الأخبار المحلية

رئيس أدبي جدة يرفض وصاية المحتسبين بعد طلبهم إخراج الحاضرات في أمسية الثلاثاء

أعادت الأحداث التي جرت مساء أمس الأول بين مسؤولين في النادي الأدبي الثقافي في جدة ومجموعة مشايخ وطلبة علم، النادي إلى الواجهة بوصفه «مكاناً» للصراع بين «المحتسبين» والقيم الثقافية التي يعمل النادي على تكريسها.
وأدى حضور النساء في الأمسية، التي أقامها النادي مساء الثلاثاء، إلى نفور مشايخ وطلبة العلم، إذ أطلقوا عبارات استهجان ضد هذا الأمر في قاعة المحاضرات في النادي، مطالبين بإخراج النساء من القاعة.

ورفض رئيس النادي الدكتور عبدالله السلمي، محاولات فرض توجهات معينة على النادي، قائلاً «سياسة النادي الأدبي واضحة ومعروفة للجميع، وهي أن أبوابه مفتوحة للجميع، من يريد الحضور فنحن نرحب به، ومن يريد أن يغادر فلن نمنع أحداً من فعل ما يريد».
وكشف السلمي أن النادي لم يوجه دعوات خاصة لأي أحد، مبيناً أن الدعوة للأمسية الأخيرة كانت عامة، «ولم نوجه دعوات خاصة».
وقال «نحن نرحب بكل من جاء إلى النادي، ومن رأى أن النادي أخطأ في أمر ما، فآذاننا مُصغية ونتحاور مع الجميع، وإن وجد برنامجاً من برامج النادي لا يستجيب لطموحاته أو قناعاته، فنحن نطالبه بالاستماع لما نقدمه وأن يتعرف على برامجنا بنفسه».
وحول تصرفه ليلة الأحداث مع «المحتجين»، قال السلمي: «لست ولي أمر للنساء الحاضرات، ولست كذلك سلطة لآخذهن إلى المكان الذي يرغبه بعض الحضور. هناك فاصل بين الرجال والنساء، وهذا كل ما أود توضيحه».

من جانبه، نفى المتحدث الرسمي باسم النادي الدكتور عبدالإله جدع، أن يكون النادي طرفاً في الأحداث التي جرت مساء الثلاثاء، مؤكداً أن «أبواب النادي مشرعة أمام الجميع، ولا يستطيع أحد منع من كان من دخول النادي، ولهذا الأمر فقد وفرنا مكاناً خاصاً للنساء، وله مدخل خاص، وحتى الباب المخصص لدخولهن، فإنه باب جانبي لا يدخل منه سواهن».
وقال إن «هناك بعض النساء يفضلن الجلوس في الركن المخصص لهن، يسار المسرح، وهو ركن خاص، وقد اعتدن الجلوس فيه منذ إنشاء القاعة، ولكن المحتسبين الذين اعترضوا على ذلك لم يتفهموا هذا الواقع، وأصروا على إخراجهن من القاعة».
وتابع جدع أن جمهور النادي مثقف، وكل فرد منهم يتمتع بأخلاقيات الإسلام، مشيراً إلى أن المكان الذي يضم هذا الجمهور هو مؤسسة ثقافية عامة، لها مبادئها.

وحول اعتذار الدكتور محمد آل زلفة عن المشاركة في الأمسية أوضح جدع أنه «اعتذر مبكراً، ولا علاقة لذلك بما جرى في الأمسية. نحن فوجئنا باعتذاره عصر الأمسية، وكنا حريصين على حضوره لإثراء موضوع الأمسية، التي كانت تعتمد على توفير وجهتي نظر مختلفتين لمناقشة موضوع جدلي».

ومن بين النساء الحاضرات في أمسية الثلاثاء، كانت الدكتورة أميرة كشغري التي رأت أن ما حدث أمر لا يليق ولا يقبل، وقالت : «فوجئت بهؤلاء المحتسبين الذين دخلوا النادي بشكل عسكري ومنظم»، متسائلة «ما الذي جاء بهم إلى النادي، وأعتقد أن حضورهم إلى النادي كان لهدف معروف ولخوض معركة أخرى من المعارك الوهمية».
وأوضحت أن «النساء الحاضرات هن من الأديبات المعروفات، وليس من حق أي شخص أن يطلب منهن الخروج من القاعة، فهن موجودات في المكان المخصص لهن»، مشيرة إلى أن أكثر شيء آلمها «هو مجيء المحاضر إلى النساء، وطلبه منهن مغادرة القاعة»، معتبرة أن هذا «ليس من حقه على الإطلاق»، مضيفة أن «موقف النساء كان قوياً وشجاعاً، وإحداهن قالت للمحاضر اذهب وخاطب والدي الموجود في مقدمة القاعة».

وأشارت كشغري، وهي عضو في مجلس إدارة النادي، إلى أن النادي يقيم أنشطة ثقافية موجهة لجميع أفراد المجتمع، وأنه لا يحتكر رؤية واحدة، وأن على الذين لا يرغبون في وجود النساء في قاعة النادي المغادرة والبحث عن بديل ملائم.
ولفتت كشغري إلى أنها تود التنبيه إلى «خطورة هذا الموقف»، مشيرة إلى أن «مشاركة المرأة في النشاط الثقافي تسير بشكل سلس، ولا تحتاج إلى معطل في هذا التوقيت»، مختتمة حديثها بقولها: «لا نحتاج كذلك إلى من يزايد على حضورهن ومشاركتهن في النشاط الاجتماعي بعامة».
نظرة دونية

أما الدكتورة فاطمة إلياس، فقالت إن ما حدث «كان متوقعاً، وقد أعجبني موقف رئيس النادي الحاسم، والحقيقة المعروفة أن العلاقة متوترة أساساً بين المحتسبين والمؤسسات الثقافية»، متسائلة عن سبب هذا الموقف من وجود المرأة، «لا أدري هل هم يخشون من المرأة أم من أنفسهم؟ إنني أعتقد أن لديهم (فوبيا) من المرأة، وكأنها هي المسؤولة عن حمايتهم من الرذيلة».
وأوضحت أن المرأة كانت من المؤسسين للنادي الأدبي، مطالبة من لا يعجبهم وجودها بالذهاب إلى «ثكناته الذكورية».
استياء السيدات

وأوضحت إلياس «كان الاستياء كبيراً، والحاضرات من أرقى السيدات، ووجودهن في النادي حق لهن، وبصفتي عضواً في مجلس إدارة النادي، ومسؤولة فيه، فقد أعطينا المرأة الحرية في اختيار المكان الذي ترتاح إليه، إذا كانت لا ترغب الجلوس في القاعة الرئيسة، فإنه متاح لها حق الجلوس في القاعة العلوية المخصصة للنساء».
وخلصت إلياس إلى أن «النادي الأدبي ليس ثكنة من الثكنات الذكورية ومن يحاول فرض نظرته الدونية تجاه المرأة وإقصاءها من المشهد فليغادر إلى حيث ثكناته الذكورية».