خادمات بتهمة سحر وشعوذة الله يستر علينا!
لم تعد مهنة “السحر والشعوذة” مقصورة على الرجال، ممن يُحيط بهم “الأبخرة” و”الإضاءة الحمراء” و”السبحات الطويلة” و”الخرزات الملونة”، بل تعدى ذلك إلى أن أصبحت المرأة حاضرة في تلك المهنة بقوة، وبمظهر بريء لا يستطيع فيه الفرد أن يتنبأ بذلك، مستغلةً ظروف الآخرين، وكذلك عدم وعيهم، وثقتهم؛ ليقعوا في النهاية ضحية لممارستها السلبية.
أصبح “السحر” مصدراً للقمة العيش لبعض مخالفي أنظمة الإقامة والعمل ممن استغلين شغف بعض النساء بالطب الشعبي والتداوي، وطلب تسخير الزوج، والحمل بطرق بدائية، ولا يعلمون أن نهايتها قد تكون وخيمة، متجاهلين أن بعض العمالة الوافدة لديهم مدارس في بلدانهم لتعليم السحر والشعوذة، وأقرب مثال على تعلق هؤلاء بالسحر أن بعض الخادمات تأتي إلى المملكة وبعدما تجد تشبث الأسرة بها خوفاً من سفرها، تعمل على سحرهم ليطلقوا سراحها وتعود آمنة إلى دولتها.
ويُخطئ الكثير من أفراد المجتمع في تأخير رواتب الخادمة، أو تأخير سفرها، أو إرهاقها في العمل، مما يزيد الغضب داخلها، وربما لا تجد أمامها سوى سحر الأسرة أو أحد أفرادها، حتى تضمن أنها حققت أهدافها بالانتقام، كذلك هناك من يُخطئ في استضافة الخادمات المخالفات داخل منازلهم، ودون معرفة هويتهن، وهو ما قد يوقعهم في شر الشعوذة عبر هذه العاملة غير النظامية، وأخيراً هناك من لا يُبلّغ عن هروب بعض الخادمات، ليأتي ضررهن على أُسر أخرى، على اعتبار أن هذه الخادمة عندما هربت كانت تُريد الحصول على فرص عمل في منزل بديل، لتجد بيئة أخرى تمارس فيها “السحر”، دون أن يكون لكفيلها الأساسي دور في وقفها أو القبض عليها.
والتي طرقت أبواب عدد من الساحرات والمشعوذات – بحسب تصنيف القضية لدى جهات القبض-، والمتواجدات خلف قضبان “سجن النساء بالملز” في الرياض، ومما كان يريح النفس هو عدم وجود أي مواطنة متورطة بمثل هذه القضايا، حيث كانت الأغلبية من جنسيات عربية وأفريقية ودول شرق آسيا
وأتخذت “ف.ت” -أفريقية عربية، متهمة بالسحر والشعوذة- “زيت الزيتون” غطاءً لممارسة السحر والشعوذة ودخول منازل العديد من السيدات بهدف عمل “مساج”، وبعد أن تتمكن من الأسرة تبدأ الترويج لقدراتها في الشعوذة، علماً أنها هاربة من كفيلها؛ بسبب تدني الراتب منذ أكثر من عام ولم يبلّغ عنها، وحاولت أن تنكر كثيراً التهمة عنها، ثم عادت بها الذاكرة لتفاصيل القبض عليها، واعترفت أنها ساهمت في فك السحر فقط.
وقالت: طلبتني سيدة سعودية أن أعالجها بزيت الزيتون، حيث أروج لدى المجتمعات النسائية قدرتي على علاج العقم ونفور الأزواج وأي حالة مرضية أخرى، وبعد أن حاولت تقديم العلاج لهذه السيدة طلبت مني أن أعمل لها سحر تسخير زوجها لها، فرفضت بداية لأنه ساورني الشك، وبعد مرور عدة أشهر اتصلت بي مجدداً وطلبت مني أن أعمل لها السحر وبعد أن أصرت علي وافقت على مضض واتجهت إلى منزلها، لأفاجأ بأنه “كمين” من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مشيرةً إلى أنهم عملوا على تفتيش حقيبتي ووجدوا حجاباً ومجموعة من العطور المخلوطة بالسحر وقفل حديد وخاتم كانت ترتديه ليساعدها على عملها!، ذاكرةً أنها تأخذ على كل جلسة تعملها (200) ريال، وأنها لا تدخل إلاّ بيوت الثقات.
