إقصاء موظف كشف اختلاس 150 مليوناً في تعليم الرياض والوزير يأمر بالتحقيق
كشفت مصادرعن مخالفات وتجاوزات مالية وقعت في الإدارة العامة للتربية والتعليم بالرياض، وصلت إلى حد الاختلاس لمبالغ تصل إلى أكثر من 150 مليون ريال، تورَّط فيها موظفون، زوَّروا عدداً من المستندات والأوراق ودلَّسوا الحقائق ومنعوا وصولها إلى وزير التربية والتعليم.
ووفقاً لملف كامل يضم 500 ورقة ومستند فقد ظهرت تجاوزات صريحة أقدم عليها الموظفون المشار إليهم، منها استغلال بعض نفوذهم ومنح مشاريع إدارة التربية والتعليم في الرياض من أعمال صيانة وتشغيل وترميم وإنشاء وخلافها لشركات خاصة تعود غالبيتها لأسرتين معروفتين.
عقود مزدوجة
وتمثلت أوجه الاختلاس، بحسب الوثائق، في وجود ازدواجية في عقودٍ موحَّدة طرحت لأكثر من شركة تعود لمالك واحد، وذلك لتنفيذ مشروع واحد، بحيث تنجز شركة من الشركات المشروع فيما يذهب باقي مبالغ الشركات الأخرى إلى جيوبهم.
تشغيل وصيانة
ووفقاً لذات الوثائق فإن موظفاً يشغل منصباً رفيعاً في الإدارة أُقصي عن منصبه، لكنه عُين مستشاراً في الوزارة بعد أن كشف ورصد تجاوزات مسؤولي الإدارة في ترسية عقود مزدوجة في تشغيل وصيانة عدد من المدارس التي تتجاوز قيمتها عشرات الملايين.
بحث وتحقُّق
الوثائق ذاتها كشفت قيام وزير التربية والتعليم بتوجيه نائبه الدكتور خالد السبتي، بتشكيل لجنة للبحث والتحقق من صحة ما رفعه الموظف المشار إليه من تجاوزات في يومي 29/7/1433هـ و18/10/1433هـ، بعد أن حجب العاملون في مكتب الموظف ملف شكواه في المرة الأولى، إلا أن اللجنة لم تبت في القضية بعدُ حتى تاريخه.
تجاوزات مالية
الأوراق والمستندات أشارت أيضاً إلى عدة تجاوزات مالية موقعة من مسؤول رفيع قبل تكليفه بالعمل في الإدارة، من هذه المخالفات موافقته على صيانة وتشغيل وإصلاح عدد من المباني التعليمية بقيمة 518742 ريالاً خلال الفترة من 12/4/1431 حتى 8/6/1431هـ.
وتمثلت تجاوزات المسؤول الرفيع أيضاً في منح مكتبه عشر سيارات، منها ست تحت استخدامه، وتنص التعليمات على صرف سيارة واحدة لأي مسؤول بالمرتبة الخامسة عشرة فقط، مع عدم أحقيته بصرف أي محروقات أو قطع غيار أو إصلاح للسيارة الرسمية.
معامل الحاسب
وفي سياق المخالفات التي كشفتها الوثائق، تورد على سبيل الذكر لا الحصر: مشروع صيانة معامل الحاسب الآلي وأجهزة الإدارة والشبكات لمدة ثلاث سنوات بمبلغ 5766000 ريال، مع عدم وجود كراسة للشروط وطرحها ارتجالياً مع تعارضها بإحدى الشركات التي تقوم مسبقاً قبل إقرار هذا العقد بصيانة الأجهزة ومعامل الحاسب الآلي لمدة ثلاث سنوات بعشرة ملايين ريال تقريباً، حيث كشف العقد المبرم عن ازدواجية ومخالفة صريحة لأنظمة ومشتريات الحكومة، وبعد التحقق من الموضوع لم يُكتفَ بالتلاعب المذكور أعلاه، بل تمت إعادة طرح المنافسة ولم توقف ولصالح نفس المؤسسة ولكن بسعر أقل من السابق 4125600 ريال.
