السويل العضو السابق: نعم في المجلس بيروقراطية ووزراء يستهـلكون الوقت بالخطب الطويلة
أكد العضو السابق في مجلس الشورى، الدكتور عبدالعزيز السويل، أن اختيار خادم الحرمين الشريفين للمرأة في عضوية المجلس يمثل نظرة ثاقبة من قائد حكيم ومتمرس. وتساءل العضو الذي غادر المجلس بعد دورة واحدة إذا كانت المرأة تمثل البلاد خارجيا في المنظمات الدولية فلماذا لايستفاد منها في الداخل؟ داعيا في الوقت ذاته إلى عدم حصر دور المرأة في قضاياها فقط. ووفقا لعكاظ أوضح أن المجلس يضم نخبة النخب من مختلف التخصصات والمناطق، وينقل هموم المواطن إلى ولي الأمر بكل دقة. واعتبر السويل أن أداء القسم أمام خادم الحرمين الشريفين كان المنعطف الأهم في حياته بعد اختياره عضوا في الدورة الخامسة التي انقضت الشهر الماضي. وأثنى على الاداء تحت القبة وما يتبعه من شفافية في النقاش دون مجاملة أو مواربة. واعترف عضو مجلس الشورى السابق بوجود بيروقراطية داخل المجلس تؤخر العمل يشترك فيها الشورى مع عدد من الجهات بسبب نقص المعلومات. وأضاف ان بعض الوزراء عند استضافتهم في المجلس يستخدمون أسلوب الخطابات الطويلة إما من باب العادة أو لاستهلاك الوقت.. فإلى نص الحوار:
متى دخلت مجلس الشورى؟
– في الدورة الخامسة وعملت لدورة واحدة، وأعتبرها في سني هذا آخر مراحل التعليم الجامعي، الشورى يجمع النخبة، دهشت بعد دخولي المجلس لتنوع المشارب والأفكار. أحيانا تذهب إلى المجلس بفكرة قد تكون مسلمة لديك، ثم ينبري أحد الزملاء، ثم يغير وجهة نظرك عما كنت تعتبره من المسلمات، بعدها أنا سلمت أن الإنسان ضعيف دون الاستماع إلى الناس.
رهبة القسم
كيف كان انطباعك حينما دلفت لأول مرة إلى المجلس؟
– أول حدث مهم في مجلس الشورى هو أداء القسم واليمين أمام خادم الحرمين الشريفين، في هذه اللحظات تبدأ تشعر بجدية الأمر، حينما تم الاتصال بي وأبلغت بأنه تم اختياري عضوا في المجلس، وأنا تقلبت قبل ذلك في أعمال كثيرة، إذ كنت قبل الشورى مستشارا ثقافيا لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز يرحمه الله، ولذلك فأنا لست غريبا على المواقف الصعبة، ولكن في تلك اللحظة لم أشعر بالجدية ولا الحمل ولا المسؤولية عندما أبلغت بالاختيار، وبعد ذلك لقائي بالناس ودخولي مقر الشورى، طبعا ليست هناك ممارسة للعمل في مجلس الشورى قبل أداء القسم، لكن بعد أدائي للقسم أمام الملك عبدالله شعرت بأن الموضوع جدي، وأن فيه مسؤولية كبيرة، والملك عبدالله متعه الله بالصحة والعافية، قال كلمة في دورتنا بالذات لن أنساها، قال «أشيروا علي»، فعندما يقول رجل بهذه المسؤولية وبهذا التاريخ، وبهذا الإرث، الملك عبدالله ليس ابن أمس، هو قائد متمرس، وطوال عمره وهو يعمل في الدولة، ثم يقول لمجموعة من الناس أشيروا علي، وهنا فعلا تقف، فإذا كان هذا الرجل بما هو فيه، وما هو عليه من مسؤولية وقدر، يطلب مشورتي، فالأمر من المؤكد أنه كبير، في تلك اللحظة الحقيقة أنا الخص فيها مسؤوليتي.
