إسلام القساوسة ووثائق فاتي ليكس وراء استقالة بابا الفاتيكان
اعتبرالباحث في التنصير وشؤون الفاتيكان ومقارنات الأديان عاصم مدير، الذي يعد أحد تلامذة الشيخ أحمد ديدات، أن استقالة بابا الفاتيكان نتيجة طبيعية بالنسبة له بناء على أسباب عدة ظاهرة وخفية في مجملها، وهي من القوة والشدة على قراره، بدليل أنها تحولت إلى استقالة تاريخية لم تقع منذ ستة قرون وصادمة للكنيسة الكاثوليكية وأتباعها حول العالم باعتراف دوائر ووسائل الإعلام الغربية التي أشارت إلى ذلك.
وقال مدير في حواره مع «عكـاظ»: إن الأسباب التي كشف عنها إن كانت من الخفية غير المعلنة فهي لا تنفي بقية الأسباب الظاهرة ولا تتعارض معها وإنما تقويها ويعضد بعضها بعضا، لأننا لن نفهم هذه إلا على ضوء ما ذكرت في حسابي في (تويتر) وتناقلته بعض وسائل الإعلام الجديد والصحف العربية وكتاب المقالات.. وإلى نص الحوار:
أسباب الاستقالة
تصريحاتك عن استقالة البابا التاريخية اختلفت عما أعلنته الصحافة حتى العالمية منها، ما السبب؟
لمزيد من التوضيح أقول: يستحيل على البابا -بحسب عقيدة الكاثوليك فيه وفي عصمته ومكانته لديهم، وأن الرب من اختاره بزعمهم- أن يقدم على استقالة كهذه لدواعي تقدمه في السن، فهناك من كان أكبر منه سنا وظل على كرسي البابوية حتى مات، ولا لدواعي المرض لأن الكنيسة الكاثوليكية تتباهى بقدرات قساوستها وقديسيها الأحياء منهم والأموات على منح الشفاء للناس، فإذا برروا استقالة البابا بالمرض فقد انهارت معتقدات القوم في كل هذا.
ثم إن البابا الذي كان قبله، يوحنا بولس الثاني، عانى من علل وأمراض أشد حتى كنا نراه يرتعش بشدة في القداس ولم يقدم استقالته!.
وهنا لا بد من اعتبار عوامل أخرى أقوى؛ تتمثل في إسلام العديد من كبار مساعديه وقساوسته داخل الفاتيكان، وتسريب وثائق فاتيكانية خطيرة العام الماضي تحدث عنها العالم باسم (فاتي ليكس)، وآخرون غيرهم اتهموا بالتسريب مثل كبير خدم البابا الذي اكتشف خيانته له فحاكمه وسجنه، وكل هذا منشور في الإعلام، ومنهم من سرق ثلاث مخطوطات لأسفار وأناجيل نادرة من أرشيف الفاتيكان السري الضخم للإتجار فيها من بين نحو 850 ألف مخطوطة سرية بحسب اعتراف مصادر كاثوليكية تحدثت عنها في كتب عن الفاتيكان.
وإحدى هذه النسخ المهربة هي ترجمة قديمة لإنجيل يوحنا المعتمد من اللغة اليونانية إلى اللسان الآرامي، لغة المسيح عليه السلام وقومه، حيث ورد فيها قوله: «إنه خير لكم أن انطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم أحمد (المنحما) حمدا (هكذا) ولكن إن ذهبت أرسله إليكم…. إن لي أمورا كثيرة لأخبركم ولكنكم لن تستطيعوا أن تحتملوها الآن ولكن متى جاء أحمد (رسول الله صلى الله عليه وسلم) فهو يرشدكم إلى الحق كله، لأنه لا يتكلم من عند نفسه ولكن كل ما يسمع من الله هو يتكلم به»… إلخ من البشارة التي ما زالت موجودة في أناجيل النصارى المعتمدة ولكن بعد تحريف الاسم من أحمد إلى الفراقليط ثم إلى المعزي في الترجمات والنسخ العربية.
لا عجب للاستقالة
مسلمون داخل المقر البابوي يكتمون إسلامهم!!، هذا أمر خطير ربما يسبب لهم الحرج عند اكتشاف أمرهم؟
بالتأكيد، كلنا يعلم مدى الحرج والضيق الذي أصاب يهود المدينة المنورة زمن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما واجههم سيدنا عبدالله بن سلام، كبير أحبارهم، بإسلامه رضي الله عنه، والاحتجاج على الكفار من المشركين وأهل الكتاب بمن أسلم منهم أمر مشروع لنا بنص القرآن الكريم (قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين)، وقوله تعالى: (أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل)، أي يعلمون صفة الرسول واسمه في أسفارهم ومكانه وأرض هجرته الخ، وقوله تعالى: (ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب)، فالاحتجاج عليهم بكل هذا وبالبشارات الواردة في كتاب الله أمر وارد مشروع لنا في الخطاب الدعوي الموجه لهم.
