أخبار طبرجل

خطبة الجمعة للشيخ لافي بن جليل الشراري

خطبة الجمعة يوم أمس كانت عن الابتلاء والصبر على قضاء الله وقدره التي أستهل بها فضيلة الشيخ / لافي بن جليل الشراري أمام وخطيب جامع عمربن الخطاب (الإمارة ) وفي ذلك تخفيف على أهل الميتين الأربعة وحثهم على الصبر في هذه الدار الزائلة وضرب أروع الصبر والابتلاء في أنبياء الله عليهم السلام ومنهم أيوب وإبراهيم عليهم السلام
يقول الله تبارك وتعالى:‏ واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب (41) {سورة ص}‏
كان أيوب كثير المال ءاتاه الله الغنى والصحة والمال وكثرة الأولاد، وابتلاء بالنعمة والرخاء
ولم ‏تفتنه زينة الحياة الدنيا ولم تخدعه ولم تشغله عن طاعة الله، وكان عليه السلام يملك ‏الأراضي المتسعة من أرض حوران، ثم ابتلاه الله بعد ذلك بالضر الشديد في جسده وماله ‏وولده فقد ذهب
ماله ومات أولاده جميعهم، فصبر على ذلك صبرا جميلا ولم ينقطع عن عبادة ‏ربه وشكره،
وفوق هذا البلاء الذي ابتلي به في أمواله وأولاده،
ابتلاه الله بأنواع من الأمراض ‏الجسيمة في بدنه حتى قيل: إنه لم يبقى من جسده سليمًا
إلا قلبه ولسانه يذكر الله ‏عز وجل بهما، وهو في كل هذا
البلاء صابر محتسب يرجو ثواب الله في الآخرة، ذاكرًا لمولاه ‏في جميع
أحواله في ليله ونهاره وصباحه ومسائه.‏
وطال مرضه عليه الصلاة والسلام ولزمه ثماني عشرة سنة وكانت زوجته لا تفارقه صباحًا
‏ولا مساء إلا بسبب خدمة الناس بالأجرة لتطعمه وتقوم بحاجاته،
وكانت تحنو عليه وترعى له ‏حقه وتعرف قديم إحسانه إليها وشفقته عليها وحسن معاشرته لها
في حالة السراء، لذلك ‏كانت تتردد إليه فتصلح من شأنه وتعينه
على قضاء حاجته ونوائب الدهر، وكانت تخدم الناس ‏لتطعمه الطعام وهي صابرة
محتسبة ترجو الثواب من الله تبارك وتعالى.‏ ذات يوم فباعت نصف
شعرها لبعض بنات الملوك ‏فصنعت له من ثمنه طعامًا فحلف فلما رأى أيوب ذلك
دعاء أيوب لله تعالى ‏
كثرت البلايا والأمراض على نبي الله أيوب عليه الصلاة والسلام طيلة ثماني عشرة سنة،
‏وهو صابر محتسب يرجو الثواب من الله تعالى، فدعا الله
وابتهل إليه بخشوع وتضرع قائلا:‏
يقول الله تبارك وتعالى:‏
(وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين (83)
فإستجبنا له فكشفنا ما به من ضر ‏وءاتيناه أهله ومثلهم معهم
رحمة من عندنا وذكرى للعابدين (84) سورة الأنبياء
ثم تحدث عن قصة إبراهيم مع أبنه إسماعيل
(فلما بلغ معه السّعى قال يابنيّ إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى)
. إنه لأمر عظيم، واختبار صعب، للنبي إبراهيم عليه السلام، فإسماعيل هذا
الولد العزيز البكر، والذي جاءه على كبر، سوف يفقده بعدما أمره الله عز وجل أن
يتركه مع أمه السيدة هاجر، في واد ليس به أنيس، ها هو الآن يأمره مرة أخرى
أن يذبحه
ولكنّ إبراهيم الخليل عليه السلام، امتثل لأمر ربه واستجاب لطلبه وسارع
إلى طاعته. ثم اتجه إلى ابنه إسماعيل، وعرض الأمر عليه، ولم يرد أن يذبحه قسرا،
فماذا كان ردّ الغلام إسماعيل عليه السلام؟
“قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين”
إنه ردّ يدل على منتهى الطاعة وغايتها للوالد ولرب العباد، لقد أجاب إسماعيل
بكلام فيه استسلام لقضاء الله وقدره، وفيه امتثال رائع لأمر الله عز وجل، وأيّ
أمر هذا! إنه ليس بالأمر السهل، وحانت اللحظة الحاسمة بعد أن عزم إبراهيم
عليه السلام على ذبح ابنه، انقيادا لأمر الله عز وجل، فأضجعه على الأرض،
والتصق جبين إسماعيل عليه السلام بالأرض، وهمّ إبراهيم أن يذبح ابنه
(فلما أسلما وتلّه للجبين، وناديناه أن يا إبراهيم، قد صدّقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين، إن هذا لهو البلاء المبين، وفديناه بذبح عظيم)
فجزئ الله الشيخ لافي خير الجزاء وعظم الله أجر أهل الميتين