الأخبار المحلية

المفتي العام: الفجوة بين الصـــــــحافة والعلماء كبيرة.. وهو أمر مؤسف

أبدى المفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ في حوار بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك،وأبدى سماحته رأيه حول عدد من القضايا الفقهية والاجتماعية وقضايا الساعة الملحّة،ومنها أن الشخص إذا نام طول نهار رمضان، فإن صيامه صوريّ والمقصد الحقيقي منه لم يتحقق، فكأنه يريد التهرب والتخلص من أداء هذه العبادة بالنوم وهذا أمر مخالف لروح مشروعية الصيام وحقيقته. وأن الترويج لشعارات الصليب وغيره أمر فيه خدش للحياء ومخالفة للعقيدة الإسلامية وأنه محرم لا يجوز للمسلم القيام به لأن هذه الأمور لها آثار سيئة على الأطفال من البنين والبنات في تعويدهم على أمور خادشة للحياء، أو تحبيب الشعارات والرموز التي تخالف العقيدة الإسلامية إلى نفوسهم، وإن الطفل إذا تربى على ذلك، وتعوّد عليه، ترسّخ ذلك في نفسه، وأصبح لديه أمرًا مألوفاً، ومع مرور الزمن يعتقد أنه أمر جائز ومباح، لا غضاضة فيه، وهذا فيه خطورة بالغة على الطفل. فليتقِ الله أصحاب المحلات التجارية، وليكفّوا عن هذا العمل الخطير.
وقال: المرأة السعودية تتمتع بمكانة لائقة في مجتمعها المسلم في ظل الشريعة الإسلامية التي جاءت أحكامها لأجل صيانة عرضها، وعفافها، وحقوقها المشروعة.
مؤملاً أن تكون الصحافة في بلادنا أنموذجًا مثاليًا طيبًا يحتذى بها في الدول الإسلامية الأخرى، ومصدرًا للاستلهام، والاستفادة، واستقاء المادة الصحافية النقية الأمينة المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وأصول الأخلاق والفضيلة، وقال إن رسالة الصحافة في المجتمع المسلم رسالة متميزة عن الصحافة في المجتمعات غير المسلمة. فصحافة المجتمع المسلم الواجب عليها أن تكون في خدمة الإسلام، وقضاياه، والعناية بشؤون المسلمين، وان تكون وسيلة لنشر الخير والفضيلة، ونشر ما فيه نفع الناس وصلاحهم في أمور دينهم ودنياهم، ونشر الوعي بين أفراد الأمة بما يواجههم من أخطار، وتحديات، وكيفية مواجهتها وتجاوزها، وكيفية النهوض بالأمة، وان تكون معينة لدعاة الخير، والعلماء، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ومساندة لهم في مهمة الإصلاح، والتوجيه، والإرشاد، وتحصين شباب الأمة من الانخراط في الشهوات والفواحش والمنكرات، وتوجيههم نحو العلم النافع، والعمل الجاد الذي فيه خير لهم ولامتهم. فهذه هي الرسالة الحقيقية لها والفجوة كبيرة بين العلماء والصحافة وهو أمر مؤسف. وفيما يلي نص الحوار:
لا بأس للعلماء
* ما الضوابط الشرعية لخروج العلماء في وسائل الإعلام وما رأي سماحتكم في خروج العلماء في القنوات الفضائية التي تحتوي على مخالفات شرعية؟
– لا بأس في الخروج في وسائل الإعلام للعلماء وطلبة العلم إذا كانوا مؤهلين علميًا، ويحيطون بما يطرحونه من مسائل وأفكار بل إن العلماء أولى بالخروج والمساهمة في طرح القضايا والمسائل الشرعية وعلاج مشاكل الناس والإجابة على أسئلتهم في ضوء نصوص الكتاب والسنة والقواعد والأصول الشرعية.
ولكن هناك أمران مهمّان لا بد إن يراعوهما ويتنبهوا لهما:
أولهما: أن يكون خروجهم لأجل خدمة القضايا والمسائل الشرعية التي تدعو الحاجة إلى معالجتها وطرحها بأسلوب علمي رصين حكيم بعيد عن المغالطات والتخرصات والظنون مع الإخلاص واحتساب الأجر والبعد عن طلب الشهرة وحب الظهور.