وماذا بعد أداء القسم؟
– كان رئيس مجلس الشورى الدكتور عبدالله آل الشيخ جديدا على العمل البرلماني، وبطبيعة الحال ليس جديدا على المسؤولية والعمل، نحن الأعضاء كان أغلبنا من الجدد، وأذكر أن أول مداخلة لي في المجلس كانت اعترافا، رفعت يدي وقلت: معالي الرئيس آليت على نفسي ألا أتحدث أو أتفوه بكلمة واحدة تحت قبة الشورى حتى تمر 3 أشهر، بحكم أنني كنت لا أدرك أسلوب المداخلات، ولا الحدود التي تتداخل بها، وهل سيكون حديثي في تخصصي فقط أم أن المجال متاح للرأي، لكنني دهشت في الواقع بمستوى الطرح.
حرية مطلقة
وماذا حملت مداخلتك الأولى؟
– حول العمالة المنزلية على ما أتذكر، فبعض الزملاء بالغوا في مسألة حقوق العمالة المنزلية، واستمعت للنقاشات، ولم أفكر في المداخلة من منطلق أنني لن أتكلم حتى يمر 90 يوما، لكن الواقع أنه لم يمر غير خمسة أيام أو ستة فلم أصبر، لأنني شعرت بأن هناك حرية مطلقة في المجلس لإبداء الرأي، وأن القبة مفتوحة للكلام كما تشاء، وليس هناك حدود للرأي إلا حدود الأدب.
لا للسكوت
فيم تمثلت المبالغة في حديث بعض الأعضاء في الجلسة؟
– كانت المبالغة في تلك الجلسة في حقوق العمالة المنزلية، وكنت أرى أنه مبالغ في تلك الحقوق، وأنا يا أخ عبدالرحمن عملت فترة من عمري في الغرب وأزعم أنها طويلة عندما كنت نائب الملحق الثقافي في الولايات المتحدة الأمريكية، ورأيت المملكة من الخارج، لأنه عندما تكون داخل المحيط فأنت ربما لا تعلم كنهه حتى تبتعد وتنظر له من زاوية بعيدة، كما أنني بدأت استوعب نظرة الناس للغريب الذي يأتي إليهم، وفي هذه الحالة عن أمريكا فإنها بلد متقدم ومتطور وقلعة الحرية والديموقراطية أو على الأقل هكذا يقال، ولهذا فإنني لا أعتقد أن الخدم في المملكة واسمح لي أن استخدم كلمة الخدم أو عمال المنازل فأنا لا أعتقد أن معاملتهم في المملكة بهذا السوء الذي يصور، الناس هنا في المملكة يؤطرهم الإسلام، ومرجعهم إلى الإسلام والطيبة والخير، وطبعا الشاذ لا حكم له، ففي زمن الرسول صلى الله عليه وسلم سرق السارق، وزنى الزاني، وشرب الخمر شاربه، أي أنه ليس هناك مجتمع مثالي، لكن لا أظن أن معاملة عمال المنازل في المملكة بهذا السوء، وقد رأيت في أمريكا كيف يعاملون، وهنا كيف يعاملون، ولهذا أثارني الموضوع الذي نوقش في الشورى، وأنا رأيت أنه من حق وطني علي وقد أديت القسم أمام الملك أنه لم يعد يسعني السكوت فقدمت تلك المداخلة في الجلسة الأولى لي.
المعروف انك كنت عضوا في لجنة البحث العلمي.. ما دور أعضاء اللجان في المجلس؟
– عملت بداية دخولي في المجلس في لجنة الشؤون الخارجية بحكم تجربة عملي كملحق ثقافي وأزعم أنني أضفت لتلك اللجنة، ثم في السنتين الثالثة والرابعة انضممت إلى اللجنة التعليمية والبحث العلمي، وعملت في وزارة التربية، كما عملت في الملحقية الثقافية، و في جامعة الملك سعود.
