العمل على دراسة حالات «البويات»
كشف استشاري الطب النفسي في كلية الطب بجامعة الملك سعود، البروفيسورعبدالله بن سلطان السبيعي، العديد من من خبايا ومزايا الطب النفسي، وأهميته في مجال الصحة النفسية، وعلاجها لدى أفراد المجتمع كافة، ووفقا لصحيفة الشرق التي زارته في القسم النفسي وعيادات الصحة النفسية، لمستشفى الملك خالد التخصصي في الرياض، فقد أطلع الصحيفة على حقائق الشذوذ الجنسي، الذي بات خطراً على الجنسين في مجتمعنا، متحدثاً أيضاً عن دراسة حديثة لظاهرة «البويات»، جارٍ العمل عليها لتشخيص واقعها، كما كشف لنا عن حقيقة غسيل الدماغ والتنويم المغناطيسي واستعمالاته المتعددة، إضافة إلى إطلاعه لنا عن معلومات لكرسي أبحاث وتطبيقات الصحة النفسية، الذي يشرف عليه، ومشروعه الذي سيداهم قريباً كل بيت لكشف ومعرفة عدد وأنواع الأمراض النفسية المخبأة خلف الجدران، وتطرق السبيعي إلى العديد من الموضوعات النفسية في ثنايا الأسطر التالية:
نود منك أن تعرفنا بماهية الطب النفسي، وأدواره المهمة التي قد تكون غائبة عن أذهان الكثير منا؟
الطب النفسي تخصص يتقاطع ويتداخل مع كل التخصصات الطبية، وغير الطبية، لذلك توجد لدينا علاقة وثيقة جدا بكل التخصصات الطبية الأخرى، سواء كانت باطنية، أو جلدية، أو جراحة، أو نساء، أو أطفال، أو أعصاب إلى آخره، ولنا علاقة أيضاً بكثير من التخصصات غير الطبية، وعلى سبيل المثال لنقل من النواحي الشرعية.. من قضايا سقوط التكليف عن المريض متى تسقط أو لا تسقط؟ وقضايا المسؤولية الجنائية وقضايا الوساوس، التي قد يتعرض لها الشخص في صلاته أو في الطلاق، وغيرها من الأمور. وأيضاً من نواحي الحياة المختلفة من الضغوط الحياتية سواء كانت دراسة أو عمل أو ضغوط مادية أو خلافات عائلية، فالاقتصاد يمكن أن يؤثر على الحالة النفسية إضافة إلى الحالة الاجتماعية التي يمكن أن تؤثر أيضاً على الحالة النفسية، وطبيعة وظيفة الفرد التي قد تؤثر على الحالة النفسية.
نسمع كثيراً أن المشكلات النفسية من أسباب السمنة، ما صحة ذلك؟
نعم هذا صحيح، وزملاؤنا في كرسي السمنة كانوا يبحثون عن شخص متخصص في الأمور النفسية، كما أنهم يدركون أن العامل النفسي مهم جداً لحدوث المشكلة ومهم أيضاً إذا أردنا أن نتخلص من مشكلة السمنة.
فكثير من أصحاب السمنة يفضلون تفريغ أعبائهم النفسية في الاتجاه بالإفراط في الأكل، ويجدون فيها الهروب من هذه المضايقات، وبطبيعة الحال تؤدي إلى السمنة المفرطة.
هل لك أن تعطينا نبذة عن كرسي أبحاث وتطبيقات الصحة النفسية الذي تشرفون عليه؟
كرسي البحث في الحقيقة أسميناه كرسي أبحاث وتطبيقات الصحة النفسية، هو كرسي يعنى بالنواحي البحثية، ويعنى أيضاً بتطبيقات الطب النفسي والصحة النفسية. وأسميناه الصحة النفسية لأننا نريد أن نبتعد عن المرض بمسماه الطبيعي أو العضوي لأننا نهدف إلى الارتقاء بالنفس البشرية.
فمجال الصحة النفسية يمكن أن يعمل فيه الطبيب النفسي والاختصاصي النفسي، وخريجو قسم علم النفس والاختصاصي الاجتماعي خريج التربية الاجتماعية، ولذلك كان يسمى الصحة النفسية، كما اقترحت شخصياً ليكون أشمل لمجال الزملاء من التخصصات الأخرى ومشاركتنا في البحث والعمل.
ودواعي إنشائه لافتقاد مجال الصحة النفسية لدينا، للبحوث العلمية الرصينة، ولذلك فإن الكرسي يأمل أن يؤسس -بحول الله- مشروعا بحثيا يخدم التخصص ويخدم أبناء هذا الوطن.
