مائة امرأة في فندق بالرياض خلال شهرين وموظفو الاستقبال للمشبوهات: لا توجد غرف شاغرة!
على الرغم من صدور قرار وزارة التجارة والصناعة قبل ما يقارب خمس سنوات بالسماح للنساء بالسكن دون محرم في فنادق السعودية شريطة حملها بطاقة هوية وذلك إثر دراسة قامت بها عدة جهات منها وزارة الداخلية والهيئة العليا للسياحة والرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالإضافة إلى وزارة التجارة، إلا أن جولات للمصادر في أقسام الحجوزات في بعض الفنادق كشفت عن جهل عدد من موظفي الحجوزات بالقرار، فيما كشف بعض الموظفين عن لجوئهم إلى حِيل لعدم إسكان الفتيات صغيرات السّن ممّن يُشتبه في طلبهن للإقامة في الفندق مثل تحديد عمر المرأة وطلب ضمانات مالية وغيرها.
تجاوزات الصغيرات
ذكر بعض مديري الفنادق في جدة عن تجاوزات تقوم بها بعض النساء خصوصا صغيرات السن من استغلال التعاطف معهن كونهن نساء، ليغادرن الفندق دون أن يدفعن الحساب، ويكتشف فيما بعد أن البطاقة ليست لهن، أو أن يقمن بتسكين شباب من غير محارمهن، مما يدعوا البعض لوضع اشتراطات اضافية لتسكين النساء، كتحديد العمر أو طلب ضمانات مالية، فإذا أتت امرأة كبيرة مع أطفالها يتم تسكينها ما أمكن، أما إن أتت شابة في مقتبل العمر تطلب غرفة ويبدو عليها أنها قد تقوم بأعمال غير أخلاقية فيخبرها العاملون في الفندق أنه لا توجد غرف شاغرة.
نسبة النساء 2%
وأكد مديرو فنادق في جدة، أن نسبة النساء لا تتجاوز 2% من عدد النزلاء طوال العام، مما يتنافى مع فرضية أن القرار أدى لتنشيط السياحة، خصوصاً وأن الغالبية العظمى منهن يأتين لحضور مناسبات إما عائلية أوعلمية ويغادن فوراً فلا يمكثن إلا وقتا قصيرا، فيما تقوم عدد من النساء بالحجز بأسمائهن بالهاتف قبل يوم أو اثنين من وصولهن ويقوم بعدها محارمهن بتكملة الإجرءات بأسمائهم بحسب ما ذكر عدد من العاملين في الحجوزات لـ«الشرق»، كما رصدت المضادر مخالفة أخرى يقوم بها القائمون على الحجوزات وهي تصوير بطاقات الأحوال في الوقت الذي أصدرت الهيئة العامة للسياحة والآثار قراراً يمنع موظفي الحجوزات بفعل ذلك.
الشرطة: تطبيق سليم
فيما ذكر المتحدث الرسمي في شرطة جدة الملازم نواف البوق أن القرار الذي صدر قبل أكثر من خمس سنوات جاء لصالح المرأة، وتسهيلاً لأمورها، باعتبارها اليوم طبيبة وعالمة وسيدة أعمال، ولها كامل الحق والحرية في التنقل من مدينة لمدينة بكل يسر مما يترتب علية توفير الطيران ووسائل التنقل وغيرها، وكذلك المسكن أثناء مكوثها في مدينة غير المدينة التي تعيش فيها لحضور دورة علمية أو مؤتمر علمي أو حضور زفاف إحدى قريباتها، مؤكدا أن الشرطة لم تسجل أية حالات سلبية لهذا القرار منذ بداية تنفيذه، وأن ما يشاع حول سلبيات هذا القرار هي حالات فردية نتيجة سوء تنظيم أو إدارة من بعض مسؤولي الفنادق. وحول ما رصدته المصادر من عدم معرفة بعض موظفي الفنادق والشقق المفروشة بالقرار، قال البوق «لا مبرر لهذا الجهل فالقرار معروف وتم تعميمه منذ فترة طويلة من قبل وزارة التجارة وهيئة السياحة والآثار».
اختصاصات الداخلية
وأكد المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة مكة المكرمة محمد العمري أن الهيئة تتبع توجيهات وزارة الداخلية في هذا الخصوص، وأضاف «بالنسبة لنا كهيئة لا نملك أن نضيف إلى هذا القرار شيئا»، مؤكداً أن التعديل على القرار من اختصاصات الداخلية، وأن القرار واضح وصريح ولا تملك الهيئة إلا تنظيم عملية الإسكان وتطبيق النظام، ونفى أن تكون هناك أية إشكاليات بخصوص إسكان المرأة، وفي حال وجدت أية إشكاليات تواجه المرأة فعليها التوجه لأقرب قسم شرطة.