دور الخبرة
كيف استحضرت خبراتك لتدفع بها في مجلس الشورى؟
– سؤال جيد، أعتقد أن هذا هو ملخص مجلس الشورى، ولهذا أعتقد أن اختيار أعضاء مجلس الشورى لمن يبلغون سنا معينا هو منتهى الحكم، لأنه في الحقيقة في منظومة الشورى أنت في أمس الحاجة إلى أمرين، الرقابة، والتوصية والمشورة، وهذه غالبا لا تتوفر إلا بمن مر بعدة تجارب عملية أو بتجربة واحدة مكثفة، ولهذا نلاحظ أن من لم يمر بتجارب مهمة تأتي مداخلاته بنوع من البساطة وعدم الإلمام بالأمور، أحيانا أنت ترى من زاوية وغيرك يرى من زاوية أو زوايا كثيرة، واستطيع القول إنك تدهش من جهلك أمام الناس حتى من يصغرونك سنا وتجربة، مثلا عضو عمل في الشأن الخارجي، وعمل في مجال التربية، وفي الشأن الثقافي والأدبي، حتما هذا لا بد أنه علقت في ذهنه تجربة صغيرة من كل محطة مر بها، فحين تأتي مداخلته تكون منطلقة من نظرة واسعة ومعمقة وناجمة عن تجربة.
هل حدث خروج عن النص خلال تواجدك في المجلس؟
– هناك هامش دهشت منه في البداية، وأغلب الأعضاء ينشدون المصلحة العامة، ويريدون ايصال رسالة للمواطنين بأنه رأيهم مأخوذ في الاعتبار.
التأثير أولاً
البعض يتحدث عن أن بعض الأعضاء كان دورهم ضعيفا؟
– أنا من وجهة نظري أن المداخلات تحت قبة الشورى هي آخر حلقات المساهمة في العمل البرلماني، ومفهوم الناس أن المداخلات الكثيرة والطويلة والعميقة والصاخبة واللافتة هو مفهوم العمل في الشورى وهذا غير صحيح، الصحيح أن جهدك يقاس بمدى تأثيرك في التوصية النهائية، وهذا ليس تحت القبة، وإنما في اللجان المتخصصة، ففي تلك اللجان عادة تطبخ التوصية بل والقرار، وعلى قدر الجهد الذي يبذل في اللجان المتخصصة يكون القرار النهائي الصادر مستوعبا لكل نواحي الموضوع أو أغلبها أو الهدف المطلوب.
ما الذي يطبخ في اللجان المتخصصة؟
– الموضوعات التي تأتي إلى اللجنة لا تخرج عن عدد من النماذج، إما تقارير من الجهات التنفيذية والخدماتية، أو الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، أو أنظمة وقوانين سواء انبثقت من المجلس أو وردت من الجهات الأخرى، والذي يحدث أنه عندما يأتي الموضوع إلى المجلس يوجه إلى اللجنة المعنية، واللجنة تعقد عدة جلسات فمثلا بعض الأنظمة تستغرق جلسات مطولة، بل وتتطلب الاستعانة بخبراء من خارج المجلس سواء من الجهات المعنية أو من الجهات الأخرى المتأثرة بالموضوع ذاته، إذا كان الأمر يتعلق بالخدمات البلدية فإنه يتم استدعاء خبراء من وزارة الشؤون البلدية والقروية، ومهندسين محايدين من خارج الوزارة ، لأن كل مشارك ينظر للموضوع من زاوية معينة، كما أن المجلس يستدعى أحيانا بعض المواطنين للاستئناس بآرائهم.
كثر الحديث عن غياب بعض الأعضاء عن الجلسات، إلى أي مدى يؤثر هذا على عمل المجلس؟
– حدث ذلك مرة أو مرتين، لكن الغياب لم يكن ملفتا، أعتقد أنه كان في حدود المعقول، والأعضاء لا بد أن تمر بهم ظروف.
يظهر عدد من الأعضاء في وسائل الإعلام بكثرة عبر تصريحات ولقاءات، ألم يتم لفت نظرهم من المجلس؟
– لا لم يلفت نظرهم، بالعكس هذا نوع من الاجتهاد، وهذا الظهور هو من ملامح الهامش الواسع، وأعتقد أن ظهور الأعضاء في الإعلام مطلوب، ومن عنده الرغبة في الظهور فليظهر، وأنا من المقلين في الظهور، وقد اتصل بي كثير من وسائل الإعلام، من منطلق اكتفائي بما أجده في القنوات الرسمية في المجلس، ومعالي مساعد رئيس المجلس الدكتور فهاد الحمد في الفترة الأخيرة أصبح يعقد مؤتمرا صحافيا بعد كل جلسة، ومرة أخرى أقول إن العمل الشوري ليس مثل العمل الحكومي، يفترض فيه الشفافية المطلقة، وتلمس حاجات الناس، وطلب رأي الناس لأنك أنت تمثل المواطنين وتنقل رأيهم لولي الأمر، وأنا أرى أنه من الضروري استمرار التواصل مع وسائل الإعلام وهي المرآة التي تعكس هذا النشاط، وأعتقد أن الإعلام جزء من الشورى، لأنه قبل الشورى كان الإعلام هو الشورى، والأعضاء الذين يتواصلون مع الإعلام يقومون بدور جيد.
