوردت فيه أنه وبحسب التقرير الذي أعدته الجمعية الخيرية للتوعية بأضرار التدخين في مكة المكرمة، فإن نسبة المدخنات في المملكة تجاوزت الـ5.7 في المائة من مجموع الإناث؛ أي نحو المليون ومائة ألف مدخنة، لتحتل المملكة المرتبة الخامسة عالميا والثانية خليجيا من حيث عدد المدخنات، في الوقت الذي أشار فيه تقرير منظمة الصحة العالمية وفاة نحو خمسة ملايين شخص سنويا في العالم جراء أمراض التدخين، ويتوقع أن يصل العدد إلى عشرة ملايين شخص في عام 2020م نتيجة لأمراض ذات علاقة مباشرة بالتدخين، وبين التقرير أن عدد المدخنين في المملكة تجاوز الستة ملايين مدخن بين الجنسين.

وهذا ما دفع عضو مجلس الشورى المهندس محمد القويحص إلى المطالبة وبشدة في تفعيل مشروع نظام مكافحة التدخين الذي -حسب قوله- ما زال يراوح مكانه رغم موافقة مجلس الوزراء على المشروع منذ 11 عاما، ولم يكتف بذلك بل ذهب بعيدا في انتقاداته، واتهم جهات لم يسمها بالتواطؤ وتعطيل صدور النظام لمصالح شخصية، مبينا أن مستشفى الملك فيصل التخصصي يدفع لعلاج مرضى حالات التدخين أكثر من 50 مليون ريال سنويا.

وبما أن المرأة كائن لطيف وناعم تتأثر بالعوامل البيئية والطبيعية على حد سواء، إلا أن أضرار التدخين عندها يتعدى الأضرار الصحية المعروفة؛ مثل السرطان، أمراض القلب والأوعية والجهاز التنفسي، بل إن تأثيراته تلامس النواحي الجمالية في النواعم، والمتمثلة في الروائح الكريهة للنفس، الصوت الأجش، إصفرار في الأصابع، احتقان في العينين وظهور التجاعيد في عمر مبكر.

وأثبتت بعض الدراسات العلمية أن التدخين سبب مباشر في سوء التغذية للحامل، ما يؤثر سلبا على صحة الجنين ووزنه. وأثبتت الدراسات أيضا، أن التدخين يعد السبب الرئيس في التشوهات الخلقية في الأجنة، عقم وبرود جنسي عند النساء، نقص في وزن الأطفال عند الولادة، زيادة معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة.

[COLOR=#0015FF]أسباب ومسببات[/COLOR]

ولإدمان النساء على التدخين أسباب ومسببات، وهنا ذكرت إيمان محمد أنها لم تدخل عالم التدخين بمحض إرادتها، بل كان لصديقاتها الدور الأكبر في ما وصلت إليه، وقالت: لا أخفيك أن صديقاتي هن السبب في (إدماني) للمعسل قبل ثلاثة أعوام وكان هذا بدافع الفضول، وأضافت: أسهمت المقاهي المغلقة التي تقدم خلطات مختلفة بنكهات التوت والتفاح والعنب في انتشار ظاهرة التدخين لدى الفتيات والشباب.

[COLOR=#001CFF]مزاج متعكر[/COLOR]

من جهتها، ذكرت هند غالب أن بدايتها مع التدخين كانت مع إحدى الصديقات التي سبقتها في عالم التدخين، وقالت: حضرت بالصدفة إلى دارها وهي تحضر لجلسة تدخين، وكنت وقتها في مزاج سيئ، فأصرت أن أشاركها في تدخين المعسل، ومع أول تجربة أصبت بدوار شديد وإعياء، إلا أن صديقتي بادرت بتشجيعي وباتت تردد على مسامعي أن ما أعاني منه أعراض مؤقتة سرعان ما تزول مع التجربة الثانية، وهكذا أصبحت مدمنة، وبعد فترة مللت من المعسل وتحولت إلى تدخين التبغ (السجائر).