خمس نساء في الشهر
وفي المنطقة الشرقية يبين مدير أحد الفنادق محمد سعيد علي أن القرار ساهم ـ إلى حد كبير ـ في حل مشكلة كثير من النساء اللائي يأتين من المناطق الأخرى والدول المجاورة، ولا يجدن مكانا يستقبلهن بحجة عدم وجود محرم معهن، وكن يتساءلن: أين نسكن؟ هل ننام في الشارع؟ وبعد صدور القرار حُلت المعضلة التي كانت تواجههم. وأوضح أنهم يستقبلون خمس حالات في الشهر الواحد، لافتا إلى أنه لا توجد أية تعليمات تخص تحديد العمر، إلا أن غالبية النساء اللاتي يأتين بمفردهن فوق سن ثلاثين عاما ومتزوجات وغالبيتهن مرتبطات بمواعيد في المستشفيات أو لحضور مناسبات عامة. وأشار إلى أن البطاقة الشخصية تكفي لإجراءات الحجز.
تقييم الموظف
وأوضح موظف استقبال أجنحة فندقية سامح محمد أنه يسمح للمرأة بالسكن في الفندق على حسب الحالة والتقييم من موظف الاستقبال، حرصاً لتجنب المشكلات، وفي حال كان التقييم أو النظرة سلبية يعتذر الموظف عن عدم وجود غرف شاغرة في الوقت الحالي، وبين أن عدد المستفيدات من القرار قليل جدا ولا يتعدى ثلاث نزيلات في الشهر، مؤكدا أن غالبية اللواتي يحجزن في الفندق من الدول المجاورة هن موظفات يتم إرسال خطاب للفندق من جهة العمل مسبقاً تجنباً لحدوث أي إحراج، مؤكدا أن البطاقة الشخصية كافية في كل الأحوال.
الموظفات المستفيدات
ويشير مدير الاستقبال في شقق فندقية مروان زامل أن عدد النساء لا يتجاوز 1% في أحسن الحالات وأكثر الحالات تكون مرتبطة بعمل ما في المنطقة مثل حضور فعالية تقام أو دورات تدريبية، وبين أنه لم يصلهم أي تعديل أو إضافات جديدة على القرار من هيئة السياحة، وأشار إلى أن الموظفات هن أكثر المستفيدات من القرار الذي لم يحدد سنا معينا للسكن، ويقول إن نظام الفندق يشترط توفر البطاقة العائلية إن كانت من دون محرم.
أجنحة للسيدات
في الجانب الآخر تبين فاطمة محمد أنها تضطر كثيرا للسفر من المنطقة الشرقية للرياض لمراجعة إحدى المستشفيات هناك، ولا يوجد لديها مرافق وأبوها موظف، ففي السابق كانت تضطر إلى الحصول على تعريف من الشرطة، أما الآن فأصبحت الأمور أسهل وأصبح هناك وعي وتقبل لدى المجتمع بعد تنفيذ القرار، وتتمنى فاطمة أن يواكب هذا القرار قرار آخر يُسمح خلاله للنساء بالعمل في الفنادق أسوة بالمستشفيات حيث يعملن دون حرج في الاستقبال أو بعض الأقسام الملائمة لهن وأن يشمل القرار الشقق، وتطالب زميلتها أم عبدالله بأن تكون هناك أقسام خاصة أو أجنحة مخصصة للسيدات، وأن ذلك يساعد كما تقول على قبول أهل الفتاة المضطرة للسفر المبيت في الفندق، وتشير إلى أن كثيرا من صديقاتها اللاتي يعملن في سلك التعليم استفدن من القرار وأصبحن يتنقلن لحضور بعض الدورات التدريبية التي تقام في المناطق الأخرى.
مناسبات علمية
وتقول أم خالد إنها استفادت كثيرا من القرار، حيث كانت مضطرة لحضور بعض الجلسات في المحكمة بسبب رفعها قضية نفقة على زوجها السابق، وفي الوقت نفسه لا يوجد من يرافقها، مؤكدة أنها لا تحتاج إلا ليوم واحد فقط على أن تعود في صباح اليوم التالي للشرقية. ولا تختلف فرحة إيمان التي تعمل في المجال الإعلامي عن بقية زميلاتها وتقول إن القرار ساعدها في اختيار الأماكن التي تسكنها وتذهب إليها مع مجموعة من زميلات المهنة للمشاركة في مؤتمرات ومناسبات عملية، كما أنها حجزت غرفة لصديقتها الآتية من إحدى الدول المجاورة التي جاءت لزيارتها، وتؤكد أن هناك من يتقبل ذلك وينفذ القرار وهناك من يمتنع عن تطبيق القرار بكلمة «لا توجد غرفة شاغرة في الوقت الحالي»، مشيرة إلى أن الوضع العام في المجتمع بدأ في تقبل الأمر كثيراً.
منسوبات التعليم
وفي الرياض أكد المدير العام لأحد الفنادق في حي الناصرية أحمد الجهني أن عدد النساء اللاتي سكنّ لديه في الفندق خلال الشهرين الماضيين يفوق مائة امرأة وتشكل السعوديات نسبة 25 % غالبيتهن من منسوبات وزارة التربية والتعليم من المعلمات والمشرفات التربويات بالإضافة إلى الطبيبات وبعض الممثلات السعوديات عدا عدد من موظفات بعض الشركات والوزارات.