خطابات مطولة
كيف يمكن أن تصف بدقة فائدة حضور الوزراء إلى مجلس الشورى ومناقشتهم في أداء أجهزتهم؟
– معظم الاستضافات كانت جيدة، وأنا شخصيا لي ملاحظات على بعضهم، بعضهم يطيل في الكلام، ولا أدري هل هو من باب العادة، أم هو تصرف ذكي لاستهلاك الوقت، أنا أفضل المسؤول الذي يأتي منفتحا لتلقى الأسئلة، يستمع ويجيب، وأعجبني كثيرا صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله وزير التربية والتعليم، وكان معه مجموعة من زملائه المسؤولين في الوزارة، بمن فيهم نائب الوزير لشؤون البنات الدكتورة نورة الفايز، كان طرحها جيدا، وهي من الجلسات التي لا انساها.
ألم تكن هناك مجاملات لمسؤول معين في تلك الاستضافات؟
– أبدا لم تكن هناك مجاملات، كانت الأسئلة تطرح من الاعضاء بكل شفافية في حدود المعقول.
تقصير إعلامي
هناك من يرى أن دور الشورى ضعيف في ما يتعلق بتنمية الوطن والمشاركة في وضع الأنظمة، ويستشهدون في ذلك ببعض البرلمانات الإقليمية؟
– أعرف ماذا تقصد، أقول إن البرلمان يمكن أن يكون عقبة في وجه التنمية، وأنت تعرف أن هناك برلمانات عطلت الحياة. وبالنسبة لمجلس الشورى السعودي أعتقد أنه تطور، من 60 عضوا إلى 150 عضو، 20% منهم سيدات، أعتقد أن هذا عدد جيد، ربما بعض الناس يرون ان دور الشورى ضعيف نظرا لتقصير المجلس في الإعلام، نحن في بلادنا تعودنا على العمل التنفيذي، لكن العمل البرلماني يمر بمراحل.
بصراحة كيف كان شعورك عندما لم يظهر اسمك ضمن أعضاء المجلس في الدورة الجديدة؟
– كنت اعتبر وجودي في الشورى فرصة ذهبية للمساهمة في خدمة وطني. انا في منتهى السعادة أن يحل محلي أحد يساهم بما لم استطع أن أساهم فيه، لأنه لا يمكن أن أحيط بكثير من الجوانب، فالحمد لله ساهمت بما استطيع.
ما تقييمك لدخول المرأة إلى عضوية مجلس الشورى؟
– لم يعد بوسع الوطن عدم الاستفادة من المرأة، إذا كان غيرنا يستفيد منها، فلماذا نحن لا نستفيد، أعتقد أن السيدات اللاتي تم اختيارهن نماذج خدمت على نطاق دولي، فلا يعقل أن تكتشف خبرات المرأة السعودية على نطاق دولي ونحن لا نستفيد منها، أنا أعتقد أن هذا توجه حميد وسليم من ولي الأمر، وهو والحمد لله في إطار الشريعة الإسلامية، وجاء في وقته، وهذا لا يستغرب من الملك عبدالله وهو قائد فذ وصاحب فكر صائب، نسأل الله العلي القدير أن يشد أزره بإخوانه وأن يكتب له التوفيق.