والثاني:عدم الشذوذ عن منهج الأئمة الأعلام الذين أجمعت الأمة على إمامتهم وعلو كعبهم وورعِهم وعميق فهمهم للدين، وللنصوص الشرعية فلا يذهب إلى الأخذ بالأقوال الشاذة التي هجرها العلماء الثقات عبر القرون وهجرها كذلك جمهور العلماء وأعلامهم في عصرنا الحاضر في هذه البلاد المباركة من أئمة الدعوة ومضى على نهجهم القائمون على الإفتاء إلى وقتنا الحاضر.
وأما الخروج في القنوات التي فيها مخالفات شرعية فهذا الأمر يرجع إلى ترجيح جانب المصلحة على المفسدة فان رأى العالِم أن في خروجه مصلحة للدعوة وينتفع بخروجه الناس في أمر دينهم ولا تترتب عليه مفاسد كبيرة فلا بأس بذلك .. شريطة ألا يؤيد القناة فيما هي عليه من الباطل والمخالفات الشرعية، بل ينبغي له إن جاءت فرصة مناسبة للكلام على تلك المخالفات إن يبينها للناس حتى يكونوا على بصيرة في علمهم بتلك المخالفات الشرعية، ولعل أن يكون ذلك مؤثراً حتى على القائمين على تلك القناة وتحسين أوضاعها.

بئست القدوة
* هناك بعض القنوات تروّج للرذيلة وبعضها يعرض مسلسلات يمارس فيها الحب بين الشاب والفتاة والخروج معه وربما السكن مع عشيقته فما رأي سماحتكم في ذلك وما مدى تأثيره على أبنائنا وبناتنا؟
– إن هذا الأمر مؤسف جداً، وهو أمر في غاية القبح والسوء وذلك لأنه لو مارس شاب أو فتاة تلك الجريمة بصفة فردية لكانت جريمة فردية وكان ضررها ووزرها قاصراً على صاحبها. وأما إن تأتي وسيلة إعلامية لتبذل كل إمكانياتها وجهودها وطاقاتها المادية والبشرية والفنية في إخراج مسلسل يتضمن الدعوة إلى الرذيلة ونشر ثقافة الحب الكاذب والعشق المزعوم والعلاقات المحرمة بين الشباب والفتيات، وتقوم بنشرها بين فلذات أكبادنا فتجلس لمشاهدتها الأسرة بأكملها كباراً وصغاراً وشباباً وفتيات، فهذا والله عار كبير وجرم عظيم، وان المتوقع من تلك القنوات أن تكون منابر لنشر الخير والفضيلة ودعوة الناس إلى ما فيه صلاحهم في أمر دينهم ودنياهم وتثقفيهم بالعلوم النافعة، وتحذيرهم عما يضرّ بهم وغير ذلك من الأمور التي تنفع الناس وتنهض بالأمة.. ولكنك تفاجأ مع كل أسف أن أكثر تلك القنوات تتنافس في نشر الرذيلة والدعوة إلى الفواحش والمنكرات وتقديم حفنة من أسافل الناس من الساقطين والساقطات خلقيا وفكرياً يلمّعونهم ويقدمونهم لشبابنا ليتخذوهم قدوة وأسوة يسيرون على خطاهم ويتخلّقون بأخلاقهم.
فبئست القدوة والأسوة هؤلاء الذين يجرّون أبناءنا وبناتنا إلى الفساد والانحراف والشذوذ والسقوط في مستنقع الرذيلة وبئست البرامج التي يظهرون فيها.

الشر أكثر من الخير
* يعلم سماحتكم عن أجهزة الجوال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعية (الفيس بوك والتويتر وغيرها) وما توفرها من خدمات للتواصل ما بين الناس فما تأثيرها على المراهقين وخطورتها خاصة على العقيدة وبناء العلاقات غير الشرعية ما بين الشاب والفتاة؟ كما إن بعض الإباء أو الأمهات ينشغل عن أبنائه ومنزله مع هذه التكنولوجيا ويقصر في حق من لهم حقوق فما الحكم الشرعي في ذلك؟
– إن هذه الوسائل والتقنيات كأي وسيلة تقنية أخرى يحكم عليها بحسب ما يستخدم فيه من الخير أو الشر فهي سلاح ذو حدين يمكن أن يستخدم فيما ينفع الناس ويحقق لهم مصالحهم وييسر لهم أمورهم ويقرب البعيد كما يمكن أن يستخدم فيما يضرّ بالناس في دينهم ودنياهم ويجرّهم نحو الشر والفساد وما فيه هلاكهم ودمارهم سلوكياً وفكرياً وأخلاقيا وعقدياً بل واقتصادياً.
