الكلباني: لا أردُّ إلا على قليلي الأدب
اعتبر إمام الحرم المكي السابق الشيخ عادل الكلباني، أن ما يقوم به بعض الدعاة من تصوير برامجهم الرمضانية في أوروبا وبعض العواصم العربية نوع من «البرستيج» وإسكات للضمير، وقال إنه لم يكن يوماً سهل الاستفزاز، لكنه يضطر للرد أحياناً من باب تأديب بعض ممن عجز أهلهم عن تربيتهم، مشيراً إلى أن هناك من يقدحون في لون بشرته وشكله.
ووفقا لصحيفة الشرق نفى الكلباني خلال حديثه بحثه عن الأضواء والشهرة، وقال «كيف يبحث عن الشهرة شخص هو في الأساس مشهور؟!»، وكشف عن أول يوم صامه في رمضان واختلاسه الأكل والشراب وهو ابن الثالثة عشرة من العمر، وعن سفرته الأخيرة إلى اليابان وإسلام ثلاثة يابانيين على يده.. وكثير من التفاصيل خلال الحوار التالي:
صوت الكلباني
هل مازلت في مسجد المحيسن بالرياض؟
– نعم
وصوتك هل مازال هو صوت الكلباني الذي نعرفه أم تأثر مع الزمن وتقدم السن؟
– أظنه كما هو.. ولكن المهم قبل الصوت قراءة القلب، فهي أهم من قراءة الصوت.
أشرطة تلاوة
علمت أنك تفكر في مشروع وهو أن تكون لك أشرطة تلاوة قرآنية.. إلى أين وصلت ومتى يرى النور؟
– هذه الفكرة قائمة وتراودني منذ زمن، وإن شاء الله سيكون تنفيذها قريباً.
فتوى الغناء
بصراحة بعد فتوى الغناء هل انخفضت شعبيتك عند البعض؟
– لا أعلم، ولكنها ليست هدفي، أي الشعبية، فأنا لست بحاجة إلى الشعبية، المسألة عبادة وهذا باختصار.
ظهرت أصوات إثر تلك الفتوى وحرَّمت الصلاة خلفك.. ما كان تأثيرها ووقعها على نفسك؟
– جزاهم الله خيراً، هم مجتهدون.
برنامج رمضاني
ما هي طقوس الشيخ عادل الكلباني في رمضان؟
– ليست لدي طقوس بل لي شعائر، كأي مسلم، صيام وصلاة وتلاوة قرآن ومراجعة بعض أحكام السير، وهكذا.
الوقت الذي تقضيه مع عائلتك؟
– أجلس معهم بعد المغرب حتى صلاة العشاء، وكذلك بعد صلاة التراويح.
أول يوم صيام
هل تتذكر أول يوم صُمت فيه رمضان وكم كان عمرك؟
– كنت في أولى متوسط، وعمري حينها ثلاثة عشر عاماً، وكان صيام الديك والدجاجة، اختلست الشراب والطعام، بعيداً عن عين الأهل كأي طفل مبتدئ، وفي العام الذي بعده كان صياماً كاملاً ولله الحمد.
برستيج الدعاة
ما رأيك في برامج الدعاة في رمضان، الذي كما تلاحظ أن منهم من قام بتصوير برنامجه في لندن وآخر في تركيا وآخر فرنسا، وما إلى ذلك .. لماذا لا يكون هذا التصوير في مكة المكرمة أو المدينة المنورة إن كان الأمر متعلقاً بالروحانية؟
– سؤال محيرني فعلاً، قد يتعذرون بالأستوديوهات والإمكانات، وسبب معين لا أدري عنه، وعموماً أنا لا أتابع هذه البرامج من الأساس، وقد يكون بزعمهم أنها نوع من التغيير، وأنا صراحة لا أدري ما الأسباب.
هل تعتقد أنها نوع من البرستيج؟
– هناك كتاب على ما أعتقد اسمه «إسكات الضمير المقعد»، وقد يكون هذا الداعية يريد لضميره أن يسكت، وتأخذ معك أشخاصاً وتدفع تذاكر وتكاليف، أرى أن فيها نوعاً كبيراً من البرستيج وفيها تمشية.