ما المأمول من سيدات الشورى في الدورة المقبلة؟
– أتمنى يا أخ عبدالرحمن ألا يحصرن في قضايا المرأة، لأن السيدات اللاتي تم اختيارهن ينبغي ألا يتم التعامل معهن على أنهن نساء فقط، نعم هن نساء بحكم الجنس، لكن واقع الحال أنهن أفكار ينبغي أن تنصهر مع أفكار زملائهن الرجال، فلهن من الرأي ما لأي عضو من الرجال، وإذا لم يؤخذ بمثل هذه النظرة فلا فائدة من ضم المرأة، أتمنى أن يستفاد من هؤلاء العالمات والطبيبات والباحثات والسيدات اللاتي نعرف قدر تجربتهن في كافة المجالات في حدود قدراتهن وتخصصاتهن كإنسان بصرف النظر عن جنسها؟
تعليقات مجحفة
ظهرت تعليقات ساخرة عبر الإنترنت بعد اختيار المرأة، تعليقك؟
– تابعت تلك التعليقات، وهي في الواقع مجحفة بحق النساء، وبهذه المناسبة فأنا عندي أربع بنات وولد واحد، عندي ريما دكتورة في اللغويات، ونجلاء دكتورة في الأحياء الدقيقة وتعمل الآن في كورنيل، وفرح تعمل (سكرتير ثاني) في بعثة المملكة في نيويورك، وربا على وشك التخرج من جامعة الملك سعود، اعتقد أن هذه العقول أحسن مني، أنا في بيتي الآن لا أقدم على عمل قبل استشارة بناتي، لأنه إذا لم تثق بأستاذة في اللغويات، وأستاذة في الأحياء الدقيقة، وعضو في بعثة المملكة في نيويورك وثقت فيها الدولة ففي من تثق؟ أعتقد أن النظرة السلبية للمرأة وحصرها في قضايا محدودة النطاق غير مقبول، ربما آباؤنا وأجدادنا كان لهم العذر لأن المجتمع كان منغلقا وظروفهم مختلفة، ويجب أن يكون قدوتنا في التعامل مع المرأة أولا وأخيرا هو الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ونحن نعرف جميعا كيف كان اعتزاز مؤسس هذه البلاد بالمرأة حينما كان يقول «أنا أخو نورة»، هذا نموذج قريب، ومسألة أحقية المرأة بالمشاركة في الحياة غير قابلة للنقاش لأنها محسومة دينا وعقلا، والنماذج الموجودة حاليا تؤكد ما وصلت إليه المرأة في بلادنا من فكر متطور، وهي محافظة على دينها وستبقى كذلك إن شاء الله.
مفهوم الصداقة
لا شك أنك التقيت عددا من أعضاء مجالس برلمانية عربية وعالمية، كيف ينظرون إلى مجلس الشورى السعودي؟
– التقيت بمشارب مختلفة من قارات مختلفة، بعضهم من مجالس متطورة، وبعضهم من برلمانات، عدد منهم يجهلون الكثير عن مجتمعنا، والقصور في المعرفة عنا تنعكس على مجلس الشورى وغيره، وأعضاء البرلمانات الأخرى عندما يأتون لا يلتقون الأعضاء في المجلس مباشرة إنما يجلسون في الشرفة المخصصة للضيوف، ويستمعون إلى النقاشات. وكانت فكرتهم عن المجلس جيدة، وفي الغالب بعضهم يدهش، وهنا أذكر أنه حضر وفد من الكونجرس الأمريكي خلال أزمة التأشيرات للسعوديين وتصوير المسافرين بالأشعة، وتحدثت في ذلك اللقاء نيابة عن زملائي ويبدو أن ذلك أزعج الضيوف، فقالوا نحن أصدقاء، ورددت عليهم بأن الصديق لا يعري صديقه، وهذا ضايقهم بعض الشيء، لكن الانطباع النهائي عن الشورى من الضيوف الأمريكان كان مدهشا، كانوا يعتقدون أن العمل في مجلس الشورى إجرائي.
كيف ينظر مجلس الشورى إلى حياة المواطن؟
– المجلس انعكاس مباشر لحياة المواطن، أسعد كثيرا عندما يأتي واحد من الأطراف بالذات، لأن المدن الكبرى يكون فيها المسؤول قريبا، لكن لا يستطيع كل مسؤول أن يذهب إلى المدن والبلدات البعيدة مثلا، لذلك قلت لك إن اختيار أعضاء مجلس الشورى اختيار موفق، فهو يأتي بأعضاء ليسوا فقط من تخصصات ومشارب مختلفة فقط، بل بتنوع مناطقي.
