حيل التسول الجديدة سيارة فارهة وهندام مثالي!
أن تجد متسولاً على قارعة الطريق وقد غطى قدميه جراء إصابته بمرض أو نحوه فهو أمر طبيعي، وهو كذلك حين تلقى أحدهم عند إشارة مرورية وقد اتكأ على عكاز خشبي مرتدياً ملابس رثة، أو أن تجد سيدة تتجول وفي يدها علب الدواء الفارغة تستجدي عطف الناس، كل ذلك سيناريوهات متكررة ومعتادة للتسول، لكن الجديد والغريب هو أن يتسول أحدهم وهو يركب سيارة فارهة برفقة عائلته أو من يزعم أنهم كذلك ليقوموا بدور أفراد الأسرة.
يحدث ذلك في بعض الشوارع الراقية في جدة، إذ تبدأ فصول الحكاية أمام مداخل الأسواق أو المطاعم في أوقات مختلفة من اليوم وتنشط قبيل وقت الإفطار أو بعد الانتهاء من صلاة التراويح عندما يبادر قائد تلك السيارة بإلقاء التحية ويبدأ في سرد قصة معاناته التي يلخصها بأنه «أنهى مناسك العمرة في مكة وفقد أمواله أثناء الطواف وهو بحاجة فقط لمبلغ 50 ريالاً !! حتى يستطيع ملء خزان الوقود للعودة إلى المدينة المنورة أو الدمام مقر إقامته كما يدعي!».
يجد هذا النوع من التسول رواجاً في رمضان وتحديداًً في ساعات النهار المتأخرة لضمان الحصول على تعاطف الصائمين والخروج بمكاسب مادية بأساليب مخادعة، فطالما كانت السيارة التي يركبها المتسول والملابس التي يضعها بشكل أنيق سبباً في خداع الآخرين ومكمن الدهشة لدى المارة فيبادرون بالاستجابة لطلبه وإعانته بالمال وخصوصاً النساء فهن الأسرع والأكثر تعاطفاً مع هؤلاء.
ومن اللافت أن يلجأ متسولو «السيارات الفارهة» إلى استخدام الأطفال والنساء للحصول على مكاسب مادية بصورة غير معتادة إذ تظهر سيدة تجلس في مقدمة السيارة، وقد أخذ الأطفال أماكنهم في المقعد الخلفي لكي تكتمل أطراف القصة والمشهد «التراجيدي» الذي دائماً ما ينتهي ببراعة في الأداء وبتحايل ينطلي على الكثير من المتعاطفين.
ويرى بعض من أنلطت عليهم تلك الخدع أنه من غير المعقول أن يتسول رب الأسرة وهو يمتلك سيارة فارهة ويرتدي زياً مثالياً.
ويؤكد مصدر مسؤول من داخل مكتب مكافحة التسول في جدة أن الجهود مستمرة مع جهات أمنية لملاحقة هذه الفئة وتحديداً مع فرق البحث الجنائي، مطالباً بضرورة الإبلاغ عن أرقام اللوحات التي تحملها تلك السيارات، ومحذراً من الانسياق وراء الأكاذيب والحيل التي يحيكها سائقو تلك المركبات، مؤكداً في الوقت ذاته أن معظم أولئك ليسوا بمواطنين، ولكنهم يجيدون اللهجة الخليجية والسعودية تحديداً، ولديهم قدرات على تمييز أهدافهم من حيث الهوية واختيار الأماكن التي يجولون فيها.
وتشـير الإحصاءات إلى أن جدة تحتل الصـــدارة في قائمة أعداد المتسولين في السعودية ثم مكة المكرمة تليهما الرياض، ويزداد النشاط في موسمي الحج والعمرة وشهر رمضان.