ولكن واقع تلك الوسائل والتقنيات اليوم أنها تستخدم في الشر أكثر من الخير، فإنها تستخدم في نشر الفساد وتحريف الأفكار وإفساد الأخلاق وإثارة البلبلة بين الناس ونشر الأكاذيب والدعوة إلى الفوضى ومظاهرات وخروج على ولاة الأمر وأمور كثيرة لا تحمد عقباها.
فالمسلم الواعي البصير في أمر دينه ودنياه لا يستخدم تلك الوسائل إلا بحسب الحاجة إليها وفي تحقيق مصالحه ومقاصده المحمودة فقط مع الحفاظ على وقته وعدم الانسياق معها وعدم ضياع الأوقات فيها بلا فائدة وعدم الانشغال بها عن المسؤوليات المنوطة به من تربية الأولاد ورعاية شؤون الزوجة والبيت والقيام بالواجبات التي عليه سواء واجبات شرعية من صلاة وبر الوالدين وصلة الأرحام ونحو ذلك أو واجبات وظيفية من الحضور إلى مكان العمل في أوقاتها والقيام بمهامها الإدارية بأكمل وجه وعدم التقصير في خدمة المراجعين ومعاملات الناس ومصالحهم في الإدارات الحكومية.
كما نحذر كل مسلم من أن يتخذ تلك الوسائل والتقنيات وما تنشر فيها من معلومات مصادر لمعرفته أو مصدراً للفتوى في المسائل الشرعية وان يحذر أشد الحذر من أن يبني مواقف على ما يشاع فيها من الأخبار التي يغلب عليها الكذب وعدم الصحة فللمعرفة مصادرها المعروفة وللفتوى جهاتها الشرعية الموثوقة وللأخبار الصادقة أيضا منابع إخبارية معروفة.

غاية الخطورة
* ظهر من أبنائنا من يتطاول على خالقنا عز وجل وعلى حبيبنا المصطفى عليه الصلاة والسلام فما الحكم الشرعي على هؤلاء؟ وكيف يمكن أن نحافظ على أبنائنا وبناتنا من مثل هذه الأفكار؟
– هذا أمر في غاية الخطورة أن يظهر من بيننا وفي هذه البلاد المباركة بلاد الحرمين الشريفين أناس انحرفوا عن الصراط المستقيم وسلكوا سبيل الشيطان اللعين، وتنكروا لنداء الإيمان والفطرة السليمة وشذوا عن المنهج المستقيم نشأوا عليه في بلد التوحيد والإيمان ونسوا فضل الله عليهم فارتكبوا هذه الحماقة الكبيرة وهذا الجرم الشنيع الذي تشمئز له النفوس وتقشعر له الجلود وتتحير له العقول وتتقطع له القلوب المؤمنة حرقة وأسفاً.
إن هؤلاء وأمثالهم لا بد أن ينالوا عقوبتهم الشرعية أمام القضاء الشرعي بعد ثبوت جريمتهم في حقهم ليكون ذلك ردعاً لأمثالهم وعبرة لضعاف النفوس والإيمان وليسلم مجتمعنا الإسلامي من خبث هؤلاء المجرمين الأفاكين.
ثم من هؤلاء من عرفوا سابقاً بالكتابة بما يقدح في مسلمات الدين والعقيدة عبر كتاباتهم ورواياتهم الأدبية فالواجب على الجميع الحذر من هذه الفئة الضالة التي تدس السم في العسل وتفسد على الناس دينهم، وتضلل عقائدهم من خلال ما يسمونه بكتابات وروايات أدبية وغيرها، وليحذر الناس عموماً والشباب بخاصة من إن يقرأوا لهؤلاء المنحرفين عقدياً وفكرياً المنتحلين لنظريات منحرفة ضالة وان يرموا بأقوالهم المخالفة لشرع الله عرض الحائط، ولا يعطوا لها اعتباراً.