هل معنى ذلك أن كل ما يطرح في الشورى يلبي حاجة المواطن؟
– أعتقد أنه إذا استمر العمل بهذه الطريقة فأعتقد أننا مقبلون على تمثيل جيد لكل المناطق أتمنى الخرخير مثلا أن يأتي منها عضو، لأنه هذا هو المطلوب، وهناك أمر لم أشر إليه في حديثي سابقا عن اللجان المتخصصة، وهو عن لجنة العرائض، كنت قبل أن أدخل الشورى أرى هذه اللجنة هي نكتة، وكأنهم أعادونا إلى عصور ماضية، لكنني وجدت أنها مهمة، فبعض المواطنين يبصرك ويلفت نظرك إلى قضايا أنت كعضو شورى لم تكن تدركها.
التعيين أفضل
يتداول البعض بين فترة وأخرى مسألة انتخاب الأعضاء.. كيف تنظر إلى الأمر؟
– الواقع الحالي لاختيار الأعضاء فيه إجادة كبيرة وموفقة، أعتقد أنه إذا كانت تجربة الانتخابات غير ناضجة بالشكل الذي هي عليه في بعض البرلمانات فأعتقد أن الإبقاء على التعيين عندنا هو الأفضل، نعم الانتخابات فكرة طيبة وجذابة، لكن لا تأتي بنماذج عندها القدرة على الحصول على الأصوات وعندما تصل لا تستطيع أن تفعل شيئا، اعتقد أن الانتخاب مبدأ جيد، وأتمنى أيضا أن يبقى الجزء الأكبر من أعضاء الشورى أو النصف بالتعيين، لأن التعيين يأتي بأناس قد لا ينجحون في الانتخابات بكل صراحة، وأنا أعرف أناسا لو دخلوا الانتخابات فلن يحصلوا حتى على صوتين، بينما جاره رجل الأعمال القوي أو رجل قبيلة نافذ يصل بسهولة، ولكن عندما يصل لا يؤدي الرسالة المطلوبة منه، بينما المعين هو خير لبلادنا في هذه المرحلة.
مبررات التأخير
لماذا تتأخر بعض الموضوعات في الشورى؟
– هذا من المآخذ، ولكن هناك عدة ظروف، لن ألقي باللائمة على الجهات الحكومية فقط، بل إن أول جهة تلام هي مجلس الشورى، لأن المجلس يتأخر واللجان تطيل أحيانا في نقاشاتها، وتباعد لقاءاتها لأسباب متعددة، أيضا من الأسباب أن بعض الموضوعات تتطلب أحيانا المزيد من المعلومات، وأعطيك نموذجا وهو أن وزارة من الوزارات ترسل تقريرها إلى مجلس الشورى، فتجد في التقرير ثقوبا أو فراغات، ونقص في المعلومات والإحصائيات، فيخاطب المجلس تلك الجهة أو الوزارة، وهذه الكتابة تأخذ شهرين حتى تصل الوزارة، ثم تأخذ شهرين حتى تبت فيها هذه الوزارة أو تلك، ثم تأخذ شهرين حتى تعود إلى مجلس الشورى.
هل ترى أن زيادة عدد الأعضاء لأكثر من العدد الحالي قد تساهم في المسارعة في إنجاز الموضوعات في المجلس؟
– العبرة ليست في العدد، بل في المساهمة في العمل، والشورى لا يشكو من قلة الأعضاء، لكن المشاكل إما بيروقراطية في المجلس، أو تأخر في تدوير المعاملات، وثانيا هناك قضايا تتعلق بجهات اخرى لا يد للمجلس فيها.
ما الخلاصة والتجربة التي خرجت بها من مجلس الشورى؟
– التجربة كبيرة، وهي فرصة ثمينة أتمنى أن تتاح لكل من لديه رغبة في المساهمة الوطنية، لأنها فرصة لأن تساهم بجهدك مهما قل عندما تضيفه إلى جهود الآخرين، والأمر المهم أن التجربة لها انعكاس مهم على الصعيد الشخصي.
