أخبار طبرجل

الحرفية ستيرة الدعيجاء : «السدو» انتقل من الخيام إلى زينة القصور

شهدت عدة مناسبات مشاركة عدد من الحرفيات يقدمن مجموعة متنوعة من الحرف المنزلية القديمة، مثل الحياكة وغزل الصوف، وصناعات السلال والحصير والقفاف، وصناعة الأجبان المحلية والإقط، واستخلاص السمن البلدي والقشطة من حليب الماشية، حيث يقدمن نماذج مضيئة لكيفية المحافظة على التراث التقليدي من الاندثار.
التقينا بالحرفية ستيرة هيشان الدعيجاء التي اشتهرت بصناعة السدو والمناظر والشناط وحافظات القهوة والهيل والعلّاقات النسائية، وذاعت شهرتها محليا بسبب كثرة مشاركاتها في جميع الفعاليات التي تقام على مستوى منطقة الجوف ومستوى المملكة.
تقول ستيرة انها شاركت بالعديد من المعارض المتخصصة في حرفة السدو مثل الجنادرية وسوق عكاظ كما حظيت بالعديد من المشاركات في عدد من المعارض داخل المملكة، بداية من الفعاليات التي تقام في منطقة الجوف والمهرجان الوطني للجنادرية التي شاركت فيه خمس سنوات وكذلك سوق عكاظ بالطائف، وتقول الحرفية ستيرة إن حرفة صناعة السَّدو والسَّجاد السعودي تمارسها منذ أكثر من 35 عامًا وأن مثل هذه الأعمال تحتاج المزيد من الوقت وإنتاج أشكال مختلفة من السدو تكون على حسب الطالب، ويقبل على شراء منتجاتها من قبل محبي ومقتني التراث وأصحاب بيوت الشعر.
وأضافت ستيرة أن أكثر من يطلب هم الذين يشيدون مباني حديثة، حيث يجعل في بداية البيت مشب بيت شعر فيقوم بتزيينه بعدد من المناظر القديمة التراثية ويفرشها بالسدو ويتم تعليق بعض المنتوجات من الشعر داخل بيت الشعر والبعض يقوم باهدائها الى من شيد بيتا جديدا من أقاربة او اصحابة، وأشارت إلى أن صناعة السدو من الصناعات التقليدية القديمة، وهي عبارة عن نسيج من الصوف له استخدامات متعددة عند البدو خاصة وهو العنصر الأساسي في تكوين بيوت الشعر التي تعتبر مساكن متنقلة لهم، وتعبر هذه البيوت عن اختيار نابع من ظروف البيئة والحياة التي يعيشها الناس قديمًا فهم في حالة تنقل دائم مع حيواناتهم طلبًا للكلأ والماء.
وأشارت الى ان المرأة تقوم بعمل السدو وتعبر من خلاله عن تقاليد فنية عريقة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ وتتفنن في زخرفة ونقش السدو بنقوش كثيفة عبارة عن رموز ومعان مختلفة يدركها البدو ويعرفون ما تحمله من قيم، فبعضها يعبر عن وسم القبيلة وبعضها عن المواسم ويتميز السدو بألوانه الزاهية المتنوعة وزخارفه الجميلة التي لها أيضا دلالات اجتماعية مختلفة مستوحاة من طبيعة أبناء البادية.
وبينت الحرفية ستيرة أن حرفة السدو تعتمد على مواد وادوات منها وبر الابل وصوف الماعز والأغنام اضافة الى المغزل والمخيط والاوتاد الخشبية، وعلى الرغم ان هذه الحرفة كان يمارسها الرجال والنساء على حد سواء الا ان النساء اشد اتقانًا وبراعة في هذه الحرفة من الرجال ويستطيع الحرفي صناعة بيوت الشعر وما تحتاجه من فلجان وذراء وسياج، وكذلك صناعة المزاود والخروج والمفارش والمساند ويدخل في هذه الحرفة حياكة الملابس ورفي البشوت التي هي اكثر ملابس الرجال شهرة واهمية فهو لباس عربي اصيل، ويمثل ارقى انواع الازياء كونه يصنع من خيوط فاخرة وبطرق متقنة جدًا.
وأضافت ان صوف الغنم وشعر الماعز هي المواد الاساسية التي نحتاجها في الغزل حيث تبرم هذه المواد على المغزل للحصول على الخيط ثم تمر بمرحلة السدو للحصول على الدرية وهي كرة الصوف ومن هنا نبدأ بحياكة بيت الشعر الذي يغطي أعلى الخيمة وبعضًا من جوانبها لمقاومة برد الصحراء القارس في فصول الشتاء.
وأوضحت الحرفية ستيرة أن المشغولات القديمة ما زالت تجد اقبالا كبيرا، وخاصة من أنواع السدو مثل الشعرية والساحة والخرج والبطان والرواق والطرابيش والمساندة والمناظر والشناط وحافظات القهوة والهيل والعلّاقات النسائية والساحة، وهي قطعة جميلة تشبه البساط توضع على ظهر الجمل او تزين الخيمة، وفي الشتاء تستخدم كغطاء وكذلك الخرج الذي تضع النساء فيه ملابسهن واغراضهن ويمكن وضعه ايضًا على ظهر الجمل، ويحاك له البطان بألوان جميلة.
وأوصت ستيرة بضرورة الحفاظ على هذا الموروث التراثي الذي كان يعبر عن واقع بيئتنا السعودية وحياة سكانها في الماضي نافية أن الصناعات الحديثة وتطورها لم تؤثر على استمرار هذه الحرفة القديمة حتى يومنا هذا.