الأخبار المحلية

أطباء يحولون مستشفيات إلى حقول للتجارب

تعتمد بعض المستشفيات الخاصة “النظرة المادية” عند اختيار الأطباء، متجاهلين بذلك الخبرة والمهنية التي يتميز بها البعض، فالكثير منها يبحث عن طبيبات وأطباء يقبلن برواتب قليلة، وغالبية هؤلاء تكون بالطبع من خارج المملكة، من الأطباء الذين يتنازلون عن المرتبات المرتفعة من أجل كسب الخبرة في مستشفيات معروفة ومشهورة، فيتدربن بذلك على المواطنين والمقيمين، ليصبح المرضى حقل تجارب، وقد يكون ذلك من أسباب كثرة الأخطاء الطبية والوفيات.
تقول ليلى محمد (طبيبة تعمل في مستشفى خاص) إن العمل في مستشفى خاص صعب، فنحن نفتقد الأمان الوظيفي، ونتوقع في أي وقت إقالتنا لأي سبب، إضافة إلى أنه لا يحق لنا زيادة في رواتبنا مهما كان، ومن تطلب ذلك تعلم أن الإدارة سوف تقيلها، هذا غير المضايقات التي تحصل من قبل الزملاء في نفس القسم، ووشايات البعض بنا حتى يبقى الوحيد بقسمه، ويشار له بالبنان، وهذا الأمر لا يحدث في المستشفيات الحكومية”
أما الدكتورة “م .ص” التي تعمل بمستشفى خاص فتقول “الكثير من زميلاتي في المهنة تركوا المستشفى، لأن عملهن فيه كثير مقابل رواتب قليلة، ورغم أن العمل بنفس القسم والتخصص فإن الطبيب بالمستشفى الحكومي يتقاضى أكثر”، مشيرة إلى أن الجميع يبحث عن المادة، سواء أكانوا أطباء أم مستشفيات.
وأوضحت أنه “في بعض الأحيان بعد ترك الطبيب المستشفى بسبب المادة يقل الطلب على القسم وهذا يضر بالأمور المادية في المستشفى فتضطر الإدارة بإرجاعه، بعد تلبية طلبه برفع مرتبه ليزيد دخل المستشفى”.
وفي بعض المستشفيات الخاصة يتذمر مراجعون ومراجعات من التغير المتكرر لطبيبات وأطباء متميزين، وتعيين آخرين بدلا عنهم لا يملكون نفس الخبرة، وبعد أن يكون القسم قد اكتظ بالمراجعين لتميز الطبيب، يصبح بعد رحيله خاليا سوى من أعداد قليلة اضطروا للحضور لإسكات آلامهم، وأخذ علاج سريع.
تقول المراجعة سلطانة حسين “دائما نلاحظ هذه الظاهرة، المتميز يخرج والسيئ يبقى، وخروجه إما لطلب زيادة مالية، أو لوجود مكان آخر تم إغراؤه بزيادة مالية، والناس يسعون وراء الطبيب ويسألون عن مكان تواجده بغض النظر عن المستشفى، ونادرا ما تجد طبيبا مستمرا في مستشفاه، بل الجميع يبحث عن الأفضل، ويقع التعب على المراجعين الذين يتنقلون من حين لآخر بين الأطباء”.
أما المواطن سعيد عسيري فيقول إن “اسم المستشفى يشتهر باشتهار أطبائه المميزين، حيث تتكون سمعته الجيدة باختيار الطبيب ذي الخبرة، ولا يهم إن كان سعوديا أو غيره، ولكن التركيز على المادة يفسد الأمر سواء من الطبيب أو إدارة المستشفى”، مضيفا أن المراجعين يعرفون الطبيب المتميز من غيره.
وعن الآلية المتبعة في توظيف الأطباء، يقول رئيس مجلس إدارة مستشفى أبها الخاص عبدالله الثميري “يتم التوظيف إما عن طريق الإعلان في الصحف المحلية أو الدولية، أو عن طريق أحد المكاتب المتخصصة في التوظيف في البلد المراد، وبعد ورود السير الذاتية يتم عرضها مبدئيا على لجنة التوظيف بالمستشفى، طبقا لنموذج خاص يوقع عليه أعضاء اللجنة، ومن ثم يتم إرسال النماذج الخاصة للأطباء والتي تعرف بـCredential & Privilege Forms كل حسب تخصصه، ليتم تعبئتها من قبل الطبيب، وبعد جمع كافة النماذج تكلف لجنة بالسفر لإجراء المقابلات بالخارج، وتوقيع العقود، وإنهاء كافة إجراءات التعاقد الرسمية الأخرى”.
وعن أسباب إقالة بعض المستشفيات الخاصة الأطباء والطبيبات المتميزين واستبدالهم بمن يقبلون برواتب أقل رغم قلة الخبرة، قال “لا نعلم السبب وراء ذلك في المستشفيات الأخرى، إلا أن مستشفانا لا يقيل أي طبيب يعمل لديه ما لم تتم مخالفته لأنظمة العمل السعودي، ومعظم حالات المغادرة تتم برغبة الطبيب وذلك لظروف خاصة به”.
وحول ما يردده بعض المراجعين من إقالة طبيبة نساء وولادة متميزة لديهم، وإحضار طبيبتين بدلا منها، قال “بالنسبة للدكتورة المشار إليها لم يكن التعاقد معها بعقد سنوي، وإنما كان عقد طبيب زائر فقط نظرا لظروف خاصة بها تمنعها من التعاقد السنوي، وانتهت المدة، ومن الممكن التعاقد معها مستقبلا إذا كانت هناك حاجة لذلك وسمحت ظروفها”.
وأكد الثميري أن “الأمور المادية سبب من أسباب خروج أي طبيب من مستشفى متميز، فالطبيب كغيره من الأفراد يرغب في الحصول على عائد مادي مناسب، وخصوصا في ظل التنافسية الحالية في القطاع الصحي بشقيه العام والخاص”.
أما المدير التنفيذي لمستشفى السعودي الألماني في عسير الدكتور أحمد شبل فقال “نتبع آليه محددة في استقطاب الأطباء، فبالنسبة للنظام لدينا موحد عن طريق برنامج النقاط The point system وهو يعتمد على اختيار بعض الدلالات التي توثر بالإيجاب على صحة المريض مثل المؤهل العلمي، وعدد سنوات الخبرة بعد الشهادة العلمية، وعدد سنوات العمل داخل المملكة للدراية الكاملة بالعمل في المملكة، وكذلك التخصص النادر والدقيق، والدراية بنظم الجودة الطبية وسلامة المريض، ثم بعد ذلك يتم حساب النقط ويحدد الراتب على أساسها”.
وأضاف أن “الاستغناء عن أطباء لارتفاع رواتبهم خطأ كبير تقوم به بعض المستشفيات الخاصة، ولا يجوز الوقوع فيه، وهذا الأمر لا يحدث لدينا، بل بالعكس هناك خطط علمية لتدريب الأطباء باستمرار في كندا وألمانيا، وهذا دليل على المحاولات الجادة للمجموعة للاحتفاظ بالأطباء المتميزين”.