[COLOR=#0024FF]حمل ووحم[/COLOR]

وقالت نجاة عبدالقادر (74 عاما، أم لسبعة أبناء؛ ولدين وخمس بنات): تعرضت في حملي الثاني لوحم شديد على رائحة التدخين.
فترة الوحم، ودأبت على التدخين فترة الحمل دون انقطاع إلى أن وضعت ابنتي الثانية، ثم أقلعت لفترة، وأضافت: في الثلاثين من عمري عدت للتدخين بشراهة، فتضايق زوجي كثيرا مع أنه مدخن مثلي، حتى أوصل تذمره لوالدي دون جدوى، وفي الأخير استسلم للواقع، ورغم إدماني لهذه الآفة إلا أنني أحيانا يصيبنا الضجر من رائحته وأدعو من الله التوبة، وخلصت إلى القول: أقلعت في عمر 68 عاما، وذلك بعد 34 عاما من الإدمان، نتيجة لتدهور صحتي بعد انسداد ثلاثة شرايين بسبب الدهون المتراكمة، حيث توقفت عن التدخين بقناعة وقوة الإرادة».

[COLOR=#001CFF]مواجهات زوجة[/COLOR]

وللنساء قصص مع إدمان آفة الشيشة والمعسل، وهنا قالت أم البراء الباشا (أم لطفلين): أدمنت الشيشة منذ 16 عاما، وذلك بعد زواجي مباشرة، حيث دخلت بسببها إلى مواجهات مع زوجي، الذي كان يعمد إلى إتلاف أدواتها مرة بعد أخرى دون جدوى، وبدلا من إبعادي عن تدخين الشيشة جذبته أنا حتى صار من المواظبين على جلسات التدخين رغم أن أهله من أكثر المعارضين للشيشة والتدخين عموما.
وأضافت: في الوقت الذي واكب زوجي على تدخين الشيشة توقفت أنا عن ممارسة العادة بسبب الحمل والولادة لمدة ثلاثة أعوام، إلا أنني عدت مرة أخرى للتدخين، مع صديقاتي في التجمعات النسائية في المقاهي، وما زلت مستمرة في هذه العادة السيئة رغم ما سببته لي من مشاكل صحية، وأنصح بالابتعاد عن التدخين، فتجربتها لمرة واحدة تقود للإدمان.

[COLOR=#0015FF]ضغوط نفسية[/COLOR]

وتقول تهاني أحمد إنها مدمنة تدخين (النرجيلة) منذ خمسة أعوام، وأضافت: الجأ إلى التدخين بشراهة خصوصا في السنوات الثلاث الأخيرة، والسبب الضغوط والمشاكل الأسرية.
وتمارس سعاد عبدالله عادة التدخين منذ 14 عاما تقريبا، وبينت أنها أدمنت التدخين وعمرها 17 عاما، وقال: جميع من حولي مدخنون، أخوتي وزوجي الذي كان يختلف معي في البداية بحجة أن المرأة لا تدخن، وكنت في البداية أدخن من ورائه، خصوصا أن صديقاتي جميعهن من المدخنات وكنت أجد منهن التشجيع، ولم أنقطع حتى اليوم عن التدخين وزوجي لا يعلم، خصوصا أن المدخن لا يشم رائحة التبغ عند المدخن الآخر.

[COLOR=#0A00FF]ضغوطات المنزل[/COLOR]

وتروى نهال مصلح (16 عاما ــ الطالبة في الصف الثالث الثانوي)، قصتها مع التدخين، وقالت: أخرج وزميلاتي من المدرسة ونتوجه لـ(كافي) حيث نتناول المعسل ونتناول السواليف. وأضافت: والدتي لا تعلم بأمر تدخيني لأنني أتخذ بعض الاحتياطات الضرورية.

[COLOR=#001CFF]مهددات للحياة[/COLOR]

وبما أن التدخين له أضرار لا حصر لها على الإنسان عموما، ذكر الدكتور صلاح عبد الفتاح، أخصائي أمراض صدرية في مستشفى خاص في جدة، أن أهم عامل انجراف بعض النساء والفتيات مع آفة التدخين، الفراغ الكبير الذي تعانيه بعضهن، وأيضا رغبتهن في التحرر، ومن هنا تجدهن يقدمن على التدخين دون إدراك بأضراره الكبيرة على الصحة والمال، وأضاف، للتدخين تأثير بالغ الخطورة على صحة المدخنين من الجنسين، ويعرضهم للإصابة بالنزلات الشعبية المزمنة، وسرطان الرئة، إضافة إلى الأمراض الصدرية والتهاب الجهاز العلوي وسرطان الشفة والحنجرة، وأمراض القلب، كما يتسبب التدخين في انبعاث الرائحة الكريهة عن طريق الفم، وإلحاق الضرر بالأسنان وتغيير لونها إلى الأصفر بسبب النيكوتين، إضافة إلى تأثيره على جمال المرأة.‏

