الأخبار المحلية

حامل ملفّ السجناء السعوديين : الدوافع الطائفية وراء الأحكام العراقية القاسية

ليس من الإنصاف أن يكون الحديث عن ملف السجناء السعوديين دون أن يكون الحديث عن المحامي ثامر البليهد الذي طوّع نفسه مع مجموعة الجريس للمحاماة لخدمة هذا الملف منذ عام 2011م. ولم ينحصر دوره في مجال واحد فهو يتابع مع الجهات المعنية والمسؤولين في الداخل ومع أهالي السجناء ومع الجهات العراقية ومكاتب المحاماة ومع السجناء أنفسهم إلى أن أصبح ملاذاً للسجناء وأهاليهم. محتسباً لا يتقاضى أي أجر غاية مبتغاه «فك العاني».
وقد خاض البليهد تجربة التعاطي مع هذا الملف وتكشفت له كثير من التفاصيل، وتوصل إلى نتائج متعددة، ومنها يؤكّد على شبابنا أخذ الحذر من تكرار ماحدث في العراق فالانسياق وراء العواطف هو ما يجر إلى كثير من الكوارث. وفي الحوار يوجه البليهد نُصحه وفقا للشرق بأخذ فتوى أهل الحل والعقد الراسخين في العلم من هيئة كبار العلماء الأفاضل الذين هم المرجع الحقيقي للفتوى.

منذ متى بدأتم استلام ملف السجناء السعوديين في العراق؟ وما الذي دفعكم له؟.

– بدأنا في مجموعة الجريس للمحاماة باستلام الملف منذ أواخر 2011م. وتعاملنا مع الملف بشكل تطوعي وبدوافع إنسانية القضية ومن منطلق الواجب الشرعي الذي نستمده من قول النبي صلى الله عليه وسلم «فكوا العاني» خصوصاً وأن أبناءنا بين يدي أناس لايرقبون فيهم إلَّاً ولا ذمة، كما أن لدينا سجناء منذ عهد صدام حسين مثل ناصر الرويلي. كما أننا أحسسنا أننا نعمل ضمن إرادة ولاة الأمر فلا تكاد تواجهنا عقوبة ونعرضها عليهم إلا كانوا سبباً في تذليلها.

كيف تجدون تجاوب القيادة والجهات المعنية معكم في هذا الملف؟

– حصلنا على تشجيع من ولاة الأمر ومن وزارة الداخلية عموماً ومن الأمير محمد بن نايف شخصياً فكنا نجد المتابعة المستمرة والإشادة بما نقوم به. والثناء على جهود المكتب ورئيس المجموعة المحامي عبدالرحمن الجريس الذي طلب حصر جميع احتياجات أهالي السجناء لرفعها لسموه قائلاً هي من ذمتي لذمتك وبالفعل تم ذلك وتم التجاوب مع مطالب الأهالي، وما لمسناه من سمو مساعد وزير الخارجية الأمير خالد بن سعود وتقدير الجهود التي نقوم بها وإبلاغنا بأن هذا مقدر على أعلى مستويات الدولة. كما أن ما نلمسه من جهود السفير السعودي لدى الأردن الدكتور سامي الصالح من اهتمام بهذا الملف وإعطائه الأولوية وذلك إنفاذاً لرغبة خادم الحرمين الشريفين وسمو الأمير سعود الفيصل بإنهاء الملف بأي شكل من الأشكال.

عديد من الأهالي يعتبرون أبناءهم ضحايا مغرراً بهم من قبل بعض الدعاة.. فمارأيكم؟

– هذا صحيح، فكثير منهم ذهبوا إلى العراق بعدما سمعوا من كلام بعض الدعاة وأخذتهم الغيرة ولم يستمعوا للمشايخ الراسخين في العلم. وكثير منهم حاول الرجوع بعدما رأى حقيقة الأمر هناك. لأن ليس من رأى كمن سمع. وقد قُدّر لبعضهم الرجوع وبعضهم لم يتمكن.

رغم توقيع اتفاقية بين المملكة والعراق لا يزال الجانب العراقي يصر على المماطلة في التعاطي مع الملف.. في رأيكم ما هي الأهداف من وراء ذلك؟

– الملف يتذبذب بين شقين: شق سياسي وشق إنساني. وسمو الأمير محمد بن نايف دائماً يطالب بالتركيز على أن يكون الملف إنسانياً، ويجب أن يحل من هذا المنطلق ولا علاقة له بالملفات السياسية.

