إخراج زكاة الفطر عبر الصراف الآلي.. العام الجاري
كشف مسؤول في العمل الخيري، أن وزارة الشؤون الاجتماعية اعتمدت أخيراً تنظيماً جديداً لإخراج زكاة الفطر، مبيناً أن النظام سيمكن الراغبين في إخراج الزكاة هذا العام اعتباراً من اوآخر شهر رمضان الجاري عبر أجهزة الصرف الآلي.
وقال محمد مرزا عالم، مدير مركز الدعوة والإرشاد في مكة المكرمة: “في هذا العام سنعمل بنظام جديد خاص بمشروع زكاة الفطر، والذي نرجو من خلاله أن نتلافى جميع السلبيات وأن تصل الزكوات إلى مستحقيها، ولكن يجب أن تكون هناك دراسة ميدانية وتقديرية حتى لا تفتح الأبواب أمام جهات غير مرغوب فيها تقوم بتولي مثل هذا الأمر في مصلحتها”، مبيناً أن التنظيم الجديد الذي اعتمدته وزارة الشؤون الاجتماعية، يحتاج إلى نوع من المرونة التي قد يكون يفتقدها.
ويرى عالم، أنه رغم وجود التفاؤل والرغبة في تحقيق النجاح للتنظيم الجديد، إلا أن هناك إمكانية قد تجعله يوصف بغير المجدي، خاصة مع ما تواجهه الشبكة المصرفية في الأيام الأخيرة من شهر رمضان من أعطال نظراً لحجم الضغط عليها.
وأشار عالم، إلى أن الأرقام عن حجم ومعدلات ما يخرج من زكاة الفطر سنوياً، لا تطابق وليست بقريبة من تلك الأرقام من عدد السكان أو المقيمين في المملكة الذين يجب عليهم إخراجها عنهم وعن ذويهم، وقال: “على المخرج لزكاة الفطر أن يعتني بها من حيث اختياره صنف الزكاة ومدى جودته وتجنبه لاختيار الأصناف رخيصة الثمن، والعناية أيضاً بوقت إخراجها والحرص عليه وعدم التساهل أو التراخي عن إخراجها أو تأخيرها عن وقتها أو منحها لغير مستحقيها”.
ولفت عالم، إلى أن حدوث السلبيات في زكاة الفطر يعود إلى أنها مشروع عام ليس مقصورا على فئة معينة، داعياً العلماء وأهل العلم والدعاة والخطباء وأئمة المساجد ورجال التربية والتعليم وغيرهم ممن يجب عليهم إظهار زكاة الفطر وآدابها وأحكامها، إلى نشر فقه وثقافة زكاة الفطر بين الناس.
وتابع عالم: “لعلاج قضية السلبيات، يجب على الجمعيات الخيرية أن تقوم بدورها، حيث إن هناك الكثير منها تتنازل عن دورها في مشروع زكاة الفطر، وذلك إما لأنها لا تريد أن تتحمل نوعا من الأعباء والجهد، أو أن تدخل في مجال ضغوط عمل خلال اليومين الأخيرين من شهر رمضان ويوم العيد”.
ووصف عالم هذا التصرف من قبل الجمعيات الخيرية التي تنأى بنفسها عن العمل في مشروع زكاة الفطر، بالجمعيات التي تنازلت عن دورها الإيجابي والاجتماعي والوطني في إظهار الشعيرة والعناية بها وتوزيعها وإيصالها إلى مستحقيها.
ودعا عالم، إلى ضرورة أن يكون هناك تنظيم إداري من خلال إعداد لائحة تنظيمية يجمعها قرار إداري حاسم يحمّل كل جهة مسؤوليتها، وذلك لإيجاد نوع من الرقابة على مشروع زكاة الفطر، مستدركاً: “لاحظنا وجود نوع من هذا التنظيم الذي نرغب فيه خلال العامين الماضيين، ولكن هذا التنظيم لم يحمّل الجمعيات مسؤوليتها بشكل واضح”.
ويرى عالم، أن تنازل 24 جمعية خيرية في مكة المكرمة من أصل 25 جمعية عن دورها في إخراج زكاة الفطر هذا العام، وذلك في ظل عدم تقدم سوى جمعية واحدة توضح رغبتها للعمل في المشروع من خلال الضوابط المنظمة للعمل، أنه الأمر الذي يؤكد وجود خلل لدى الجمعيات ومعاناتها انعداما في المسؤولية يجب أن يتم النظر إليها في الحسبان، حيث من المفترض أن تقوم تلك الجمعيات بدورها دون امتنان حتى إن تطلب ذلك صدور قرار يلزمها بالعمل جبريا من قبل جهة الاختصاص.