محفول مكفول
هل هذا ينطبق على سفرتك الأخيرة لليابان؟
– لم أذهب إلى اليابان لأعمل برنامجاً، وجهت لي السفارة السعودية في اليابان الدعوة، وكانوا يطلبون مني أن أزورهم في شهر رمضان واعتذرت، وتم الاتفاق على أن تكون الزيارة قبل شهر رمضان المبارك ولبّيت الدعوة «محفول مكفول»، وتشرفت بالزيارة وبلقاء إخواني هناك الطلبة وبعض أفراد الجالية السعودية في اليابان، وزُرت المراكز وتعرفت على البلد، وقد قلت لمرافقي: والله إن الإسلام نفعنا أكثر مما نحن نافعوه. إذا رحت لمكان تجد من يهتم بك ويستقبلك فقط لأنك فلان الداعية.
ثلاثة مسلمين جُدد
وماذا حول ما تم تناقله أن زيارتك أسهمت في دخول ثلاثة يابانيين في الدين الإسلامي؟
– أنا فقط أسهمت في إقناعهم، بينما هم من الأساس كانت لديهم انطباعات جيدة وقناعات ولكنهم كانوا مترددين، أبناؤنا الطلاب السعوديون في اليابان هم أصحاب الدور الكبير في هذا الموضوع، وقد مهّدوا لهذا الأمر بشكل رائع، نعم كان الإخوة اليابانيون الذين دخلوا الدين الإسلامي ولله الحمد، كانوا مترددين بعض الشيء وأسهمت مع أبنائي الطلبة وأعضاء السفارة في إقناعهم، وهم ثلاثة أشخاص: امرأة ورجلان، أحدهم اقتنع من تعامل الطلبة معه، وامرأة كانت مترددة منذ ثمانية أشهر وكسرنا التردد بمعونة السفير، والثالث أسلم بإسلام المرأة.
قلة أدب
ألا ترى أنك سهل الاستفزاز خاصة من خلال ردودك عبر «تويتر»؟
– أنا لا أرد إلا على قليل الأدب، والجاهل والسفيه أعرض عنهما، ولكن قليل الأدب أؤدبه، وهذه فكرتي «اللي ما ربّوه أهله نربيه»، والسفيه والجاهل نتركهما، أو نعلم بعضهم عندما تكون أنت تتحدث في باب ويأتيك هو من باب آخر، وبعضهم يقدح في اللون والشكل وكلام بذيء، فمثل هذا ليس أمامك سوى أن تؤدبه.
شعبية شبابية
معروف أنك محبوب عند فئة كبيرة من الشباب خاصة بعد فتواك حول الغناء؟
– أنا أتعامل بحسب طبيعتي ولا أتصنّع هيبة معينة، ولا أفكر في هل يحبني هذا أو يكرهني ذاك، أقول الشيء الذي أقتنع به وأؤمن بأنه الحق، وإن كنت اُتهم دائماً بالبحث عن الشهرة، لكن الحمد لله وقد يكون من استعجل بشيء قبل أوانه أوتي بحرمانه، أنا لا أصدر أوامر وأقول للشاب افعل ولا تفعل، ولا أدعي المثاليات، أعيش الواقع وأرى الشباب بواقعهم، وأنصح بطريق غير مباشر، وهو يفهم الرسالة من دون أن تقول له اعمل كذا وكذا.
هل تؤيد فكرة وجود المسؤول في تويتر؟
– يبدو لي أن المسؤول الحقيقي في هذا الزمن لابد أن يتابع ويوجد من خلال تويتر بجدية، وسيجد أن كثيراً من الآراء والمقترحات ستصله، إذا كان فعلاً يريد أن يصحح ويتخذ قرارات ويعرف معاناة الناس، أنا وجدت في مطار دبي بعض الأخطاء اللغوية وعندما كتبت عنها من خلال تويتر تفاعل معها المسؤولون المعنيون بالأمر في دولة الإمارات الشقيقة وصححوها، حتى وإن كانت بسيطة ولكن تشعر أن هناك أشخاصاً مهتمين ويريدون أن يعملوا، لم أكن أعرف كيف أوصل لهم لولا وجود وسيلة تويتر، ولا أعتقد أن مسؤولاً يستطيع أن يعتذر وهو يعرف نبض الشارع من خلال تويتر.
