الفوزان: العلماء مسؤولون عن المخالفات الظاهرة التي يقع فيها الحجاج
قال عضو هيئة كبار العلماء، عضو اللجنة الدائمة للإفتاء الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان «إن من يكرر الحج كل عام يقبل حجه لكنه يأثم على معصيته لولي الأمر»، وشدد على أنه يجب على العلماء وطلبة العلم أن يهتموا بتفقيه الحجاج وتوجيههم بأداء حجهم على الوجه المشروع، وإصلاح عقيدتهم من الخلل، مبينا أن هذا أمر واجب عليهم أصلا، وإذا كلفوا بهذا الأمر، وجندوا لهذا الأمر كأعضاء التوعية، والمفتين في الحج المكلفين بهذا الأمر، فإنه يتأكد عليهم زيادة أن يهتموا بهذا الأمر، وأن ينبهوا على الأخطاء التي يرونها أو يسمعونها أن ينبهوا عليها، ولا يسكتوا على شيء منها، لكن بالطريقة اللائقة التي تقنع الآخر، وتبين له الطريق الصحيح بلطف، وحكمة حتى يكون لتوجيهاتهم قبول عند الحجاج.
وبين فضيلته أن العلماء وطلبة العلم مسؤولون عن أي خطأ يقع من الحجاج، إذا كان الخطأ ظاهرا وهم يرونه، أو يبلغهم، أو يسمعونه، فيجب عليهم أن يبينوا وجه الحق فيه، ولا يسكتوا عنه، وما لا يستطيع بيانه، فعليهم أن يرفعوا به لمن هو أعلم منهم، ويرفعوا به للجهات العلمية المختصة ليعالج هذا الأمر على المستوى العام.. فإلى التفاصيل:
ماحكم تكرار الحج كل عام ؟
الذي يكرر الحج كل عام يقبل الحج وحجه صحيح ــ إن شاء الله ــ، لكن يأثم على معصية ولي الأمر، فهو يصح مع الإثم.
التيسير في الحج
نريد توضيح ضابط ومفهوم التيسير في الحج؟
التيسير في الحج هو فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، فما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، هو اليسر قال الله جلا وعلا: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، فالذي شرعه الله هو اليسر، أما ما خالف ما شرعه الله هو العسر وهو الحرج.
الاقتراض للحج
هل يجوز لي الاقتراض من أجل استكمال نفقة الحج مع القدرة ــ إن شاء الله ــ على سداد الدين بعد العودة منه؟
أجبنا على هذا وقلنا إذا كان عنده مقدرة سداد الدين فلا بأس أن يقترض، ويحج، لا بأس، ما نقول يسن أو يجب، نقول: لا بأس، يباح له ذلك إذا فعله، ولا حرج.
الحج أم الزواج
أنا شاب أعزب، وعندي القدرة على الحج؛ هل أقدم الحج على الزواج؟
قالوا: إذا كان يخاف على نفسه من الوقوع في الفتنة يقدم الزواج، وإذا كان لا يخاف على نفسه فإنه يقدم الحج، فريضة الحج، فريضة، وإلا النافلة يقدم الزواج على كل حال، ولكن الفريضة إذا كان لا يخاف على نفسه من الفتنة فإنه يقدم الحج.
مكة أم الميقات
أنا من أهل مكة، وأعمل في الرياض، وأريد الحج لهذا العام، هل أحرم من مكة، أم من الميقات؟
تحرم من ميقات أهل الرياض، إذا مشيت من الرياض تريد الحج، ولو أنت من أهل مكة، تحرم من الميقات، ميقات أهل نجد، لأنه صار حكمك حكم أهل نجد لقوله صلى الله عليه وسلم عن المواقيت: «هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن يريد الحج أو العمرة»، فتأخذ حكم أهل الرياض لا حكم أهل مكة.
المبيت في مزدلفة
صليت المغرب والعشاء في مزدلفة ولم أبت، ثم ذهبت إلى منى ورميت في الليل؛ فماذا علي؟
إن كان بعد منتصف الليل فالرمي صحيح، والمبيت تركته، يكون عليك فدية عن ترك المبيت، والرمي بعد منتصف الليل مجزئ، أما إن كنت رميت قبل منتصف الليل، فالرمي غير صحيح، لأنك رميت قبل دخول الوقت، فعليك فدية عن الرمي.
