الأخبار المحلية

ابن منيع : تمثيل الأنبياء والصحابة لا يجوز

نفى عضو هيئة كبار العلماء المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع، أن يكون هناك اختلاف في روحانية شهر رمضان بين الماضي والحاضر، مبديا استياءه من تقليص عدد ركعات صلاة التراويح مع كيفيتها، مبينا أن هذه الدعوة التي نادى بها بعض العلماء قديما وحديثا لم تجد تطبيقا صحيحا، وإنما كانت مشوهة، معترضا على الفتوى التي تبيح للمبتعثين في الدول التي يطول فيها النهار خلال رمضان بالإفطار مع أذان المغرب في مكة المكرمة، مشيرا إلى أن هذه الجهات أخطأت في إصدار هذه الفتوى، مبينا أن المفتي غير المؤهل يدخل ضمن المتوعدين بالنار ويشمله حديث (أجرأكم على الفتيا أجرأكم على النار). ولم يبد المنيع ما يمنع من مشاهدة المسلسلات الدرامية الهادفة في رمضان، لكنه حذر من تلك التي فيها تمثيل للصحابــة والأنبـيــاء، وحض المزكين على ضرورة تحري مستحقي الــزكــاة، مؤكدا أن ذمتهم لا تبرأ بمجرد التصدق على المساكين دون التثبت من استحقاقهم لها.. فإلى نص الحوار:

صلاة التراويح، هل بقيت كما كانت عليه في السابق؟
ــــ نعم بقيت كما كانت في السابق، ولكن مع اختلاف في عدد التسليمات، ونتمنى أن يعاد النظر في هذا الأمر، خصوصا وأن بعض من علمائنا رحم الله من مات منهم وحفظ من لا يزال باقيا، اتجهوا للمناداة بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في التراويح، وأنه لم ينقل عنه أن صلاته تجاوزت خمس تسليمات، ولكننا في الواقع نقول إنه لا يجب أن ننجرف مع هذه الدعوة رغم أنها سنة نبوية ولم نجد استجابة لها إلا في ما يتعلق بالعدد دون الكيف، وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعة واحدة البقرة وآل عمران والنساء، وهذه قرابة أربعة أجزاء، فهل يقرأ مثل ذلك حاليا.
هل الاختصار من الناحية العددية أو الكيف؟
ــــ اختصار التراويح صار اختصارا عدديا دون أن يكون في الكيف، ونحن نعترض على مثل هذا الإجراء الذي خفض أجر المسلمين من عشر تسليمات كانت محل احترام وتقدير، وسيدنا عمر رضي الله عنه وهو خليفة راشد وأحد المبشرين بالجنة، جمع المسلمين في المدينة تحت إمام واحد ووجههم بأن تكون صلاة التراويح مع الشفع والوتر 23 ركعة، ومع الأسف نودي بتخفيض عدد الركعات ووافق كثيرون عليه بسبب وجود نزعة عريضة لاختصار الصلاة وهذا في الواقع حرمان، فينبغي أن تكون لدينا عناية بالأمور الشرعية وأن لا نستثقل العمل الصالح، ونحمد الله سبحانه وتعالى أن هذه الدعوة لم تجد أذنا صاغية في الحرمين الشريفين فالأمر فيهما على ما كان عليه قبل قرون متعددة.
صلاة التراويح 23 ركعة هل هي سنة؟
ــــ لم يرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى التراويح 23 ركعة، إنما قيل عنه إنه صلى 8 ركعات أو 10 ركعات، إضافة للشفع والوتر، لكنه كان يصليها في حال من العناية بركوعها وسجودها فكانت الركعة الواحدة قد تستغرق أكثر من نصف ساعة، وحينما نودي بتلك الدعوة لم يأخذ المطالبون بجانب الكيف إنما اهتموا بعامل الكم فقط. وبناء على هذا فإن المسلمين فرطوا في نصف أعمال لها اعتبارها وقيمتها هداهم الله ووفقهم إلى ما فيه خيرهم.
الكم والكيف
هل تعني أنهم خفضوا الكم والكيف؟
ـــــ نعم، وحينما يأخذ الإمام بنصف صفحة أو صفحة في الكثير فإن أجرهم يقل، ولو استمروا على سنة عمر رضي الله عنه وأدوا العدد الثابت الذي لم يعترض عليه أحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان خيرا لهم، لكن البعض نادى بالالتزام بالسنة النبوية في الناحية العددية وليس في جانب الكم فقط.
