المقاصف المدرسية سوسة تنخر أجساد الأجيال وتضعف أدمغة المستقبل
أوصى استشاريون في التغذية بضرورة الاهتمام بتحقيق الأغذية المتوازنة في المقاصف المدرسية والتي تحتوي على كافة العناصر الغذائية المطلوبة في مراحل نمو الطلاب مرورا بكافة المراحل الدراسية وانتهاء بذوي الاحتياجات الخاصة لما تمثله الأغذية المتوازنة من تأثير إيجابي على مستوى الصحة العامة للأبناء فبين الجذاب والمفيد يقع الأهالي في حيرة من أمرهم فيما توفره المقاصف المدرسية من وجبات لأطفالهم، حيث يترك بعض الأطفال الوجبات المنزلية ويفضلون شراء الحلويات والمأكولات ذات الألوان والأشكال الغريبة والتي تفتقد للعناصر الغذائية المفيدة مما ينعكس سلبا على صحتهم وتحصيلهم الدراسي.
تقول سهى محمد، أم طالب في المرحلة الابتدائية، «لاحظت زيادة وزن ابني فور التحاقه بالمدرسة رغم عدم تغير وجباتنا في المنزل، وقد بدأت بإعداد وجبة الفسحة له في المنزل خوفا من تلك الوجبات الموجودة في المقصف المدرسي والتي تحتوي على نسبة كبيرة من الدهون والسكر».
من جهته تحدث محمد حسن، والد أحد الطلاب، قائلا «أحرص يوميا على اصطحاب ابني للسوبر ماركت لشراء ما يحبه من مأكولات كما أن والدته تعد له بعض الوجبات التي يحبها، حتى لا يشتري من المقاصف المدرسية التي تقدم وجبات غير صحية بعد انتشار الأخبار عن فطائر فاسدة ومنتهية الصلاحية».
فيما أكدت استشارية التغذية الدكتورة رويدة نهاد إدريس، أن انعكاس ما يقدم في المقاصف المدرسية سواء المدارس الحكومية أو الخاصة أو مدارس ذوي الاحتياجات الخاصة يتمثل في ارتفاع نسبة الأمراض المختلفة من سكري الأطفال، السمنة والنحافة المفرطة، حالات السرطان، تسوس الأسنان، ضعف النظر، أمراض القلب، فقر الدم، التوتر، الإجهاد، عدم القدرة على الاستيعاب أو سوء التعامل والعناد، كل ذلك وأكثر من انعكاسات ما تتخم به أجساد أبنائنا.
وشددت رويدة إدريس على أهمية توفير الغذاء المتوازن الكامل للطلاب الذي يحتوي على جميع العناصر الغذائية اللازمة للنمو وتوليد الطاقة حتى ينمو بشكل صحي، لأنهم يقضون أكثر من ثلث يومهم في المدرسة، لذا يجب أن يحصلوا على ثلث احتياجاتهم الغذائية اليومية في هذه الفترة الممثلة في وجبة الإفطار والوجبة الخفيفة حتى نستطيع أن نتفادى المشكلات الغذائية المتعارف عليها، مع تحفيز الذاكرة، والحماية من الإجهاد، والسيطرة على الضغط العصبي.
وتوصي أخصائية التغذية، بأن يعتمد الإفطار المدرسي في تخطيطه في المقاصف المدرسية على توصيات هيئة الغذاء والدواء العالمية وموافقة لتنوع العناصر الغذائية للأطفال من ناحية الكمية والعناصر الغذائية المتنوعة والمحتوية على نسب قليلة من السكر والملح والسعرات الحرارية، التي يحتاجها الطلاب وفقا للمرحلة العمرية والاحتياجات اليومية على العناصر الغذائية .. 30 % من الدهون المشبعة كالموجودة في الحليب، وغير المشبعة الموجودة في الزيوت النباتية لأن الطفل يحتاجها لاكتمال خلايا المخ و 50 % من النشويات كالحب الكامل والخضروات والفواكه الغنية بفيتامين ج الذي يساعد على تقوية جهاز المناعة عند الأطفال، أما البروتينات فيجب أن تمثل 20 % من السعرات الحرارية ويجب التنويع ما بين البروتينات الحيوانية كالسمك واللحوم والدواجن والبروتينات النباتية الموجودة في البقوليات.