الشؤون الصحية: لا نحدد الرواتب بل تسعيرة الخدمات

أوضح مدير عام الشؤون الصحية في منطقة عسير الدكتور إبراهيم بن سليمان الحفظي أن “هناك جهة مختصة لمتابعة عقود العاملين في جميع القطاعات الخاصة المختلفة، ومن ضمنها القطاع الصحي الخاص من أطباء وغيرهم، وتوجد بها لجنة لحل الخلافات المتعلقة بذلك بين المتعاقد وصاحب العمل، وهي فرع وزارة العمل بمنطقة عسير، وليس لوزارة الصحة أي دور في ذلك”.
وعن تحديد رواتب الأطباء في القطاع الصحي الخاص قال إن “الشؤون الصحية ليس لها دور في تحديد الرواتب، وإنما تلزم صاحب المنشأة بالالتزام بتسعيرة الخدمات الطبية المقدمة للمريض، والمعتمدة من قبلنا” مضيفا أنه يقتصر دور إدارة شؤون القطاع الصحي الخاص على إصدار التراخيص اللازمة للكوادر الفنية (الأطباء وغيرهم)، وذلك بعد استكمال إجراءات الاختبار، والتأهيل بالهيئة السعودية للتخصصات الصحية، والتي بدورها تجري اختبارا للكادر الفني الصحي، وتصدر شهادة تصنيف مهني يُبنى عليها الترخيص المُعطى من قبل إدارة شؤون القطاع الصحي الخاص (ترخيص مزاولة مهنة)”.
وأشار الدكتور الحفظي إلى أن “من يثبت عدم اجتيازه لاختبار الهيئة السعودية للتخصصات الصحية يتم اتخاذ الإجراءات النظامية بحقه، وهي ترحيله خارج البلاد، وإحضار ما يثبت سفره، وإدراجه ضمن الممنوعين من التعاقد بالحاسب الآلي لضمان عدم التعاقد معه مستقبلا للعمل في المملكة”.
وأكد الحفظي “عمل جولات تفتيشية روتينية ومفاجئة لمؤسسات القطاع الصحي الخاص للتأكد من حصول الكوادر الفنية على تراخيص مزاولة مهنة، ومن يخالف ذلك يتعرض للعقوبة من خلال إحالته إلى اللجان المختصة بذلك، وهي لجنة المخالفات الطبية لممارسته العمل بدون ترخيص، أو قصور في أداء المهنة، أو الرسالة الصحية” مشيرا إلى أن لجنة مخالفات المؤسسات الصحية الخاصة بدورها تعاقب المنشأة لمخالفتها الأنظمة والقوانين المعمول بها من وزارة الصحة.