كما أنبّه هنا على أمر غاية في الأهمية وهو انه كلما قل رصيد المسلم من العلم بعقيدته ومبادئ شريعته وكلما بعُد عن العلماء وطلبة العلم الشرعي كلما كان فريسة سهلة لمثل تلك الأفكار الهدامة والعقائد الكفرية والإلحادية.
ومن هنا فان الواجب على المسلم التسلح بالعلم الشرعي وتعلم أمور عقيدته والأخذ من العلماء الثقات والرجوع إليهم في مثل تلك القضايا الشائكة والمسائل العقدية التي يشتبه على الناس أمرها وحقيقتها وان يبتعد من مواطن الشبهات وان لا يعتمد ولا يثق فيما يكتب وينشر في تلك التقنيات الحديثة كالتويتر والفيس بوك ونحوها، وإن يعرِض كل ما يكتب فيها من أقوال وألفاظ وكتابات على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى علماء الشريعة.

تهجم على الدين
* هناك من يتطاول على العلماء إما عن طريق مواقع الانترنت أو من خلال الإعلام فما الحكم الشرعي في ذلك؟
– التطاول على العلماء والدعاة الشرعيين أمر غير جائز وذلك لأنهم يعتبرون حملة للعلم الشرعي ودعاة للخير والفضيلة وهذا هو الغالب عليهم.
فالتطاول عليهم والطعن فيهم في الحقيقة تطاول على الدين وعلى الشعائر الدينية.
وإما إن كان الهدف هو علاج خطأ وقع فيه عالِم ما أو داعية من الدعاة فيأتي الشخص لينبّه على هذا الخطأ ويعالجه بأسلوب علمي بعيد عن التشهير واللمز والطعن فهذا لا بأس به بل هو أمر مطلوب فلا بد من النقد الهادف البناء الذي يقوم الخطأ ويسدد الخلل إذا كان ذلك من أهله.
ولكن التطاول على العلماء بصفة عامة والنيل منهم والحطّ من مكانتهم وتضخيم أخطائهم، وصرف الناس عنهم، والدعوة إلى تحجيم دورهم في المجتمع، فهذا تهجم على الدين، ومحاربة لرموزه، وصدّ للدعوة الإسلامية، وتجفيف لمنابع الخير والإرشاد والتوجيه في المجتمع وفتح مجال لأهل الباطل، وأصحاب الشهوات والمنكرات، والانحراف العقدي والفكري ليلعبوا بعقول الناس وأفكارهم كيف يشاءون.

القناعة تجلب السعادة
* الفساد داخل المجتمع يظهر بطريقة عجيبة والكثير من الناس يبحثون عن الثراء بطريقة عاجلة فما هو رأي سماحتكم في ذلك؟
– إن المسلم الذي يخاف الله لا يمكن أن يلهث وراء تكسّب المال الحرام، وإثراء نفسه بأي طريقة كانت، حتى لو كانت بسرقة الأموال العامة وغيرها. فإن هذا المال الذي اكتسبه من حرام سوف يسأل عنه يوم القيامة، من مصدر اكتسابه وعن وجوه إنفاقه، يقول صلى الله عليه وسلم «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ». فبعد هذا كيف يقدم المسلم على أخذ المال الحرام، وبخاصة إذا كان هذا المال من الأموال العامة، فإن ذلك إثمه أعظم وأكبر. كما أن أكل المال الحرام له آثاره وعواقبه الوخيمة على صاحبه حتى في الدنيا، فمن ذلك انه يكون مانعا من قبول الدعاء، كما جاء ذلك في الحديث الذي ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم «الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ»
فليتق المسلم ربه، وليراقبه في سرّه وعلنه، وليقتنع بما أعطاه الله من الرزق الحلال، فإن فيه البركة، والنماء، والكفاية، وليس شيئا خيرا من القناعة للعبد في هذه الدنيا، فإنها تجلب لصاحبها السعادة الحقيقية، وانشراح الصدر والاطمئنان.

