حكومة المالكي أوصت وزيري العدل والخارجية بحجب أية معلومات عن المعتقلين في السجون
قال السياسي العراقي، عوض العبدان، إن مجلس الوزراء في بلاده أصدر توصيةً لوزيري العدل والخارجية ومتحدثيهما الرسميين بعدم تزويد السفارات العراقية ووسائل الإعلام بمعلومات عن قضايا المعتقلين في السجون العراقية.
ووفقا للشرق ربط العبدان، وهو رئيس حركة تحرير الجنوب في العراق، بين هذه التوصية وما نشر الخميس الماضي عن تذمر الدبلوماسي العراقي في الرياض، معد العبيدي، من عدم تجاوب المتحدث الرسمي باسم «العدل» العراقية، حيدر السعدي، مع استفسارات السفارة ووسائل الإعلام حول ملف السجناء السعوديين في العراق.
وتوقع العبدان، في حوارٍ خاص تصاعد الأزمة السياسية في العراق حال وقوع مكروه للرئيس جلال طالباني، وتنبأ بصراع ثلاثي بين الأكراد والسنة والشيعة حول من سيخلفه في منصب الرئيس، وإلى نص الحوار:
هل الوضع السياسي في العراق، وخصوصاً بعد تدهور الحالة الصحية للرئيس، ينبئ بأزمة سياسية قريبة؟
– الوضع السياسي في العراق غير مستقر بالأساس، فما بالك لو حصل للرئيس جلال طالباني مكروه؟ هناك خلافات سياسية كبيرة ما بين الأحزاب العراقية، وهذا الخلاف سينزل إلى الشارع ويسبب عنفاً وقتلاً وتدميراً كنوع من تصفية الحسابات بين هذه الأحزاب، وربما تتصاعد الأزمة حال الحديث عن تسمية من سيخلف طالباني، وبالتأكيد لن يسمح الأكراد لجهة أخرى بأن تستحوذ على هذا المنصب، فيما سيجد العرب السُنّة أن الفرصة أصبحت مواتية لكي يكون الرئيس المقبل عربياً سنياً بناءً على اتفاق مبرم مفاده أن الرئيس في الدورة المقبلة سيكون من السنة، في المقابل لن تسمح المرجعيات الشيعية ونوري المالكي بهذا الأمر، لذا أرى أن الصراعات ستشتد أكثر وأكثر.
هل هناك فرصة أمام طارق الهاشمي ليتولى المهمة أم أن الأمر مستحيل؟
– كان من المفترض أن يتولى الهاشمي المهمة خاصةً أنه كان يشغل منصب نائب الرئيس، ولكن بعد أن لُفِّقَت له التهم وصدرت بحقه عدة أحكام بالإعدام فلا يمكن أن يصبح رئيسا، وهناك اسم آخر مطروح منذ فترة وهو نائب رئيس الوزراء صالح المطلك، ولكن أعود لأقول إن الأكراد لن يفرطوا في منصب الرئيس.
هناك من يرى أن صوت المعارضة العراقية بات خافتاً حالياً، فهل وصلت لمرحلة اليأس أو الاستسلام؟
– بالعكس، المعارضة العراقية الآن أفضل مما كانت عليه قبل سنوات، ويوماً بعد يوم تكسب ثقة الشعب الذي يرى ممارسات القيادة الخاطئة التي لا يمكن أن تصلح هذا البلد، فالنظام لا يحظى حاليا بأي شعبية في الداخل، وتحول إلى نظام ديكتاتوري وقمعي وفاسد إدارياً وعميل لإيران بشكل مطلق فيما يتعلق بالصعيد الخارجي.
تأجلت زيارة الرئيس الإيراني إلى العراق مرتين، ما السبب من وجهة نظرك؟
– هي بالطبع زيارة غير مرحب بها، أحمدي نجاد رئيس لدولة أوغلت في سفك الدماء العراقية وفي تخريب العراق والنسيج الاجتماعي بها، ويد الشر الإيرانية اليوم ممتدة في طول وعرض بلادنا، وعندما يأتي هذا المسؤول ليتفقد رعاياه وعملاءه والبلد المحتل من قِبَله فبالتأكيد لن يجد الترحاب، هذا رجل يداه ملطخة بالدماء، وسبق أن زار العراق تحت الحماية الأمريكية وكان مقر إقامته بالقرب من القاعدة الأمريكية والحراسة التابعة لها، وقبل شهرين تقريباً أُعلِنَ عن زيارته للعراق مما أثار حفيظة الشرفاء العراقيين الذين توعدوا بالمظاهرات فتم التأجيل الأول، وها هو يعلن عن زيارة أخرى ثم يؤجلها لنهاية الشهر الجاري، ولا أعتقد أنه يجرؤ على إتمامها، أرى أن المسألة أصبحت مكشوفة، فهي مجرد استفزاز وجس نبض للشارع العراقي وردود فعله تجاه إيران.
في الفترة الأخيرة سجل العراق أرقاماً قياسية في عدد الإعدامات، برأيك ما السبب؟
– السبب أن القضاء العراقي لم يعد مُسيَّساً فقط وإنما أصبح طائفياً بشكل كامل، ويحزننا أن نقول إن 90% من الإعدامات كانت من نصيب طائفة واحدة وهي الطائفة السُنيّة ولم يُعدَم شيعي واحد حتى الآن، هناك ميليشيات شيعية قتلت وفجرت وخربت ولكنها تتمتع بحصانة كاملة ولا يتم إعدام عناصرها، بينما يُعدَم الأبرياء، وقسمٌ كبير ممن أُعدِموا حُكِمَ عليهم في قضايا غير حقيقية، وهناك من يضطر من المعتقلين للاعتراف على نفسه زوراً جراء ما يتعرض له من تعذيب وانتهاكات تقوم بها إدارة السجن، حتى بات معروفاً أنك إذا كنت عربياً سنياً فلابد أن تزور السجن حتى لو كنت بريئاً، والمحظوظ من يُطلَق سراحه بعد ثلاثة أو أربعة أشهر.
