رهام.. رواية فصولها فايروس وآيباد ومنزل وتقرير لم يصدر
ثمانية أشهر عاصفة هي المدة الفاصلة بين هدية وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة للطفلة الناجية من نقل دم ملوث بفايروس الأيدز رهام حكمي منتصف شباط (فبراير) الماضي، وتوجيه أمير منطقة جازان محمد بن ناصر ببناء منزل لأسرة رهام الإثنين الماضي.
وفضلاً عن التباين الكبير بين الظرف والمناسبة، بين الهدية الأولى التي قدّمها وزير الصحة في سياق المواساة للطفلة رهام على دويّ اكتشاف نقل الفايروس بعد ساعات من دخولها مستشفى جازان العام، وبين الهدية الثانية من أمير المنطقة التي جاءت على وقع زغاريد الفرح الذي بثّه إعلان وزارة الصحة بخلو دم رهام حكمي من وجود فايروس الأيدز، إلا أن قصة رهام التي شغلت الرأي العام في السعودية مدة ثمانية أشهر كانت مليئة بالأحداث والتطورات.
وإن بدت نهاية قصة رهام سعيدة باعتبار عودتها إلى قريتها وصديقاتها سالمة غانمة، إلا أن الحزن غلّف معظم أيام الأشهر الثمانية التي كانت أشبه برواية مأسوية تكشف فصولها أوجهاً جديدة للخلل في أداء وزارة الصحة ومستشفياتها.
فبدءاً كشفت القصة تقصيراً في آلية العمل في مستشفى جازان العام وإهمال حجز المريض المصاب بالأيدز، وتركه طليقاً بين الأصحاء، إلى جانب الإهمال في حقن دم ملوّث لطفلة، فضلاً عن إثارتها أسئلة عن نقص الكوادر العاملة في المستشفيات، وحاجتها لتوظيف المزيد من فنيي المختبرات وغيرهم الذين تخرّج منهم آلاف من الكليات الصحية الأهلية، وظلوا عاطلين سنوات قبل أن ينقذهم القرار الملكي الخاص بإلزام الأجهزة الحكومية التي تقدم خدمات صحية بالتعاقد معهم وتدريبهم وتأهيلهم مدة سنة قبل توظيفهم.
أما حينما انتقلت رهام للعلاج في مستشفى الملك فيصل التخصصي، فلم يكن الجدل والانتقاد اللذان صاحبا هدية الآيباد التي قدمها الوزير عبدالله الربيعة لرهام مؤشراً إلى نوعية أداء وزارة الصحة، بالقدر الذي أوضحه لجوء وزارة الصحة، كالمعتاد، لمستشفى «مستقل» (مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض) لا يتبع لوزارة الصحة لتصحيح خطأ وقع في إحدى منشآت وزارة الصحة! وإن تجاهلنا الاعتراف الضمني لوزارة الصحة بتعذر وجود مستشفى واحد تشرف عليه وزارة الصحة، ويكون موازياً لأداء مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض، وأن أفضل منشأة صحية في السعودية لا تشرف عليها وزارة الصحة، فإن الفصل الأخير و«السعيد» لقصة رهام لم تكتمل أفراحه بعد، ففي حين أكدت وزارة الصحة أن الفحوص والاختبارات الدقيقة التي أجراها مستشفى الملك فيصل التخصصي ومستشفيات ومختبرات سعودية وعالمية، أثبتت عدم وجود أي علامات لإصابتها بفايروس الأيدز، وعلى رغم فلاشات الإعلام التي التقطت عشرات الصور لرهام حكمي بجوار عشرات الابتسامات الباردة لمسؤولين موجودين لحظة وصولها لمطار جازان، فإن تقريراً رسمياً بسلامة عيّنات دم رهام الحكمي يخلو من أي إصابة بالأيدز لم يصدر بعد، على رغم مطالبات مراقبين بتوثيق أي تطورات في ملف قصة رهام حكمي ونشرها في وسائل الإعلام المختلفة، باعتبار أن رهام باتت قضية رأي عام بكل المقاييس منذ الفصل الأول في روايتها الحزينة.