أبو روان ينتظر كبداً تنقذ أسرته
كانت الدموع والآهات أبلغ في سرد معاناتها مع تفاصيل مرض زوجها الثلاثيني ورحلة العوز والفقر والبطالة، ومعاناتها مع اللهث وطرق الأبواب للحصول على وظيفة، وكشفت أم روان (خريجة علم الاجتماع) أنها تزوجت قبل أربعة أعوام وطرقت جميع الأبواب الحكومية والخاصة طلبا للوظيفة ولم توفق في ذلك، لتساهم مع زوجها الذي يعمل معقبا في أحد القطاعات الخاصة وراتبه لا يتجاوز 2500 ريال لمكابدة ظروف وغلاء المعيشة الذي بات يهدد أسرته.
حيث تقطن مع زوجها وبناتها في منزل إيجار في أحد أحياء جدة مكون من أربع غرف بعشرين ألف ريال على دفعتين، وعجز زوجها مع المرض عن دفع القسط الثاني من العام وقد حان على موعده شهران الأمر الذي دفع بمالك المنزل لتهديدهم بالطرد إذا لم يتم الدفع خلال شهر واحد فقط.
ما بين لحظة وثانية يصارع أبو روان «الموت» فهو ينظر بعين الأمل في الله تعالى ثم في متبرع لينقذ حياته من تليف الكبد وتضخم في الطحال، فأبو روان أب لأسرة تتكون من ثلاث بنات أكبرهن لم تتجاوز الثلاثة أعوام، وزوجته التي تخرجت من عام 1432هـ لم يسعفها الحظ في الحصول على وظيفة تنقذهم من متاهات العوز. مع تخوفها الشديد من تيتم بناتها الثلاث في ظل ظروف معيشية مرهقة وقاهرة ومعاناة زوجها من المرض، لاسيما بعد دخوله في حالة غيبوبة يوم الأربعاء الماضي.
وأوضحت أم روان قائلة: قبل الزواج وبعد إجراءات فحص الزواج أكدت أن زوجي الذي لم يتجاوز عمره الثلاثين عاما يعاني من فيروس الكبد الخامل، ولكن بعد مرور سنة من الزواج بدأت علامات المرض تظهر على وجهه وبدأ الشحوب والاصفرار يظهر والضعف العام وعدم قدرته على التبول وظهور الانتفاخ على بطنه بصورة ملفتة وبدأت الإنزيمات ترتفع، وبعدها بثلاثة شهور توجهنا إلى مستشفى الملك فيصل في الطائف وشخصوا المرض بأنه تليف كبد ولابد من زراعة كبد فورا وتوفير متبرع مطابق له، وتم تحويلنا على مستشفى التخصصي بالرياض من قبل الهيئة الطبية وفتحنا ملفا ولكن للأسف فوجئنا بأن الملف مغلق أثناء تحويل الحالة والسبب أن الطبيبة لم تدون في الملف حالته، ولابد من زراعة كبد وتشخيص الحالة أنه تليف كبدي وإذا مضى ثلاثون يوما ولم تعالج الحالة سيغلق الملف وهذا الأمر الذي زادنا تعقيدا.
ولفتت أم روان إلى أنها كانت تقود زوجها على الكرسي المتحرك الأمر الذي جعل مدير التنسيق الطبي يتعاطف معها ويقوم بتفعيل الملف حالا وأمر بإجراء عملية زراعة فورا لإنقاذ المريض من الموت، وحاول المستشفى توفير متبرع ولكن دون جدوى، حتى أنه تم توفير أكثر من متبرع ومن ضمنهم الزوجة ولكن لم تتطابق الفحوصات لإتمام عملية الزراعة، مما اضطرها إلى مغادرة المستشفى وذلك بأمر من الطبيب المعالج للبحث عن متبرع وبأسرع وقت وقبل شهر شعبان المقبل.
وأوضحت أم روان أنها توجهت برفقة زوجها وإحدى بناتها من الرياض وكانت من أقسى وأمر اللحظات العصيبة التي مرت عليها في حياتها، فصغيرتها بين ذراعيها وزوجها على الكرسي المتحرك وحقيبتها في يدها الأخرى حتى أنها في كل لحظة تتظاهر بالقوة والعزم لعدم إشعار زوجها بالضعف ولكن دموعها تكشف معاناتها وألمها.
وأشارت أم روان إلى أنها باتت في تلك الليلة إلى صباح اليوم التالي ولم تذق عينها وعين زوجها معنى النوم، وحينما وجدت حالته تزداد سوءا عن ذي قبل توجهت إلى مستشفى الملك فهد، وقالت: لقد زاد الانتفاخ في بطنه نتيجة فقده للزلال وعدم قدرته على التبول ولكن رفض المستشفى استقبال حالته وأمره بالرجوع لنفس المستشفى التي يعالج بها، وبعد محاولتي في الموافقة على سحب الماء من بطنه لأنه سيموت أمامي، قال الطبيب المعالج: ستؤثر عليه إبرة الشفط لأنه لا يتحمل وسوف تكون نتائجها عكسية، ونظرا لحالة زوجي وإصراري على النظر في حالته وافق الطبيب وتم تنويمه لمدة أربعة أيام وتم سحب ثمانية لترات من الماء من جسمه، بعدها تم الخروج وبأخذ تعهد إخلاء المسؤولية وأمرونا بتوفير متبرع كبد فورا ولمدة لا تتجاوز أسبوعين، وبعد أيام من مغادرته المستشفى زادت حالته الصحية سوءا ما حدا بنا نقله لمستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة ودخل في مرحلة غيبوبة، وأبلغني الأطباء أن الأمر يتوقف على تأمين متبرع لإنقاذ حياته.
وختمت بالقول: أنتظر إسعاف زوجي الذي يموت أمامي وأمام صغيراتي وليس بيدي أي حيلة في إنقاذه، ومع المرض زوجي لم يعد قادرا على مزاولة عمله وليس لدينا أي دخل مادي ومتطلبات صغيراتي من حليب وحاجيات، لم أعد أقدر على توفيرها وأنا وصغيراتي وزوجي مهددون من قبل مالك المنزل بالطرد، وشركة الكهرباء أنذرتنا بفصل التيار، وحتى ما أمتلك من مصاغ قمت ببيعه وصرفه علينا ولم يتبق منه شيء، وأملي في «جدارة» الذي قدمت فيه قبل عامين ولم أتلق منهم أي جواب وأملي في الضمان الاجتماعي لإنقاذنا من الفقر.