الأخبار المحلية

الاحتيال بالدولارات السوداء والألماس

اتصال أو رسالة نصية على هاتفك الجوال أو بريدك الإلكتروني أو صفحتك على الفيس بوك ترد من شخص مجهول يزعم بأنه يعرفك أو رآك في المنام ليقدم لك العون والمساعدة إما بالكشف عن أموال لك لا تعرفها، أو يطلب منك مشاركته في تقاسم كميات من الذهب أو الدولارات، وقبل ذلك كله يكون قد جمع معلومات عنك بطريقة أو بأخرى!
تلك واحدة من فصول الاحتيال الذي تحذر منه الجهات المختصة وتطلب من المواطنين والمقيمين الاحتياط من تلك الاتصالات وتحذرهم من أي تعاملات مشبوهة.

من حين لآخر تصل العديد من الخطابات إلى العديد من رجال الأعمال عبر الفاكس والبريد الإلكتروني قادمة من دول أفريقية تحمل في طياتها أساليب من النصب والاحتيال إما بزعم أن لديهم دولارات أو ذهبا بنصف السعر أو عن طريق النصب بالسحر والدجل والشعوذة، ويدعي هؤلاء أنهم إما وزراء أو رؤساء دول سابقون أطيح بهم أو جنرالات تم خلعهم في انقلاب وغير ذلك من الأكاذيب. ومثال ذلك رسالة من نيجيريا تزعم مرسلتها أنها أكاديمية وزوجة جنرال عمل في منصب نائب الرئيس العسكري في نيجيريا وتوفى من مشاكل في القلب، وتشير إلى أن عائلتها تتعرض إلى أنواع من الابتزاز، وتطلب المساعدة والمشاركة في تحويل مبلغ (خمسين مليون دولار أمريكي) وتشتكي أن حكومتها استولت على ممتلكاتهم وترغب في المساعدة لتحريك هذا المبلغ خارج أفريقيا، وتطلب الاتصال بها، وعند ذلك تطلب أرقام الحسابات وعندها يتم إحكام عملية النصب والاحتيال على من يقع بيدها.
استخدام الجن
وفي جدة على سبيل المثال أصدرت المحكمة الجزئية حكما بسجن متهم أفريقي من الجنسية الجابونية خمس سنوات وجلده ألف جلدة متفرقة في الحق العام لإدانته بالاحتيال على أرملة سعودية بزعم مضاعفة أموالها عن طريق استخدام الجن، فإن تقريرا رفعته هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي باشرت الواقعة وقبضت على المتهم، وجاء في التقرير أن مواطنة أربعينية تقدمت ببلاغ مفاده أنه وردت إليها عدة اتصالات من رقم جوال دولي وبعد كثرة اتصالاته ردت عليه، وذكر المتصل بأنه يلقب بـ( الشيخ إبراهيم) وأنه قد كشف عليها ووجد أنها صاحبة أموال كإرث من زوجها المتوفى وأنه سوف يقوم بفك الأموال المغلقة عنها، وقد أعطاها بعض المعلومات الشخصية عن حياتها التي حدثت بالماضي، وطلب منها أن تقوم بتحويل مبلغ عشرة آلاف ريال لكي يقوم بتوزيع الصدقات نيابة عنها حتى يفك الأموال التي سوف ترثها، وبالفعل قامت المرأة الضحية بتحويل المبلغ له عبر البنك، وبعد ذلك اتصل عليها مرات أخرى وذكر لها أنه سوف يأتيها مال كثير، وعليها أن تحضر حقيبتين وقماشين (أبيض وأحمر اللون) وبخورا وعلبتي عطر، وبعد ذلك تضع الحقيبتين في غرفة وتضع داخل كل حقيبة عشرة آلاف ريال وتعطر الحقائب وتبخرها وتغلق الغرفة، واشترط عليها أن لا يدخل الغرفة أو يقوم أحد بفتح الحقيبتين لمدة ثلاثة أيام، وتقرأ في كل يوم سورة يس وسورة الواقعة ثلاث مرات، وسوف يقوم بإرسال ابنه إلى المملكة لكي يستخرج لها هذا المال وسيتصل عليها حين وصوله إلى جدة. وبالفعل اتصل عليها بعد ثلاثة أيام شخص من جوال، وذكر لها أن اسمه شريف ابن الشيخ إبراهيم وأنه مرسل من قبله ويرغب في مقابلتها ويريد منها الحضور إلى منزلها ورؤية الحقيبتين، ولتخوف المرأة من أعمال السحر أبلغت الهيئة فتم القبض عليه، وهو المدعو شريف، ووجدوا بحوزته جوالين، والمبلغ المرقم تم استرجاعه ومبلغ آخر (قدره مائتان وأربعون دولار أمريكي) ووجد على شاشتي الجوالين في المكالمات الصادرة والواردة الرقم الدولي للرجل الذي يدعى إبراهيم، وتمت إحالته مع جميع المضبوطات إلى المحكمة حتى صدور الحكم عليه.