تلاعب وتحريف
وأثناء المخاطبات التي دارت بين «المسؤول الرفيع» -المُقصى من وظيفته- وبين المتنفذين في الإدارة، رفض الأخيرون التعليق والإفادة عن ازدواجية الطرح في عدة عمليات وعدم تلافي المخالفات النظامية لعمليات صيانة تكييف مدارس البنين والبنات التي تم طرحها وإبرام عقودها دون وجه حق، نظراً لأن صيانة المكيفات من أحد البنود في عقود صيانة المباني التعليمية، حيث كلف العقد الأول (عقد صيانة تكييف مدارس البنين) وزارة التربية والتعليم 4505731,78 ريالاً، مع وجود تلاعب وتدوين بيانات غير حقيقية وتحريف في الأوراق والمستندات الرسمية، حيث يجب أن لا تقل مدة إعلان المنافسة في الصحيفة الرسمية (أم القرى) عن ثلاثين يوماً، ومع أنه نُشر في عدد 4360، أي أن المدة 23 يوماً، إلا أنه حرف في محضر لجنة فحص العروض بوضع العدد رقم 4349. ومما يؤكد عدم نظامية العقد ومخالفته لنظام المشتريات الحكومية، تداخله أيضاً مع عقد لمؤسسة تجارية أخرى تعود لنفس المالك، حيث كانت قيمته 3944973 ريالاً لمدة ثلاث سنوات، وجاءت مدة التداخل بين العقدين 13 شهراً.
تداخل عقود
وذات الأمر مع عقد صيانة تكييف مدارس البنات، الذي رُسي على نفس الشركة التي تقوم بصيانة تكييف مدارس البنين بمبلغ قدره 49493007 ريالات ولمدة ثلاث سنوات، والذي يخالف أنظمة مشتريات الحكومة ويتداخل أيضاً مع عقود مبرمة مسبقاً لشركات أخرى.
توزيع آيباد
ومن صور هدر المال العام الأخرى، توزيع أجهزة آيباد على عدد من الموظفين في الإدارة دون تسجيل عهد عليهم، إضافة إلى تلاعب وتحايل من قِبل بعض النافذين في الإدارة بمستندات خارج الدوام والمصاريف السفرية، حيث يتم الصرف لهم مع تداخل في مدد التكليف، وبعد أن يتم رفع المستندات للوزارة يتم إلغاء المسيرات من الأجهزة نهائياً، وتجاوزت المبالغ التي صُرفت لعدد ضخم من مسؤولي الإدارة، والتي يتم تناقلها بين الحسابات دون معرفة من تعود له، أكثر من 29888303 ريالات
إقصاء أكفاء
واشتملت القضايا التي رفعها المسؤول المُقصى من الإدارة تجاوزات أخرى لإدارة التربية والتعليم في الرياض، بإبعاد عدد كبير من الأكفاء والمؤهلين من مزاولة عملهم في إدارة الشؤون المالية وشؤون الموظفين، حيث تم إقصاء جميع مساعدي مديري هذه الإدارات ورؤساء الأقسام المتميزين فيها، ونقلهم إلى أقسام أخرى من مكاتب إشراف ومدارس قريبة من منازلهم.
التربية والتعليم: التحقيقات لاتزال في خطواتها الإجرائية
اكتفت وزارة التربية والتعليم بردها على لسان متحدثها الرسمي محمد الدخيني، على جملة الاتهامات والمبالغ المسلوبة من الوزارة، بأن هذا الموضوع محل متابعة وعناية من الجهات المختصة لدى الوزارة، قائلاً «لاتزال التحقيقات في خطواتها الإجرائية، وستكون لدى الجهات المعنية كلمتها بعد الاستماع لجميع الأطراف وفق ما يحقق تطبيق الأنظمة المرعية»، مؤكداً في ذات الوقت أن نظام الوزارة لا يجيز الإفصاح عن أي معلومات قد تؤثر في الإجراءات النظامية، مبيناً أنه في حال انتهائها ستُعرض على جهة الاختصاص القانونية سواء داخل الوزارة أو خارجها.