ودخلت إحدى المتهمات بقضية السحر والشعوذة من الجنسية الأفريقية وهاربة من كفيلتها بسبب تأخرها في تسليم رواتبها منذ عام وشهرين، مضيفةً: “تعرفت على امرأة سعودية وآوتني مقابل أن أسلم لها شهرياً مقابلاً لمكوثي عندها في أحد الأحياء الشعبية، وبدأت أروج لمسحوق ترابي أحضره من بلدي من إحدى الكنائس هناك، وأُحاول إقناع السيدات بأنه علاج لإزالة الضيقة وتفريج الكربات بمقابل مادي”، مبينةً أن إحدى السيدات استدعتها طالبةً منها من هذه التربة للتداوي، مشيرةً إلى أنه عندما حضرت إليها اكتشفت أنه “كمين” من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتي أكدت أن التربة التي تحضرها هي تربة مخلوطة بالسحر.
وأوضحت عاملة آسيوية “ن.ب” -متهمة بقضية سحر سيدة مسنة- أنها تعلمت السحر في بلدها حتى تحمي نفسها من المكائد والأحقاد، مضيفةً: “مرت ثلاثة أعوام وأنا أعمل لدى والدة كفيلي، وبعد مرور عامين وانتهاء مدة عقدي طلبوا مني التجديد عاماً وعدم السفر فوافقت على مضض شريطة أن أبقى عاماً واحد فقط، وبعد مرور العام طلبت أن أسافر لبلدي فبدؤوا يماطلون بحجة أن والدتهم مسنة ولا يوجد عاملات في الوقت الحالي، فاضطررت إلى عمل سحر كي تنفر مني والدتهم وأعود إلى بلدي”، لافتةً إلى أنه بعد أن رأوا تدهور والدتهم الصحي وتعلقها فيني أحضروها إلى الشرطة بتهمة السحر، بعد أن أكد لهم أحد المشايخ أن والدتهم مسحورة.
ولم تكن العاملة الآسيوية الأخرى “س.ن” أفضل حال من سابقتها، وعملها على تمزيق القرآن الكريم -والعياذ بالله-، ثم عمل السحر لأهل المنزل كي لا يكلفونها بالمزيد من الأعمال، مبررة أن المنزل كبير وهي لا تستطيع العمل فيه بمفردها، مضيفةً أنه بعد مضي عام وشهرين كان لدى كفيلها طفل مزعج فمارست عليه السحر حتى أصبح “مُقعداً”، مبينةً أنه بعد كل هذه الأحداث دخلت صاحبة المنزل إلى غرفتها فوجدت القرآن ممزقاً، فسألتها عن السبب، فأوضحت لها أنني سأُصلح الأمر، مشيرةً إلى أنه بعد ذلك استدرجوها إلى الشرطة بزعم أنه سيتم تسفيرها، لتفاجأ فيما بعد أنهم أحضروها إلى قسم الشرطة، ثم تحويلها إلى السجن بعد أن أثبتت عليها بعض التهم.
وبينما دبّت الغيرة بقلب “س.ت” -عاملة آسيوية- من زوجة كفيلها ومحبة زوجها لها، عملت على خلط دمائها مع الشاي الذي يشربه مكفولها بغية أن تسخره لها وتجعله يتعلق بها ويكره زوجته، مضيفةً: “كان كفيلي لا يلقي لي بالاً، فكنت أطلب منه الجوال باستمرار وكان يرفض، ويطلب مني أن تكون طلباتي لزوجته وليست له مباشرة، كان يزداد الغيظ بقلبي، عندها بدأت بتلويث إبرة السكر الخاصة به بدمي، وأخذت شعري ووضعته في الأرز والسكر والدقيق وكل مكان في المنزل، واحتفظت بشعر زوجته ثم طلبت السفر، فلاحظ الكفيل تغير لون الشاي ليكتشف فيما بعد أني لوثته، فاستدرجني إلى مركز الشرطة وتم إيداعي في السجن”.
ولا تزال هناك العشرات من القصص خلف قضبان السجن، ومنها لازال يسكن منازلنا ومجتمعاتنا بمباركة منّا، عبر إيقاف الحقوق، أو مماطلة بتسفير الخادمة بعد انتهاء مدة عقدها، أو بالتستر على المخالفين والمخالفات، أو عدم التبليغ عن العمالة الهاربة….