العمى يصيب 3 أبناء ويتربص بوالدهم
بعد أن أمضى العم مزهر الشهري، أب لثلاثة مكفوفين، حياته يشرف عليهم ويرعاهم بكل ما أودعه الله من حنان الأبوة إلى أن أدركه الكبر، أصبح عاجزا عن القيام بهذه المهمة الصعبة مع تهديد فقدان البصر، خاصة عندما تتعالى صيحاتهم في منتصف الليل لقضاء الحاجة، مما يدفعه للخيار الوحيد والصعب وهو الزحف أو تحسس الجدار ما بين الفناء وغرف المنزل ليضطر الأب الحنون الذي تجاوز الـ70 عاما تلبية مطالبهم المختلفة.
يقول مزهر الشهري رغم الظروف القاسية بدأت الرؤية عندي تضعف شيئا فشيئا مصحوبة بآلام شديدة في أنحاء جسمي، وتفاقمت الحالة وزاد الأمر صعوبة مع مرور الوقت، خاصة في ظل عدم قدرتي على رعاية أبنائي المكفوفين، فالابن «علي» البالغ 17 عاما أكبر الأشقاء المكفوفين ولد غير مبصر والأكثر مرضا والذي يعاني من إعاقة عقلية لا ينام الليل منها رغم مراجعة معظم مستشفيات المنطقة دون علاج، أما «عبدالله» فلم يعد باستطاعته الحراك بسبب إصابته بإعاقة جسدية وحالة من التخلف العقلي مما كان له أثر على النطق حتى أصبح غير قادر على الكلام وطريح الفراش دون حراك، وفاطمة كذلك تعاني من العمى وأمراض نفسية، بينما تمكن مرض الأنيميا وبعض الأمراض المزمنة الأخرى من معظم أفراد الأسرة واجتاح العمى الجزء الآخر منهم وتحولت حياتهم إلى سلسلة من الألم والمتاعب المستمرة. وقد تكالبت الظروف الصعبة لترهق كاهل مزهر الشهري في وضع مختلف لا يمكن وصفه إلا بالمحزن بسبب ظروفه الصعبة التي يعيشها ويشتكي منها في ظل عدم قدرته على توفير متطلبات الحياة اليومية لأسرته فليس لديه راتب تقاعدي ولا يملك في الدنيا سوى منزل شعبي متهالك من «الهنجر» وقطيع بسيط من الغنم.
وتعيش الأسرة على جزء يسير من الضمان الاجتماعي الذي لا يفي بمتطلباتهم الضرورية اليومية، فهو يعول أسرة مكونة من 9 أفراد ثلاثة منهم غير مبصرين والبقية يعانون من أمراض عقلية مزمنة يعيشون جميعا في منزل متهالك ومتصدع أوشك على الانهيار، ودائما ما يخافون من سقوط المنزل في أية لحظة خاصة عند هطول الأمطار الغزيرة التي تشهدها المنطقة.
وقد أبدى العم مزهر حزنه على أسرته إذا فارقها ويخشى أن لا يترك لهم سوى منزل مكون من ثلاث غرف متهالكة ومخصص الضمان الذي لا يفي بالغرض ولا بمستلزماتهم المعيشية والطبية، إضافة إلى حاجتهم إلى بناء منزل أو ترميم المتهالك الذي يعيشون بداخله.
ومازال العم مزهر يتطلع إلى مساعدته في استقدام ممرضة أو خادمة لحاجة الأسرة لرعاية صحية مكثفة، وتوفير سيارة خاصة تعينهم وإسعافهم في حالات الطوارئ بعد أن كان يستأجر سيارة عند مرض أحد أفراد أسرته لأقرب مستشفى بمائة ريال.
مع حجم المعاناة التي يعيشها هؤلاء المكفوفون إلا أن الأمل ما زال في نفوسهم، ومع أشكالهم البريئة وهم يلبسون ثيابا بالية وممزقة والبعوض لا يكاد يفارقهم، مرددين ــ والحزن يملأ محياهم ــ بأن يسخر الله لهم أهل الخير من رجال الوطن وأبناء هذه الأرض في مساعدتهم بما تنفقه الأيادي البيضاء.