الأخبار المحلية

القهوة الصباحية تسرق الهاربات من المدارس

الخبر الأكيد لدى الأسرة أنهن في مدارسهن أو الجامعة صباحا، وعند العودة ظهرا يأتين متصنعات للتعب من جراء يوم دراسي متعب مليء بالواجبات والمهام، ولكن واقعهن غير ذلك، ذاك حال بعض الفتيات ممن يتخذن من الدراسة ذريعة لأجل التسلل إلى المقاهي واستقطاع ساعات من يومهن الدراسي لاحتساء فنجان قهوة صباحية ناعمة النكهة.

تنقلت المصادر بين عدة مقاه في منتصف الأسبوع وخلال أوقات الدوام الرسمي للجامعات والكليات ورصدت وجود مجموعات من الطالبات تركن مقاعد الدراسة وشكلن مجموعات على طاولات المقاهي، فالصخب والضحكات سمة المقاهي المجاورة للجامعات والكليات كل صباح.
تقول أفنان (طالبة طب بشري) نخرج من الكلية عادة بعد انتهاء الدوام الرسمي بعلم أسرنا، إذ لا يمكن أن تحاول طالبة الخروج من الكلية والعودة إليها دون علم وليها لأن كليتنا الخاصة تعتمد نظاما معينا في الخروج بعد انتهاء جميع المحاضرات ولدى حارسات الأمن كشوفات بجدول كل دفعة ونخرج عادة بالعباءة الطبية دون أدنى حرج.
المقاهي «أسر بديلة»
وتضيف أخرى رمزت لاسمها بـ(لانا): نتفق وزميلاتي على الخروج من الجامعة في أوقات الاستراحات بين المحاضرات وتتكفل إحدى الطالبات بطلب سائقها الخاص لنكون في أحد المقاهي والعودة قبل بداية المحاضرات التالية «للنزهة الخفيفة» دون علم أسرنا. وعن الأسباب تقول: أسرتي لا تسمح لي بزيارة صديقاتي أو الخروج معهن لأي سبب، وكنوع من المغامرة نخرج ونعود دون علمهم، لأن حرمانهم لي ولعدد من الطالبات حولي برأينا أنه غير مبرر، لأن الوضع الآن اختلف عن السابق في المسائل التي تخص العلاقات الاجتماعية خارج إطار الأسرة.
تمسك زميلتها التي أشارت لاسمها بـ«دينا» بزمام الحديث قائلة: لا أنسى مرة من المرات كدنا أن نذهب جميعنا إلى ثلاجة الموتى لولا لطف القدر، إذ اقتربت منا شاحنة بطريقة جنونية واصطدمنا بالرصيف حتى كادت السيارة أن تنقلب ولكنها عادت إلى وضعها الطبيعي، وعدت إلى الجامعة وأنا في حالة ذهول وقررت ألا أخرج دون علم أهلي، ولكن مع الوقت نسيت الخوف وعاودنا الخروج مرة أخرى للاستمتاع بأوقاتنا.
زميلتهن فاطمة عبرت عن عدم خوفها من معرفة أسرتها لأنها تسكن في سكن خاص وتستطيع الخروج والعودة دون علم أحد، وهي بذلك تعوض عدم وجود الأقارب بتقوية أواصر العلاقات مع الصديقات وأسرهن، وتعتبر نفسها حرة التصرف كونها راشدة ولم تقترب من محظور شرعي، وضربت مثلا بالطالبات المبتعثات اللواتي يسافرن بين مدينة وأخرى في دولة الابتعاث نفسها دون معرفة أحد مع مجموعة من الأصدقاء.
سائق بالمشوار
والتقينا بطالبة تجلس بمفردها تخوفت في بادئ الأمر من إبداء رأيها وبعد محاولات الإقناع قالت: أنتظر صديقتي التي أنهت محاضرتها الدراسية بعدي وأنا في المقهى قبلها، وعند سؤالها عن السائق الذي أحضرها تجيب: سائقو المشوار كفيلون بإحضارنا إلى هنا والعودة لإيصالنا أينما نريد في الوقت الذي نريد والمسألة ليست معقدة فـ60 ريالا «روحة ورجعة» لا تضر.
