دومة الجندل .. أول مئذنة في الإسلام بلا مؤذن
تقف مئذنة مسجد عمر بن الخطاب بمحافظة دومة الجندل بالجوف شاهدة على عصر الإسلام الأول، وشامخة كأول مئذنة في الإسلام، وأحد أهم المواقع الأثرية لسيرة الخليفة الفاروق رضي الله الذي أمر ببنائها عندما كان متجهاً لبيت المقدس عام 16 للهجرة ، ولا تزال المئذنة محافظة على شكلها المعماري لأكثر من 14 قرناً. ورغم الأهمية التاريخية لمسجد عمر بن الخطاب بدومة الجندل ، إلا أن جماليته لم تكتمل لعدم وجود مؤذن منذ عام 1422هـ وهو تاريخ وفاة مؤذنه عواد مبارك الدرع – رحمه الله – حيث ذكر ابنه جمعه أن والده ولد عام 1317هـ وعمل مؤذن في مسجد عمر بن الخطاب أكثر من 85 عام نصفها متطوعاً بلا اجر وكان حافظاً لكتاب الله بالتجويد والترتيل والتفسير والأحاديث النبوية ، ومنذ 13 عام لا يوجد فيه مؤذن .
وبحسب صحيفة الوطن السعودية، قال إمام مسجد عمر بن الخطاب السابق الشيخ سليمان عبدالرحمن الدريويش أن والده عبدالرحمن عبدالكريم الدريويش – رحمه الله – كان إماماً له وكذلك الشيخ عبدالكريم المفرج – رحمة الله – وكذلك الشيخ عبدالله الحمود المعروف بابن عبيد كان يصلي الجمعة بالمسلمين .
ويضيف الدريويش كانت تُقام فيه جميع الصلوات المكتوبة وصلاة التراويح والقيام وتوقفت الصلاة فيه قبل 13 سنة تقريباً ، أي منذ استلام خطاب من الأوقاف يفيد إيقاف الصلاة في مسجد عمر لانضمامه لهيئة السياحة والآثار مشيراً أن أهل العلم يفضلون إقامة الصلاة في المساجد القديمة فكيف بمسجد له أكثر من 1400 سنة ، ويوجد جماعة لمسجد عمر بن الخطاب وهم سكان أحياء الدرع
والكبرى والسوق ، وفي صلاة التراويح والقيام يحضر الكثير من الأهالي للصلاة فيه متمنياً عودة الحياة فيه من جديد وتعيين مؤذن وإمام له. وطالب عدد من الأهالي وزوار الجوف من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والسياحة ، أن يتم تعيين مؤذن وإمام خاص بالمسجد وإقامة جميع الفروض فيه .
وفي تصريح سابق أوضح المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالجوف علي العبدلي ، أن الهيئة العامة للسياحة هي المسئولة عن الجامع بالكامل، مضيفاً أنه لا مانع لدى الأوقاف من توفير مؤذن أو إمام جامع إذا طُلب منهم. واتصلت على مدير الأوقاف بدومة الجندل ممدوح المرشد وإرسال عدة رسائل للإيضاح ولم يرد على اتصالاتنا ورسائلنا المتكررة.
يُذكر أن مسجد عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يقع في وسط مدينة دومة الجندل القديمة ملاصقاً للحي القديم من الجهة الجنوبية، ويعد من المساجد الأثرية المهمة بالمملكة وتكمن أهمية المسجد في طريقة تصميمه التي تمثل استمرارية لنمط تخطيط المساجد الأولى ويشبه بتخطيط مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة في مراحله الأولى الذي بني سقفه من الأثل وسعف النخيل المغطى بالطين، فيما يعتبر الجزء الخلفي من المسجد عبارة عن خلوة ومكان للصلاة في الشتاء حينما يشتد البرد.
والمسجد من أقدم المساجد الأثرية التي لم يتبدل تخطيطها، وتقع مئذنته في الركن الجنوبي الغربي وتنحرف عن مستوى جدار القبلة ، وقاعدة المئذنة مربعة الشكل، طول ضلعها 3م، وتضيف جدرانها الحجرية إلى الداخل كلما ارتفع إلى الأعلى حتى تنتهي بقمة شبه مخروطية يبلغ ارتفاعها الحالي 13 م، فيما استخدم حجر “الجندل” في بناء المسجد والمئذنة، وهي حجارة صلبة وتتكون من خمسة
مستويات. ويقول مدير متحف الجوف للآثار والتراث الشعبي أحمد القعيد إن المؤرخون يؤكدون أن مئذنة مسجد عمر بن الخطاب تعتبر أول مئذنة في الإسلام، ويصل ارتفاعها إلى 13 متراً، وأعيد ترميم بناء المسجد مؤخراً، إلا أن المئذنة بقيت محافظة على شكلها منذ أن بنيت في عصر صدر الإسلام.
والمئذنة عبارة عن كتلة معمارية مقامة على دعامتين مستطيلتي القطاع، يعلوهما قطع حجرية ضخمة مكونة من 8 قطع كأعتاب، فيما يتم الصعود إلى المئذنة بواسطة درج خارجي مقام على قطع خشبية ضخمة، يصل بالداخل إليها باب قليل الارتفاع في ضلعها الشمالي الشرقي، ليبدأ بعده السلم الداخلي للمئذنة الذي قوامه قلبات متعامدة مقامة على قطع من جذوع النخيل الضخمة، ويمكن تمييز 6 مستويات للمئذنة من الخارج، ويوجد بكل من المستوى الثاني والثالث والرابع والخامس أربع فتحات مستطيلة الشكل يعلو كلا منها حجران موزعان على أضلاع المئذنة الأربعة للإضاءة والتهوية، ولوصول صوت المؤذن للصلاة إلى الناس.