ما دور الكرسي ومدى فاعليته المتوقعة للمجتمع؟
الكرسي لا يزال في بداياته، وأي مشروع مثل مشروعات الكراسي البحثية تحتاج لوقت طويل للعمل عليها، لكن خطة عمل الكرسي بدأت بإراداتنا لعمل شيء يفيد على المدى القصير، وهدفنا أن نؤسس لمشروعات قيّمة ومستدامة، وما قمنا بعمله حالياً، لقي استحسان كثير من الناس المهتمين بالتخصص ووجد زخما إعلاميا كبيرا. حيث قمنا في الفترة الماضية، بإعطاء دورات تدريبية قصيرة لأصحاب التخصص في العلاج المعرفي والجماعي، ودورات خاصة للأطباء، وعدد من الدورات المميزة لطلاب علم النفس والطب النفسي والاجتماعي، كما أن بعض الدورات قد حضرها المعلمون من المهتمين بشؤون المراهقة، ومشكلات الطلاب وهذه كانت على المدى القصير، كما أننا نؤسس من خلالها صناعة قاعدة بيانات نعمل عليها حالياً، وقد وصلنا إلى الجزء الأخير بإنشاء برامج تدريبية تمنح شهادات علمية، من الممكن أن تفيد المنتسب إلى هذه الدورات بشكل فعال، حتى على مستوى الترقية على السلم الوظيفي الذي يخص الموظفين.
ما أغرب حالة مرض نفسي وصلت إليكم في العيادات النفسية؟
الحالات الغريبة كثيرة لا تعد ولا تحصى، لكن على سبيل المثال كانت آخر حالة متمثلة في رجل في الأربعين من عمره، ويظهر على هيئته الالتزام الديني، وترك الصلاة والحديث تماماً لمدة سبعة أشهر، وكان السبب خلف ذلك معاناة شخصية كان قد واجهها في حياته، وقد ذهب إلى أحد القراء، وأوهمه بأن داخله جنِّيا ممسكاً بحلقه، يمنعه من الصلاة ومن العبادة كافة، وبقي على هذه الحالة حتى دخل للمستشفى لدنيا، ولمدة خمسة أيام، وتمت ملاحظة حالته واعتمدنا له العلاج، وفي الأيام السابقة كان يتحدث لنا وابتدأ بالصلاة، ورجع إلى حالته الطبيعية وسوف يخرج قريباً من المستشفى -بإذن الله-.
هل هناك أشخاص يحالون لكم كانوا قد ادعوا النبوة؟
في الحقيقة، إنها حالة ليست بغريبة علينا ممن يدعون النبوة، وكذلك من يدعون أنهم رجال عظماء، ومشاهير أو من لديه قدرات خارقة، هذه قد تبدو غريبة على بعض الناس، ولكنها طبيعية علينا نحن الأطباء النفسيين، فمثل هؤلاء نستقبلهم شهرياً وبالعشرات.
ما الطريقة التي تستخدمونها في علاج مثل هذه الحالات؟
في الأغلب يصبح المريض غير قابل للإقناع المنطقي، وهذه حالات تعتبر لديها انفصال عن الواقع، ولذلك يصبح التركيز فيها من خلال العلاج الدوائي، ووجدنا أن نتائجها مبهرة للغاية، وأغلب مثل هذه الحالات لا تحتاج للبقاء في المشفى أكثر من أسبوعين، حيث يحصلون على الاستجابة التامة ويرجعون إلى الوضع الطبيعي.
ما رأيكم تجاه علم الطاقة وقانون الجذب؟
ليس لدي الخبرة التامة بهذا المجال، لكني لا أعرف علم اسمه علم الطاقة إلا العلوم التابعة لكلية الهندسة من الطاقة الكهربائية وغيرها، لكن الطاقة وما يحصل فيها من قانون الجذب، هي ليست إلا نظريات، وعلى حد علمي في الجوانب النفسية ليس لها أساس علمي ثابت، وربما يكون هناك طاقة وقانون جذب، وغيرها من بعض الكتابات، لكنها كتابات لا ترقى للمستوى العلمي الذي يعتمد ويؤخذ به، مع احترامي لكل العاملين بهذا المجال.
