العوضي : الإلحاد في الخليج ظاهرة صوتية وبعض الدعاة فتنة للذين آمنوا
اعتبر المفكر الإسلامي الدكتور محمد العوضي، أن للإلحاد صوتا عاليا وظاهرا في دول الخليج العربية، وأن خطوات مناقشته والحديث عنه جاءت متأخرة، محمّلاً حال الأمة الإسلامية، الذي قال إنه «متردٍّ»، وتصرفات بعض الدعاة والوعّاظ، والنماذج التطبيقية السيئة للإسلام، والانفتاح الإعلامي العالمي والعربي، مسؤولية تنامي الإلحاد.
منظومة إسلامية
وقال العوضي في حديث خاص على هامش مؤتمر (تهافت الفكر الإلحادي) الذي اختتمت فعالياته في الرياض مساء أمس الأول «حين نتكلم عن الإلحاد فإننا لا نعني به إنكار وجود الله فقط، بل يشمل ذلك إنكار وجود الله، زائداً رفض المنظومة الإسلامية المتكاملة في الشؤون الدينية والدنيوية، منها علاقة الإنسان بأخيه الإنسان، والعبادات، والأخلاق، والمعاملات، وكل هذا النظام المتكامل»، مؤكدا تنامي تيار ناقد لهذه المنظومة، واستبعد أن يكون الإلحاد قد بات يشكل ظاهرة في دول الخليج، مشيرا إلى أن الظاهرة تحتاج إلى إحصاء ورصد واسع وشامل، وقال «فرق أن تكون الحالة ظاهرة شائعة، أو أن تكون هناك حالات بدأت بالظهور، وهناك الأكثرية الصامتة، والأقلية عالية الصوت، وما يحدث لدينا ظاهرة إعلامية صوتية، لا تمثل واقعا اجتماعيا».
إحباط وانفتاح
وبالحديث عن مسببات ظهور «الإلحاد» في دول الخليج، تطرق العوضي للحديث عن حال الأمة الإسلامية الذي «يتردى يوما بعد يوم»، سواء على صعيد التقدم العلمي، أو في مجال العدالة الاجتماعية، أو التوافق العربي والإسلامي، والتمزق الداخلي، معتبرا أن كل ذلك أسباب أفرزت حالة من الإحباط على الواقع الذي ينتمي للدين الإسلامي، وأضاف «بعض الرموز الشخصية للذين تبنوا النماذج التطبيقية للإسلام، وبعض منظوماتهم في بعض الدول، لم تكن ناجحة في التطبيق، الأمر الذي زاد الطين بلة، كما خرج علينا منذ نحو عشرين عاما، وبالتحديد بعد غزو دولة الكويت، الانفتاح الإعلامي العالمي والعربي غير المدروس، الذي ركّز على قضية الربح والإثارة على حساب القيم والثوابت والدين والأخلاق والهوية ومصلحة المجتمع والأسرة، فقدمت الانحلال ولمعّت النموذج الليبرالي بمفاهيم الحرية، والعلاقات مع الآخر، وتقديم الفرد على المجتمع، ما صنع أرضية خصبة لنبوت الشبهات التي طالت العقائد».
رموز متناقضون
وفي السياق نفسه، وصف العوضي بعض الدعاة الإسلاميين بأنهم «فتنة للذين آمنوا»، مشيرا إلى أن ذلك يحدث حين يمنح الناس ثقتهم لرمز ديني صاحب عطاء جيّد، ثم يكتشفون أنه يناقض في ممارساته ما يعلن عنه صراحة، بالإضافة إلى أنه يدخل في معارك غير منطقية وليست ذات جدوى، ويحرص على الإثارة من أجل الإثارة، في طريقة غير منطقية وغير موضوعية، تضر بالدين أكثر مما تنفعه، ويصدر الفتاوى الشاذة التي تستثمرها الصحافة، وأضاف «هناك منظومات دينية متشددة، تتحدث في الدين من باب إبراء الذمة، ليس من باب إنجاز المهمة وهداية الناس، وبناء على ذلك تصعّد نبرة النكير والترهيب، أكثر من الترغيب والتحبيب واستيعاب الآخر».
ولفت العوضي إلى وجود خلط لدى كثير من المتحدثين باسم الدين بين التقاليد والعادات الموروثة بقضايا العقيدة وتعاليم الدين الصافية، مدللا على ذلك بالتعامل مع المرأة، وقال «خلطنا في حديثنا عن المرأة بين الأعراف والتقاليد والأحكام الشرعية، فإما أن يستغل الدين ضد المرأة بفهم خاطئ، وإما أن تقدم الأعراف والتقاليد على حساب الأحكام الشرعية الصريحة».
انبهار متوازن
وبسؤاله عن موقفه من المنبهرين بالحضارة الغربية، أشار العوضي إلى أنه يدعو للانبهار المتوازن، الذي يفرز الخطأ والصواب، ولا يعطي صورة انطباعية عامة، مؤكدا أن حداثة الغربيين وتنويرهم خاص بهم، ولا يمكن أن نأخذه بمجمله، واعتبر أن من خداع المصطلحات منح المفاهيم والقيم الغربية صفة العالمية، بينما هي «محلية أنانية إقليمية متحيزة عنصرية»، حسب قوله، وأضاف «هذا الغرب الإنساني وصاحب العدالة الاجتماعية لماذا يكرس الديكتاتوريات في عالمنا، ولماذا يستثمر الحروب ويستغلها على حساب الإنسان العربي والمنظومة العربية، من أجل مصالح الرأسمالية والعولمة».