نظام “ساند”.. “البُعبُع” الجديد لجيوب السعوديين
شهد الرأي العام السعودي تساؤلات كثيرة وغضب تجاه إقرار نظام “ساند” باستقطاع رسم شهري من راتب الموظف بمقدار 2 % ادخاراً له حال تركه للعمل لأي سبب، بحسب النظام، غير أن الموظفين يعدون ذلك الإجراء لا حاجة إليه ويذهب لخزانة الدولة، من دون رجعة.
وأفرز الحراك الاجتماعي حول فهم النظام أنه “بُعبع” جديد يأتي خلفاً لنظام “ساهر”، وسوف يتحول إلى حيلة جديدة في طريقة تطبيقه أسوة بـ”حافز”.
وزالت غُمّة الاحتقان قليلاً على خلفية فتوى مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ عندما قال إجابته عن سؤال سُئل عبر أثير الإذاعة: “لم أقرأ هذا النظام بعد؛ سأقرؤه وأنظر فيه إن شاء الله”.
وأحدثت تصريحات أشهر مُحللَين اقتصاديين يثق بهما المجتمع السعودي وهما راشد الفوزان وعبدالحميد العمري مفاجأة كبيرة وتناقضاً غريباً في عملية تحليل ورؤية كلٍ منهما لـ”ساند”، فيقول الكاتب الاقتصادي راشد الفوزان إن “ساند” هو نظام تأمين اجتماعي، وله بُعد تكافلي اجتماعي فهو ليس صندوق جباية ولا ادخاراً، هو للموظف وليس لغيره، ويحمي الموظف في حال تركه للعمل لأي سبب بحيث يوفر لتارك العمل راتباً وتدريباً حتى يجد عملاً آخر بعكس الوضع الحالي يُفصل الموظف وينتظر وظيفة بلا دخل مالي نهائياً.
وأضاف “الفوزان”: نظام ساند تدفع 2 % ليست عليك كلها بل 1 % على صاحب العمل وأنت 1 % بمعنى إذا كان راتبك 5,000 ستدفع 50 ريالاً، وإذا 10,000 ريال تدفع 100 ريال فقط.
وأكد “الفوزان” أن النظام سيضيف أماناً وظيفياً في حال الفصل فلا يعاني الموظف قلق الفصل والأمان الوظيفي فحين تفصل هناك راتب سيدفع لك من “ساند”، مضيفاً أنه سيسهم مساهمة فعالة في التوطين الوظيفي والعمل بالقطاع الخاص من خلال رفع مستوى الأمان الوظيفي وكل يردد من مبالغات غير صحيحة.
في حين رأى المحلل الاقتصادي والكاتب عبدالحميد العمري، أن نظام “ساند” الذي تم إقراره أخيراً من قِبل وزارة العمل، سيساهم في زيادة أعداد السعوديين المفصولين من القطاع الخاص، مشيراً إلى أن النظام يخدم رجال الأعمال بالدرجة الأولى، والدليل أننا لم نلحظ أي تذمر أو اعتراض من قِبلهم؛ نظير انفتاح الفرصة أمامهم بصورة أكبر لفصل العمالة الوطنية.
وأضاف “العمري” خلال حديثه لـ”سبق”: سيتسبب البرنامج الجديد في زيادة عملية التوظيف الوهمي، وفرض أدنى الأجور على السعوديين؛ تجنباً لزيادة تكلفة نسبة الـ 1 % المفروضة على المنشآت، كما أن أغلب ضحايا فصل العمالة الوطنية سيكونون أصحاب الأجور المرتفعة، والبديل أعداد أكبر برواتب متدنية، بما يلبي برنامج “نطاقات” و”رسوم العمالة” (الـ 2400 ريال).
وأكد أن النظام سيضيف المزيد من الأعباء على المنشآت الصغرى والمتوسطة، ومن ثم تقفل نشاطها وتخرج من السوق المحلية، وهو ما سيكرس من أوجه احتكار المنشآت العملاقة.
ورجَّح أن نظام “ساند” سيُكمل المثلث المميت للاقتصاد الوطني والتنمية والتوظيف “نطاقات”، “رسوم العمالة”، “ساند”، وهو ما يستدعي فوراً سرعة اتخاذ قرار سيادي بتعليق جميع برامج وزارة العمل وجميع برامج الأجهزة التابعة لها؛ لكون آثارها تمتد للتأثير السلبي على الاستقرار الاقتصادي محلياً، بل تتجاوزه للتأثير حتى على ركائز الأمن الوطني، من دون مبالغة.
من جانب آخر قال مساعد محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في السعودية عبدالعزيز الهبدان، في تصريح صحافي سابق، إنه سيتم فرض غرامة مالية على أصحاب العمل الذين لا يتقيدون بأي حكم من أحكام نظام “ساند”، واللائحة المتعلقة بنظام التأمين ضد التعطل عن العمل.
وتابع بأن قيمة الغرامة المالية ستصل لنحو عشرة آلاف ريال، يتم مضاعفتها في حال التكرار، وسيتم مضاعفة الغرامة في حال تعدد الغرامة بتعدد العمال المشتركين الذين ارتكب صاحب العمل بصددهم مخالفة أو أكثر.
وأشار إلى أن عدد المشتركين في النظام يصل إلى 1.5 مليون مشترك، وفي حال مخالفة أي منهم النظام فإن الغرامة ستكون بحدود 2000 ريال.
وأردف أن موظفي الخدمة المدنية والعسكرية في السعودية لن يخضعوا لنظام “ساند” للتأمين ضد التعطل، الذي سيبدأ تطبيقه في شهر سبتمبر المقبل.
وأضاف: “نظام ساند تأميني تكافلي هدفه توفير مظلة حماية تأمينية للعامل ولأسرته في حال التعطل عن العمل، واشتراكاته ليست ضريبة أو رسوماً”، مؤكداً أن النظام سيطبق على نحو 150 ألف موظف سعودي يعملون في القطاع العام بنظام العمل أو أنظمة البنود، بالإضافة إلى موظفي القطاع الخاص.
وأوضح “الهبدان” أن نظام “ساند” جاء ليكمل منظومة التأمين الاجتماعي في السعودية، وهو معمول به في معظم الدول المتقدمة، مشيراً إلى أن اشتراك الـ2 %، أقل مما هو مطبق عالمياً أو حتى في إحدى دول الخليج والتي يصل فيها الاشتراك إلى 3 %، فيما يستقطع البرنامج في السعودية 2 %، فقط يدفع العامل 1 %، والشركة تدفع 1 %.