الأخبار المحلية

إمام الحرم النبوي يوصي بالتمسك بالأخلاق الإنسانية

تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي، الشيخ عبدالباري الثبيتي، في خطبة الجمعة اليوم، عن الإنسانية وسبل تحقيقها, موصياً بتقوى الله عز وجل.

وقال “الثبيتي”: “الله خلق الإنسان في أحسن تقويم وجعل في أعماقه أخلاقاً ومشاعر وأذواقاً، والذين يستشعرون مقام الروح والقلب والعاطفة أكثر تحقيقاً لمعاني الإنسانية التي تستمد منهجها وقيمها من الإسلام, حمى الإسلام الإنسانية بإقامة الحدود الشرعية التي من أهم مقاصدها المحافظة على حقوق الأفراد وهذبها واعتنى بها في إطار منهج القرآن, وكلما اقترب الإنسان من ربه صلاة وتعبداً ودعاء، سمت إنسانيته، قال تعالى (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ)، وقال تعالى (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)”.

وأضاف: “الإسلام ينشد كمال الإنسانية بإحياء مراقبة الله, وإذا ساس الإنسان نفسه وجاهدها انقادت له وأشرقت إنسانيته, مبيناً أن الإنسانية التي زكاها الإسلام تضم جميع الأجناس والألوان ليتعارف الناس ويتآلفوا ويعيشوا إخواناً وليقوموا بواجب الخلافة على الأرض، قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى* وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا * إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ* إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)”.

وأردف: “من مقتضيات الإنسانية في الإسلام التعاون والتكافل وبناء معاني الحب والرحمة والتسامح وهجر الحقد والكبر والانتقام ومنع الظلم ومساندة المحتاج, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وكونوا عباد الله إخوانا), والقرآن الكريم يحيي معاني الإنسانية الفاضلة ويرسخ كرامة الإنسان، كما يحمي العواطف الإنسانية من الانحراف عن أهدافها ويحصنها من الصراع البغيض، الذي يتنافى مع الإنسانية النقية ويجعلها تبصر الحق وتعرف الرشد وتحكم العقل وتنشد العدل, فالقرآن يهدف لرقي الإنسانية وأن لا تهبط فيها نزوات الجسد ودواعي الغريزة إلى الحد الذي يصبح الناس فيه عبيداً لشهواتهم وملذاتهم، كما يرتقي بالحياة حتى لا تتحول إلى صراع بغيض وحروب مدمرة تمتهن فيها الإنسانية”.

وقال “الثبيتي”: “الإنسانية في الإسلام بلغت شأناً عظيماً ومرتبة سامقة في أهدافها ووسائلها, ومن ذلك الإحسان إلى الوالدين بالتكريم والنفقة وخفض الجناح وفي رعاية المرأة وأداء حقوقها، إما زوجاً أو بنتاً أو أختاً”.

وأضاف: “الإنسانية تنعدم وتطمس معالمها بالاعتداء على الخالق في خلقه وفي التحليل والتحريم لقوله تعالى (خَلَقَ الإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ), وقد تبطر الإنسانية وتستبد عندما تصل إلى الرفاه وتغدق عليها النعم والخيرات قال الله تعالى (كَلَّا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى), مما يفضي هذا الانحراف إلى الطغيان والاستبداد إلى العقوبة والبلايا”.

وأردف: “إنسانية الإنسان لا تصح ولا تكون لإنسانيته قيمة حتى يتحرر العقل من الضلال والفكر من الخرافة والدجل، ومن ذلك ما يقع من سحر وتنجيم ومخاطبة أرواح وقراءة كف وتنوين, فهذه السلوكيات تدمر إنسانية الإنسان وتفسد على المسلم عقيدته وخلقه وتلغي العقل والمنطق, والذين يمارسون الحرق والتفجير وقتل المصلين في المساجد قد طمست إنسانيتهم وأظلمت بصائرهم والذين يقتحمون ويدنسون بأجسادهم وأحذيتهم مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقتلون في ساحاته النساء والأطفال والرجال، قد ماتت ضمائرهم وانسلخت إنسانيتهم بكل معانيها وصورها”.

وختم إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالباري الثبيتي خطبته بالإشارة إلى أن المسلمين يحملون رسالة عظيمة في العالم للارتقاء بقيم الإنسانية ومواجهة تحدياتها, وتبرز معاني الإنسانية في قادة هذه البلاد وأهلها للدور الإنساني الكبير الداعم للعمل الإغاثي في شتى بقاع الأرض ومد يد العون لكل محتاج بإنسانية صادقة ومشاعر دافئة.