إذاً أين تكمن الإشكالية؟

– الإشكالية من الجانب العراقي في وجود أطراف قيادية عراقية لها عداء واضح مع المملكة ولا تريد إنهاء الملف. إضافة إلى وجود توجه من قبل أطراف أخرى في محاولة إقحام الملف في الجانب السياسي واستخدامه كأداة أو وسيلة للضغط على المملكة لتحقيق مطالب ومصالح خاصة بهم. حيث كانوا يتعذرون بعدم توقيع البرلمان العراقي على الاتفاقية، وبعد حضور وزير العدل العراقي حسن الشمري ومقابلة الأمير محمد بن نايف تم الرجوع إلى اتفاقية موقعة بين البلدين عام 1983م كونها سارية المفعول. والعراق لم يعطل اتفاقية تبادل السجناء بل نحن لدينا 19 سجيناً خارج إطار الاتفاقية أنهوا محكومياتهم بعدما شملهم عفو رئاسي وإلى الآن العراق تصر على إبقائهم لديها.

بشكل دقيق؛ كم عدد السجناء السعوديين في العراق بمن فيهم الموقوفون والمحكومون بالسجن والإعدام؟

– في العراق 55 سجيناً سعوديا، و5 موقوفين، و5 محكومين بالإعدام هم عبدالله عزام وبدر عوفان وجارالله السلمي وعلي الشهري ومحمود الشنقيطي.
أسباب طائفية

برأيكم إلى ماذا تُرجعون صدور الأحكام المبالغ فيها بحق السجناء السعوديين؟

– باختصار الأحكام التي تصدر بحق السعوديين في العراق تصدر على كون الجنسية سعودية، وليس على الجرم. ولأسباب طائفية، كما أن المحامين العراقيين الاكفاء لا يترافعون عن السعوديين خاصة بعد اغتيال أحد المحامين عام 2005م والدليل هو أن غالبية السجناء السعوديين هم محكومون بقضايا تجاوز حدود وبحسب مادة 10 جوازات من النظام العراقي فإن الحكم لا يقل عن السجن 20 يوماً ولا يزيد عن 6 أشهر. وهذه الأحكام صدرت على سجناء عرب من دول مجاورة بينما العقوبات التي صدرت على السعوديين تُراوح بين 15 عاماً والإعدام.
أسر سعودية

هناك أسر سعودية لسجناء سعوديين في العراق.. ماوضعهم؟

– حتى الآن استطعنا إدخال 6 أسر إلى المملكة، وهم يعيشون بخير وسلام.
استقبال آمن

من خلال تعاطيكم مع الملف؛ كيف توصّفون موقف القيادة السعودية مع السجناء الذين أطلق سراحهم؟

– من يصل إلى المملكة من السجناء السعوديين تستقبله لجنة من مركز الأمير محمد بن نايف برفقة أهله في المطار، وتتأكد من حالته الصحية. بعد ذلك تنقله إلى فندق لمدة أسبوعين ثم يغادر إلى أسرته. ومن انقطع عن عمله تتم إعادته إلى العمل، ويتم تقديم معونات مالية له ومعونات زواج لا تقل عن 50 ألف ريال، كما تتكفل الدولة بدفع إيجار بيت من يسكن في منزل مستأجر. إضافة إلى المتابعة الطبية له ولأي أحد من أسرته على نفقة وزارة الداخلية.
إعلام التشويه

طالعتنا القنوات الفضائية العراقية بلقاءات مع سجناء سعوديين واعترافات بقيامهم بتنفيذ أعمال إرهابية داخل العراق. كيف ترون هذه الاعترافات أليست دليلاً كافياً ضد هؤلاء السجناء؟

– أولاً لابد أن أبين بأن المسؤولين في مملكتنا يعاملون السجناء العراقيين بكل إنسانية وبالتحقيق معهم يكون الهدف إظهار الحقيقة وليس الإدانة ولو استخدمنا ما يستخدمه العراقيون مع سجنائنا لأظهرناهم جميعاً أرهابيين. كما أن هناك توجها من الإعلام العراقي لتشويه صورة السعوديين ومن خرج من السجناء السعوديين عبر شاشات التلفزة كانوا مكرهين وتعرضوا للضرب ومنهم السجين عبدالله عزام الذي ضرب حتى أمام المصور التليفزيوني للاعتراف بجريمة وقعت وهو كان معتقلا داخل أحد السجون، ولدينا خطاب رسمي من محكمة الأنبار بهذا وقدمناه للسلطات العراقية.
وهناك من السجناء الذين نعرفهم حينما كانت تسجل اعترافاتهم وضعت بأصابع أقدامهم «أسلاك موصلة بالكهرباء» ومن يمتنع منهم عن الحديث أو يدلي بغير ما أملي عليه يتم صعقة بالكهرباء.
تعويض الأهالي

تعرض بعض أهالي السجناء لمحاولات ابتزاز ومساومة على إطلاق سراح أبنائهم.. هل تذكرون لنا بعضاً من هذه القصص؟