أيعد التزاما ناقصا؟
ـــــ هو كذلك ولذلك ننتقده، ونحن نلتزم بسنته صلى الله عليه وسلم ولها اعتبار لقوله: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي»، فلا يجوز لأي إنسان أن يرد السنة سواء القولية أو الفعلية أو التقديرية، ولكن أن نأخذ بعض الأمر ونترك الآخر فهنا تكون الإشكالية.
أئمة الحرمين
وماذا عن استقطاب الحرمين الشريفين لذوي الأصوات الجميلة؟
ــــ تمكن الإخوة من استقطاب مجموعة كبيرة من الأئمة وهم رجال لهم اعتبارهم من التقوى والصلاح والفقه وحفظ كتاب الله وحسن الصوت في القراءة، وهذا يشجع على متابعة الصلاة.
وماذا عن استقطاب مزيد من الأئمة ذوي الأصوات الحسنة؟
ـــــ العدد الحالي كاف، وقد أخذوا بما يلزم وما يحتاجون إليه ولو احتاجوا إلى زيادة فالأمر فيه سعة.
توجد مساجد متقاربة تصلى فيها التراويح، وقد يحصل بينها تشويش وتضارب في الأصوات.. ما الحكم الشرعي في مثل هذا الموقف؟
ـــــ التراويح سنة وليست واجبة، ولا شك أنه عندما تحيى الصلاة في مسجد الحي وتؤدى فيه التراويح ويذكر الله فهذا من الأمور التي يسعد بها المسلمون، وهنا لا يلزم الأمر أن يمتلئ المسجد، ولا يجوز ذهاب المصلين جميعا إلى مسجد واحد بحجة اكتمال الصفوف.
مكبرات المساجد
إذا، ماذا عن خفض أصوات المكبرات؟
ـــــ يمكن خفض الصوت إذا كانت المساجد متقاربة حتى لا يحدث تشويش.
لديكم بعض الصور العالقة في ذهنكم من ذكريات، ومنها علاقاتكم بكبار العلماء بعضها مرتبط برمضان، هل تذكرون بعضها؟
ــــ بالنسبة لاجتماعنا في رمضان، ففي هذا الشهر لا يجتمع المجالس، باعتباره شهر العبادة، والشافعي رحمه الله كان يترك دروسه في رمضان للتفرغ للعبادة، فهذا الشهر ليس للاجتماعات؛ لأنها تؤثر على الاستكثار من العمل الصالح.
واجتماعات الهيئة؟
ــــ ليس للهيئة أي اجتماعات في شهر رمضان.
ماذا عن برنامجكم خلال الشهر؟
ـــــ الإنسان يحرص في هذا الشهر على العمل الصالح من صلاة وتلاوة وصدقة والعناية بالزكاة، والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يكون سببا لضياع الشهر، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «رغم أنف امرئ أدرك شهر رمضان ولم يغفر له».
هناك محبطات عن العمل الصالح في هذا الشهر، كيف ترون ذلك؟
ــــــ تعد القنوات الفضائية التي تتسابق في تقديم المسلسلات التي تأتي بالغث والسمين من أكبر الشواغل، لأنها تعوق تفرغ الإنسان لعبادة ربه، وينبغي أن يكون لدى المسلمين التقوى في قلوبهم وأن يكونوا متعاونين على البر والتقوى والابتعاد عن الإثم والعدوان، وطلبة العلم والجهات الشرعية يقومون بواجباتهم في مواقع الدعوة يبذلون جهدهم في سبيل التوعية والتبصير والحرص على الانتفاع من الشهر الكريم.
كيف تقيمون عمل الأئمة والدعاة خلال شهر رمضان؟
ــــــ على أئمة المساجد أن يكون لديهم الكثير من التوعية والتبصير والعناية بأعمال الخير من حيث الصلوات وإقامة الدروس للتذكير، والله سبحانه وتعالى يقول: «فذكر إن نفعت الذكرى».
الفتاوى والمفتون
ماذا عن الفتاوى التي ترد إلى المفتين، خصوصا أن السائل يسأل بعد وقوعه في الخطأ؟
ـــــ هؤلاء ربما لا يعرفون الخطأ حتى يسألوا عنه قبل وقوعه، فإن وقع وسأل ووجد من يدله على الطريق المستقيم وقام برأب خطئه فهذا لا شك من الخير وفضل من الله، وطلبة العلم سواء في الإذاعات والفضائيات يعملون على التوعية والتبصير وعدم ترك الناس على ما هم عليه من ضلال.