لا يجب أن نتعجب من استقالة بابا روما بسبب اسم الرسول في إنجيل خفي، فذلك هو مقام النبي صلى الله عليه وسلم الذي نصره ربه الرعب حيا وبعد انتقاله للرفيق الأعلى. وهذا هو دور النبي مع أهل الكتاب حيا وإلى اليوم، حيث قال تبارك وتعالى في كتابه الكريم: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)، قال أهل التفسير والعلم: يخفون التوحيد والحق وبشارات الرسول واسمه وصفته في كتبهم وجاء رسول الله ليبين كثيرا مما يخفونه ويعفو عن كثير مما اضافوه من التحريف، وهذا ايضا دور الدعاة وهم ورثة الانبياء، فإظهار ما اخفاه هؤلاء من كتبهم هو دور الرسول صلى الله عليه وسلم ودور أتباعه وأحبابه وأنصاره.
أدلة من طريقين
ذكرت أنك متأكد من أن استقالة البابا بسبب إسلام بعض القساوسة، ما هي أدلتك؟
الأدلة من طريقين؛ الأول: ربط ما سبق وانتشر في وسائل الإعلام ومن مصادر الفاتيكان المعلنة، وهذا دوري كباحث في شؤون التنصير، والفاتيكان نذر نفسه والله حسيبه لهذا منذ 25 عاما، ثم التحليل في ذلك والاستنتاج منه حسبما نشرته.
والطريق الثاني: مصادري الخاصة من داخل الفاتيكان والمتمثلة في عدد من أسلموا به ويكتمون اسلامهم، وآخرون أسلموا وخرجوا منه إلى عدة دول، وأحدهم قس سابق كبير في السن مقيم في جنوب أفريقيا، بلد شيخي ومعلمي أحمد ديدات رحمه الله.
وليس إسلام القساوسة من الفاتيكان بالأمر الغريب، فقد ظهر بعضهم في الإعلام وعلى الفضائيات وقابلهم عدد من الشيوخ والدعاة قبلي.
ثم إنني بفضل الله علي، لست غريبا على الفاتيكان ويعرفني رجالاته جيدا، فقد دخلته أكثر من مرة وأجريت لقاءات وحوارات مع عدد من كبار قساوسته، وكان آخرهم مساعد البابا السابق الخاص ومستشاره الأب مايكل فيتزرجالد، في مقابلة ساخنة نشرت عنها صحيفة المدينة المنورة عام 1995م.
أخطر سبب
وهل إسلام مجموعة من القساوسة يجعل البابا يقدم استقالة مفاجئة صدمت العالم ومؤثرة على أتباعه وأيضا الكنائس في العالم؟
المسألة ليست فقط إسلام قساوسة، ولا يجب اختزالها كما أسلفت في سبب واحد بمعزل عن بقية الأسباب، لا أحب التفكير بعقلية (إما أو)، فإما هذا السبب أو لا سبب، أو إما تلك الأسباب المعلنة أو لم ليس هذا السبب. المسألة أكبر من هذا كله، فهذا البابا صدرت عنه عدة مواقف بينت موقفه من الإسلام في المجمل بالإضافة إلى محاضرته، إذ كثيرا ما أعرب عن انزعاجه مما أسماه أسلمة أوروبا وازدياد أعداد المسلمين، وكثيرا ما طالب المسلمين بإسقاط حد الردة، ورفع شعار تنصير العالم الإسلامي وفقرائه والمهمشين فيه علانية وجاهر بذلك، وحاول في مؤتمر مسكوني كبير مؤخرا تصوير شأن نصارى المنطقة العربية وكأنهم يعيشون حالة اضطهاد كبير، وأنهم يتعرضون لتهجير من بلدانهم وخطر إسلامي داهم، وهي نفس المبررات التي روج لها الفاتيكان قبل ألف عام تمهيدا لمسلسل حروبه الصليبية.
كما أبدى (البندكت) انزعاجه من تفوق أعداد المسلمين عالميا على أعداد أتباعه من الكاثوليك الذين هم أضخم طائفة نصرانية.
من يعرف تاريخ هذا البابا ويرصد تصريحاته ومواقفه يدرك لماذا أقدم على الاستقالة بعد أن بلغه تهريب وضياع نسخة سرية من الإنجيل من أرشيف الفاتيكان السري وهو على كرسيه، فلو ظهر هذا الأمر وانكشف للناس فشماتة العالم الاسلامي لن تتوقف وهي أشد على نفسه من أي أمر يوجهه حاليا من سخرية واتهامات بسبب استقالته.
كل شيء يهون بالنسبة له إلا الاعتراف لرسول الله صلى الله عليه وسلم بورود ذكره في كتبهم، لأنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، كما أخبر الحق تبارك وتعالى عنهم، وأنهم يكتمون الحق وهم يعلمون.
