الأخبار المحلية

د. الصقيه: القضاء السعودي يشهد احتقاناً في علاقة الشرعيين بالقانونيين

أكد مستشار قانوني سعودي، أن الوضع القضائي في السعودية يشهد احتقانًا كبيرًا في العلاقة بين الشرعيين والقانونيين، على صعيد الدراسة والمنهجية والتطبيق القضائي، مشددًا على ضرورة التقارب والتوافق بينهما وسد النزاعات الجدلية التي توسع الفجوة بين الجانبين، موضحًا أن مصطلح القانون الذي كان بالأمس محل الرفض لدى بعض الشرعيين بدأ اليوم يحظى باهتمام الكثير؛ وذلك بعد معرفة المتخصصين أن الغاية من أصول القانون اعتباره أداة للوصول إلى الحق، مشيرًا إلى أن بعض المختصين في علم القانون، يرون أن القانون الفرنسي متأثر بنسبة كبيرة في صياغة أغلبية مواده بالمذهب المالكي.

وقال الدكتور أحمد الصقيه خلال محاضرة ألقاها صباح أمس في خميسية حمد الجاسر، وأدارها الدكتور عبد الله الطويل: “إن هدف الشريعة الإسلامية وسعيها في تحقيق العدالة أسمى وأشمل من كل القوانين الوضعية، وإن كانت تلك القوانين أقدم منها تاريخيًا، كما يشير البعض إلى قِدَم القانون الروماني عنها، وأن بعثة الرسول – صلى الله عليه وسلم – جاءت لتتمم مكارم الأخلاق واحترام الشريعة للقوانين والأعراف السابقة، إلا ما يتعارض مع الفطرة الإنسانية التي تتوافق والتشريع الرباني الصحيح”.

ولفت الصقيه إلى أن هناك انفصامًا كبيرًا بين دارسي الشريعة ودارسي القانون، ولعل من أهم أسبابه غياب مواد القانون في كليات الشريعة من جهة، وغياب أساسيات الفقه وأصوله عن كليات الحقوق؛ ما وسّع فجوة النزاعات بين الجانبين، مشيرًا إلى أهمية دمج مناهج الشريعة والقانون أسوة بالجامعات المصرية التي كان لها قصب السبق في ذلك، بتأسيسها كلية الشريعة والقانون قبل 50 عامًا؛ ما يتيح المجال للتقارب بين الجانبين وشمولية الفهم لديهم لتخفيف الاحتقان الراهن، فالشريعة جاءت لحماية الحقوق، والقانون يمشي في ذلك الإطار.

وسرد المحاضر وجهات نظر مختلفة في تقييمهم تلك العلاقة، فمنهم من يرى وجود فرق بين الشريعة والقانون، وآخرون يرون عدم وجود أي فرق بينهما، وثالث يحاول الجمع والتوفيق بينهما.

وأكد الدكتور أحمد الصقيه، أن الشريعة الإسلامية تتفق مع الشرائع والقوانين والأديان كافة، التي توافق الفطرة السليمة والعقل الصحيح، ومن الطبيعي أن يتفق الناس من مختلف الشرائع والأديان على قوانين موحدة، نظرًا لتوافق الفطرة الإنسانية مع التشريع الإسلامي؛ لأنه تشريع رباني وضعه خالق الإنسان، بينما أغلبية القوانين الوضعية تتعثر لأنها من صنع البشر أنفسهم.

وأشار إلى أن أحد المخارج الجميلة كان إنشاء دبلوم يعادل الماجستير الوظيفي في معهد الإدارة العامة لدراسات الأنظمة القانونية، مؤكدًا أن الجامعات كانت السبب الأول في هذا التأزم، فدارسو الشريعة لم يتعلموا أبجديات العمل القضائي، بينما تغيب أسس الفقه عن دارسي القانون.

واختتم حديثه بأهمية وجود الخبرة والممارسة في صياغة الأنظمة والقوانين تحت مظلة الشريعة الإسلامية، والسعي إلى الاستفادة من جميع القوانين، ومنها الدولية التي تعقد بموجبها الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.

وفي النهاية، أشاد الدكتور الصقيه بجهود الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، مفتي الديار السعودية الأسبق، بصياغته أنظمة القضاء، والشيخ السنهوري ومصطفى الزرقا في صياغة الأنظمة بالطرق القانونية وفقًا لمبدأ النظريات، وابن جزي المالكي في كتابه “القوانين الفقهية”، وغيرهم من العلماء.