لماذا لا ترد وزارة العدل العراقية على استفسارات سفارتكم في الرياض عن وضع السجناء السعوديين في العراق؟
– بسبب توصيات تصدر من مجلس الوزراء في بغداد لوزيري العدل والخارجية ومتحدثيهما الرسميين بعدم تزويد السفارات العراقية في الخارج ووسائل الإعلام بمعلومات خصوصاً عن قضايا السجناء والمعتقلين في السجون العراقية.
وما أثارته المصادر في عدد الخميس الماضي عن تذمر مشرف العلاقات الثنائية والقانونية في السفارة العراقية في الرياض، الدكتور معد العبيدي، من عدم تجاوب المتحدث الرسمي باسم «العدل» العراقية، حيدر السعدي، مع السفارة ووسائل الإعلام هو نتيجة هذه التوصيات الحكومية لعدم الخوض في هذه التفاصيل خوفاً من كشف ما هو أمر وأدهى.
ولا يمكن لشخص مجرم أو قاتل أو سارق أن تكون لديه شجاعة أن يكون شفافاً ويسمح للآخرين بالبحث والتحري في هذا الموضوع، هم متأكدون أنهم خرقوا القانون أكثر من مرة ويعلمون أيضاً أنهم سجلوا حالات جرائم وحثوا وتستروا عليها لذلك لا يريدون كشف هذه الأوراق.
أليس هناك منظمات حقوقية عربية ودولية تزور السجون العراقية؟
– حقاً أين المنظمات العالمية التي تدافع عن حقوق الإنسان؟ وأين هذه المنظمات التي كانت تصرخ وترفع صوتها عالياً فيما لو وقع انتهاك بسيط لحقوق الإنسان في البحرين؟ بينما في العراق يحدث اغتصاب للنساء وتلفيق تهم وإعدامات بالجملة، فالعراق اليوم أصبح رقم واحد في تنفيذ الإعدامات، هناك صمت كبير ومخيف من هذه المنظمات، وعندما تأتي إلى وزارة العدل تجد أنهم يقولون إن هذه الانتهاكات حالات فردية، إذا كانت فردية لماذا لا يُعاقَب فاعلوها؟ المسألة بها الكثير من الزيف والتدليس والكذب، عدد الخروقات الكبير لا يدل على عمل فردي، هو عمل ممنهج ومخطط له ومنظم، وأقرب مثال لذلك الضابط الذي اغتصب فتاة في الموصل، حتى الآن لم يُستدعَ أو ُيسأل، وهذا دليل أنه يحظى بحصانة من القائد العام للقوات المسلحة نوري
المالكي لكونه ينتمي إلى الطائفة ذاتها.
هل اطّلعت على أوضاع السجناء العرب والعراقيين عن قرب؟
– نعم، من يحمل جنسية عربية سواء سعودي أو كويتي أو مصري أو جزائري يتعرض لأذى كبير، وهناك روايات مرعبة لما يجري داخل السجون، ولذلك تحاول الحكومة قدر المستطاع تلفيق التهم لهم وعدم إطلاق سراحهم بأي طريقة.
وكم وجدت عدد المعتقلين الإيرانيين في السجون العراقية؟
– هذا السؤال وجهناه أكثر من مرة إلى وزارتي الداخلية والعدل، فهل من المعقول أنه لا يوجد إيراني واحد قام بعمل إجرامي داخل العراق؟ هل من المعقول أن كل من أجرم من العرب؟ هل سمعتم بسجين أو معتقل إيراني داخل السجون العراقية؟ هذا أكبر دليل على طائفية وزارة الداخلية والقضاء العراقي، هاتان المؤسستان تُدارا من نظام الحكم من إيران.
هل لديكم علم بتطورات اتفاقية تبادل السجناء العراقيين والعرب وخاصة السعوديين؟
– أرى أن عملية تبادل السجناء مجرد محاولة لكف الضغط الشعبي على الحكومة العراقية، هذا من الجانب العراقي، أما الدول التي لديها معتقلون في العراق فهي جادة في هذه المسألة، ومن هذه الحكومات من يعلم يقيناً أن الحكومة العراقية تراوغ وتختلق الأعذار ولكنهم مستمرون على أمل تحقيق النتيجة المرجوة، والجانب العراقي يريد أن يظهر أمامهم بصورة المحايد وغير الطائفي، إنما الحقيقة هي أن هناك أشخاصاً داخل البرلمان العراقي اتفقوا على أن تقوم مجموعة بتحريك مسألة التصويت على قرار الاتفاقية في البرلمان وفي المقابل تقوم مجموعة أخرى وتصوت ضده، فالمسألة تضييع وقت لا أكثر، وإن تحقق منها شيء سيكون يسيراً جداً.
حركة تحرير الجنوب
تأسست حركة تحرير الجنوب في العراق في أبريل 2009، وهي حركة سياسية سلمية بدأت نشاطها بمقاضاة القنصل الإيراني في البصرة لـ «تدخله السافر في الشأن الداخلي للمحافظة».
ومن أهداف الحركة «تعبئة الشارع في المحافظات الجنوبية ضد الأهداف الإيرانية الرامية إلى تقسيم وحدة العراق وتغذية الروح الطائفية ودعم المسلحين للعبث بأمن واستقرار المحافظات»، وتضم الحركة شخصيات عشائرية ورموز وطنية وأكاديمية عراقية.