مليون ريال تُخرج سعوديَّين من ورطة الاتجار بالبشر والزواج من قاصر في كولمبو
أسدلت العودة إلى أرض الوطن الستار على تجربة شهور مريرة خاضها سعوديان في العاصمة السيرلانكية «كولمبو». التجربة تضمنت احتجازاً وإقامة جبرية وابتزاز وسطاء وكفلاء، وتراكم ديون.. فضلاً عن تعرُّض أحدهما لطعنة آلة حادة نجا منها. وطبقاً للقصة التي رواها أحد المواطنَين فإن المشكلة بدأت بمداهمة الشرطة مقر إقامتهما، في مايو 2012، واعتقلتهما، ووجهت لهما تهمة الاتجار بالبشر والزواج من قاصر. ليخوضا سلسلة من الأزمات المتصلة بالإجراءات، ولم يتمكنا من الحصول على البراءة إلا بعد شهور، ليعودا إلى البلاد أواخر مارس الماضي.
زواج من قاصر
يقول المواطن (ص.ف.م) البالغ من العمر خمسين عاماً، إنه كان برفقة قريبه (و.م.م) العشريني، عندما داهمت الشرطة مقرهما، ووجهت لهما تهمة الاتجار بالبشر، بالإضافة إلى توجيه تهمة الزواج من قاصر إلى قريبه، وهي المخالفة التي تصل عقوبتها إلى السجن ما لا يقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد عن عشرين سنة. ويضيف (ص.ف.م)، إن ظروفاً متعددة ساهمت في إطالة أمد القضية، وتعريضه وقريبه لعديد من المتاعب والالتزامات المادية، وعمليات الابتزاز من بعض الجهات والأفراد هناك. مشيراً إلى أنهما مكثا قرابة الشهر خلف القضبان في ظروف صعبة للغاية، قبل أن يتم إطلاق سراحهما بكفالة مع حجز جوازي سفرهما وبقائهما رهن الإقامة الجبرية حتى صدور الحكم النهائي في القضية. ويشير إلى أن المرافعات طوال الفترة الماضية امتدت لفترة عام كامل، تكبدا خلالها خسائر مادية فادحة، وديوناً لا يزالان يرزحان تحت وطأتها. هذا بخلاف الضغط النفسي الرهيب، وتعرض قريبه الشاب (و.م.م) لاعتداء من قبل مجموعة من السريلانكيين الذين هاجموه بوحشية، وسددوا له طعنة قاتلة تحت القلب مباشرة، أُخضع على أثرها لعملية جراحية، وتم بعدها الإبقاء عليه في العناية المركزة لمدة أسبوع كامل، ومن بعدها تم تنويمه في المستشفى حتى تماثله للشفاء الكامل.
خسائر وتلاعب
وكشف (ص.ف.م) في حديثه عن تكبده خسائر مالية فادحة تجاوزت المليون ريال خلاف المتاعب الصحية والنفسية الأخرى. تحتفظ الصحيفة بوثائق وشهادة من السفارة السعودية في «كولمبو» تثبت القضية. ويوضح (ص.ف.م) أنه سافر إلى كولمبو نيابة عن بعض أقاربه ومعارفه لاستقدام عمالة، عندما لحق به قريبه (و.م.م). مضيفاً: لم يمض وقت طويل إلا ووجدنا أنفسنا رهن الاعتقال إثر القبض علينا من قبل السلطات الأمنية هناك، وتوجيه تهمة لنا بـ «الاتجار بالبشر» فيما اتهموا قريبي بالزواج من قاصر، وهي مخالفة تدرج هناك ضمن الجرائم التي يعاقب عليها القانون.
موقف السفارة
وقال إن سفارة المملكة في كولمبو كانت على دراية ومتابعة للأمر منذ أول يوم تم فيه توقيفنا وحتى انتهاء القضية. وقد تم إخراجي من السجن بكفالة ضامنة من قِبل بعض السريلانكيين، الذين استغلوا وضعي وابتزوني، حيث كنت أدفع لهم أسبوعياً مبلغ خمسة آلاف ريال، أي ما مجموعه ثمانون ألف ريال طيلة أربعة أشهر، خشية أن يقوموا بسحب كفالتهم، ومن ثم يتم إعادتنا إلى السجن. ويضيف: بعد معاناة ذهبت للسفارة وأبلغتهم بالأمر، وقد تمكنت من الالتقاء بالسفير بعد أربعة أشهر من الحادثة. مشيراً إلى أنه «تم تغيير الكفلاء عن طريق السفارة، وتمت متابعة قضيتي من قبل محامي السفارة الذي مع الأسف لم يكن على مستوى التطلعات، وفشل في إخراجنا من الدوامة التي وجدنا أنفسنا فيها، وإثر جهود شخصية، تمكنت من إيجاد محام بارز تكفل بإنهاء القضية خلال فترة وجيزة، وتم إبلاغ السفارة بهذا المحامي، واستعداده لإنهاء القضية، بعدما أكد أنه لا يوجد اتهام واضح يدينني أو يدين مرافقي ويستدعي مكوثنا تحت الإقامة الجبرية، وتم الاتفاق معه من قبل مسؤولي السفارة مشكورين، وبالفعل نجح هذا المحامي في الحصول على حكم بالبراءة لنا، وتم تسليمنا جوازي سفرنا». وقال (ص.ف.م) «خلال مجريات القضية تعرضنا لعديد من عمليات الابتزاز، وتعرضت للاحتيال والاستيلاء على مستحقات مالية لي من قبل بعض المكاتب السريلانكية، حيث سبق أن قمت بتسليم مبلغ (40 ألف دولار) قبل الحادثة، لأحد مكاتب توريد العمالة، وبعد انتهاء الإجراءات للعمالة المطلوبة وإنهاء معاملاتهم من طرف السفارة لم يتم تسفيرهم إلى المملكة، واستغل العاملون في المكتب السريلانكي توقيفي على ذمة القضية للاستيلاء على المبلغ الذي دفعته لاستقدام العمالة. وأكد أنه يوجد حالياً قضية قائمة في المحاكم السريلانكية لاسترداد المبلغ، وذلك لعدم تجاوب مكتب العمل السريلانكي مع القسم القنصلي بسفارة المملكة، ولدي مشهد يوثق ذلك، هذا خلاف مصاريف السكن والإقامة والمواصلات، وأتعاب متنوعة دفعتها من نفقتي الخاصة، غالبيتها ديون تكبدتها أسرتي لمساعدتي على الخروج من الورطة التي لم تكن في الحسبان.