[COLOR=#0300FF]قرارات حاسمة[/COLOR]

وبدوره، بين المختص في برامج مكافحة التدخين عبدالله بن حسن سروجي، أن الأمر يحتاج إلى قرارات حاسمة؛ منها منع التدخين في الأماكن المغلقة، منع تقديم الشيشة والمعسل، منع التدخين لمن هم أقل من 18 عاما، ونقل المقاهي خارج النطاق العمراني، إضافة إلى عدم السماح بتقديم التبغ بكافة أشكاله في المواقع غير المصرح لها وبما يحد من انتشار التبغ، خصوصا بين النساء.

وأشار سروجي إلى أن العالم يشعر بخطورة التدخين، وأن معظم دول العالم تتنافس في القضاء على ظاهرة التدخين في الأماكن العامة والمغلقة وأماكن تقديم الشيشة، فبعضها تشدد على المنع وتطبق قرارات متشددة في هذا المجال، مبينا أن تأثير التدخين على النساء والفتيات أكثر منه على الذكور، باعتبار أن الفتاة التي تدخل عالم التدخين تنقل بسرعة فائقة هذه العادة إلى صديقاتها وهو ما يعد مشكلة كبيرة، وهو ما أظهرته التقارير والدراسات التي أعدت لهذا الغرض.
وخلص سروجي إلى القول: «منع التدخين له انعكاسات على الصحة والبيئة، ويساعد على خفض نسب الوفيات والأمراض التي يتسبب فيها التدخين مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية والسرطانات والأمراض التنفسية».
[COLOR=#3800FF]
ضحية العادات[/COLOR]

إلى ذلك، أشار المدير التنفيذي في جمعية كفى الخيرية للتوعية بأضرار التدخين والمخدرات محمد العطاس، إلى جهود الجمعية في توعية فئات المجتمع بالآثار السيئة للتدخين والمخدرات وتحصين الفتيات ضد الوباء القاتل ودعم العيادات الخيرية والمراكز ذات العلاقة، وتوفير قاعدة بيانات شاملة عن التدخين والمخدرات وآثارها المدمرة، مبينا أن أغلب المترددات من النساء المدخنات على الجمعية، يمثلن كافة فئات المجتمع، كبار سن، بالغات ومراهقات، فيما تختلف الحالة الاجتماعية من فئة لأخرى، فتجد بينهن المطلقات اللاتي دفعت بهن أوضاعهن لدخول عالم التدخين بأنواعه (الشيشة، المعسل والشمة).

وأضاف: للعادات الاجتماعية أيضا دور في تفشي عادة التدخين بين أفراد المجتمع، فبعض النساء كن ضحية هذه العادات ومنها عادة التدخين المنتشرة بين أفراد الأسرة، كالأب، الأم، والأقارب، فيما برزت حالات أخرى لأطفال دخلوا هذا العالم بحجة التقليد والقدوة، فضلا عن تأثر بعض طالبات المدارس بالرفقة السيئة، إضافة إلى تأثير القنوات الفضائية التي تغرر بالشباب.

وحول الأسباب التي تدفع بالنساء للتدخين، بين العطاس أن الأسباب تختلف بحس كل حالة؛ ومنها على سبيل المثال: الغضب، الفراغ، العادات، أصدقاء السوء، مشاركة الأهل، الرغبة، الاستطلاع، الوحدة، وأيضا الحالات النفسية كالاكتئاب، المرور بمواقف مؤلمة، تقليد الزوج، الوحم، وقال لدى قسم التوعية النسائي في الجمعية حالات وقصص واقعية عن نساء تعرضن لأمراض سرطانية بسبب التدخين؛ وهي حالات موثقة بتقرير صادر من وزارة الصحة.
موضحاً أن عدد المتعالجات من التدخين بلغن 56 مدخنة، وعدد المقلعات 56 والنسبة وصلت 100 %.