المفتي العام : أخشى على مكرري العمرة من الإثم
حذر سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ من تكرار العمرة في شهر رمضان، لافتا إلى أن في ذلك مزاحمة ومضايقة للمعتمرين القادمين من الخارج.
ووفقا لعكاظ قال سماحته مستنكرا: العمرة مشروعة، وفي رمضان لها فضل، كما في الحديث (عمرة في رمضان تعدل حجة معي)، لكن السؤال عن تكرار العمرة، بمعنى أن يخرج المقيم في مكة كل أسبوع إلى التنعيم ويعتمر ويأتي ويضايق ويزاحم من أتوا في هذا الوقت من الوافدين، مبينا أن في ذلك مشقة وحرجا، داعيا أولئك إلى إفساح الطريق لغيرهم.
وأضاف: أما خروج المعتمر مرات إلى التنعيم للإتيان بالعمرة فأخشى ألا يؤجر عليه؛ لكونه يضايق الناس ويزاحم غيره ممن لم يعتمروا، لافتا إلى أن الأولى أن يكون هناك تعاون وتساعد وعدم إيذاء للآخرين.. فإلى التفاصيل:
كيف يستغل المسلم ويستفيد من قراءة القرآن في هذا الشهر الكريم؟
إن الله ــ جل وعلا ــ جعل القرآن العزيز خاتمة لكتبه وهو أقربها إلى الله وأفضلها وأجمعها قال الله جل وعلا: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه)، فهذا القرآن العظيم اختار الله لنزوله أشرف مكان وزمان، فاختار الله لنزوله مكة المكرمة ــ شرفها الله ــ أفضل بقاع الأرض، واختار أفضل الشهور شهر رمضان، واختار من رمضان أفضل الليالي ليلة القدر (إنا أنزلناه في ليلة القدر)، يقول الله ــ جل وعلا: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)، أي هذا الشهر الذي كتبنا عليكم صيامه وفرضنا عليكم صيامه هو شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، فلما أنزل القرآن في هذا الشهر، وهذا القرآن شرف لكم وعز لكم ورفعة لكم في الدنيا والآخرة (لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون)، (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) أي شرف لك، فلما أنزل الله هذا القرآن في هذا الشهر المبارك كان من شكر نعمة الله علينا أن نقابل هذه النعمة بأن نصوم هذا الشهر، فمن نعمة الله علينا أن افترض علينا صيامه؛ لكوننا نلنا في هذا الشهر أعلى وسام وأشرفه، ألا وهو إنزال القرآن، (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)، أي هذا القرآن هدى للناس (يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم)، (وبينات من الهدى والفرقان) علامات واضحة دالة على عظيم هذا القرآن وعظيم ما جاء به، فإنه حوى كل الأخلاق والفضائل، (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم)، إنه نور يستضيء به المسلم في ظلمات الجهل والضلال (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا) إنه موعظة وذكرى (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور)، إنه أفضل ما وعظت به النفوس قال الله تعالى: (وذكر بالقرآن من يخاف وعيد)، بينات واضحات وفرقان يفرق بين الحق والضلال والسعادة والشقاوة، فمن أدركه بالغا عاقلا مقيما فليصم هذا الشهر طاعة لله وليحمد الله أن بلغه رمضان وجعله ممن يؤدي هذه الفريضة، ومن كان فيه مرض يحول بينه والصيام ويعجزه أو أن الصيام يزيد المرض أو يؤخر البرء، فالله يقول (فمن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر)، فالمريض إذا أدرك رمضان وكان الصوم يزيد المرض أو يؤخر البرء فإنه يسن له أن يفطر ويقضي أياما أخر، وإن كان المرض خطيرا لا يرجى برؤه، فإنه يطعم عن كل يوم مسكينا ويقوم الإطعام مقام الصيام لقوله تعالى (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين)، أو كان مسافرا في أثناء رمضان، فإن المسافر يشق عليه الجمع بين الصوم والسفر، فللمسافر إذا شق الصوم عليه أن يفطر وإن تحمل وصام أجزأ، لكن إن أفطر اتباعا للرخصة أفضل «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه»، فالسنة الفطر لأن النبي يقول: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته»، وإن أطاق الصوم في السفر فصام فلا شيء عليه، وهذه الشريعة يسر، ولهذا أذن للمريض والمسافر بالفطر، وكله رحمة ورفق بهذه الأمة، لتكملوا العدة وتحمدوا الله على إكمال النعمة إتمامها فتكبروه وتمجدوه أن شرع لكم الصيام وأعانكم فاستكملتم الشهر كاملا فاحمدوا الله واثنوا عليه، ولهذا شرع التكبير عندما يبلغنا هلال شوال أن نقول: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد)، لقوله: (ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون)، أي بالتكبير تكونون شاكرين لله نعمه عليكم؛ لأن الله إذا أنعم على عبد نعمة فإن الواجب أن يقابلها بشكر الله (لئن شكرتم لأزيدنكم).
تغيير السلوك
هناك أناس يمر عليهم شهر رمضان ولم يغير في سلوكهم، حيث إنهم مبتلون ببعض الأخطاء، وبعضهم يسهر في الليل وينام النهار ويضيع أوقاته، فما توجيهكم؟
النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنت الكبائر)، إذا فرمضان إلى رمضان الآخر مكفر لما بينهما من صغائر الذنوب إذا استقام العبد وحسنت أحواله، إذا فرمضان ميدان لتكفير الذنوب والخطايا والسيئات، فيا أيها المسلم وقد أدركت رمضان، فاحمد الله على هذه النعمة وقابلها بشكر الله، وتخل عما أنت عليه من المعاصي والآثام، وليكن رمضان موسما للتوبة النصوح والإقلاع عن الخطايا والسيئات ومحاسبة النفس عما حصل من تقصير وإساءة؛ لأنك ــ أخي المسلم ــ في شهر عظيم تضاعف فيه الحسنات، فاحذر أن تمضي أيامه ولياليه وأنت في لهو ولعب، ولهذا قال جبريل للنبي ــ صلى الله عليه وسلم: (رغم أنف امرئ أدرك رمضان وخرج فلم يغفر له)، فإن من أدرك رمضان ولم يغفر له؛ لكونه مكبا على سيئاته وخطاياه في غفلته وغوايته، رمضان وشوال وشعبان كلها سواء، ليس عنده تمييز بين الشهور ولا معرفة لقدر الأيام الفاضلة، بل هو في طغيانه ومعاصيه وآثامه، تكاسل عن الصلاة وتقاعس عنها وإقبال على المحرمات، النهار نوم والليل غفلة وإعراض، هذا ــ يا إخواني ــ من الحرمان، المسلم يحمد الله أن أدرك رمضان، ولا يدري المسكين هل يدرك عاما آخر، أم يأتي العام الآتي وهو في عداد الأموات، فليستغل وجوده في هذه الدنيا وإدراكه رمضان بالتوبة والاستغفار والندم، وليتب إلى الله وليتقرب إليه بما يرضيه من الأقوال والأعمال.
الإكثار من العمرة
في رمضان، كثير من الناس يكثرون من العمرة، وخصوصا المقيمين في مكة يعتمرون في اليوم أكثر من عمرة.. فما توجيهكم؟
العمرة مشروعة وفي رمضان لها فضل كما في الحديث (عمرة في رمضان تعدل حجة معي)، لكن السؤال عن تكرار العمرة، بمعنى أن يخرج كل أسبوع إلى التنعيم ويعتمر ويأتي ويضايق ويزاحم من أتوا في هذا الوقت، هو مقيم كل رمضان وهناك وافدون يأتون أياما وينصرفون، وهذا المقيم يضايقهم، كل أسبوع يعتمر، قال بعض السلف: لا أدري أيؤزر أولئك أم يؤجرون، قيل لماذا: قال: يترك الصلاة والطواف بالبيت ويخرج أميالا ثم يعود، هذا إخوتي فيه مشقة وحرج، افسح الطريق لغيرك، أديت عمرة أو عمرتين فاحمد الله على النعمة وأقبل على الطواف والصلاة في الحرم المكي، وأما خروجك إلى التنعيم للإتيان بعمر أخرى، فهذا الإكثار منه أخشى ألا تؤجر عليه لكونك تضايق الناس وتزاحمهم وقد اعتمرت وغيرك لم يعتمر، فالأولى لنا أن يكون هناك تعاون وتساعد وألا نؤذي إخواننا الآخرين.
المرأة في رمضان
ما هو نصيب المرأة في شهر رمضان المبارك، حيث أن بعضهن يضيع عليهن الوقت في الطبخ وتنظيف الأواني وخدمة الأولاد والأهل، فما توجيهكم لهن؟
خدمتك لبيتك وزوجك وأولادك، تنظيف البيت، إصلاح الطعام، كلها أعمال صالحة، ولا يفوتك وأنت تطهين الطعام أو تنظفين أن تسبحي وتكبري وتثني على الله وتصلي على النبي ــ صلى الله عليه وسلم، واجعلي لك وقتا بالليل إن كنت قارئة لتتقربي إلى الله وتقرئي كتابه، وأكثري من التسبيح والاستغفار والتكبير يكون عونا لك على كل ما أهمك، لما سألت فاطمة ــ رضي الله عنها ــ رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ خادما أرشدها وزوجها عليا إلى أمر عظيم، فأمرهم أن يسبحوا الله ثلاثا وثلاثين ويحمدوا الله ثلاثا وثلاثين ويكبروا الله ثلاثا وثلاثين، فقال: إنها خير لكم من خادم، فالتسبيح والتكبير والتهليل عون للمرء على كل أموره وما يهمه من أمر دينه ودنياه، فاقرئي القرآن في أي وقت من الأوقات وأثناء العمل الهجي بالتسبيح والتكبير والتحميد بينك وبين نفسك (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة) وأرجو الله أن يعينك على كل خير.
صلاة المرأة
بالنسبة للمرأة أيهما أفضل صلاة التراويح في البيت أم في المسجد؟
في الحديث يقول الرسول ــ صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن)، فدل على أن صلاتها التراويح في البيت أفضل، لكن قد تقول المرأة إن صلاتي في المنزل قد لا أعتني بالتراويح قد تفوتني وقد يشغلني الأولاد وأنا في المنزل فلا أؤديها تامة وأحب أن أصليها في المسجد وراء الإمام ليكون أنشط لي لأداء الصلاة وأعون لي على ذلك، فالظاهر إذا كان كذلك فلعل صلاتها في المسجد خير إن شاء الله مع التحفظ والبعد عن الطيب والروائح التي تجذب إليها نظر الرجال.
أثر الغيبة
ما أثر الغيبة في حياة المسلم، وخصوصا وهو صائم؟
الغيبة من كبائر الذنوب، وقد دل القرآن والسنة على تحريمها، وحقيقة الغيبة أن تذكر أخاك بما يكره، تذكره في غيبته بما يكره أن تواجهه به، هذه الغيبة تصدر من قلب غافل طعنا في المسلم واحتقارا وثلبا له وقدحا في عرضه بلا حجة ولا برهان، لو كنت تحب الخير له لأبديت له النصيحة وأسررتها له وحذرته مما تخاف أن يكون ضار به، أما أن تغتابه وتنتهك عرضه وربما سعى النمام بهذه الغيبة، فأفسد ما بينك وبين أخيك وأوقع العداوة بينكما، فالغيبة بلاء عظيم، وللأسف الشديد أننا عاجزون عن تركها وأن المجالس لا تحلو إلا إذا كان هناك اغتياب، سبا لهذا، وعيبا لهذا، واتهاما بهذا، وسوء ظن بذاك، ويكذبون، يحملون أقواله مالا تحتمله، كل هذا قصور في حق إخواننا إذ لو كنا صادقين لكنا ناصحين موجهين ومحذرين من العيوب والنقائص، أما أن نقحم أنفسنا في الغيبة وننتهك أعراض إخواننا، فإن هذا نقص في حقنا يملأ القلوب حقدا وتباعدا بين الإخوان، فالحذر الحذر منها نسأل الله العافية من شرها.