وزاد عالم: “تهرّب تلك الجمعيات الخيرية من القيام بواجبها، هو أمر يثير التعجب، وخاصة أنها الجهات الخيرية المخول لها هذا الأمر وخاصة فيما يعنى باستقبال الزكوات العينية، وهي التي أيضاُ لديها حسابات بنكية تمكنها من استقبال زكاة الفطر عليها في حال كانت تلك الزكاة مادية”.
من جهته، وصف الدكتور يحيى الكناني، المختصّ والناشط في العمل الخيري والمشرف على مشاريع الإطعام الخيري، ورئيس اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم” تراحم” في مكة المكرّمة، ما يصاحب بعض التصرفات التي تصاحب موعد إخراج زكاة الفطر من قبل بعض الأشخاص أو الجهات بالفوضى، وقال: “هذا الحدث سنوي، وللأسف الشديد هناك من يستغل مثل هذا الأمر، خاصة في ظل ضيق الوقت ومسارعة الناس في إخراج الزكاة”.
وأبان الكناني، أن غالبية من يحاول التنفع من مشروع زكاة الفطر لمصلحتهم الشخصية، هم بعض من أبناء جاليات إفريقية عرف عنها مثل التصرف، وانتشارها في الأماكن العامة خلال فترة إخراج زكاة الفطر.
وتابع الكناني: “نحن منذ عام 1998 وضعنا آلية لتنظيم هذا العمل، حيث قمنا بحصر المستفيدين في مكة المكرمة وضواحيها في قوائم، وذلك حتى يسهل إيصال زكاة الفطر إليهم في وقتها المحدد، كما أنه تمت الاستفادة من بعض الفتاوى الشرعية التي تجيز توكيل المستفيد والمخرج للزكاة بتولي الجهة الخيرية للعمل ومن ثم إيصال الزكاة بعد خروج الوقت، وذلك تجنبا للتأخير في ظل ما تشهده مكة المكرمة من اختناقات مرورية في الليالي الأخيرة من شهر رمضان من كل عام وفي صباح العيد.
وكشف الكناني، أن قائمة المطالبين بالحصول على زكاة الفطر في مكة المكرمة وضواحيها يفوق عددها 20 ألف مطالب ويدعي استحقاقه للحصول على الزكاة، مردفاً: “نحن من خلال البحث والتحري بواسطة مختصين اجتماعيين ومخاطبة عمد الأحياء والضمان الاجتماعي والتأمينات الاجتماعية ومصلحة المعاشات والتقاعد ومن خلال دراسة أعدت مسبقاً، ثبت أن هناك أكثر من 50 في المائة من قائمة المطالبين للحصول على زكاة الفطر هم لا يستحقونها”.
ولفت الكناني، إلى أن جمعية الإحسان والتكافل الاجتماعي في مكة المستودع الخيري سابقاً بلغ عدد الذين أخرجوا زكاة الفطر عن طريقها نحو 400 ألف مستفيد بواقع 15 ريالا لكل فرد، مستدركاً أن نسبة الهدر في زكاة الفطر في الوقت الحالي ووصولها لغير مستحقيها أو وصولها لأشخاص منتفعين يقومون بإعادة بيعها للاستفادة المادية تقلصت، وهي في حدود 30 40 في المائة من حجم زكاة الفطر الكلية.
ويرى الكناني، أن أفضل آلية لإخراج زكاة الفطر، تكون عن طريق الجمعيات الخيرية حتى تصل إلى المستفيدين الفعليين، وأن على المخرجين للزكاة أن يعوا أن هذا الأمر لا يتعارض مع أفضلية أن يخرجوها بأنفسهم، إلا أن الظروف أحياناً قد تجعلهم يخطؤون في توجيهها إلى أشخاص غير مستحقين فيذهب الأجر.
وأبان الكناني، أنه رغم ما للجمعيات من دور بارز في إيصال الزكاة لمستحقيها، إلا أن هناك تحفظا من قبل الجهات الرقابية على آلية السندات التي تعمل بها الجمعيات. وبين أن الجهات تلك قد تكون على حق خاصة في ظل وجود ضعاف النفوس يستغلون تلك الإيصالات أو الكروبونات في التغرير بالناس من خلال بيعها عليهم ليعود نفعها لمصلحتهم الشخصية.