خدش للحياء
* بعض المحلات التجارية تروّج لشعارات ورموز وعبارات خادشة للحياء، ومخالفة للعقيدة الإسلامية مثل الصليب وغيره ويخصون الأطفال بهذه الأمور فما خطر هذه الأمور على عقيدة أبنائنا وبناتنا وما الحكم في الشرعي في ذلك؟
– الترويج لمثل هذه الأمور التي فيها خدش للحياء أو مخالفة للعقيدة الإسلامية كشعار الصليب مثلاً أمر محرّم لا يجوز للمسلم القيام به.
فإن هذه الأمور لها آثار سيئة على الأطفال من البنين والبنات في تعويدهم على أمور خادشة للحياء، أو تحبيب الشعارات والرموز التي تخالف العقيدة الإسلامية إلى نفوسهم، وهذا أمر خطير، فإن الطفل إذا تربى على الشيء، وتعود عليه، ترسخ ذلك في نفسه، وأصبح لديه أمراً مألوفاً، ومع مرور الزمن يعتقد أنه أمر جائز ومباح، لا غضاضة فيه، وهذا فيه خطورة بالغة على الطفل.
فليتق الله أصحاب المحلات التجارية، وليكفوا عن هذا العمل الخطير، وليعلموا أن في المباح وفيما اأحل الله مندوحة عن الحرام، والله سبحانه يبارك في المال الحلال ولو كان قليلاً.

تهمة باطلة
* هناك من يتهم الإسلام والمسلمين باضطهاد المرأة وحرمانها من حقوقها، فما هو رأي سماحتكم في ذلك؟
– هذه التهمة تهمة باطلة من أساسها، وهي من صنيع أعداء الإسلام، والمتشبعين بأفكارهم الباطلة والمخدوعين بدعواتهم المضللة من أبناء المسلمين.
إن الإسلام من أول يوم من ظهوره أعتنى بالمرأة، وأنقذها من ظلم الجاهلية، وحافظ على كرامتها وحقوقها، وكرّمها أمًا وبنتًا وأختًا. بل إن المرأة نالت في الإسلام من التكريم والتبجيل ما لم تنله في أي دين، أو نظام آخر فقد رفع الإسلام من قدر الأم على الأب ثلاث مرات، فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ‏ ‏»مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أَبُوكَ» وبالغ الإسلام في الإحسان إلى الأم والأب حتى نهى عن إيذاء مشاعرها بأي قول، ولو بكلمة (أفٍ)، قال تعالى «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً». فلا يوجد على وجه الأرض نظام اجتماعي ولا فكري ولا دين من الأديان أكرم الأم إلى هذه الدرجة من الإكرام والتبجيل.
وأما حقيقة الدعوة إلى حقوق المرأة ومساواتها بالرجل، فهي دعوة باطلة ومشبوهة، فإن أصحاب هذه الدعوة المزعومة أرادوا في حقيقة الأمر أن يخرجوا المرأة المسلمة مما هي فيه من الحشمة والحياء وكونها درّة مصونة في بيت زوجها، وبيت أبيها، ولدى إخوانها، يريدون أن يصرفوها عن وظيفتها الشريفة التي هي تربية الأولاد وإعداد الأجيال، إلى منافسة الرجال في وظائفهم وأعمالهم، وترك بيتها وأولادها، وخروجها إلى الشارع متبرجة سافرة لتكون فريسة سهلة لأرباب الشهوات، والأغراض الدنيئة، والمقاصد السيئة.
وواقع المجتمعات التي نالت المرأة فيها تلك الحقوق المزعومة، والحرية الكاذبة، وما حصل فيها من إفساد للمرأة وأخلاقها، بسبب تبرجها وسفورها وخلعها للحجاب الشرعي، وما حصل من انتشار للزنا والدعارة والفجور بين الشباب، وتفكك للأسر، وضياع للأولاد، وفساد تربيتهم، وغيرها من المفاسد الكثيرة التي لا تخفى على ناظر منصف، كل ذلك لخير دليل، وأوضح برهان على فساد هذه الدعوات المغرضة، وأن هذه الدعوات كانت سبباً في دمار المرأة وإفسادها، بل إفساد المجتمع بأكمله.
ففي التزام المرأة لأحكام دينها حفظ لكرامتها ومكانتها، وحفظ لها من الشرور الظاهرة والباطنة، وسلامة للمجتمع المسلم من الفساد والهلاك.

