ديوان المظالم يؤيد أول حكم ضد متهم انتهك «الملكية الفكرية»
أصدرت الدائرة الإدارية التاسعة في ديوان المظالم في الرياض أمس، حكما غيابيا يقضي بإدانة صاحب محل تسجيلات الفيديو لمخالفته أحكام نظام المؤلف وعاقبته عن ذلك بسجنه 10 أيام فقط.
ويعد الحكم الرسمي الأول الذي يشير إلى تنفيذ عقوبة السجن بحق المنتهكين لحقوق الملكية الفكرية وحقوق المؤلف في السعودية.
من جانبه، أوضح المتحدث الرسمي لوزارة الثقافة والإعلام عبدالرحمن بن عبدالعزيز الهزاع أن الوزارة تسعى لحماية حقوق المؤلف وحقوق الملكية الفردية للجميع؛ سواء المقروءة أو المرئية أو المسموعة وكل الوسائل الإعلامية، وقد سعت من خلال اللجان المختصة لحماية تلك الحقوق وعدم خرقها أو التعدي عليها بشكل لا يرضي أحدا، لذلك ينظر للمملكة إلى أنها من الدول التي تسعى لحماية تلك الحقوق وضمان تداولها بالطريق الصحيحة.
وأضاف الهزاع: إن الدول التي لا تحمي حقوق المؤلف ينظر إليها أنها غير جديرة بالاستثمار فيها أو الدخول في أراضيها في أي شركات من هذا النوع، لذا سعت الوزارة إلى إيضاح الصورة الحقيقية للعمل الإعلامي الصحيح بعيدا عن التعدي على حقوق الآخرين في بيع النسخ المقلدة، وقد تم تطبيق العديد من العقوبات بحق المخالفين، وكان منها صاحب محل فيديو تم ضبطه عدة مرات بمخالفة الحقوق الفكرية للمؤلف وتم استنفاد كل العقوبات المقررة من الإغلاق والغرامة المالية وتم توجيهها له لأربع مرات غير أنه لم يرتدع ولم يلتزم بحقوق الآخرين والملكية الفردية بحثا عن الربح غير المشروع.
وبين الهزاع أن الوزارة اضطرت لرفع الأمر إلى ديوان المظالم؛ كونه الجهة المخولة لإقرار عقوبة السجن بحق المخالف ليتم تأييد سجنه لمدة عشرة أيام وهي سابقة الهدف من خلالها ردع جميع المخالفين، وللتأكيد على الالتزام بحقوق الملكية الفكرية وحقوق المؤلف، وللتأكيد للجميع أن المملكة دولة تعمل لخلق بيئة صحية اقتصادية إعلامية سليمة ولن تتوانى في الرفع بأية جهة تعمل على التعدي على تلك الحقوق الأدبية والاقتصادية والفكرية وسيتم الرفع بمن يتعدى على تلك الحقوق إلى الجهات المختصة وسيتم سجنه التزاما بالأنظمة والقرارات.
وسبق لوزارة الثقافة والإعلام أن أقامت دعوى على المدعى عليه مطالبة بجازاته عن انتهاك حقوق المؤلف من خلال محله حسب مقتضى المادة 22 من نظام حقوق المؤلف، التي جعلت إيقاع الجزاء الجنائي بالسجن أو الغرامة فوق 100 ألف ريال من اختصاص الديوان، وذلك بعد أن تكررت منه المخالفات، وأصدرت الوزارة أكثر من قرار بتغريمه ونظرا لتكرر المخالفة منه وعدم ارتداعه بالغرامات السابقة أقامت هذه الدعوى.
وقد أجرت الدائرة اللازم حيال نظرها، ثم أصدرت حكمها المشار إليه بإيقاع عقوبة السجن على المدعى عليه.
ويأتي هذا التأييد تجسيدا لاهتمام قضاء الديوان بحقوق الملكية الفكرية وحقوق المؤلف وعدم الاعتداء عليها بما يتفق ودخول المملكة في عدد من الاتفاقيات الدولية المعنية بهذا الشأن.
وكان مهتمون في مجال مكافحة القرصنة قد أشادوا بإدانة المتهم واعتبروها خطوة إستراتيجية تهدف إلى تشجيع مجتمع الأعمال والتجارة على الامتثال التام لقوانين مكافحة القرصنة وحماية حقوق الملكية الفكرية في المملكة ووضع حد لكافة نشاطات القرصنة المحتملة مستقبلا.
وكانت هناك شكوك متعلقة بتطبيق قوانين مكافحة القرصنة في المملكة التي سجلت أعلى معدلات قرصنة في منطقة الخليج العربي بنسبة 60%، إلا أن ديوان المظالم بالمملكة العربية السعودية وضع حدا لتلك المخاوف وسجل أول حكم رسمي ضد انتهاك حقوق المؤلف.
وكان «الاتحاد العربي لمكافحة القرصنة» قد أكد في إحصائية صادرة عنه موخرا أن معدلات القرصنة شهدت ارتفاعا ملحوظا لتصل إلى 90% على مدى السنوات الماضية في السعودية مقارنة بالدول الأخرى في منطقة الخليج العربي، وبالأخص ضمن قطاع صناعة الأفلام المرئية.
وتأتي أهمية هذا القرار كونه رادعا لمنع انتشار الانتهاكات والنشاطات المماثلة في المملكة، مع العلم أن القضاء السعودي حاليا بصدد تطبيق قانون مكافحة القرصنة على نطاق واسع في مختلف القضايا المتعلقة بالقرصنة، في ظل تأكيد المختصين أن تلك الأعمال كبدت الاقتصاد السعودي خسائر كبيرة نتيجة نشاطات القرصنة في الآونة الأخيرة.
وكانت وزارة الإعلام قد نفذت سبع حملات تفتيش على متجر المتهم المحكوم بقضية القرصنة، وتم على إثرها مصادرة أكثر من 100.000 فيلم منسوخ والعديد من الأجهزة والمعدات المستخدمة لأهداف التزوير والتقليد. وتم فرض غرامات متصاعدة في كل من الحملات الست الأولى من قبل «لجنة النظر في المخالفات».
وفي الحملة التفتيشية السابعة قدمت وزارة الإعلام والثقافة السعودية توصيات لديوان المظالم بالمملكة العربية السعودية تقضي بإنزال عقوبة السجن بحق المتهم، الأمر الذي أيده أخيرا ديوان المظالم في القرار الصادر عنه.