جاء يوم عرفة
من جاء إلى عرفة يوم عرفة وأراد القران هل له ذلك؟ وهل هناك قران مضيق؟
نعم يجوز الإحرام للقران ولو يوم عرفة ما دام مدة الوقوف باقية ولو قبل طلوع الفجر ليلة العيد يجوز أن يحرم ناويا القران بين الحج والعمرة، وتدخل العمرة في الحج وتكون أعمالهما واحدة فيطوف طوافا واحدا للحج والعمرة، ويسعى سعيا واحدا للحج والعمرة، ويقصر من رأسه مرة واحدة أو يحلقه مرة واحدة للحج والعمرة، وتكون عليه الفدية إذا كان من غير أهل مكة فدية التمتع لأنه جمع بين نسكين فتجب عليه الفدية فالقران تمتع، تمتع بمعنى أنه جمع بين حج وعمرة في سفر واحد تجب عليه الفدية وعمل القارن لا يختلف عن عمل المفرد إلا بالنية وإلا بوجود الهدي هذا الذي يختلف به القارن عن المفرد النية هذا ينوي عمرة وحجا وهذا ينوي حجا فقط، والفدية تجب على القارن ولا تجب على المفرد.
الإحرام يوم عرفة
حججت قبل عامين وكنت متمتعا وفي يوم التروية ذهبت إلى منى ولكني لم أحرم إلا يوم عرفة الفجر فما حكم ذلك؟
لا بأس فرضه صحيح لكنه ترك فضيلة كان الأولى به أن يحرم يوم ثمانية يوم التروية وذهب إلى منى وبات فيها ليلة التاسع وقام فيها يوم ثمانية وليلة تسعة محرما كما فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لكن لو راح بدون إحرام ولم يحرم إلا يوم عرفة إحرامه صحيح لكن فات عليه فضيلة.
طلب العلم
أرجو من فضيلة الشيخ الحث على التفقه في الحج، وسؤال أهل العلم، وأهل الذكر وسؤال الناس المتخصصين أليس هذا أيضا من الزاد؟
بلا شك التزود بالعلم من الزاد الذي أمر الله به، قال تعالى: (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب)، فيتعلم الإنسان كيف يؤدي الحج والعمرة؛ وذلك ميسور بحمد الله، فيه المختصرات المؤلفة في بيان المناسك، وعليه أن يسأل أهل العلم الذين يعرفهم بالعلم والتقوى، ولا يسأل من لا يعرفه بعلم ولا بتقوى، قد يكون عاميا، وقد يكون غير تقي فيضله، أو يوقع الخلل في حجه وعمرته، فليسأل من يثق بدينه وبعلمه، والدولة ــ ولله الحمد ــ في هذه البلاد وضعت مرشدين للحجاج من أهل العلم، ووضعت لهم مراكز في المشاعر يرجع إليهم فيها، ويسألون عما أشكل، وإذا كان في الحملة من هو مؤهل بالعلم والتقوى، فعلى أهل الحملة أن يرجعوا إليه ويسألوه.
بالنسبة للكتب التي نأخذها في أداء هذه الفريضة، إذا كانت لأول مرة؟
الكتب كثيرة ــ ولله الحمد ــ، ولكن الإشكال بالكتاب المحرر الدقيق المطابق للكتاب والسنة، وأقرب شيء في ذلك ــ والحمد لله ــ التحقيق والإيضاح لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ــ رحمه الله ــ، فإنه كتاب موجز، ومركز على الأدلة، واضح العبارة، كذلك المنسك المختصر لشيخ الإسلام ابن تيمية، بإمكان الإنسان أنه يطلع على أحد هذين المنسكين، أو عليهما، وفيهما وصف دقيق مع الاختصار مع التركيز على الدليل، ففيهما الغنى ــ والحمد لله ــ لمن يريد أن يعرف كيف يحج، وكيف يعتمر باختصار.