هذا هو أخطر وأقوى سبب، وستكشف الأيام للعالم ذلك بإذن الله من أكثر من طريق وبأكثر من نسخة من بين مئات الالوف لديهم.
هذه وثائقي
وماذا عن الوثائق التي تثبت صحة معلوماتك؟، هل لديك ما تملكه منها؟
نعم، وأكثرها متوفر على الإنترنت ضمن ما تسرب من وثائق خطيرة في مايو من العام الماضي (2012م) لمن أراد التفتيش فيها، ومنها ما هو لدى غيري من باحثين غير مسلمين كذلك يتعاونون معي، وأنا على استعداد بإذن الله لإظهاره على الهواء مباشرة في حضور المعنيين بالأمر في المقام الأول وهم رجال الفاتيكان وقساوسته في لقاء متلفز، لنتحاور وجها لوجه أو نتواجه إعلاميا.
وأملي أن تسعى الفضائيات الإسلامية والعربية بل حتى التنصيرية منها بشكل جدي لترتيب هذا اللقاء مع رجالات الفاتيكان لتناول هذا الأمر بكثير من العناية والتفصيل بإذن الله.
وأنا من بادر إلى دعوة الفاتيكان والإعلام والفضائيات لذلك ولو لم أكن متأكدا لما فعلت حتى أتثبت. ولك أن تتساءل عن سر أكبر مما انكشف حتى الآن وهو صمت قساوسته وامتناعهم عن الرد ولو بتكذيبي وإنكار كل هذا. لم يفعلوا وقد لا يفعلون.
لا مجال للتكذيب
عام 2006م، تحديت الفاتيكان لتكذيب خبر إسلام هؤلاء القساوسة في ردك على محاضرة البابا التي أساء فيها للإسلام ولمقام الرسول صلى الله عليه وسلم، هل أنت بذلك تود عودة انفجار القضية مرة أخرى بين الفاتيكان والمسلمين كما يتكهن البعض؟
إسلام هؤلاء وآخرين بعدهم وقبلهم أمر لم يستطع الفاتيكان تكذيبه حتى اللحظة ولا حتى بعد استقالة البابا، وعندما اتصل بعض الإعلاميين تلك السنة بالفاتيكان للتعقيب على كلامي جاءهم الرد من روما هكذا: «لا تعليق»!!، ولا أعلم عن أية قضية تتحدث لإعادة تفجيرها، هل تقصد هذه القضية أم إساءات البابا للإسلام؟.
أما الأولى؛ فهي قد آثر الفاتيكان (السلامة) وتجنب مواجهتها وسكت، وأما الثانية فليس تصريحي وما كتبت هو ما يعيدها للواجهة من جديد، لأن الفاتيكان لم يزل متورطا في تمويل جمعية سرية تدعى (مليون ضد محمد) صلى الله عليه وسلم لتشويه صورته وتنشئة الناس على بغضه وكراهيته والتنفير من دينه، ولو تأملت المطويات المطبوعات التنصيرية لإرساليات الكاثوليك لأدركت ذلك، وهذا ليس بأمر أنا من كشفت عنه إنما كشفته للعالم مجلة (دير شبيجل الألمانية) عام 2002م ضد الفاتيكان واستدعى حملات إسلامية غاضبة آنذاك، لكن ذاكرة غالبية عرب ومسلمي اليوم ضعيفة للأسف فسرعان ما نسينا حتى أخذنا (البندكت) إلى جولة جديدة بمحاضرته المسيئة للرسول الكريم.
خشية الحوار
ألا ترى أن صدور مثل الأقوال من رجل مسلم يسبب في خلافات بين الفاتيكان والمسلمين؟
المشكلة ليست في الخلافات فهي موجودة على مستوى العقيدة أصلا وأشار إليها القرآن الكريم في العديد من آياته وواجه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفود النصارى، التحدي يكمن في كيفية معالجة هذه الخلافات ومن ذلك الحوار والمكاشفة والمناظرة، وهي سنة نبوية كذلك، والمواجهة الإعلامية من الوسائل التي يجب أن نتعاطى معها -بإذن الله- هذا الشأن وغيره. هي دعوة للحوار حول أخطر وأهم موضوع تخشى الدوائر الدينية يهودية ونصرانية الدخول فيه: محمد صلى الله عليه وسلم في بشارات الأنبياء والكتب السابقة.
صدقني إن هذا حقل الغام، لذا لا تجد مناظرات ولا حوارات تحت هذا العنوان مصداقا لقوله تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون)، وقوله سبحانه: (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون).
وأذكر من دعوت للحوار بما جاء عندهم في سفر أشعياء من العهد القديم من الكتاب المقدس: «هلم نتحاجج يقول الرب»، هذا أمر من الله تبارك وتعالى لهم في كتبهم بالمحاججة، ناهيك عن الدخول في حوار فقط.. أتمنى أن يلبوا الدعوة وأنا على اتم الاستعداد بإذن الله للحوار والمواجهة الإعلامية.