وتحكي أخرى عن موقف شهدته في الجامعة، إذ تقول: دخلت إحدى الطالبات مع زميلاتها مذعورة وأصبحت تقفز بطريقة لا إرادية والدموع تملأ عينيها، ودفعني الفضول إلى معرفة السبب فتوقفت قريبا منهن، إذ اتضح أنها خرجت دون علم أسرتها مع زميلاتها إلى المطعم وعندما عادت وقف السائق بعيدا عن بوابة الجامعة، إذ كان شقيقها يتصل بها لاستلامها من الجامعة، فخرجت مسرعة من السيارة متجهة نحو بوابة الجامعة وكادت تصدمها سيارة أخرى وعندما التفتت اكتشفت أنه شقيقها.
سندريلا جامعية
وكشفت مشرفة أمن في إحدى الجامعات عن تعريض بعض الفتيات أنفسهن لمواقف محرجة بسبب خروجهن من الجامعات دون علم أسرهن حتى وإن كانت بصحبة زميلاتها وتقول: دخلت طالبة في إحدى المرات مسرعة وأظهرت بطاقتها الجامعية أمامي وولجت إلى الحرم الجامعي واختفت بين أوساط الطالبات، في ثوان تلاها فورا اتصال من حارس الأمن بالخارج يفيد بضرورة الإمساك بالفتاة التي مرت دون أن تترك لي ولزميلتي فرصة تذكر شكلها، واتضح أنها كانت بصحبة شاب في أحد المطاعم ولحقت بهما الهيئة وحاولا الفرار إلى أن أوصلها إلى بوابة الجامعة وأمرها بالدخول سريعا وسقطت على إثر حركتها العاجلة فردة حذائها وقبض على الفتى الذي رفض بشدة ذكر اسمها والإفصاح عن هويتها، وانتظرنا حتى نهاية الدوام خروج طالبة بفردة حذاء واحدة ولم نجدها فقد كان الستر حليفها.
وتقول أخرى: دخلت الجامعة بعد أن وصلنا بلاغ من حارس الأمن بالخارج بالإمساك بها قبل دخول الحرم الجامعي وتفاجأت وزميلتي من بجاحة ردها وإنكار خروجها مع الشاب الذي أوصلها إلى الجامعة بسيارة فارهة ووقوفها أمام البوابة مما أثار شكوك حارس الأمن وأبلغ عنها، وقد أحيلت الفتاة إلى اللجنة التأديبية في الجامعة التي أكدت خروجها مع غير محرم وبدون علم الأهل واستدعي والد الفتاة وطلب مني حارس الأمن الخروج لإبلاغه بما فعلته ابنته لصعوبة الموقف، وقد كانت سمات الصلاح تظهر جليا على والدها الذي خر مغميا عليه بعد أن أبلغته بما حصل، واشتدت صعوبة الموقف بعد أن أفاق ورفض استلامها وذهب إلى المنزل بعد أن اتصل بشقيقها للقدوم واستلام أخته من الجامعة ونعتها بنعت بذيء، وعلمت لاحقا أن والدها حرمها من إكمال دراستها وقد كانت الفتاة من أسرة محافظة جدا ولكنها أخطأت في استغلال ثقة أسرتها.
وخلصت إلى القول: تقدمت بطلب إعفائي من مهمة حراسة البوابات الجامعية إثر المواقف التي مررت بها فأنا أم لبنات وأعلم صعوبة مواقف كهذه على أية أسرة، وأعمل حاليا في الإشراف التلفزيوني على القاعات الدراسية.
وذكرت (ت. أ) قائلة إنها تلجأ للحيلة للحصول على المال من والدتها «أشعر والدتي بأن بعض الأنشطة في المدرسة تحتاج إلى نقود وأستغل هذه المبالغ أثناء خروجي مع صديقاتي للمقاهي».
