الأخبار المحلية

المشايخ السعوديون على الإنترنت.. «آراء مؤثرة» تتنازعها اتجاهات الحداثة والتشدد

كشفت دراسة أُعلن عنها الأسبوع الماضي، أجرتها مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات» حول طبيعة وجود رجال الدين السعوديين على شبكة الإنترنت وتأثير آرائهم في الناس، عن «انخفاض حاد» في الآراء العلنية الداعمة للعنف والقتال، ما يشير بحسبها إلى «فعالية الحلول التي تتخذها الحكومة السعودية للحد من المحتوى المتشدد».
واعتمدت الدراسة على أربعين ألف إدخال من المواد النصية على شبكة الإنترنت، تضمنت مقالات وآراء ومحادثات ومشاركات عابرة، لرجال الدين ولعامة الناس، واختيرت وفق معايير تحقق صلاحيتها لدراسة البيئة، وجُمعت من مصادر متعددة على الشبكة منها: فيس بوك، وتويتر، ومواقع شخصية للمشايخ، ومنتديات دينية، ومجموعات بريدية، ومصادر أخرى. ورُصدت الإدخالات التي خضعت للدراسة خلال فترة ستة أشهر من أول يناير حتى ثلاثين يونيو 2011.
وقالت المؤسسة في بيانها أن رجال الدين السعوديين حققوا نجاحا كبيرا في تطويع التقنية الحديثة كـ «وسائل الإعلام الاجتماعية ومنتجات آبل» من أجل قضاياهم وآرائهم ، لكنها أكدت في المقابل أنهم لم يتمكنوا حتى الآن من اختراق المجتمع الغربي، على الرغم من الأرقام التي أشارت إلى اهتمام رجال الدين بالمحتوى الإنجليزي.
وتضمنت الدراسة مقدمة طويلة عن التاريخ الحديث لرجال الدين في السعودية وتطور دورهم السياسي والاجتماعي، وقالت فيها إنه « وفقا للأبحاث التي أجريت من قبل الجيش الأميركي بين 1986 و 1998 فإن عدد رجال الدين في السعودية هو بين 7 10 آلاف شيخ، بينهم 30 40 شيخاً من ذوي النفوذ » ، كما استفاضت في رصد التعاطي الديني مع «الربيع العربي» الذي عاصرت أحداثه الأولى فترة الدراسة، واختتمت المتن باستعراض نظري للنتائج ثم التوصيات الختامية.وخلصت الدراسة التي جاءت في 103 صفحات باللغة الإنجليزية، إلى مجموعة استنتاجات وأرقام، فيما يلي استعراض مختصر لها:
المشايخ المدروسون

وقالت الدراسة إن بحوثها أسفرت عن حصر مواقع شخصية على الإنترنت تخص 94 رجل دين سعوديا، بينهم 75 يتقلدون (أو كانوا يتقلدون) مناصب حكومية. وركزت الدراسة على المواقع التي يُحدّث محتواها باستمرار بلغت ثلاثين موقعا بينها عشرون موقعا باللغة العربية وعشرة بالإنجليزية.
وأنتجت هذه المواقع الثلاثين خلال فترة الدراسة 2592 مادة، بينها 1752 بالعربية و840 بالإنجليزية. وأختير من بين هذه المواد 500 مادة لتكون تحت البحث ضمن الأربعين ألف إدخال.
المؤثرون عربيا

وحددت الدراسة رجال الدين الأوائل من حيث حضور وتداول وشعبية آرائهم على الشبكة، وجاء ترتيب المشايخ على النحو التالي: صالح (بن فوزان) الفوزان، عبدالعزيز بن باز، سلمان العودة، صالح اللحيدان، سفر الحوالي، سليمان العلوان، عبدالعزيز آل الشيخ، عبدالله بن جبرين، محمد الهبدان.
المؤثرون إنجليزيا

