“القثامي”: فلذة كبدي ذهب ضحية لشهامته
والدا الطفل عبدالله القثامي لم يدرك، أن القبلة التي طبعها على وجنتيهما ستكون آخر عهد لهما به، إذ توفى حينما حاول إنقاذ صديقيه عبداللطيف وعبدالعزيز من ألسنة اللهب داخل بدروم مكشوف أسفل عمارة سكنية بالسيل الصغير شمال الطائف، بعدما أنقذه شقيقه الأكبر من النار، ليلقى مصرعه مع الطفلين الآخرين.
وروى والد الطفل مسفر القثامي، وهو يكفكف دموعه تفاصيل الحادث ، أنه عندما اصطحب زوجته وابنيه تركي (7 سنوات) وعبدالله (6 سنوات) إلى زيارة عائلية بالقرب من السيل الصغير، أوصاه الأخير بعدما طبع قبلة على خده بعدم التأخر عليهم للذهاب معه، لافتا إلى أن تلك اللحظة هي آخر لحظة جمعته بصغيره.
وأضاف وفقا لصحيفة عكاظ «عندما عدت إلى بيتي وهو ليس ببعيد عن منزل أقاربي، تلقيت اتصال من زوجتي تطلبني بالمجيء للمغادرة، في هذه الأثناء لم يكن أمرا قد وقع بعد، وحينما خرجت شاهدت دخان يتصاعد وكأنه حريق، فراودني الشك بأن يكون منزل أقاربي، وبادرت بالإسراع إليه وبعدما وصلت، رأيت كثافة الدخان تحاصر البدروم»، مبينا أنه تم الاتصال على الدفاع المدني بينما حاول الجيران السيطرة على ألسنة اللهب بالماء والتراب، وجرى سحب عدد من المركبات عقب التهام النار لمركبتين حتى لا تتسع دائرة الحريق.
وأردف «أثناء وصول فرق الأطفاء، زاد الأمر سوءا أكثر مما هو عليه، حيث كانت خراطيم سيارة الإطفاء معقودة ومربوطة بعدة عقد، فيما تأخر رجال الدفاع المدني في فكها، وبعد 20 دقيقة تمت السيطرة على النيران، وهذا الوقت الكبير كان كفيلا بإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح الأطفال الذين لم يظهر لهم أي صوت وهم في داخل البدروم، وبعدما تم إطفاء الحريق وجدوا الثلاثة محترقين في إحدى الزوايا». وحول اللحظات الأخيرة التي شهدتها والدة الطفل، بين أن صغيرها كان بجوارها، واستأذن منها ليذهب مع الأطفال كي يلعب في الخارج، وبمجرد أن وافقت على طلبه، قام بطبع قبلة على خد والدته، حيث كانت آخر لحظه شهدتها معه، ولم تعلم إلا عندما كان الجميع يصرخ ويستنجد أثناء وقوع الحريق.
وأكمل «ابنه الأكبر تركي كان في المنزل وصادف خروجه أثناء وقوع شرارة الحريق، حيث كان يسمع صراخ شقيقه الأصغر عبدالله، وأسرع نحو البدروم وأنقذ شقيقه حتى أخرجه نحو فوهة البدروم، فيما لم يستطع رؤية الطفلين الآخرين، بسبب كثافة الدخان، عندها صرخ أحد الطفلين في البدروم، وهب الشقيق الأصغر لإنقاذهم وذلك لمعرفته بموقعهم في البدروم، وقبل أن يدخل مرة أخرى طلب من شقيقه الأكبر الذي أنقذه، أن يبلغ أباه بأن يأتي ويطفئ النار، وأشار والد الطفل إلى أن الحادثة قضاء وقدر، والجهات الأمنية باشرت وعثرت على لعبة نارية واحدة فقط من نوع (بازوكة)، فيما رجح سبب الوفاة قد تكون بسبب العبث بالولاعة في داخل البدروم، في الوقت الذي كان يحوي كميات من الأثاث المنزلي سريع الاشتعال.
وفي ذات السياق، أدى جمع من المصلين الصلاة على الأموات (الأطفال الثلاثة) بعد مغرب أمس الأول في جامع السيل الصغير، فيما ووري جثامين الأطفال الثلاثة جميعا في مقبرة السيل الصغير، وبدأت الأسر الثلاث والذين تربطهم ببعضهم البعض صلة قرابة، في استقبال المعزين في مكان واحد بمخيم في منطقة السيل الصغير، إلى ذلك عانت أمهات الأطفال من صدمة الحادثة، وهم شقيقتان والثالثة ابنة عمهما، حيث جرى إسعافهم لأحد المستشفيات من قبل ذويهم بعد فاجعة فقدان أبنائهم.