– كثير من الأهالي تعرض لمثل هذه المحاولات ووقع ضحيتها من قبل أشخاص استغلوا الوضع وقد دفع الأهالي مبالغ طائلة. وأذكر واقعة حدثت أمام عيني وكنت شاهداً عليها، حيث دفع أحد الأهالي 300 ألف ريال وحينما خرج ابنه قامت وزارة الداخلية بدفع 300 ألف ريال لوالد السجين في رسالة أبويّة عظيمة تعودنا عليها من قيادتنا مفادها نحن أولى بأبنائنا.
محامون استغلاليون

يتردد بأن هناك مكاتب محاماة ومسؤولين عراقيين أقحموا أنفسهم في هذا الملف لأهداف مالية. ما صحة ذلك؟

– نعم يوجد مكاتب محاماة عراقية حاولت استغلال الوضع وأقحمت نفسها بهذا الملف وهي لاتعلم عن السجناء شيئاً، لدرجة أن أحد هذه المكاتب طلب 50 ألف دولار للترافع عن سجين سعودي وهو مفرج عنه وموجود في المملكة. وبعض المكاتب تذهب لسجناء لتوهمهم بأنها موكلة من قبل السفارة للحصول على توكيلات منهم، وتطلب منهم مبالغ خيالية، ولدينا وثائق ومستندات تثبت نصب واحتيال هذه المكاتب.
نتائج

ما هي النتائج التي حققتموها إلى الآن..؟ وكم بلغ عدد المفرج عنهم من السجناء السعوديين؟

– تمكنا ـ بفضل الله ـ من تخفيف عقوبة الإعدام عن 6 سجناء إلى السجن وهم ناصر الدوسري وفيصل الفراج وعبدالرحمن الشمراني وعلي حسن الشهري وشادي الصاعدي وعلي سالم المري. كما تمكنا من إطلاق سراح 10 سجناء في العامين الماضيين، وهذا يعتبر رقماً قياسياً بسبب العراقيل التي تواجهنا من الجانب العراقي. وقد تحقق ذلك بمتابعة واهتمام من وزارة الداخلية ووزارة الخارجية.
مفقودون

كم عدد المفقودين السعوديين في السجون العراقية الذين تم اكتشافهم؟ وكيف استطعتم اكتشافهم؟

– إنهم بالعشرات، ويوجد لدينا ملف عن «المفقودين» اكتشفنا عديدا منهم مغيبين داخل السجون العراقية، وبعضهم تعرض للقتل أو التصفية فيما لايزال الغموض يكتنف مصير كثير منهم.
وقد استطعنا التوصل إليهم عن طريق إرسال صورهم و التواصل مع جهات حقوقية عراقية ومحامين وسجناء أيضاً.
تعذيب

نسمع عن بشاعة التعذيب الذي يتعرض له السجناء السعوديون هل تحدثنا عن هذا؟

– التعذيب والأساليب لا توصف مهما تحدثنا عنها. فمثلاً إبقاء السجناء في توابيت لأشهر، والضرب والحرمان من النوم والصعق الكهربائي. وأذكر على سبيل المثال ما تعرض له السجين علي العوفي الذي حُقن بمادة «الأسيد» وفارق الحياة بسببها، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا برميه من الدور الثاني وسحبه بسيارة وهو ميت. وكذلك بدر عوفان الذي بُترت قدمه، وسعد مصبح الذي مات أثناء التحقيق. أضف إليهم فيصل الأحمري الذي توفي بسبب التعذيب والإهمال الصحي.

في الفترة الأخيرة يُلاحظ أن تصريحات المسؤولين العراقيين متزايدة في اتهام المملكة بدعم الإرهاب ويستدلون بالسجناء السعوديين لديهم.. بمَ تردون؟

– الكل يعرف موقف المملكة من الإرهاب ومحاربتها لهذا الفكر المتطرف والدليل التجربة الرائدة بإقامة مركز الأمير محمد بن نايف الذي استفادت منها دول كثيرة ويهدف إلى الحوار مع الطرف الآخر الأمر الذي أحدث التغيير. أما عن خروج الشباب فالمملكة ترفض خروجهم وعلماؤنا يرفضونه وهم حين خرجوا لم تكن الدولة تعلم عنهم شيئاً.
سجناء سوريا

هل هناك سجناء سعوديون في سوريا وما هي أعدادهم؟

– كان هناك سجناء سعوديون قبل الثورة وبعد اندلاع الثورة أصبح مصيرهم مجهولاً ولا نعلم عنهم شيئاً.
بطاقة

المحامي ثامربن عبدالله البليهد.
من مواليد عام 1404هـ.
محافظة حفر الباطن.
بكالوريوس الشريعة الإسلامية ـ جامعة الإمام.
….