وفي الإدخالات باللغة الإنجليزية، ظهر أن المشايخ العشرة الأوائل هم: الأول: عبدالرحمن السديس، الثاني: صالح اللحيدان، الثالث: سلمان العودة، الرابع: سفر الحوالي، الخامس: أحمد الغامدي، السادس: عبدالله التركي، السابع: عبدالرحمن البراك، الثامن: أحمد عبداللطيف ، التاسع: عبدالكريم الخضير، العاشر: عبدالله المطلق.
تويتر تحديدا

وكان المشايخ الخمسة الأكثر شعبية في تداول آرائهم عند المستخدم العربي اللغة في «تويتر» على وجه الخصوص، هم بحسب الدراسة: سلمان العودة، يليه عبدالعزيز بن باز، ثم صالح الفوزان، ثم صالح اللحيدان، ثم سفر الحوالي.
طبيعة إيديولوجية

وضعت الدراسة خمسة تصنيفات عامة لتقسيمها حسب طبيعتها الإيديولوجية، بعد تحليل مواد الأربعين ألفا،ولفتت إلى أن التصنيفات لا تعبّر بشكل دقيق عن المحتوى إلا أنها تعطي مؤشرا واضحا، فكانت أقسام المواد بعد تحليلها على النحو التالي:
أولا: مواد معتدلة، من سماتها التعبير عن وجهة نظر تعددية والالتزام بالتعايش السلمي مع جميع الطوائف والأديان، وتدعم تكامل الفرد المسلم في المجتمعات غير الإسلامية ومع الحداثة، وتدحض «بشكل نشط» التعاليم التي تدعو لحرب غير المسلمين بهدف نشر الإسلام. ومثّلت الدراسة على هذا الصنف من الإدخالات، برأيين، أولهما للمفتي عبدالعزيز آل الشيخ والثاني لسلمان العودة.
ثانيا: مواد محايدة، وهي بحسب الدراسة لا تخلو من المشاعر وتعطي مؤشرا عن وجود رغبة ملتزمة، وهي بشكل عام تتناول الشؤون اليومية والحاجات الطبيعية.
ثالثا: مواد محافظة، وهي تعرب عن وجهات نظر تعكس صلابة في التعامل مع التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتتخذ موقفا ممانعا ضد التكيف مع الحداثة، ولا تشجع الارتباط الثقافي مع الآخر وتتبنى تفسيرا متشددا للشريعة في شؤون الحياة اليومية.
رابعا: مواد راديكالية، وهي بحسب الدراسة تعكس وجهات النظر التي تزدري غير المسلمين، والمسلمين غير السلفيين كما تزدري الثقافات المغايرة بشكل عام، وترى إمكانية تجاهل القيم الإنسانية في التعامل مع «غير المؤمنين» كخداعهم وسرقتهم وغير ذلك.
خامسا: مواد نشطة (إيديولوجيًا)، تأخذ هذه المواد منحى العنف وتدعم وتشجع أعمال القتل ضد «غير المؤمنين»، لغرض نشر الإسلام، أو لصالح الأمة الإسلامية. .
موضوعات المواد

وظهر للدراسة أن المواد الأربعين ألفا تحدثت عن قضية أو أكثر، من سبع قضايا رئيسية هي:
القضايا الاقتصادية
وتعلقت الآراء والمناقشات فيها بالأسواق المالية، والأعمال المصرفية والقروض، والسياسات المالية الخارجية والمحلية. واستحوذت هذه القضايا على 4% من إجمالي المواد العربية المدروسة، و1% من المواد الإنجليزية.
القضايا الاجتماعية

وبحثت حقوق الإنسان وحقوق المرأة وتربية الطفل والجريمة والعقوبات، وركزت المناقشات خلال فترة الدراسة على موضوعات قيادة المرأة والعادات «الغربية» والعلاقات بين الجنسين.
الممارسة الدينية اليومية

