أخبار الجوف

محمد بن نواف عن “مقتل ناهد”: اتهامنا بـ “التباطؤ” غير صحيح.. وأتفهم الانفعالات التي ظهرت على مواقع “التواصل”

تفاعلت قضية مقتل الطالبة السعودية ناهد المانع -رحمها الله- في بلدة كولشيستر في بريطانيا، فأخذت أبعاداً عدة في مواقع التواصل الإجتماعي وتفسيرات متغايرة، وألبست أحكاما واستنتاجات متسرعة أحياناً وأيديولوجية أحيانا أخرى، ومورست فيها شتى أنواع البعد عن المصداقية المهنية والإعلامية وإثارة الرأي العام الداخلي والبريطاني، على رغم أن الجريمة لم تتكشف ولو بعض خيوطها حتى الآن، إذ تواصل شرطة بلدة كولشيستر العمل على تقصي أسباب الجريمة ودوافعها والتعرف على مشتبه يقود التحقيق إلى خيوط توصل إلى ضوء يكشف عن غموضها، ويضعها في دائرة الوضوح.

وتقوم سفارة خادم الحرمين الشريفين في لندن باهتمام من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز بمتابعة التفاصيل مع الشرطة البريطانية، وتقصى التحقيقات وما وصلت اليه باذلة كل إمكاناتها من أجل الوصول الى حقائق تكشف عن الجريمة ومرتكبيها.

أمام هذا الغموض والصخب حول الجريمة، توجهت “الرياض” إلى سفير خادم الحرمين في بريطانيا في حوار مصارحة ومكاشفة حول القضية.

– سمو الأمير أين وصلت التحقيقات في مقتل الطالبة السعودية في بلدة كولشستر البريطانية؟

*اولا بقلب مليء بالحزن ابعث بالتعزية الى اهل الفقيدة والمجتمع السعودي فالمأساة مأساة الجميع راجيا أن يتغمد الله الفقيدة بواسع رحمته وان تنال اليد المجرمة عقابا سريعا.

ثانيا، الجهات المعنية في مقاطعة ايسيكس وبلدة كولشستر تبذل جهودا يومية بشأن التحقيق في جريمة القتل البشعة، والقضية من أولويات اعمال السفارة ومحل اهتمامها ومتابعتها وستظل لها الأولوية حتى يتم الوصول الى من يقف وراء مقتل الطالبة السعودية، وبالتالي تأخذ العدالة مجراها.

جهود السفارة بدأت منذ اللحظة الاولى التي تبلغت بها عن جريمة القتل وقمت بسلسلة من اللقاءات مع مسؤولي الشرطة في كولشيستر وحضروا الى مقر السفارة في لندن للوقوف على آخر تطورات التحقيق في مقتل الطالبة ناهد. اجتمعت مع رئيس شرطة مقاطعة ايسيكس ستيفين كافانا ومساعديه، وقدم كافانا موجزاً لخص فيه جهود شرطة مقاطعة ايسيكس في التحقيق بالقضية واستعانتهم بشرطة اسكتلند يارد وأفراد شرطة من خارج المقاطعة. وأكدت الشرطة ان التحقيق في هذه الجريمة في قائمة اولوياتها في هذا الوقت، كما جددت الشرطة نداءها الى كل من لديه معلومات وخاصة افراد المجتمع المحلي بالتقدم بها الى الشرطة، مؤكدة انها تحقق في كل الدوافع المحتملة وراء جريمة القتل.

التحقيق لا زال جارياً، والسلطات الامنية البريطانية تكثف كل جهودها لمعرفة الملابسات التي يمكن ان تقودها الى خيوط الجريمة. ومن ضمن النتائج المهمة لهذا اللقاء الاتفاق مع رئيس جهاز الشرطة على فتح خط تواصل مباشر بين السفارة والشرطة يجرى من خلاله وضع السفارة في صورة آخر تطورات التحقيق اولا بأول. وفي هذا الاجتماع أوضحت أيضا لرئيس الشرطة ان أولوياتنا تتمثل في سرعة تسلم جثمان الفقيدة وتقرير الطبيب المختص من أجل التعجيل بالصلاة عليها ودفنها، وبالفعل كان تجاوبه كبيرا وتسلمنا الجثمان في وقت قصير وانهينا في السفارة إجراءات نقل الجثمان ليس فقط إلى الرياض ولكن أيضا الى الجوف ومن دون أي تأخير.

– اثير في مواقع التواصل الاجتماعي ضجيج حول دوافع الجريمة ومن ضمنها ديانة ضحية الجريمة الوحشية، ما هو تعليق سموكم الكريم؟

*للأسف كان هذا تسرعاً من البعض، لأهداف مختلفة، لأن الجهات المختصة بالتحقيق ذكرت أنها تعمل على أكثر من دافع للجريمة ومن ضمنها لباس ناهد المحتشم، وانا ضد استباق النتائج الرسمية للتحقيقات ويجب ان يترك للتحقيقات مجال واسع للوصول الى الحقيقية ولا ارى اي مصلحة في تجييش الرأي العام المحلي والخارجي وبالذات المسلمون. فالبعض ممن استعجل في التركيز على الجانب الديني إنما أراد ذلك لخدمة توجهات فكرية محددة وخير مثال لهذا الاستخدام ما صدر عن احد افراد تنظيم داعش الإرهابي. وسفارة خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة لن تعطي الفرصة لأمثال هؤلاء بان يستخدموا جريمة القتل البشعة التي وقعت لابنتنا لخدمة أهداف لهم. فنحن وكما يرى الجميع يعيش معظم المسلمين في بريطانيا بكرامة وحقوقهم محفوظة والطلبة السعوديون كما أن الجالية السعودية يتمتعون بأقصى درجات الاحترام والتقدير والعيش براحة وطمأنينة وممارسة الحياة بشكل لائق ليس فيها نبذ او اقصاء او مضايقات عقائدية.