وتؤكد الدكتورة رويدة أنه كلما كانت وجبة الإفطار متوازنة عمل المخ بشكل متوازن، فقد أظهرت الدراسات أن الطفل الذي يتناول وجبة إفطار تتكون من سعرات حرارية متعادلة من النشويات المركبة والبروتينات يظهر قدرة أكبر على التحصيل والإنجاز عن الطفل الذي يتناول إفطارا يحتوى على نسبة أعلى من البروتين أو من النشويات.
وتنصح الدكتورة مها العطا، طب أسرة ومجتمع بقولها «ضرورة تعليم الطفل منذ الصغر العادات الصحية الغذائية الجيدة وذلك عن طريق توفير الغذاء المتوازن المحتوي على العناصر الغذائية المختلفة من بروتينات ونشويات ودهون وفيتامينات ومعادن، والعمل على تزويد الطفل بساندويتش من المنزل وحليب أو لبن مع قطع صغيرة من الفاكهة وإعطاؤه القليل من المال كمصروف، لو أراد أن يشتري قطعة من الحلوى».
فقد أوضحت الدراسات العلمية العالمية أن التغذية السليمة الصحية المتوازنة لها تأثير بالغ على التحصيل الدراسي للطلاب، حيث تبين أن نقص عناصر مهمة مثل الزنك والحديد أو مركبات فيتامين ب أو نقص البروتينات يؤثر سلبا على نمو الدماغ، مما يؤدي إلى نقص معدل الذكاء، وينتج عن ذلك سلوك اجتماعي عدواني.
ويلعب المقصف المدرسي والمعلم دورا هاما بالتشارك مع الأسرة في تأصيل العادات والسلوكيات الغذائية الجيدة، ويقع الحمل الأكبر على المدرسة، فمن المهم تعريف الأطفال والمراهقين بالمجموعات الغذائية وأهميتها والكميات اللازمة من كل مجموعة وعرض نماذج من كل مجموعة وتشجيعهم على التذوق وتحضير الأكل بطريقة مغرية لهم والعمل على إمداد المقصف المدرسي بنوعيات غذائية جيدة ذات جودة عالية وأن يراعوا الأمانة الملقاة على عاتقهم في تربية الأطفال والمراهقين، كما يجب منع المشروبات الغازية والأغذية ذات السعرات الحرارية العالية والمنخفضة الجدوى مثل المأكولات المعلبة والمحفوظة وعدم بيع الحلويات.
ومن الممكن العمل على توفير علب وجبات تحتوي على العناصر الغذائية المتكاملة ذات طعم وتقديم جيد تشجع الطفل على أكلها، وبالنسبة للمراهقين يجب الاهتمام بسماع رأيهم فيما يقدم لهم وتفعيل حصص تحضير وجبات غذائية للبنين والبنات تمد مقصفهم المدرسي بما يحبون ويرغبون في تناوله مع التأكيد على منع بيع جميع أنواع المأكولات الخالية من القيمة الغذائية، لكن أحب التأكيد على دور الأسرة في الاهتمام والتعاون مع المدرسة في تزويد الطالب بفطور صحي وأن يكون الأب والأم أو من يرعى الطفل قدوة له في نمط تغذيته.
وأوضح مدير إدارة الإعلام التربوي بتعليم جدة عبدالمجيد الغامدي أن متعهد مقاصف المدارس الأهلية يتم من قبل المدرسة نفسها، ويقوم مشرفو ومشرفات خدمات الطلاب والطالبات والصحة المدرسية بتعليم جدة بجولات مستمرة عليها ومتابعة ما تقدمه صحيا.
وأضاف «المدارس الحكومية بجدة فالمتعهد لمقاصفها المدرسية هي شركة الخليج للتموين، وذلك عن طريق اتفاقية موقعة مع شركة تطوير القابضة ما عدا 26 مدرسة للبنين و 5 مدارس للبنات، وهي المدارس الرائدة والمطورة التي تخضع لنظام تطوير يكون المتعهد من قبلها ويتابع ما تقدمه صحيا مشرفو ومشرفات خدمات الطلاب والصحة المدرسية أيضا».