دُعاة الهياط
هل هذا ينسحب على تغريدة «دعاة الهياط»؟ بصراحة هل قصدت بها التصحيح أم الاستفزاز؟
– لا أفكر فيما يُقال لأنه لن يرضى عنك أحد في أي شيء تقوله، هناك من يأتي ويقول لك ماذا تقصد ويضع إسقاطات، مشكلة شعبنا أنه لا يقرأ النص مجرداً وبعيداً عن اسم كاتبه، يقرأ النص بناء على القائل، وقليل من يقرأه بناء على الحدث نفسه، وبالتالي مهما كتبت تأتيك تعليقات في شخصك أنت وليست في الحدث الذي كتبت عنه.
بحثٌ عن الشهرة
هم يقولون إنك «تحارشهم» بحثاً عن الشهرة؟
– كيف يبحث عن الشهرة شخص هو في الأساس مشهور؟! لو فكروا قليلاً لوجدوا أنني لست باحثاً عن الشهرة، وإلا كيف بشخص ينتقد أو يستفز مثلاً ويكون باحثاً عن الشهرة، هم يرددون نفس الكلام أو المقولة التي قالها أشخاص قبلهم دون وعي أو دراية، فلو لم يكن لي متابعون على حسابي في تويتر، أو أنه ليس هناك من يعرفني فكيف وصله ووصلهم رأيي بهذه السرعة؟!
برامج ومسلسلات
في هذا الشهر الكريم ما هي الرسائل التي أعددتها للنشر عبر تويتر؟
– الابتعاد عن البرامج والمسلسلات غير المفيدة التي تتعارض مع روحانية هذا الشهر الفضيل، وأن يتفرغ المسلم للعبادة والإكثار من قراءة القرآن الكريم وعمل الخير والصدقات.
شياطين الإنس
أوليست من بينها رسائل للقائمين على تلك القنوات مثلاً؟
– من دون تحديد أو تشخيص هناك من هم جند الشيطان ويصدون الناس عن ذكر الله، في رمضان تتصفّد شياطين الجن وتتفلت شياطين الإنس، ومن يفعل ذلك هو ليس بمدرك قيمة شهر رمضان ولا معنى الصيام في رمضان ولا معنى فتح أبواب الجنان وإغلاق أبواب النيران، هو فقط يفكر كيف يجمع المال!
مصائب الأمة
نحن في شهر رمضان وكثير من أبناء الأمة الإسلامية يمرّون بمصائب ومِحن.. ماذا تقول؟
– الحديث دائماً ضمن وقت الفتن لا يكون واضحاً، فأنا أتجنب الخوض فيه، لأنه في كل يوم أو ساعة يظهر لك حدث آخر مناقض له، وأكتفي بالمراقبة من بعيد، لا أريد الحديث في هذا لأنني لا أعلم أين تسير الأمور، نصبر حتى تنجلي ثم نحكم، ليس بيدنا شيء سوى الدعاة أن ينصر الله أمة الإسلام ويحمي المسلمين.
ضوابط شرعية
تقصد أنك لست من دعاة الموقف؟
– المسلم بشكل عام أو الداعية يبذل ما يستطيع ضمن الحدود أو الأطر المسموح له أن يتحرك من خلالها، فهناك أمور وضوابط شرعية وأخرى تتعلق بولي الأمر وأخرى اجتماعية وإنسانية أيضاً، فقد يكون الأمر فتنة مثلاً وقد يكون خلاف ذلك، ولا أريد أن أدخل في مجال ثم تنقلب الأمور إلى مجال آخر، السلامة من الأمور غير الواضحة تكمن في اعتزالها، وحتى إمام المسجد من وجهة نظري عليه أن لا يُطالب الجماعة بشيء لا يستطيعون القيام به، ويجب أن يحدثهم بشيء يستطيعون أن ينفذوه في حياتهم، فعندما يدعوهم إلى الجهاد مثلاً وهم لا يستطيعون أن يجاهدوا لا بأموالهم ولا بأنفسهم، فهنا تكون الخطبة ليست لها قيمة، فأنت تحثهم في الخطبة على ما يستطيعون فعله، والمفروض أن يكون فيها إيقاظ للإيمان وإيقاظ للحلم وما ينفعهم في حياتهم، فأنت تملأ قلوبهم حسرة وغماً ثم يذهبون إلى بيوتهم وهم مشحونون ولا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً.