الفيصل: رفض النظام السوري لكل المحاولات العربية يتطلب موقفا دوليا حازما لوقف المأساة
عقدت اللجنة السعودية المغربية المشتركة للتعاون الثنائي دورتها الثانية عشرة بمدينة جدة اليوم في اطار التوجيهات السامية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وأخيه جلالة الملك محمد السادس – حفظهما الله – وما يوليانه من دعم مستمر ورعاية دائمة للعلاقات المتميزة بين المملكة العربية السعودية، والمملكة المغربية واستمراراً للاتصالات والتشاور الأخوي بين قيادتي البلدين في كل ما يهم الأمتين العربية والإسلامية والقضايا الاقليمية والدولية .
ورأس الجانب السعودي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، فيما رأس الجانب المغربي معالي وزير الشئون الخارجية والتعاون الدكتور سعدالدين العثماني، بمشاركة كبار المسؤولين في الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص في البلدين الشقيقين، وناقش الجانبان العديد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك واستعرضا الاوضاع الاقليمية والدولية .
وألقى الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية في بداية الاجتماع كلمة فيما يلي نصها : بسم الله الرحمن الرحيم .. الأخ سعد الدين العثماني ، وزير الشئون الخارجية والتعاون بالمملكة المغربية الشقيقة .. أصحاب السعادة الحضور الكرام .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
إنه لمن دواعي سروري واغتباطي أن أرحب بكم في بلدكم الثاني المملكة العربية السعودية، وفي هذا الاجتماع الطيب المبارك لأعمال اللجنة السعودية – المغربية المشتركة. التي تشكل لبنة قوية في مسار العلاقات المتميزة بين المملكتين الشقيقتين، بقيادة كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وجلالة الملك محمد السادس.
بمتابعة مسيرة أعمال اللجنة خلال العامين المنصرمين، لابد لي من التنويه بالاتصالات المستمرة بين الجانبين، وعلى المستويين الرسمي ومجلس رجال الأعمال ، والتي كان لها أطيب الأثر في بلورة أعمال اللجنة ، وتحقيق عدد من المنجزات المتمثلة في وضع آلية لحل قضية النقل البحري ، التي كانت تشكل عائقا أمام تدفق وانسياب التجارة بين البلدين، والتوجه نحو دراسة إنشاء خط ملاحي بحري مباشر بين مملكتينا، علاوة على العمل على تشجيع مقاولات الإنشاء السعودية المغربية ، واعتماد شهادات الشركات الصادرة من البلدين.
ومن جانب آخر ، لابد لي أن أنوه أيضا بتطور حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي شهد زيادة بنسبة 20% ، إضافة إلى استمرار مساهـمة الصندوق السعودي للتنمية في تمويل (40) مشروعاً إنمائياً في المملكة المغربية الشقيقة ومنذ العام 1978م حتى اليوم ، كما يسرني أن أشيد بأحد أبرز محطات التعاون بين البلدين من خلال إنشاء المشروع الحكومي المشترك للشركة السعودية – المغربية للاستثمار الانمائي ، وبرأس مال قدره (800) مليون درهم مغربي.
أيها الأخوة .. إن مسيرة التطور الكبير والهائل الذي تشهده بلدينا وفي كافة المجالات لا يمكن أن تخطئها العين، خصوصا في المسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وقد كان وما زال هدف هذا التطور الإنسان ، ومحوره البناء والنماء ، ودافعه طموح قيادتينا وتوجيهاتهم الكريمة، ووقوده تطلعات شعبينا لحاضر ومستقبل آمن مستقر ومزدهر.
إن هذا الواقع البناء ، يضع هذه اللجنة أمام تحد كبير ومسئولية متعاظمة لمواكبة هذا التطور السريع والشامل في تعزيز العلاقات الثنائية ، وذلك بالسير على نفس النهج وبنفس الزخم والوتيرة المتسارعة ، ومضاعفة الجهد لمقابلة طموحات وتطلعات قيادتينا وشعبينا، خصوصا في ظل الإرادة السياسية الحاضرة بقوة للدفع بمستوى التعاون والارتقاء به لأفضل المستويات ، فالوقت أيها الأخوة ليس في صالح إلا من يعمل لكسب الوقت.
أيها الحضور الكريم .. إن اجتماعنا اليوم، يعتبر نقطة مضيئة، وأنموذجا لما يجب أن تحتذي بها العلاقات العربية – العربية ، إلا أننا وللأسف الشديد بدأنا نشهد العديد من الأزمات والظروف المؤسفة والمؤلمة التي تعيشها بعض دولنا وشعوبنا العربية ، بعضها نابع من الداخل ، وكثير منها ناتج عن التدخل السافر في شئوننا وقضايانا العربية، وذلك في وقت سخر لنا الله فيه كل إمكانات التعاون والتكامل فيما بيننا التي تؤهلنا لإدارة شئون أوطاننا وإدارة قضايانا بسواعدنا.
