الأخبار المحلية

لا شيء ممنوعاً في جبل البرماوية

لو فكرت في رحلة مغامرة إلى جبل البرماوية، كما يطلق عليه في (كيلو 14)، عليك بالحذر. هذه نصيحة زميلي المصور عبدالسلام السلمي، حينما عرضت عليه فكرة التحقيق.. فقد زار المنطقة في اكثر من مهمة فخرج منها بدروس وعبر وقصص وحكايات.. وكان ان اخذت تحذيرات السلمي محمل الجد.. ثم توغلت بصحبته الى الجبل.. (جبل البرماوية).

أولى المشاهدات التي يمكن أن ترصدها في الجولة أطفال تتدفق بهم الشوارع العشوائية، فإذا كنت تقود السيارة بأي شكل من أشكال السرعة، فإنك وبكل تأكيد ستحصد العديد من الأرواح دون تعمد أو قصد. مع الحذر والانتباه واليقظة المفرطة توقفت امام طفل يفترض ان يكون في هذا الوقت داخل فصله المدرسي، فسألته: لم لم تذهب الى مدرستك اليوم؟ فأجاب قبل ان يطلق ساقيه للريح.. انا ادرس في المسجد. توارى الصغير خلف كلماته ثم اختفى بين الأزقة لكن آخر خرج من الزقاق ذاته وأجاب على السؤال «ما في اقامة».. أي ان عدم حصوله على هوية منعه من الدراسة.
ذباب يعانق الأسماك
توغلنا اكثر الى بطن الجبل، مع الحرص على التخلص من الزي السعودي، ووزعنا الأدوار، زميلي المصور في موقع وأنا غير بعيد عنه فاقتربنا من السوق الرئيسي، حيث الفوضى التي تعم المكان، وتختفي الرقابة على المواد والسلع المعروضة للبيع، أسماك تعانق الذباب، وخضراوات تلفحها أشعة الشمس والغبار. ما يميز المنتجات المباعة هنا هو رخص اسعارها مقارنة بمثيلاتها في احياء وضواحي جدة. سألت البائع عن كيلو السمك فقال 18 ريالا، فحاولت مساومة البائع في السعر فحسم المساومة بصوت حاد: انت لا ترغب في الشراء فكيلو السمك في المواقع الاخرى يزيد على 28 ريالا. وعندما سألناه عن تردي النظافة وانتشار الذباب بلغت به الحدة الى محاولة طردنا من الموقع.
البحث عن مواطن
البحث عن مواطن في جبل البرماوية ليس بالأمر اليسير إذ إن اغلب السكان من الوافدين.. وعثرنا على ابراهيم الاحمري فقال بعدما اشترط عدم التقاط صورة له:
لا يمكن بأي حال من الأحوال التجول في المكان ليلا، حيث العراك الدامي والمضاربات، الموقع خطير ومحفوف بباعة الممنوعات والمخدرات، هذه المنطقة هي المورد الرئيسي للممنوعات إلى جدة واحيائها».
ويشير الأحمري الى أن المسجد الذي تجرى صيانة له، يدرس فيه طلاب البرماوية وهناك مدرسة غير نظامية تمارس عملها في الخفاء.. وفي هذا المكان تتم الزيجات دون اوراق ودون صك، في صورة أشبه بالزيجات السرية.
ويستطرد إبراهيم الأحمري ويقول ان الجبل أصبح وكرا لأي شيء لا يخطر على بال، الأزقة الضيقة يحدث فيها كل شيء لا يمكن تخيله، لا شيء ممنوعا هنا، الفوضى سيدة المكان، هناك من يثيرون الذعر، ومن يزاولون أنشطة مريبة بعيدا عن القانون، يسكنون الأزقة المتلاصقة ويظهرون في عتمة الليل كالأشباح، لا أحد يستطيع الوقوف امامهم، يبيعون الخمور والمخدرات والمواد الفاسدة والألعاب النارية، ويستخدمون براءة الأطفال للترويج لأعمالهم وانحرافاتهم، هنا كل شيء رخيص.