المفتي: لا للمصادمة .. والطعن في البعض يعاكس لم شمل الأمة
نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، افتتح وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري أمس مؤتمر «الوحدة الوطنية .. ثوابت وقيم» وتنظمه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
ودعا سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ لعدم مصادمة الأحداث ومعالجة القضايا والاعتصام بحبل الله جميعاً، وعدم الطعن في البعض، وشدد على أن ذلك لا يحقق الأهداف المرجوة ولم شمل الأمة، لافتاً إلى أهمية السعي في النظر في أسباب الخلاف والنزاع والصبر على بعض الأخطاء ومعالجة المشكلات بحكمة وبصيرة للتأليف بين قلوب المؤمنين.
وبين سماحته أهمية التناصح بين المسلمين، والنصيحة لولي الأمر مستدلاً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم «الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»، وبين بعضا من طرق النصح لولي الأمر سواء بالمقابلة أو بالكتابة وعمل خير، لافتا إلى تشخيص أسباب الفرقة وجمع الكلمة وسد هذه الأبواب ومقابلة الاختلافات بين الأمة بصدر رحب.
من جانبه أكد مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية رئيس اللجنة العليا للمؤتمر الدكتور سليمان أبا الخيل، أن الوحدة الوطنية في المملكة ليست كأي وحدة من الوحدات الأخرى، إذ أنها وحدة دينية شرعية قائمة على أسس متينة وقواعد قوية وأصول واضحة تنطلق من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأشار إلى أن الجميع مواطنين ومقومين شبابا وشابات كبارا وصغارا يشهدون لهذه البلاد بالأمن والأمان والوحدة، وقال: نفتخر ببلدنا في كل المحافل الدولية والعربية والمحلية.
وكشف أن المؤتمر يأتي لتعزيز جانب الوحدة الوطنية وإعطائه حقه من الدراسة والبحث والتمحيص، مؤكداً أن الواجب على العلماء والمربين والمعلمين والدعاة والخطباء وطلاب العلم والباحثين أن يكونوا قدوة للشباب وأنموذجا حيا في الحفاظ على وحدة الوطن، مشيراً إلى أن حماية الوطن تكون بالقول والرأي السديد والبعد عن كل مواطن الشبهة وكل وسيلة يستغلها المتربصون بأمن هذه البلاد مشددا على ضرورة الالتزام بجماعة المسلمين وإمامهم.
من جهته أكد الرئيس العام لشؤون الحرمين الشريفين الدكتور عبدالرحمن السديس في كلمة ضيف الجامعة، أن المؤتمر يعد فرصة للتعاون والتلاحم والاتفاق، وقال: هذه نعمة كبرى نشكر الله عليها، والوحدة الدينية والوطنية من الضرورات والأصول المسلمات وأساس الأمن والأمان والعناية بالوحدة الوطنية نوع من العناية بالوحدة الدينية.
وحذر السديس من ما يهدد الوحدة الوطنية وفي مقدمتها وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل التقنية والإعلام بما فيها من معيب كإيقاد للفتن ونشر للفرقة والخلاف، مؤكداً ضرورة تفعيل الحس الوطني في إطار ثوابت الشريعة وهدي الرسول صلى الله عليه وسلم محذرا من خطورة التلفظ والكلمات.
وشدد على ضرورة حفظ العقل عن الأفكار المشتتة والفتن المنتشرة ونوه إلى أن الهدف من مثل هذه المؤتمرات توحيد الوطن وأهله تحت راية واحدة، وقال: اتحاد البلاد نعمة نشكر الله عليها.
وأكد أنه على الرغم من أن هذا البلد مستهدف من أعدائه إلا أنه سلم من كل الأيديولوجيات والثقافات والحزبيات المقيتة، وقال: قد نختلف في الرأي والحوار لكن يجب أن يكون ذلك بناء على ثوابت البلاد وأمنه ودينه وليكن لك وجهة نظر ولتعتز بالحوار المبني على الدليل وعلى مقاصد حفظ أمن البلاد وبلغة الأدب، ومن حق الأوطان أن ندافع عنها ونسعى لحفظ أمنها ووحدتها، وأن يحصن الشباب عن كل المؤثرات وذلك بالتبصر بالعواقب، وأن الأسرة والبيت والمجتمع والمدرسة والأستاذ والجامعة والإعلام مطالبون بالتعاون على البر والتقوى.
وأشار وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للدراسات والتطوير والاعتماد الأكاديمي رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر الدكتور خالد العبد الغفار آل عبدالرحمن، إلى أن هذا المؤتمر جاء في وقت نحتاجه جميعا، وقال: تميز المؤتمر بعدة أمور منها أنه جسد معاني ومفاهيم الوحدة الوطنية في تنظيمه واستعداده، حيث تفاعلت معه كل المؤسسات الحكومية والخيرية والأهلية وكل شرائح المجتمع والوطن.