وأكد الكناني، أن الجهات الرقابية حريصة على ألا يستغل الحدث من خلال دخول عناصر غير مفوضة لجمع الزكاة والتغرير بالناس واستغلال تعاطفهم لتحقيق منافع لهم، داعياً إلى ضرورة أن يكون هناك حملة توعوية تثقف الناس بالجهات التي يمكن من خلالها إخراج الزكاة بالشكل الصحيح، وإلى أن يكون هناك مزيد من الرقابة من قبل الجهات المشرفة على العمل الخيري.
وزاد الكناني: “زكاة الفطر هي واقع نعيشه لا يمكن التخلي عنه، ولذا لا بد على الجميع أن يستشعر المسؤولية وأن يحرص على أن يسير هذا العمل على وجهه الصحيح”، مشيراً إلى أن الحل الأمثل للتخلص من السلبيات التي تشوب موسم إخراج زكاة الفطر يتمثل في التالي: توحيد عمل الجمعيات الخيرية كل حسب منطقتها من خلال الارتباط بفروع وزارة الشؤون الاجتماعية، زيادة حجم الرقابة على العاملين في القطاع، إلزام جميع الجمعيات الخيرية بالعمل بآلية موحدة، وعدم ترك مثل هذا الأمر أمام الاجتهادات الفردية.
من جهته، قال الدكتور زيد الرماني، المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: “الاقتصاد الإسلامي قادر على حل المشكلات الاقتصادية لما يتمتع به من خصائص ومقومات غير متحققة في غيره، وعلى سبيل المثال فرض الزكاة في مال كل ذي مال، حيث يحق للدولة أن تستوفيها جبراً إذا امتنع الأغنياء عن دفعها طوعاً”.
وأكد الرماني، أن الزكاة تسهم في حل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والمالية للأفراد والمجتمعات، وتعتبر أهم وسيلة من وسائل التكافل الاجتماعي في الحياة، مبيناً أنها تسهم في حل مشكلة البطالة وتشغيل عدد من العاطلين عن العمل، هي تحتل أيضاَ مكاناً رئيساً في نظام الاقتصاد الإسلامي المتكامل، حيث تلبّي وظائف متعددة في علاج الركود الاقتصادي، وفي مجال العمل الخيري البناء، كما تلبّي حاجات أخرى عديدة.
ويرى الرماني، أنه ينبغي أن تقوم الزكاة بوظائفها من حيث معالجة مشكلة البطالة وظاهرة الفقر، بتأمين العمل للناس، وتوفير السبل أمام العمال والشباب، وتوفير العيش الكريم للناس، وحفظ الكرامة الإنسانية للأفراد، وتزويد الأسرة والأطفال بالقوت الضروري والغذاء اللازم، والمساهمة في الحركة الاقتصادية في الإنتاج والعطاء، والقضاء على منافذ الفساد والجريمة، مفيداً ان الاقتصاد قوة الدول والشعوب، لاسيما في هذا العصر الذي أضحت فيه بعض الأمم رهينة المادة، بل تعتبرها الفاصل بين التقدم والتخلف.
وأضاف الرماني: “رأى بعض العلماء والباحثين ضرورة إضافة بعض التطبيقات المعاصرة فيما يتعلق بمصارف الزكاة، من حيث دفع الزكاة لأصحاب الدخل المحدود الذين لا يكفيهم دخلهم سواء أكانوا عمالاً أم موظفين أم مستخدمين، كما يمكن قضاء دين الميّت من الزكاة باعتبار صاحبه من الغارمين إذا لم يكن في ميراثه ما يفي بذلك ولم يسدد ورثته عنه”.
وزاد الرماني: “من السبل المهمة في هذا الزمان ما يتعلق بمشكلات الشباب وخاصة العزّاب، فيا حبذا أن تسهم الزكاة في حل تلك المشكلات ومعالجة أوضاع أولئك الشباب، من خلال المشاركة في مشاريع الزواج وإعفاف الشباب والبنات غير القادرين على نفقات الزواج.
وأشار الرماني، إلى أن هناك مسائل غاية في الأهمية تتصل بالزكاة ومصارفها وأموالها في حاجة إلى بحث ومدارسة من قبل العلماء والفقهاء والمهتمين والباحثين، ومن ذلك: حالة الموظفين العاملين على جباية الزكاة وصرفها وتوزيعها، حاجة مؤسسات الزكاة إلى التقنيات الحديثة لتطبيق الزكاة واستخدام أجهزة الحواسيب والمستودعات لحفظ أموال الزكوات، وما مدى الحاجة إلى لجنة شرعية مختصة كخبراء دائمين متفرغين، لحل المشكلات الطارئة ودراسة الصعوبات الناشئة في شؤون وأمور الزكاة.