هل هناك حرج في التنقل بين المساجد التي يؤمها ذوو الأصوات الحسنة؟
ــــــ لا حرج في ذلك، إذا كان بهدف البحث عن الصفات الجيدة من حيث الحفظ والصوت، وكذلك الملازمة والمتابعة.
بعض المبتعثين في الخارج يشكون من طول ساعات الصيام التي قد تصل إلى 17 ساعة، فهل لهؤلاء استثناء من بعض أحكام الصيام؟
ـــ لا استثناء في هذا الجانب، ونستغرب في الحقيقة من الفتوى التي صدرت قبل مدة من بعض الجهات التي ندعو لها بالهداية، والقائلة: «إذا كانت مدة الصيام طويلة وتصل إلى 18 ساعة يمكن أن يقتدوا بمكة المكرمة في إفطار أهلها»، وهذا خطأ لأن طلوع الفجر وغروب الشمس هو معيار الصوم وتحديد ساعاته، وليس أمامهم سوى أن يصوموا كما قال تعالى في كتابه: «فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل».
في ظل هذه الفتاوى التي يمكن أن تفرق المسلمين ما هو المعيار الذي ترون ضرورة توفره في المفتي؟
ـــــ لا بد أن يكون المفتي ذا تقوى وصلاح وذا علم وعقل، وأن يستمد دلائل فتواه من كتاب الله تعالى ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة القولية والفعلية والتقديرية، والمفتي المتسرع في الفتوى يعد غير مؤهل للإفتاء من الناحية العلمية أو العقلية أو الفهم الصحيح للتشريع الإسلامي والمقاصد الشرعية. أما من يتصدون للفتوى وهم غير مؤهلين فهؤلاء هم من يشملهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أجرأكم على الفتوى أجرأكم على النار».
الدراما الهادفة
بعض الأعمال الدرامية هادفة وتبث الأخلاق الحسنة.. كيف ترونها أنتم؟
ــ هذه النوعية من المسلسلات الهادفة لا نرى فيها مانعا، شريطة أن لا يكون هناك تقمص وتمثيل لشخصيات أنبياء الله ورسله أو الشخصيات البارزة من أصحابه صلى الله عليه وسلم، لأن تقمص شخصياتهم بواسطة من ليسوا أهلا للتقوى والصلاح من شأنه أن يؤثر على قيمهم التاريخية وكونهم قدوة، ومن هنا صدر عن هيئة كبار العلماء قرار منع تجسيد الأنبياء والصحابة في الأعمال الدرامية.
هل هذه الفتوى حديثة؟
ــــــ ليست حديثة، بل صدرت قبل أكثر من 30 عاما.
يحرص البعض على الصدقة وزكاة الفطر، وكثير منهم لا يتحرون مصارف الزكاة الصحيحة ويعطون أموالهم لأول شخص يطلبها؟
ــــــ لا تعتبر الزكاة زكاة إذا أوكل أمرها لمن ليس أهلا للثقة، بل تعتبر صدقة ولا تبرأ ذمة المزكي بذلك، لذلك أطالب عناية تامة بهذا الأمر.
كثيرون يحرصون على أعمال الخير من اعتكاف في المساجد وصلاة واستماع للذكر؛ لكن في المقابل يتركون أعمالهم وواجباتهم؟
ـــــ لا يجوز أن نؤثر الواجب على العمل المستحب، وينبغي على الإنسان أن يتقي الله وأن يعنى بما يجب عليه أكثر من الحرص على المستحب، لذلك أي شخص يترك عمله للذهاب للمحاضرات أو ندوة أو نحو ذلك لا شك إنه تجاوز الحد وقد ينقلب عليه الأمر إلى ما يسيء إليه.
الملاحون في الطائرة هل يجوز لهم الفطر؟
ــــ نعم إذا كانت الرحلة لمسافات بعيدة داخل وخارج المملكة فهذا يبيح له الفطر.
وهل تشمل الرحلات الداخلية؟
ــــــ إذا كانت الرحلة طويلة فله الحق في الفطر.
ساكنو الفنادق والأبراج القريبة من الحرم هل يجوز لهم أداء الصلاة مع الحرمين؟
ـــــ لا بأس إذا لم يكن بينهم وبين الصفوف وساحات الحرم طرق فلا بأس أن يصلوا في غرفهم ومحلاتهم جماعات، وليس أفرادا وحتى من له شقة أو غرفة تطل على الحرم يمكنه الصلاة شريطة أن يكون معه أحد، أما المرأة فلا بأس أن تصلي منفردة لأنه لا يلزمها الجماعة.