مستهدفة في دينها
* أصبحت المرأة السعودية مستهدفة، فما هي الكلمة التي يوجهها سماحتكم لها؟
– إن أعداء الإسلام وأعداء بلادنا المباركة لا يرضون إلا إن يروا المرأة السعودية سافرة متبرجة، لا تعرف شيئاً اسمه الحياء، وان تتخلع من أخلاقها الإسلامية وقيمها النبيلة، وعاداتها العربية الكريمة، وان تتمرد على ولاية ولي أمرها الشرعي من الأب، أو الأخ، أو غيرهما ممن نصبه الإسلام ولياً لها، وان تهمل حياتها الزوجية، وتتنصل من حقوق زوجها عليها، وغير ذلك من الأمور التي يراها أعداء الإسلام ظلماً للمرأة السعودية، وتقييداً لحريتها، وهضماً لحقوقها. ولذلك فهي مستهدفة في دينها، وأخلاقها، وعفافها، ويريدون تضخيم قضيتها، والتركيز عليها، وتداولها في وسائل الإعلام المحلية والعالمية، بغية الوصول إلى ما يريدون من إفساد المرأة المسلمة عموماً، والمرأة السعودية بشكل خاص، لما تتميز به المرأة السعودية من الحفاظ على أخلاقها الكريمة، والتزامها بأحكام دينها، وحفاظها على حجابها الشرعي.
فنحن ننصح المرأة السعودية أن تعرف أولاً بأنها تتمتع بمكانة لائقة في مجتمعها المسلم في ظل الشريعة الإسلامية التي جاءت أحكامها لأجل صيانة عرضها، وعفافها، وحقوقها المشروعة.
وثانياً: عليها أن تعرف أنها مستهدفة من قبل أعداء الإسلام، وان ما يرفعونه من شعارات براقة، ودعوات كاذبة، الهدف منها إفسادها، وجعلها سلعة رخيصة يلعبون بها وبعِرضها كيفما يشاءون، ويجعلونها معبراً وجسراً لتحقيق مآربهم السيئة لأجل إفساد مجتمعنا المسلم، وزعزعة أركانه، ونشر الرذيلة والفاحشة بين أبنائه.
وثالثاً: أن تنظر بعين البصيرة والعبرة لما حصل من المفاسد والشرور في المجتمعات التي انخدعت فيها المرأة المسلمة بدعايات أعداء الإسلام وأذنابهم من المنافقين، وكيف وصل بها الحال إلى حالة مزرية يرثى لها، حيث ذهب حياؤها وعفافها، وتدنس عرضها، وفقدت مكانتها وعزتها الحقيقية، وأصبحت سلعة رخيصة ينالها أصحاب الشهوات بأبخس الأثمان، بعد أن كانت درة مصونة غالية، بعيدة عن أيدي الأشرار والفساق وأرباب النفوس الدنيئة.

لا ينبغي السهر
* هناك من يقوم في شهر رمضان المبارك بالسهر ليلاً والنوم نهاراً، فما هو رأي سماحتكم في ذلك؟
– الغاية من مشروعية الصيام في شهر رمضان المبارك هو الإمساك من الأكل، والشرب، والجماع، وسائر المفطرات نهاراً، مع التحلي بمكارم الأخلاق، وحفظ اللسان من الشتائم والسباب، والنميمة وسائر الأخلاق الذميمة، والكف عن الشهوات، ومع الاجتهاد في قراءة القرآن ونوافل الطاعات. ولا تتحقق هذه المقاصد إلا إذا كان الصائم في نهار رمضان واعياً، يزاول أعماله اليومية بشكل معتاد حتى يجد شعوراً بالجوع، والعطش، ويعود نفسه على الصبر عليه، والامتناع من تناول مشتهياته ورغباته. وأما إذا نام الشخص طول النهار، فانه وان صام صورياً، لكن المقصد الحقيقي من صيامه لم يتحقق، فكأنه يريد التهرب والتخلص من أداء هذه العبادة بالنوم نهاراً، وهذا امر مخالف لروح مشروعية الصيام، وحقيقته.