نلاحظ أن كثيراً ممن يرتادون دراسة مجال علم النفس وعلاجه يتأثرون سلباً بما يتعلمون.. ما صحة هذه المقولة؟
شخصياً أعرف رجلا من غير مرتادي علم النفس، عاقلا جداً ووقورا ومتميزا بتخصصه، ولديه عادة المشي والتحدث مع نفسه، وهذه مجرد عادة لديه عند تحركه، ولا تعني في الحقيقة وجود حالة مرضية نفسية، ما تحدثت عنه يسمى «وصمة الطب النفسي» أو وصمة المرض النفسي، وهذا الوصف بالحقيقة بقدر ما أساء للمريض النفسي، إلا أنها طالت أيضاً الطبيب والاختصاصي النفسي، فأصبح كثيراً من الأحيان يشار لهم بتأثرهم بمرضاهم وتأثرهم بتخصصهم، هم بشر مثلهم مثل بقية الناس، ربما يمرضون عضوياً أو نفسياً، ولكن هذه النظرة هي نظرة فلكلورية، حتى الإعلام ساعد فيها، فعندما يأتي الإعلام الذي يبحث عن الجاذبية والإثارة فيظهر الطبيب النفسي بمظهر الإنسان الأهوج، وصاحب الشكل غير اللائق، ودائماً ما يقولون إن الطبيب النفسي دائما ما يفقد عقله، ولكن النظرة ليست بصحيحة، ونلاحظ من خلال هذه النظرة السلبية، أنها أثرت على أهالي الطلاب الراغبين بالانضمام للدخول في تخصص علم النفس خوفاً عليهم، لكن مع ذلك وفي السنوات الأخيرة، أؤكد بأن المتقدمين إلى مجال الطب النفسي هم نخبة خريجي الجامعة، وهؤلاء النخبة أصبحوا قادة في هذا المجال.
ما رأيك الشخصي عن الجيل الحالي من كلا الجنسين؟
لكل زمان رجاله، فالذين يقولون إن جيل الأجداد أفضل من جيل الآباء، وجيل الآباء أفضل من جيل الأبناء، هذه المقولة دائماً نسمعها، ولكنها في الحقيقة ليست بصحيحة، بدليل أن وضع المملكة، في وضعها الحاضر في وضع صناعة جيل كان يقول عنه الآباء والأجداد إنه جيل «تعبان»، وفاسد وجيل هزيل، ولا يصلح بأن يتحمل أي مسؤولية، وهم الآن من صنع لمملكتنا مجدها، وأنا أراهن أن المملكة سوف تكون أفضل في المستقبل على يد هؤلاء الأبناء والبنات، الذين يقال عن بعضهم إنهم جيل لا يتحمل المسؤولية، وأنهم جيل هش البناء.
نلاحظ كثرة الانحرافات الأخلاقية من الشذوذ الجنسي بين كلا الجنسين.. ما مبرراتها النفسية وما سبل التخلص منها؟
انتشرت في الآونة الأخيرة هذه الظواهر، مثل ظواهر الشذوذ الجنسي وظواهر أخرى مثل الـ «EMO» وهي نتاج أمرين، الانفتاح الإعلامي الرهيب، فالإنترنت ساحة مفتوحة فيها الغث والسمين والقنوات الفضائية المفتوحة، والتقليد الذي أصبح سمة من سمات الشباب المراهق، ولذا تظهر ظواهر التفحيط، والكتابة على الجدران لكن هذه القضايا أصبحت غير مثيرة لذلك اتجهوا لظواهر جديدة مثل الـ «EMO» وعشق الفتيات المثليات الـ «lesbians»، وغيرها من الظواهر التي قد تكون نتائجها كارثية، وتؤدي إلى أمراض معدية وخطيرة، وهذا يستدعي مواجهة هذه المشكلات والاعتراف بها، والعمل على علاجها ودراسة حالاتها، ولدنيا حاليا دراسة لظاهرة «البويات»، ومشار لها في موقع الكرسي البحثي، والدراسة هي في بداية إعدادها، وفي تقديري سوف تكون دراسة من أوائل الدراسات العلمية، وسوف تحيط جميع جوانب الموضوع، ستوجه إلى مجتمع البنات على وجه العموم، وإلى مجتمع البنات «البويات» بوجه الخصوص، وقد يدور في ذهن الجميع لماذا الإناث، دون الذكور، وأقول هنا،إن من خلال استطلاعات للرأي التي عملنا عليها، وجدنا أن ظاهرة الانحرافات الجنسية كانت من نصيب الإناث أكثر من الذكور، مع أن الشذوذ الجنسي بدأ لدى الذكور قبل البنات بسنوات عديدة، وبقي على حالته دون ازدياد ملحوظ، إلا أنه بالنسبة للبنات فقد ازداد بأرقام فلكية خلال السنوات الأخيرة وبعضهن قد لا يكن منحرفات جنسياً ولكن فقط لحب التقليد والظهور.
ما حقيقة التنويم المغناطيسي وغسيل الأدمغة؟ وهل هي مستعملة لديكم؟
التنويم المغناطيسي موجود بالفعل، وليس له علاقة بالمغناطيس، وإنما هو المقصود فيه التنويم الإيحائي، وهو نزول المريض إلى حالة من نقصان الوعي والإدراك، بحيث يكون قادرا على أن يتحدث بأمور غير قابلة للحديث عنها، في وضعه الطبيعي، أو ربما يسترجع بعض الأمور التي قد تغيب عنه ولا يستطيع استرجاعها في وضعه الطبيعي. لكن قضية غسيل الأدمغة ليست لها تطبيقات في المجال الصحي لكن لا أنكر ولا أثبت وجودها في بعض الأماكن