وأكد أمين مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية الدكتور عيسى بن حسن الأنصاري في كلمة المشاركين، أن الوحدة الوطنية ثروة وطنية غير قابلة للنضوب، مشيراً إلى أن رعاية خادم الحرمين الشريفين للمؤتمر هي رعاية للوحدة الوطنية.
وبين الأمير الدكتور خالد بن عبدالله المشاري آل سعود عضو مجلس الشورى أن المؤتمر يأتي في ظروف دولية دقيقة ومتغيرات سريعة، مشيرا إلى أنه يأتي مواتيا لليوم الوطني للمملكة مما يكسبه مزيدا من الأهمية، لافتاً إلى أن المؤتمر يزيد أواصر الترابط بين مكونات المجتمع وإعطاء القيمة الأساسية لثمار الوحدة، واستمرار التنمية والوحدة في الوطن.
بعدها تحدث الدكتور خالد بن صالح باجحزر عن أثر المناهج التعليمية في دعم الوحدة الوطنية، مؤكدا على أن للمنهج التعليمي في توحيد الأمة أهمية تظهر في البيئة العربية والإسلامية، مضيفاً أن توحيد المناهج الحديثة لا يعني بالضرورة تطابقها بل يجب مراعاة كل بيئة لظروفها خاصة في المراحل الأولى مع الاشتراك فيما بينها في الأساليب العامة والفلسفات.
وأكد الدكتور إبراهيم عبدالفتاح رزق أهمية دور مناهج التاريخ في المرحلة المتوسطة في تعزيز المواطنة، مشيراً إلى أن العالم يشهد تطورات وتغيرات سريعة يجب إعداد الأفراد لمسايرتها.
من جهتها أكدت الدكتورة لولوة بنت عبد الكريم القويفلي عن تفعيل دور الأنشطة الطلابية لتعزيز الوحدة الوطنية.
وتحدث الدكتور صالح بن عبد العزيز النصار المستشار في وزارة الاقتصاد والتخطيط عن «دور الخطط الخمسية للتنمية في تعزيز الوحدة الوطنية»، وأشار إلى أن الوحدة الوطنية في المملكة تتميز برسوخ قاعدتها المتمثلة في وحدة الدين الإسلامي واللغة والتاريخ والثقافة والقيم والتقاليد الاجتماعية العربية المشتركة.
واستعرض سعد بن عبدالعزيز الرشيد من الرئاسة العامة لرعاية الشباب الأدوار الممكنة لبرامج الرئاسة في الفعاليات الثقافية والرياضية في دعم الوحدة الوطنية، مشيراً إلى أن من أهم ثوابت الوحدة الوطنية حب الوطن والحفاظ عليه وعلى مقدراته وتنميتها والدفاع عنه وعن مكتسباته بالوسائل المختلفة.
بعدها قدم محمد بن ناصر الحكمي ورقة عمل عنون لها بـ «الوحدة الوطنية .. ثوابت وقيم» أشار فيها إلى غريزة حب الوطن الفطرية في كل إنسان وأورد العديد من النصوص الشرعية التي تعزز من أهمية الوطن وضرورة الوحدة الوطنية.
وأوضح نائب وزير التعليم العالي الدكتور أحمد بن محمد السيف أن الوزارة تقوم بدور بارز في تعزيز الوحدة الوطنية وذلك من خلال نشاطات الطلاب وما يقام من مؤتمرات وندوات، مؤكدا أن جميع الجامعات تركز على محور الوحدة الوطنية والحفاظ على المكتسبات الوطنية.
وأشار السيف إلى أنه لا ينبغي الحرص فقط على وحدة الوطن وبناء المكتسبات بل يجب افتداء هذه المكتسبات بالنفس قائلا: هذا ما أوجبته ضروريات الشرع الخمس التي هي من أساس عقيدة المسلم، وأوضح أن من أهم المقومات التي يجب الارتكاز عليها طاعة الله ورسوله وأولي الأمر والاحتكام إلى كتاب الله ورسوله ونبذ كل طائفية واختلافات.
بعد ذلك قدم الدكتور عبدالقادر بن عبدالحافظ الشيخلي ورقة عمل عن مقومات تعزيز الوحدة الوطنية، أوضح فيها أن الوحدة الوطنية أساس قوة الدولة ومنعتها، مؤكدا على أن الحرص عليها واجب كل مواطن، مشيراً إلى أن موضوع الوحدة الوطنية من الاتساع ما يضيق به البحث الواحد مشددا على أهميته ودوره في التنمية.
بعد ذلك قدمت الدكتورة أسماء بنت عبدالعزيز السويلم ورقة عمل أكدت فيها على أن من الأسباب التي تفرق الأمة المسلمة وتهدد الوحدة الوطنية وتخلخل لحمتها ما يفعله بعض المغرضين وأصحاب الأهواء، أو الجهال من التشنيع على أولي الأمر والتقول عليهم، وتأليب الناس ضدهم، وتتبع زلاتهم والاحتجاج بها.