وفي قصة أخرى رجل أعمال خليجي اتصل به أحد زعماء شبكات النصب العالمية وزعم له أنه وزير مالية بإحدى الدول الأفريقية وأنه من ضحايا الانقلاب العسكري وأبلغه عن ضرورة لقائه ليبيع له 10 ملايين دولار بحوزته بنصف القيمة كونه مطاردا من الحكومة الانتقالية، زاعما أن هذه الدولارات تم تهريبها من خزانة دولة سقطت حكومتها. وبعد الترتيب والاتفاق على الموعد والمكان، وصل رجل الأعمال المخدوع إلى الموقع المتفق عليه وبحوزته (5) ملايين ريال وفي الشقة الموعودة خرجت له مجموعة من أصحاب العضلات المفتولة وأوسعوه ضربا وسلبوه ما معه ليتم القبض لاحقا على الجناة. وبحسب مصادر وملفات المحاكم فإن الطرق المتبعة لهؤلاء المحتالين عديدة منها إيهامهم المجني عليه أو الضحية أن لديهم دولارات صحيحة وأنها سرقت من دول إما أنها تشهد حروبا أو انقلابات أو تغيير حكم أو تمردا أو خلافه، ويزعمون أن هذه الدولارات سرقت من خزائن الدولة وأنها صحيحة ويرغبون في مستثمر في البنوك السعودية لإيداع هذه الدولارات باسمه، بحيث يباع الدولار بنصف قيمته في السوق المحلي.
ذهب حقيقي
ويلجأ هؤلاء أيضا إلى إيهام المجني عليه أن لديهم كميات من الذهب الخام وأن هذا الذهب دخل المملكة عن طريق التهريب ويرغبون في بيعه بمبالغ أقل من قيمتها الحقيقية ويقدمون في البداية للضحية ذهبا حقيقيا وعند تمام الصفقة الكبرى يقدمون له ذهبا مزيفا، كما أن من أساليبهم إيهام المجني عليه أن لديهم ألماسا ومجوهرات تم تهريبها أيضا من دول أفريقية حتى لا تتعرض للضرائب وخلافه وأنهم يرغبون في بيع هذا الألماس بمبالغ أقل من نصف قيمته الحالية ويقدمون في البداية للضحية ألماسا حقيقيا وعند إتمام الصفقة الكبرى يقدمون له ألماسا مزيفا.
إلى ذلك حذر مازن بترجي نائب رئيس الغرفة التجارية بجدة من صور النصب والاحتيال التي ترد عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل البريدية والهاتفية من مختلف مناطق العالم وبشكل خاص من قارة أفريقيا، لافتا إلى أن من أساليب النصب والاحتيال أفارقة يوهمون ضحاياهم أنهم زعماء دول أطيح بهم أو وزراء أو جنرالات وأن لديهم أموالا يرغبون إدخالها أو استثمارها في المملكة ويبدأون البحث عن ضحاياهم، مضيفا أنه في ظل التطور الكبير في وسائل التقنية والاتصال ساهم ذلك في تمكين المحتالين من الوصول إلى كل بيت وكل مواطن بغض النظر عن موقعه الجغرافي.
ويقول عضو هيئة التحقيق والادعاء العام السابق والمحامي والمستشار القانوني المعروف صالح الغامدي إن نقصان الثقافة الاقتصادية ساهم في جعل البعض ينساق وراء الوعود المعسولة رغبة في تحقيق الكسب السريع دون أن يعي المخاطر الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي قد تترتب على وقوعه في فخ المعاملات التجارية الوهمية وما يرتبط بها من مخاطر متعددة.
ويرجع الكاتب الاقتصادي عبدالله بن سعد الأحمري استهداف السعوديين بهذه الأساليب إلى نقص الثقافة الأمنية للضحايا، إضافة للطيبة الزائدة أحيانا والرغبة في مضاعفة رأس المال بأية طريقة، مما يجعلهم لقمة سائغة لبعض المحتالين والنصابين. وقال إن الأموال التي يقدمها النصابون والمحتالون لإغراء ضحاياهم مزورة وعبارة عن أوراق بيضاء وأن لهم أساليب عدة ولا يتورعون عن التعامل بالسحر والشعوذة والوهم وغيرها من الحيل التي تنطلي على البعض.