ولذلك لا ينبغي للمسلم السهر طوال الليل كله، والنوم نهاراً، بل يأخذ بالليل قسطاً كافياً من النوم حتى يقوم في نهار رمضان بسائر أعماله، وعباداته الواجبة والنفلية بشكل طيب، ولا يحرم نفسه من الأجر والحسنات الكبيرة، والأعمال الجليلة في نهار رمضان.
أمر منهي عنه
* هناك من يسرفون في شهر رمضان المبارك ويضعون طعاماً زائداً عن حاجة أهل المنزل، ما توجيه سماحتكم لهؤلاء؟
– الإسراف في الأكل أمر منهي عنه، قال تعالى: «وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»، فلا ينبغي للمسلم أن يضع طعاماً زائداً عن حاجة أهل المنزل، والذي لا يؤكل، ويرمى في النفايات، هذا الأمر فضلاً عن انه إسراف، فيه كفران للنعمة وإهدار لها. والاعتدال والتوسط هو الأمر المحمود في كل شيء.

الفجوة كبيرة
* توجد فجوة ما بين الصحافة والعلماء، ما هي الأسباب في رأي سماحتكم؟
– إن رسالة الصحافة في المجتمع المسلم رسالة متميزة عن الصحافة في المجتمعات غير المسلمة. فصحافة المجتمع المسلم الواجب عليها أن تكون في خدمة الإسلام، وقضاياه، والعناية بشؤون المسلمين، وان تكون وسيلة لنشر الخير والفضيلة، ونشر ما فيه نفع الناس وصلاحهم في أمور دينهم ودنياهم، ونشر الوعي بين أفراد الأمة بما يواجههم من أخطار، وتحديات، وكيفية مواجهتها وتجاوزها، وكيفية النهوض بالأمة، وان تكون معينة لدعاة الخير، والعلماء، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ومساندة لهم في مهمة الإصلاح، والتوجيه، والإرشاد، وتحصين شباب الأمة من الانخراط في الشهوات والفواحش والمنكرات، وتوجيههم نحو العلم النافع، والعمل الجاد الذي فيه خير لهم ولامتهم.
فهذه هي الرسالة الحقيقية للصحافة، والصورة الايجابية التي يجب أن تكون عليها. ولكن واقع الصحافة اليوم في اغلب أحوالها بخلاف ذلك، فتجد فيه الكتابات المخالفة للخير والفضيلة، والتهجم على مبادئ الشريعة الإسلامية وكثير من أحكامها، والطعن في العلماء، والمؤسسات الدينية، ومحاربتها بمختلف الأشكال والطرق، والنيل من الدعاة والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وتصيد أخطائهم، وتضخيمها وتوظيفها في محاربة رموز وشعار الدين، وحملة العلم الشرعي، والتنقص منهم، وتشويه سمعتهم، ومحاولة تحجيم دورهم في المجتمع.
وعدم فسح المجال بشكل كاف مناسب للعلماء والدعاة بالكتابة، والدفاع عن قضاياهم، والإسهام في التوجيه، ونشر الوعي بين الناس إلا في نطاق ضيق ومحدود لا يتناسب والدور الذي يؤدونه في إرشاد وتوجيه الناس، ومهمة الإصلاح في المجتمع.
وفي المقابل تجد أن المجال مفتوح أمام المقالات والكتابات والأقلام التي تتهجم على الإسلام، والشعائر الدينية، والقضايا الشرعية، بل والسخرية من أحكام الشريعة الإسلامية، والتشكيك في ثوابت العقيدة ومسلمات الدين، ومبادئه.
فهذه الأسباب هي التي أودت في الحقيقة هذه الفجوة الكبيرة بين العلماء والصحافة، وهو أمر مؤسف يجب أن لا يكون، وليس هذا في مصلحة المجتمع المسلم، ولا في مصلحة الصحافة في البلد المسلم، وبخاصة في بلاد الحرمين الشريفين. بل كان المؤمل أن تكون الصحافة في بلادنا المباركة أنموذجاً مثالياً طيباً يحتذى بها في الدول الإسلامية الأخرى، ويتخذونها قدوة، ومصدراً للاستلهام، والاستفادة، واستقاء المادة الصحافية النقية الأمينة المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وأصول الأخلاق والفضيلة، والخادمة لقضايا الأمة المسلمة، والمعنية بهمومها ومشاكلها الحقيقية.