كيف توطدت العلاقات الشخصية بينكم أنتم أعضاء المجلس لتستمر خارج المجلس؟
– علاقة الأعضاء مع بعضهم بعضا جيدة جدا، وهي من الجوانب التي سعدت بها، بعض الأسماء أنا لم أكن أعرفها من قبل، كما أنني تعرفت على بعض المناطق التي لم أزرها من قبل، أنا شخصيا زرت الزلفي، جازان، تبوك، ضباء، الوجه، وما كان يقدر لي أن أزورها لو لم أكن قد كونت تلك العلاقات، سعدت بمعرفتهم الشخصية وتمت دعوتي ولبيت، صار لي عنوان في تبوك، وذهبت إلى هناك مع صديق، عندما تزور جازان مثلا تجد الكرم في الناس، فأتساءل كيف بلغت الستين ولم أكتشف هؤلاء، هذا الأمر يتكرر في كل مكان، أيضا ذهبت إلى القطيف ورأيت الطيبة والكرم ونبل الأخلاق فزالت بعض الحواجز الوهمية.
نظرة ثاقبة
سؤالي الأخير.. تستمعون دائما في الشورى لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ماذا تمثل لكم تلك الكلمات؟
– أي زعيم يقول لمجموعة من مواطنيه «أشيروا علي» أعتقد أن هذا مفتاح للشخصية، الملك عبدالله عندما حضرنا لأداء القسم قال تلك الكلمات «أشيروا علي»، أنا متأكد أنه لا تنقصه الخبرة، هذه المقولة جعلتنا على المحك، الأرواح جنود مجندة، فإذا أنت أحسنت إلى الناس أحبوك، والملك عبدالله أحسن إلى الناس بتواضعه، وأحسن بما تراه الآن عندما تسير من أقصى شمال المملكة إلى جنوبها وترى ورش العمل، وليس هذا فقط، مقولته في جازان مثلا، الملك عندما ذهب إلى جازان قال «هذه المنطقة لا بد أن نلتفت إليها»، وهي نظرة ثاقبة من رجل قيادي، وهي تكفي لكي يرتاح الناس، فإذا أضفت إليها صدقا في القول والعمل عندما يوصي الوزراء كل يوم «تراها من ذمتي إلى ذمتكم»، و«اتقوا الله في الناس»، و«ما لأحد عذر»، أليس هذا جديرا بأن يحبه الناس، لقد تشرفت بالعمل مع الأمير سلطان بن عبدالعزيز يرحمه الله لمدة 15 عاما عن قرب، هذا الرجل أنموذج متفرد في الإدارة، أحيانا أكتب رأيا لأنني مستشار ومؤتمن، فيكتب الأمير عبارة «الأخ عبدالعزيز لا أرى ذلك الآن» وعندما أطلع على الشرح وأخرج من مكتبه أتساءل: لماذا لم يأخذ برأيي وهو رأي صائب من وجهة نظري؟، الأمير سلطان يرحمه الله يكتب يقول لي في الخطاب الأخ، وأنا الموظف عنده، ثم أكتشف بعد أسبوعين من هذا الأمر أن رأيي كان معوجا، والله أن الأمير سلطان بن عبدالعزيز لم يعنفني يوما.
سيرة ذاتية
د. عبدالعزيز بن إبراهيم بن صالح السويل.
– دكتوراه في الفلسفة واللغويات والتربية من جامعة واشنطن -سياتل-أمريكا 1983م.
الحياة العملية:
– أستاذ اللغة الإنجليزية واللغويات المساعد في جامعة الملك سعود 1983م. وترقى إلى أستاذ مشارك في العام 1988م.
– رئيس قسم اللغة الإنجليزية لعدة مرات في الجامعة.
عضوية مجالس ولجان:
– عضو في عدد من الهيئات والجمعيات السعودية والعالمية.
المؤتمرات والندوات والنشاطات العلمية:
– حضر عددا من المؤتمرات والندوات المتخصصة داخل المملكة وخارجها.
المؤلفات و البحوث:
– نشر عددا من الأبحاث المتخصصة في الدوريات والكتب، وألف كتابا بعنوان: الحوار بين الإسلام والغرب والدور السعودي.