لهذا، فمن المهم الا نسمح لهؤلاء المتطرفين بان يستغلوا أحزاننا ومن المنطقي في الوقت الراهن ان نضع حادثة الاعتداء الآثمة في اطار الجرائم التي تقع في كل مجتمع وفي كل دولة. واذا وضعناها في هذا السياق نساعد التحقيقات المبذولة في الوصول الى الحقيقة والقضاء على فكرة أن معالجة الجريمة تكون بجريمة اخرى في زمن ملتهب بالاحكام والاتهامات وممارسة الارهاب.

– ترددت أحاديث عن عدم سرعة الجهات السعودية المعنية في بريطانيا في متابعة حادثة الاعتداء، هل هذا صحيح؟

بودي أن اسجل ان لدينا تعليمات مشددة وتوجيهات واضحة من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، يحفظهم الله، بأن اول واجباتنا هو خدمة المواطن السعودي مبتعثا أو سائحا او مقيما والعمل على راحته وحل مشاكله وتسهيل كل ما يكفل له حياة كريمة وهذا ابسط واجباتنا تجاه الله اولا وتجاه ولاة الامر ثانياً وتجاه الوطن ومواطنيه، وعندما ابلغنا بالحادث استنفرت جميع الكوادر الدبلوماسية والادارية والقانونية والإعلامية وتم التواصل مع شرطة البلدة لمعرفة المعلومات الاولية عن الموضوع وبشكل رسمي، وتوجه فورا الى البلدة ممثلو السفارة والملحقية وتابعوا كل الاجراءات المتخذة عن كثب. وأتفهم كثيرا الانفعالات التي ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأدرك مشاعرهم جيداً، لكن كما ذكرت فإن الاستعجال يعطي أحيانا نتائج عكسية.

دعيني أوضح بأنه في مثل هذه الظروف والمآسي، فإننا نشعر بكثير من الالم والحزن والتعاطف مع الضحية واقارب الضحية والمجتمع السعودي، وهذا ما تمليه علينا اخلاقياتنا كمواطنين اشقاء وواجبنا الانساني قبل ان تفرضه واجباتنا ومسؤوليتنا الرسمية، ونحن هنا ننفذ توجيهات وتعليمات خادم الحرمين الشريفين ونباشر العمل بأنفسنا مع كوادر السفارة وملحقيتها ومكاتبها كفريق عمل واحد. والعمل بروح الفريق الواحد لان حجم الأمانة المكلفون بأدائها في السفارة من خادم الحرمين وولي عهده كبيرة وحجم الأمانة يؤكد عليه خادم الحرمين الشريفين وولي عهده في كل مناسبة وفي كل ظرف وعند كل اجتماع رسمي او خاص لذلك لابد للسفارة ان تعمل بهذه الروح لوضع التوجيهات والتعليمات موضع التنفيذ.

– كان لقاء الطلبة المبتعثين جزءا مهما من برنامج زيارتكم لبلدة كولشيستر وهي الزيارة التي امتدت من بعد العصر الى الحادية عشرة مساء، كيف وجدتم رد فعل الطلبة في هذا الظرف العصيب؟

*حقيقة اثني وبشكل كبير على شهامة ونبل ابنائي وبناتي الطلبة السعوديين في البلدة فقد اظهروا جميعا كل معاني القيم والاخلاقيات والمثل التي يتمتع بها المجتمع السعودي الوفي. فمن لحظة معرفتهم بحادث الاعتداء بادروا الى موقع الحادث ووقفوا الى جانب شقيق الضحية وهذا فعلاً محل اعتزاز الجميع. والأمر الآخر الذي كان مصدر فخر لي شخصيا بطلبتنا هو رباطة جأشهم امام هذه الفاجعة والحديث المطول الذي دار بيني وبين الطلبة أسهم في تعزيز هذه الروح.

لكن مع إعجابي الشديد بما قام به الطلبة، الا ان هذه الجهود تؤكد على ضرورة وأهمية تفعيل اندية الطلبة في كل مدينة بريطانية ودعمها بالإمكانات المادية لتكون قوية وقادرة على ممارسة دورها في احتضان الطلبة وبالذات المستجدين وارشادهم الى معرفة ما يجهلونه من تباين الثقافات ونصحهم باختيار الاماكن المناسبة للسكن وممارسة الحياة اليومية بعيدا عن بعض البؤر التي تنتج الجريمة.

وتفعيل أندية الطلبة بدوره يتطلب تنظيماً أفضل واعتماد موازنات مناسبة للاندية الطلابية تمكنهم من القيام بالدور المطلوب في التواصل مع بعضهم ليكونوا جسرا ممتدا من التواصل بين السفارة والطلبة ومساهمتهم في وضع السفارة وملحقيتها التعليمية امام المعوقات والمتاعب التي تواجه الطلبة والتشاور في وضع الحلول المناسبة لها.

يذكر ان الشرطة احتجزت رجل في الثانية والخمسين من عمره وافرجت عنه بعد التحقيق معه، إضافة إلى استماعها إلى اقوال وافادات 244 شخصاً من البلدة اعطوا بعض المعلومات التي قد تفيد التحقيق. وشرعت الشرطة أيضاً في تجفيف البحيرة القريبة من موقع الحادثة في محاولة للعثور على بعض ادوات الجريمة او أي دلائل قد تفيد التحقيق.

ولا تزال الجهود مستمرة في البحث عن شخصيين عممت الشرطة اوصافهما ونوع ملابسهما عن طريق بيان وزع في المنطقة باللغتين الانكليزية والعربية على امل ان يساعد احد في الارشاد اليهما.