«كبار علماء الإمارات» تحرم متابعة مسلسل «عُمَر».. ومحامون يستعينون بالفتوى لرفع دعوى ضد «إم بي سي»
أصدرت هيئة كبار العلماء في دولة الإمارات العربية المتحدة، صباح أمس، فتوى بتحريم متابعة مسلسل الفاروق «عُمَر»، الذي يعرض حالياً على قناة «إم بي سي» وعدد من القنوات الفضائية الأخرى.
وتأتي أهمية الفتوى كونها أعلنت من قبل دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، التي يقع مقرها في الإمارة التي يقع فيها مقر مجموعة «إم بي سي».
وحول تأخر صدور الفتوى، قال مفتي دبي الدكتور أحمد الحداد إن صدورها لم يكن متأخراً، كونها صدرت في اليوم السابع من شهر رمضان، مؤكداً أن الفتوى أصدرت قبل بداية شهر رمضان بيوم واحد، لكن التأخير كان في إعلانها، بسبب مراجعتها وتنقيحها. وأبان الحداد أن هذه الفتوى ليست مبادرة من قبل هيئة كبار العلماء في الإمارات، وإنما رد على سؤال وردهم حول حكم مشاهدة المسلسل وتمثيل الخلفاء الراشدين، موضحاً أن الفتوى ليست ملزمة، لكن يمكن لأي مسلم في أي دولة من العالم الأخذ بها.
وأفاد الحداد أن الفتوى ستكون مستنداً لمجموعة من المحامين في الإمارات لرفع دعوى قضائية على مجموعة «إم بي سي» لإيقاف العمل، موضحاً أن محامياً في مدينة العين رفع دعوى ضد «إم بي سي» لإيقاف العمل، لكن القانون كان مع المجموعة، مؤكداً أن المحامين سيستأنفون رفع الدعوى من جديد مستندين على الفتوى لإيقاف العمل.
ونصت الفتوى على أن الصحابة الكرام، ولاسيما الخلفاء الراشدين، والعشرة المبشرين بالجنة، هم جميعاً في محل القداسة والتبجيل، لتعظيم الله تعالى لهم، والثناء عليهم، في آيات من كتابه العزيز، والازدراء بهم، بأي طريقة كان، يعد طعناً في الدين، واستفزازاً لمشاعر المسلمين.
وجاء في الفتوى، «معلوم أن تمثيل أدوار حياتهم لا يخلو من نقص في التمثيل دراميكيا وفنيا، وذلك ينعكس في أذهان المشاهدين، فيظنون أن الصحابة الكرام، رضوان الله عليهم، هم كذلك، فيكون ذلك تقليلاً من شأنهم، وانتقاصاً لدورهم العظيم في نقل رسالة الله وشرعه، وهم الذين عظم الله تعالى شأنهم ومكانتهم، فجعل مبايعتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم مبايعة لله تعالى، ورضي عنهم وأرضاهم، ووصفهم بصفات الجمال والكمال في كل أحوال حياتهم، في آيات كثيرة من كتاب الله تعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم عظم من شأنهم وأوجب توقيرهم، بل أرشد إلى أن أهل بدر منهم هم في محل العفو العافية فلا يكن منهم إلا ما يرضي الله تعالى». وقالت الفتوى إن «كل الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين هم من أهل بدر، وخالد بن الوليد لقبه النبي صلى الله عليه وسلم بسيف الله، فلا يجوز أن تمثل أدوار حياتهم من قبل أحد الممثلين».
وأكدت هذه الفتوى، التي حملت توقيع رئيس هيئة كبار العلماء في الإمارات الدكتور حمد الشيباني، فتوى سابقة صدرت من الجهة نفسها، العام الماضي، كما جاءت متوافقة مع فتاوى أخرى أصدرها المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي عام 1405هـ، ومع ما ذهب إليه مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر، وتضمنه بيان مؤتمره الـ 14 المنعقد عام 1431هـ، ومع ما قررته هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وأفتت به لجنة الإفتاء في الكويت.
وجاء في الفتوى أن هذا كله يدل على أن جميع الهيئات والمؤسسات المعنية بالإفتاء في الدول الإسلامية تؤكد على منع مثل هذه المسلسلات «غير الموفقة، وذات الهدف السيء، ظاهراً وباطناً»، موضحة أنه، «إذا علم ذلك، فإنه يتعين على الجهات الراعية والمنفذة لهذا المسلسل الكف عن المضي فيه، وإن كان قد تم، فيتعين وأده والانشغال بما ينفع من برامج نافعة ومسلسلات هادفة».
ودعت الفتوى جمهور المشاهدين أن يتجنبوا متابعة هذا المسلسل، «لئلا يكون تشجيعاً لهم على هذا الإنتاج غير المرضي وهجراً لبدعتهم، ونصراً لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعظيماً لهم، فضلا عن أن مثل هذا المسلسل سيؤجج مشاعر الكراهية بين طوائف المسلمين، فلا يخفى أن سيدنا عمر، رضي الله عنه، هو رمز من رموز الإسلام العظيمة، لما له من فضل كبير، ليس فقط في صحبته وجهاده، بل كذلك في نشر دين الله، وتثبيت دعائم الدولة الإسلامية وتنظيمها، ومن معه من كبار الصحابة جاهدوا معه، وكان لهم من ذلك الفضل العظيم مالا يقل أهمية عنه، فكيف يقبل المسلمون تمثيلهم من مثل هؤلاء الممثلين».
قال المستشار القضائي، الدكتور صالح اللحيدان إن مسلسل «عُمر»، فيما أعلم، يحتوي على قرابة ثلاثين حلقة تشمل حياة عمر بن الخطاب، وتشمل ما قام به من عمل إبان الخلافة الإسلامية.
وأضاف أن من المعلوم أن أحاديث عمر ورواياته قليلة جداً، بالنسبة للسبعة الصحابة المكثرين، ولكن حديثاً واحداً من عمر، أو عملاً واحداً لعمر، يعني أحاديث كثيرة، ومن هذا المنطلق، ولو فرضنا جدلاً أن عُمَر حياً لأقام الدعوة على ما يكون عليه، مقدما نصيحة إلى من أجاز هذا العمل، ومن يقوم بالأدوار فيه، أن يجعلوا أنفسهم في موقف عُمَر، حتى وإن كان الهدف طيباً، إلا أن الافتراء مذموم.
وأوضح أنه إذا كان أغلب المسلمين الآن لا يقرأون، فإن غالب المسلمين من الجهة الأخرى سوف يقرأون التاريخ من جديد، وسوف يذمون من قام على هذا المسلسل.