(ن. ص) فتاة أغرتها رائحة المعسل تقول: أدخن المعسل ولكني لا اعتبره شيئا مهما في حياتي، وما دفعني إليه صديقاتي اللاتي كانت مجاراتهن سبب وقوعي في هذه العادة في ظل افتقاري لوجود موجه لي، فوالدي غالبا يقضي وقته بالسفر لقضاء أعماله ووالدتي ليست موجودة معنا لأنها منفصلة عن والدي منذ أكثر من 10 سنوات.
وترى (أ. ي) أن نقص الوعي بأضرار المعسل يجعل الإقبال عليه كبيرا، مضيفة أن لدى الفتيات معلومات خاطئة عن المعسل، فهن يعتبرن تدخينه أخف من السيجارة، لذا لا بد من التوعية في المدارس والجامعات بهذه الأضرار، كما أن التشديد على الفتاة وحصارها يولد لديها إحساسا بـ«الخنقة» وتفرج عن همها وحزنها بالتدخين، وعلى الأم أن تكون صديقة لابنتها وتتبادل معها أطراف الحديث لكي لا تنغوي إلى طرق سلبية بسبب صديقاتها.
وأوضحت (ش. ق) بأن رحلتها مع تدخين المعسل بدأت وهي في مرحلة الجامعة، عندما كانت ترافق صديقاتها إلى المقاهي وباتت تتردد يوميا على المقاهي القريبة منها وتأخذ معها عباءتين لتعسل بالأولى ثم تذهب للحمامات حالما تنتهي لترتدي عباءتها الثانية.
وقالت (ر. ع): أقنعتني صديقتي بالمعسل على أنه يخلصني من الشعور بالاكتئاب ويبعدني عن التفكير في مشاكلي العملية، فأنا أعاني من مشاكل في العمل، وللأسف قررت أن أجرب ذلك فوجدت أن تجهيز المعسل وتدخينه يشغلني كثيرا فأحببت ذلك حتى لا أفكر في المشاكل التي توتر حياتي.
وأشارت الأخصائية الاجتماعية الدكتورة حنان حسين إلى أن غالبية الفتيات يدخن المعسل والسجائر بسبب ظروفهن الأسرية أو بالأحرى الضغط الذي يشكله الآباء والأمهات، مما يسبب حالات اكتئاب تجعل الفتاة تقوم بأي سلوك حتى لو كان خاطئا. وأضافت أن نقص الوعي في المجتمع والمدارس والجامعات وإهمال الآباء والأمهات وعدم حرصهم على بناتهم سيؤدي لازدياد هذه الظاهرة في السنوات القادمة.
وبين خالد داود بأن تدخين المعسل عادة سيئة بالنسبة للفتيات «فقد تعودنا منذ قديم الأزل أن تدخين المعسل يرتبط بالرجل ونرى في خلال هذه السنوات ازدياد جلوس الفتيات في المقاهي وتدخين المعسل بشراهة».
وتشير الدراسات إلى أن من الأسباب التي تدفع الفتيات إلى الهرب من مقاعد الدراسة انعدام التواصل بين أفراد الأسرة الواحدة، وبين الأسرة والفتاة، وذلك بسبب المشاكل الأسرية، أيضاً التربية الصارمة، كما أرجعت الدراسات أسباب هرب الفتيات إلى الشللية وتكوين العلاقات العاطفية التي يكون منشأها نتيجة الحرمان العاطفي الذي تعانيه الفتاة في أسرتها، سواء من الأب أو الأم، فالمراهقون وبحسب دراسات نفسية واجتماعية بشكل عام يحتاجون في هذه المرحلة العمرية إلى إشباع تام في هذه الجوانب من قبل الوالدين، ومن العوامل المسببة لهروب الفتاة أيضاً إجبار الفتاة على الزواج بالإكراه على شخص لا ترغبه، وهذا الأمر قد يدفع الفتاة للانتحار أيضاً.
وأوصى أخصائيون نفسيون بضرورة المبادرة الأسرية في احتواء الأبناء المراهقين وفهم طبيعتهم والتواصل الإيجابي والإرشاد بطريقة غير مباشرة، وعدم التفرقة بين الأبناء وإعطائهم جرعة كافية من الإشباع العاطفي والرعاية والاعتدال في أساليب التربية دون إفراط أو تفريط.