إنعاش السياحة
وأشار إلى أن أعمار النزيلات لا تقل عن 25 عاماً، وحول أثر هذا القرار على إنعاش السياحة الداخلية قال إن قرار السماح للمرأة بالسكن في الفنادق بالهوية الوطنية ساهم في إنعاش السياحة بشكل ملحوظ فالنساء الآن يأتين برفقة أطفالهن من مدن أخرى بهدف السياحة في الرياض، نافيا أن تكون هناك مشكلات حدثت بسبب وجود النساء في الفنادق مؤكدا أن النساء بشكل عام لا يتسببن في إحداث أية مشكلات سواء كن بمفردهن أم برفقة أزواجهن باستثناء بعض المشكلات الطفيفة التي يتعرضن لها بسبب عدم توفير خدمة المواصلات لهن، إذ إن 60 % من الفنادق لا تحرص على ذلك مما يشكل عبءا على المرأة، مقترحا أن تحل المسألة عبر شركات تأجير السيارات وتكون معتمدة بشروط الهيئة العامة للسياحة والأثار، وأضاف لابد أيضاً من توفير طبيب للحالات الطارئة .
لا توجد إحصائيات
وبين المدير التنفيذي لهيئة السياحة والآثار في المنطقة الشرقية عبداللطيف البنيان أنه لا توجد إحصائيات رسمية بعدد النساء اللائي شغلن الفنادق، لأن ذلك ليس من اختصاص الهيئة مباشرة، وأن الاهتمام ينصب على معرفة عدد الزوار بشكل عام من عوائل وشباب ونساء، وأشار إلى أن القرار صدر بعد دراسات عديدة ولظروف خاصة، مثل أن تكون هناك مجموعة من المدرسات في حفر الباطن ويعملن في الدمام، وقد أصبح بإمكانهن استئجار فندق مع زميلاتهن بكل سهولة ويسر.
تأثير ملموس
وأكد رئيس اللجنة السياحية في غرفة الشرقية عبدالله القحطاني أن تأثير القرار على السياحة يعتبر غير ملموس، وذلك بحكم العادات والتقاليد، التي تحكم تنقل المرأة من دون محرم، وعن تقبل المجتمع للقرار بعد خمس سنوات بين أن أي قرار في بداية صدوره يتم رفضه من قبل بعض أطراف المجتمع للتخوف من تبعاته، ومع مرور الوقت يتكون وعي لدى المجتمع بأن القرار اتخذ لصالحه.
فندق نسائي
ويشير مصدر في هيئة السياحة والآثار في الرياض أن القرار لم يكن له أي تأثير ملموس على السياحة، لأن القرار صدر لمراعاة ظروف معينة لدى النساء، وأوضح أن هناك من قام بافتتاح فندق نسائي 100% في الرياض، وهناك مؤشرات على فتح فروع أخرى في جدة وغيرها من المدن. وبخصوص إمكانية تخصيص أجنحة خاصة للنساء أو عمل النساء في الاستقبال، بيّن إذا لم يتعارض ذلك مع الاشتراطات التأسيسية للفندق فلا مانع مبيناً أن أي أمر لم يصدر قرار بمنعه فهو متاح، وقال: في السابق كان يطلب من المرأة ورقة من الشرطة للمبيت في الفندق أما الآن فجميع الفنادق مرتبطة بنظام شموس ولا داعي للحصول على تلك الورقة، وأكد أن القرار مخصص فقط للفنادق ذات الخمس النجوم، مبينا أنه لا داعي في الوقت الحالي لأن يشمل الشقق المفروشة.
181 مليون ليلة
ويبين التقرير الذي أعده مركز المعلومات والأبحاث السياحية «ماس» التابع للهيئة العامة للسياحة والآثار خلال الفترة من (2010-2004م) أن عدد الرحلات الوافدة إلى المملكة 13 مليون رحلة منها 10.8 مليون رحلة سياحية و2.2 مليون رحلة لزوار اليوم الواحد، وبلغ عدد الليالي التي قضاها السياح الوافدون في المملكة 181 مليون ليلة، ولم يشر التقرير إلى عدد النساء اللائي قمن بشغل الفنادق بمفردهن.
ذكر مدير فندق آخر في الرياض نايف القحطاني أن نسبة السعوديات اللاتي يسكن الفنادق لا تزال قليلة لم تتجاوز 5 % خلال الأربع سنوات الماضية، مؤكدا أن الحجز للنساء يتم بشكل مسبق لهن، فهو أساساً لمن تأتي من خارج الرياض، حيث يدقق الحجز على هذا الأساس، وعن أسباب ذلك قال: الأمر عادي وإجرائي المقصود منه التأكد من هوية المرأة والسن، فالآتية من خارج الرياض عادة تكون قادمة للعمل، نافيا حدوث مشكلات جراء تطبيق هذا القرار.