وتتعلق بإقامة الطقوس وممارسة الشعائر، وقالت الدراسة إن معظم النقاشات والآراء تناولت عموميات متفق عليها مثل الكيفية الصحيحة للوضوء والصلاة، ولكن رصدت الدراسة في الفترة المحددة، اهتماما واسعا بقضية «عبادة القبور» وقالت إنها أدّت إلى ظهور وتداول آراء راديكالية. وبلغ نصيب قضايا ممارسة الشعائر من المحتوى العربي 47 % والإنجليزي 29 %.
السياسة الداخلية

وكان الاهتمام خلال فترة الدراسة يركز على مجريات «الربيع العربي» على المستوى المحلي و«الأسئلة المحيطة به»، ووردت إدخالات حول الإصلاح، وصفتها الدراسة بـ«الخجولة». وحققت قضايا السياسة الداخلية نسبة 8 % من المحتوى العربي و 9 % من الإنجليزي.
السياسة الدولية

وانصبّ اهتمام المداولات الدينية على موضوع «الربيع العربي» في المجتمعات التي أحدثت تغييرا، وقالت الدراسة إنها رصدت آراء رجال دين من الجانبين المعارض والمؤيد للربيع العربي، واستشهدت للمعارضين بوصف أحد رجال الدين للثورات بأنها «شرور لينينية ستالينية»، ومثّلت للمؤيدين بالرأي الذي يعتبر الثورات والتخلص من الديكتاتوريين، خطوة نحو «المجد الإسلامي وعودة الخلافة». ونالت نقاشات هذه الشؤون 12 % من المحتوى العربي و 8 % من الإنجليزي.
القضايا الطائفية

وكانت السمة الأبرز للإدخالات تحت هذا التصنيف تعاطيها «التكفير» ضد الآخر المسلم وغير المسلم، ولاحظت الدراسة شيوع الخطابات «المتطرفة» التي تركز على الانقسامات بين الشيعة والسنة، كما لاحظت ذيوع النهج «الشتائمي» في الخطاب ضد الشيعة وتكريس العداء لإيران. ونالت هذه القضايا 4 % من المضمون العربي و 13 % من الإنجليزي.
القضايا العسكرية والحربية

وشكلت 1 % من المحتوى العربي، مقابل 16 % من الإنجليزي.
أرقام من التفاصيل

في 30 % (ما يعادل 12 ألف مادة) من المواد الأربعين ألفا المفحوصة، ظهرت آراء الشيخ صالح الفوزان في 97.8 % من المواد الـ 12 ألفا، والشيخ عبدالعزيز بن باز في 94.5 %، والشيخ سلمان العودة في 69 %، وبقية المشايخ في القائمة، على النحو التالي: صالح اللحيدان (13 %)، سفر الحوالي (8 %)، سليمان العلوان (7.4 %)، عبدالعزيز آل الشيخ (4 %)، عبدالله بن جبرين (3.8 %)، محمد الهبدان (2.4 %).
وأما في الإدخالات الخاصة بموقع تويتر فقط، فإن نصيب المشايخ الخمسة الأوائل كان وفق التالي: الشيخ سلمان العودة ظهرت رؤاه في 93.7% من تغريدات تويتر المفحوصة. يليه الشيخ عبدالعزيز بن باز في 61.3 %، ثم الشيخ صالح الفوزان في 52 %، يليه الشيخ صالح اللحيدان في 8.5 %، ثم خامسا وأخيرا الشيخ سفر الحوالي في 2.6 %.
طبيعة الآراء الدينية