إننا وأمام هذا الواقع المؤلم مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى الوقوف صفاً واحداً لمواجهة هذه التحديات الجسيمة ، وصيانة أمن واستقرار أوطاننا وحماية مقدرات شعوبنا. والعمل جديا على منع التدخل الخارجي في شئوننا سواء على المستوى الوطني ، أو على المستوى القومي.
إن رفض النظام السوري لكل المحاولات العربية المخلصة والجادة، ورفضه للتعاون مع كافة المبادرات ، وإصراره على المضي قدماً في غيه، وارتكابه المجازر المروعة بحق شعبه وأبناء جلدته، خصوصا بعد استخدام السلاح الكيماوي المحرم دوليا في مجزرة ريف دمشق الأخيرة، إن هذا الأمر بات يتطلب موقفا دوليا حازما وجادا لوقف المأساة الإنسانية للشعب السوري، خصوصا وأن النظام السوري فقد هويته العربية ولم يعد ينتمي بأي شكل من الأشكال للحضارة السورية التي كانت دائما قلب العروبة.
أود هنا أن أعبر في المقابل عن الارتياح البالغ لما تشهده جمهورية مصر العربية الشقيقة من عودة للهدوء والأمن والاستقرار ، وذلك في إطار الجهود الجادة للحكومة المصرية الانتقالية ، والمستندة على خارطة المستقبل السياسي الذي رسمته لعودة الحياة الدستورية، وبمشاركة كافة القوى والتيارات السياسية دون استثناء. وهو الأمر الذي يبعث على الأمل في عودة مصر لممارسة دورها الإقليمي والدولي الهام .
أيها الأخوة .. مهما تعددت القضايا والأزمات في المنطقة العربية، إلا أن القضية الفلسطينية تظل هي قضية العرب الأولى، ولا ينبغي أن تغيب عن جهودنا الرامية إلى إيجاد الحل العادل والدائم والشامل المستند على مبادرة السلام العربية ، لتحقيق أهداف إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وعليه فإن نجاح مفاوضات السلام الفلسطينية – الإسرائيلية المستأنفة مؤخرا، مرهون بالدرجة الأولى بالتزام إسرائيل بعملية السلام ، وبمبادئه وأسسه القائمة على مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها والاتفاقات المبرمة ، والكف عن سياساتها اللامشروعة والأحادية الجانب ، وعلى رأسها الاستمرار في بناء المستعمرات وتوسيع القائم منها.
في الختام .. أكرر شكري وتقديري لمعاليكم ولإعضاء اللجنة الوزارية والتحضيرية ورجال الأعمال في البلدين على ما بذلوه من جهود في الإعداد لهذه الدورة، وما أبدوه من حرص على بحث كل ما من شأنه تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين في كافة المجالات، ويحدوني الأمل في أن يخرج اجتماعنا هذا بالتوصيات التي ترتقي ومستوى الآمال والطموحات .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مما يذكر أن هذه الدورة تميزت بنوعية الفعاليات التي سبقت اجتماعها الوزاري اذ اشتملت ولأول مرة في تاريخ اللجنة المشتركة على نشاطات لصالح القطاع الخاص في البلدين تمثلت هذه الفعاليات في منتدى الاستثمار السعودي المغربي والمعرض المصاحب له اضافة الى اجتماع مجلس رجال الاعمال السعوديين والمغاربة .
وجسدت هذه النشاطات الحرص الذي يوليه البلدان لتطوير علاقاتهما الاقتصادية والتجارية وتحقيق مزيد من الشراكات والمشاريع والاستثمارات المنتجة التي تعود بالنفع المباشر على اقتصاد البلدين وشعبيهما الشقيقين انسجاما مع البرامج التنموية في كل من البلدين .
وترجمت تلك الفعاليات ارادة البلدان في جعل القطاع الخاص شريكاً أساسياً في المجهودات التي تبذلها المؤسسات الحكومية من أجل الارتقاء بالتعاون الثنائي نظراً لما اثبته القطاع الخاص السعودي والمغربي من حيوية وفعالية في هذا المضمار .
وتم في ختام الاجتماع توقيع محضر اللجنة الذي تضمن مجموعة من التوصيات المتصلة بمجالات التجارة والاستثمار والنقل والإسكان والتجهيزات الاساسية والزراعة والغذاء والسياحة والصناعات التقليدية .
واطلعت اللجنة على نتائج اللجنة القنصلية المشتركة في دورتهما الثانية وأكدا رئيسي الجانبين أهمية تنفيذ التوصيات الواردة في محضر اجتماعهما ، كما تم الاتفاق على عقد الدورة الثالثة عشرة في المملكة المغربية ويحدد عبر القنوات الدبلوماسية .