تفقيه الحجاج
ما توجيهكم لطلبة العلم والدعاة والمرشدين في الحج فيما يتعلق بتفقيه الحجاج في دينهم ومناسكهم، وأيضا بيان العقيدة الصحيحة، وكذلك ما هي الطرق المثلى للاحتساب على البدع، والمنكرات الواقعة في الحج؟
بارك الله فيك، نعم يجب على طلبة العلم، على العلماء وطلبة العلم أن يهتموا بهذا الأمر، وتوجيه إخوانهم الحجاج بأداء حجهم على الوجه المشروع، وإصلاح عقيدتهم من الخلل، فهذا أمر واجب عليهم أصلا، وإذا كلفوا بهذا الأمر، وجندوا لهذا الأمر كأعضاء التوعية، والمفتين في الحج المكلفين بهذا الأمر، فإنه يتأكد عليهم زيادة أن يهتموا بهذا الأمر، وأن ينبهوا على الأخطاء التي يرونها أو يسمعونها أن ينبهوا عليها، ولا يسكتوا على شيء منها، لكن بالطريقة اللائقة التي تقنع الآخر، وتبين له الطريق الصحيح بلطف، وحكمة حتى يكون لتوجيهاتهم قبول عند الحجاج. فالحاصل أنهم مكلفون بهذا الأمر، وأن أي خطأ يقع من الحجاج، فإنهم مسؤولون عنه، إذا كان الخطأ ظاهرا وهم يرونه، أو يبلغهم، أو يسمعونه، فيجب عليهم أن يبينوا وجه الحق فيه، ولا يسكتوا عنه، وما لا يستطيع بيانه، فعليهم أن يرفعوا به لمن هو أعلم منهم، ويرفعوا به للجهات العلمية المختصة ليعالج هذا الأمر على المستوى العام. والله أعلم.
تحقيق التوحيد
كيف نحقق أو كيف يتم تحقيق التوحيد في هذه الفريضة المباركة في الحج؟
تحقيق التوحيد مطلوب في كل حياة المسلم، وفي الحج وفي غيره، تحقيق التوحيد معناه تخليصه من شوائب الشرك والبدع، هذا تحقيق التوحيد تخليصه من شوائب الشرك الأكبر والأصغر ومن البدع والمحدثات، وهو يحصل بالحج من باب أولى، لأن الحجاج يأتون بقلوب متوجهة، وقلوب مشفقة، وخائفة وراغبة أيضا في الخير، فلا شك أن الحج درس للمسلم يستفيد منه صلاح عقيدته، وشفاء ما عنده من الجهل بالعلم النافع، فيتزود بالعلم فيتحقق أو يحقق بذلك توحيده ويبنيه على علم وبصيرة، وعلى سنة وبينه من شرع الله سبحانه وتعالى قد يكون الإنسان في بلد غافلا، أو ليس عنده من ينبهه على ما يحصل في توحيده من خلل، فإذا جاء إلى الحج ورأى الناس يطوفون جميعا لرب واحد، ويقفون جميعا لرب واحد في عرفة، ويبيتون في مزدلفة، وفي منى يذكرون الله ربا واحدا، فإن هذا مما يعلق قلبه بالله وحده لا شريك له، وربما يكون عنده تعلقات بالأموات أو بالأضرحة، فيعرف أنه لا مجال لهذه التعلقات لغير الله، وأنها باطلة وأن الواجب أن يتوجه لعباداته كلها لله: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)، فلا شك أن الحجاج يستفيدون بإخلاص التوحيد لما يرونه من توحد المسلمين، وتوجههم إلى الله جميعا، لا يذكرون صنما، ولا قبرا، ولا حيا، ولا ميتا بالدعاء والالتجاء ولا شجر ولا حجرا، وإنما يجأرون لله: لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك؛ فيستفيد من هذا صفاء العقيدة، وصلاح العقيدة، فيرجع إلى بلده وقد عرف التوحيد، وإخلاص التوحيد لله عز وجل.
بالنسبة للصحبة الصالحة، وعن أثرها في حياة الحاج كيف ترونها؟
لا شك أن مجالسة الصالحين، ومرافقتهم في السفر لا سيما في الحج أن هذا له أثره العظيم على من جالسهم، ومن سافر معهم فعلى الحاج أن يختار الرفقة الطيبة التي يستفيد منها، ويسلم على عبادته، وعلى حجه من المؤثرات…