حددت الدارسة أربعة ميول فكرية حكمت الإدخالات الأربعين ألفا، وهي: الميل للتحديث، والميل للاعتدال، والميل لممانعة التغيير، والميل للتشدد. وفيما يلي نسبة وجود هذه الميول لكل قضية من القضايا السبع الرئيسية التي ناقشتها الإدخالات المدروسة:
في قضايا الممارسة الدينية اليومية للشعائر والتعاملات، كانت أكثرية الآراء في المحتوى العربي منقسمة بين كونها تميل للاعتدال أو تميل لممانعة التغيير مع زيادة طفيفة لصالح دعاة الاعتدال. في حين تظهر الآراء المتطرفة فيما ربع الإدخالات في هذه القضية، وأما الآراء التحديثية فتظهر في أقل من 5 %. وفي الإدخالات الإنجليزية لهذه القضايا، تحقق الآراء المعتدلة نسبة أقل من النصف بقليل، بينما تتقاسم التوجهات الثلاثة باقي الآراء بشكل متعادل بين التحديثيين وممانعي التغيير والمتطرفين.
في القضايا الاجتماعية، وتحوز الإدخالات ذات الآراء المتطرفة نسبة أقل من النصف قليلا، تليها الآراء الممانعة للتغيير في نحو ثلث الآراء، والباقي تقتسمه الآراء المعتدلة والتحديثية مع زيادة لصالح المعتدلة. وفي الإدخالات الإنجليزية لهذه القضايا، تتفوق الآراء التحديثية بنسبة تزيد عن 50 %، وتتقاسم باقي الاتجاهات النصف الآخر بزيادة واضحة للتوجه الممانع للتغيير يليه المتطرف ثم المعتدل.
وفي قضايا السياسة الدولية، تستحوذ الآراء الممانعة للتغيير على أكثر من نصف الإدخالات في هذا الموضوع، وتظهر الآراء المتطرفة في الباقي، مع مساحة قليلة للآراء المعتدلة وآخرى ضئيلة للآراء التحديثية. وفي المحتوى الإنجليزي تتفوق الآراء المتطرفة في هذه القضايا بنحو ثلثي الإدخالات، وتحوز الآراء التحديثية نصيب كبير من الثلث الباقي يليها الآراء المعتدلة ثم الآراء الممانعة للتغيير.
وفي القضايا الطائفية، تسيطر التوجهات المتشددة على نحو ثلثي الآراء في هذه القضايا، والثلث الباقي من نصيب الآراء الممانعة للتغيير مع نسبة أقل من التمثيل البياني للآراء المعتدلة وشبه انعدام للتحديثية. أما في المحتوى الإنجليزي فالآراء التحديثية أقل من النصف قليلا والباقي للآراء المتطرفة ثم الآراء الممانعة للتغير ثم المعتدلة على التوالي.
وفي قضايا السياسة الداخلية، للآراء الممانعة للتغيير نصيب الأسد بما يزيد عن نصف الإدخالات ومعظم الباقي للآراء المتطرفة مع وجود قليل من الآراء المعتدلة والأقل من الآراء التحديثية. وفي المحتوى الإنجليزي تتقاسم كل من الآراء المتطرفة والآراء التحديثية ثلاثة أرباع الإدخالات والربع الباقي تتقاسمه المعتدلة والممانعة للتغيير.
وفي الاقتصاد تأتي الآراء الدينية باتجاه ممانع للتغيير في أكثر من النصف والباقي بالتساوي للمتشددة والمعتدلة والتحديثية على التتالي. وفي المضمون الإنجليزي، تسود الآراء المعتدلة عند ثلاثة أرباع الآراء والربع الباقي للآراء المتطرفة، مع نسبة ضئيلة إلى حد عدم الظهور في التمثيل البياني للآراء التحديثية والممانعة للتغيير.
الآراء التحديثية

وفي الشأن العسكري، كان النصيب الأوفر للآراء الدينية التحديثية، بما يصل إلى ثلاثة أرباع الإدخالات، بينما الباقي من نصيب الآراء المتشددة، ولا مكان للآراء المعتدلة أو الممانعة للتغيير إلا بشكل ضئيل جدا لم يتمثّل بيانيا. أما في المحتوى الإنجليزي فالأمر على العكس حيث النصيب الأوفر للآراء المتطرفة بما يزيد عن ثلاثة أرباع الإدخالات والربع الباقي حصلت فيه الآراء التحديثية على نصيب كبير ثم نصيبين متساويين ضئيلين للآراء المعتدلة والممانعة للتغيير.