أما كون المسلم يقول إذا دخل رمضان لا يمكن أن يكون في قلبه غل على أحد، فهذا هدي الصالحين أن رمضان يطهر قلوبهم ويزكي أخلاقهم ويهذب سلوكهم ويجعلهم على المستوى اللائق بهم في طاعة الله والاستقامة على ذلك.
هل الغيبة من مبطلات الصيام؟
هي تنقص ثواب الصيام.
أفضل الأعمال
ما أفضل الأعمال في شهر رمضان المبارك، وهل الصدقة لها فضل في هذا الشهر؟
الأعمال الصالحة ثوابها عظيم، ولكن يتعاظم الثواب في شهر رمضان، ولهذا في حديث سلمان: إن فريضة في رمضان تعدل 70 فريضة فيما سواه، وأن النافلة فيه تعدل فريضة، فالحسنة فيه بعشر أمثالها، فالصدقة مستحبة وفي رمضان آكد، والنوافل مستحبة وفي رمضان آكد، وتلاوة القرآن مستحبة وفي رمضان آكد، فكل عمل صالح في رمضان فإن شرف الزمان يجعل له مزية خاصة.
أعمال شاقة
امرأة تبلغ من العمر ثلاثين سنة، ولكنها لا تجهل أن الصيام فرض، لكنها مكلفة بأمور شاقة كالرعي في البادية، فهل عليها صيام وهل تقضي هذا الصوم؟
كان المسلمون يصومون رمضان ولم يكن الصيام يدعوهم إلى الخلود في الأرض والكسل ،بل كانوا يصومون ويسافرون ويعملون ويكدحون ويزرعون ويمارسون حياتهم الطبيعية في رمضان، فما كان رمضان موسما للإخلاد في الأرض، بل كانوا يجاهدون في رمضان غزواتهم في رمضان، جهاد النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ يوم بدر في رمضان، فتح مكة وهكذا غالب الفتوحات الإسلامية في رمضان، المسلمون يجعلون رمضان وسيلة للنشاط والقوة والحيوية لا وسيلة للكسل والخمول، فمن تصور أن رمضان وسيلة للخلود في الأرض والكسل والغفلة وعدم التحرك وعدم القيام بالواجب، هذا فهم خاطئ، بل الصيام عون للمسلم على كل عمل صالح، فهو يمارس الأعمال الصالحة ويؤديها بنشاط؛ لأنه يستشعر أن رمضان شهر نشاط وقوة لا كسل وخمول.
تناول الدواء
لدي مرض نفسي وأعطاني الطبيب علاجا بالحبوب، فماذا أفعل في شهر رمضان المبارك، وهذا المرض نوع من أنواع الصرع؟
إذا كانت الحبوب تتعاطاها في أثناء الصيام بأن لها مواعيد محددة ولا يمكن الاستغناء عنها فتناولها وأفطر واقضها في أيام أخر.
مريض الكلى
.. ومريض الكلى كيف يصوم؟
مريض الكلى، أثناء الغسل يفطر ولا بد منه، لأن فيه إدخال الدم وإخراجه، ثم إذا انتهى من الغسل في اليوم الثاني إن استطاع أن يصوم صام وإن عجز عن الصوم فإنه يقضي بعد رمضان، وإن تعذر الأمر عليه أطعم عن كل يوم مسكينا، فلو كان المصاب بالفشل الكلوي يغسل كل يوم مثلا أو يوما وراء يوم، ولكن في اليوم الذي لا يغسل فيه فيه كسل وعجز عن القيام بالواجب، فنقول: أنت مريض مرضا خطيرا يكفيك أن تطعم عن كل يوم مسكينا.