تربويون ينعون التعليم بعد حادثة التفحيط في ثانوية القدس
شدّد عدد من الاختصاصيين التربويين على ضرورة تأهيل معلمي المدارس بشكل أكبر، وإعطاء مسؤولية الأنشطة الطلابية لأشخاص قادرين على اختيار البرامج المناسبة التي تحقّق الفائدة للطلبة، معتبرين ما حدث في مدرسة القدس الثانوية في الرياض (الثلثاء) الماضي، من استضافة أحد المفحطين وفتح المجال أمامه للاستعراض أمام الطلاب، عملاً مرفوضاً يستوجب معالجته، كما نعى الاختصاصيون حال وزارة التربية والتعليم بعد حادثة «التفحيط»، معتبرين أن ما حدث عملاً غير تربوي، أكسب الطلاب سلوكاً سلبياً.
وأوضح مدير جامعة اليمامة سابقاً أحمد العيسى، أن «الطلبة دائماً ما يبحثون عن قدوات لمحاكاة بعض ما يقومون به، وهو ما يعني ضرورة تقديم القدوات الإيجابية لهم»، مشيراً إلى أن الصورة التي ترسخ في ذهن الكثير من الطلاب قد تتمثّل في جانب «التفحيط» وحده، بعيداً عن كون المفحط أراد تقديم محاضرة توجيهية كما قيل.
وقال العيسى: «فئة الشباب بصورة عامة تبحث عن قدوة لها تسايرها في ما تقوم به من أعمال، وما أقدمت عليه مدرسة «القدس» يشكّل عملاً مرفوضاً لا ينبغي للمؤسسات التربوية أن تقدّمه، حتى وإن كان الهدف هو توعية الطلاب بخطورة التفحيط، فالطلاب قد لا يستوعبون أبعاد هذه الاستضافة، وبالتالي يتعلّقون بالنموذج الذي أمامهم، انطلاقاً من كونه متميّزاً في «التفحيط»، إذ يمكن أن تتناول المدرسة قضية «التفحيط» من جوانب عدة، أفضل من إبراز نموذج، إضافة إلى السماح لهذا النموذج بتقديم عرض، وإذا كان المكتب الذي تتبع له المدرسة وإدارة التربية والتعليم في الرياض يعلمون عن إقامة هذا النشاط ولم يمانعوا فهذه مشكلة كبرى، وتعكس وجود فجوة بين المدارس وإدارات التعليم في ما يتعلّق بالأنشطة».
ونوّه العيسى بأنه يؤيد أن تكون للمدرسة صلاحية أكبر في دور الأنشطة، لكن من دون أن تترك المسألة مفتوحة، إذ لا بد أن تكون هناك مذكرات توجيهية تشرح للمدارس نوعية الأنشطة وكيف تنظيمها، إضافة إلى حوار بين أطراف تربوية وتعليمية سواء من الوزارة أم إدارات التربية والتعليم وإدارات المدارس، حول مدى الأنشطة المفيدة للطلاب والطالبات، مضيفاً: «قد تكون إدارة المدرسة اجتهدت بطريقة خاطئة، لذا لا بد أن يتم التنبيه عليها والتأكيد على خطورة ما حدث».
بدوره، أكد أستاذ المناهج لتعليم اللغة العربية في جامعة الملك سعود والأمين العام للمركز الوطني لأبحاث الشباب سابقاً صالح النصّار، أن قضيّة «التفحيط» تتطلّب وجود الاختصاصيين والقادرين على إرسال رسائل توعية مناسبة بشكل احترافي، معتبراً ما حدث داخل مدرسة «القدس» بأنه عمل غير تربوي، ولم توفّق المدرسة في إعداده.
وأضاف النصار : «نقل رسائل التوعية يجب أن يتم من أشخاص مختصين، خصوصاً إذا كانت الرسائل تُعنى بقضايا مهمة وحساسة، ويجب النظر إلى أبعاد ما حدث والتعرّف على أسبابه والتعرّف على ما تبعه، فإذا أخذنا ما حدث بسياق عام من منطلق أن المدرسة استضافت شخصاً متمرساً لإعطاء كلمة توجيهية للطلاب عن سلبيات التفحيط، فإن ذلك يدخل في إطار الأنشطة اللاصفية التي نشجعها، لكونها قضية مهمة تلامس فئة الشباب، لكن معالجة قضية التفحيط تعتبر مثل غيرها من القضايا التي لها حدان، كالتدخين أو المخدرات، بمعنى أنها تتطلّب شخصاً متخصصاً يستطيع إرسال رسائل توعية مناسبة بشكل احترافي بحيث تصل إلى المتلقين بشكل ناجح، لكن للأسف أن ما حدث داخل المدرسة كان هو المشهد ذاته الذي يحدث في أماكن تجمّع المفحطين العامة، فالتجمهر داخل المدرسة كان حاضراً، إضافة إلى عدم تهيئة المكان بحيث يكون أكثر أماناً، إذ كان يفتقد للأشخاص المعنيين مثل الهلال الأحمر والدفاع المدني، وأي خطأ بسيط من السائق يمكن أن يؤدي إلى كارثة داخل المدرسة».
وذكر أن التصرّف الذي حدث داخل المدرسة يسهم في اكتساب قيمة خاطئة وسلوك سلبي داخل مؤسسة تربوية، لافتاً إلى أن ما كانت ترغب المدرسة في إيصاله للطلاب جاء بتطبيق خاطئ.