الأخبار المحلية

قيادة المرأة لـ «الدباب» بين أحقية الترفية ونظرات الاستهجان

تشكل المناطق الصحراوية «البر» الوجهة الأولى لترفيه العائلات والشباب اللذين يحبذون ممارسة هواية «التطعيس» المتسمة عادة بالخطورة، عن طريق قيامهم بعدة حركات، من ترفيع أو اعتلاء لظهر السيارة، ولا يقتصر الأمر على الشباب فحسب، فلا تمتنع الفتيات عن تجربة قيادة الدبابات هناك، إلا أنهن يصطدمن بنظرات الاستغراب والاستهجان من الشباب الموجودين في المكان ذاته.

المصادر فتحت باب النقاش مع مختصين فصلوا دواعي قيام الفتيات بتقليد الشباب في هذا الشأن. فلم يعترض البروفيسور أستاذ علم الاجتماع سليمان العقيل، على قيام الفتيات بهذا النوع من الترفيه، وقال العقيل «نظرة الرجل للمرأة باستهجان أثناء الترفيه ناتج عن خلل في شخصيته، فنحن بشر نتعامل مع الاشياء كما هي والترفيه عن النفس من حق الجنسين، فيظن البعض أن ليس من حق المرأة ذلك، علما أن الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) كان يتسابق مع عائشة (رضي الله عنها)، ويجب أن لا نكون معقدين». وأضاف «لا أجد ممناعة للأمر مادامت الفتاة تحت نظر ذويها في تقديري، تمارس ماتُرفّه به عن نفسها أمام أعينهم، في إطار ليس بخادش للحياء ولا بخارج عن الدين، كما ليس من الجيد أن يقود المجتمع بعض العقليات المتخلفة، فنحن أمة متوازنة وفي مجتمع ولله الحمد ملتزم بأمور دينه وأعرافه وتقاليده، ويجب أن نراعي المرحلة العمرية التي يمر بها الشباب، حيث يحتاجون فيها إلى إثبات ذاتهم أمام الناس بأي وسيلة، فمن واجب المجتمع أن يكون قريباً منهم، بإتاحة الأدوات التي تشبع مرحلتهم العمرية، بما يتوافق مع ديننا أولاً ومن ثم طبيعة وعادات مجتمعنا وخصوصيته».

و شدد الشيخ عبدالله بن محمد العسكر»ماجستير دراسات إسلامية ومحاضر لمادة الثقافة الإسلامية بجامعة الملك سعود على أهمية إيجاد برامج ترفيهية متنوعة ومتعددة تستوعب قدرات الجنسين، بحيث لا تقتصر على الشباب وحسب، بل وتخص الفتيات أيضا، وتتوافق مع الأعراف و خصوصية الدين الإسلامي، وقال «علينا أن نتعامل مع الفتاة كالشاب من ناحية المواهب والمهارات، ضمن الحدود التي يسمح فيها الدين والمجتمع والدولة، وعند تحقيق هذه الشروط فلا مانع من أن تمارس الفتاة ما ترفه به عن نفسها سواء من خلال قيادة الـ «دبّاب» أو غيره».
وأضاف العسكر»للإعلام أثر كبير في إخراج أنموذج القدوة للفتيات والشباب، فإذا كان الإعلام هادفا وموجها لما يخدم تقاليد الأمة ودينها وأعرافها، فسيفرز نماذج جيدة من خلال البرامج الراقية التي تنهض بالأمة، أما إذا ضخ إعلامنا الـ «تقليعات» وعرض نماذج سيئة بأساليب مغرية، فلا شك أن لها أثرا سلبيا عليهم، خاصة أنهم بحاجة إلى توجيه مستمر».
وأشار العسكر إلى الأسباب المهمة التي تدعو الشباب إلى ممارسة هواية التفحيط، من أهمها الفراغ، حيث يمارس الشاب مايخطر في باله، في ظل غياب البرامج الترفيهية ذات الأنماط المفيدة المدعومة من قبل الدولة والإعلام، التي تعود بالفائدة على سلوك الشباب. مؤكدا على أهمية تظافر الجهود التوعوية، سواء من الجهات المختصة أو المدرسة والأسرة أوحتى خطباء المساجد، من خلال توجيه النصح والإرشاد بطريقة محببة يتقبلها المراهق، للحد من مثل هذه الظواهر.

ويقول أستاذ علم النفس الإكلينيكي الدكتور عبدالله الحريري في هذا الخصوص «يتخلى أفراد المجتمع في سبيل الترفيه، عن الأمور المعقدة التي فرضتها التقاليد، ومسألة قيادة المرأة لـ «الدبّاب» هي نوع من تحقيق الذات، وبين «لا ننسى أن الفتاة تمارس هذا السلوك بعلم أهلها، إلى جانب تقبل المجتمع، أما عن الشباب فهي أيضاً محاولة لإثبات الذات، في صور مختلفة ومتنوعة مع علمهم بخطورتها، رغبة في إثارة انتباه المجتمع». ويرى الحريري أن الحل يكمن في تقنين الأمور، عن طريق إيجاد أماكن يمارس الشباب فيها هواياتهم بشكل منظم، فكلا الجنسين يمر بمرحلة المراهقة، التي تتميز بالتحدي وعدم تقبل النصح والتوجيهات، مشيرا إلى أنها فترة مؤقتة وليست مستمرة .