الأخبار المحلية

باحث تاريخي يطالب بتحويل منطقة سور دومة الجندل لمتحف مفتوح

طالب الباحث التاريخي عضو الفريق السعودي الإيطالي الفرنسي د.جون شاركوس بتحويل منطقة سور دومة الجندل الأثري إلى متحف مفتوح لما يحويه من كنوز أثرية كبيرة على مساحه على تقل عن 2 مليون متر مربع ؛ ويقع السور الأثري غرب دومة الجندل مسافة 2 كلم .
وجاء ذلك بحضور محافظ دومة الجندل د.طلال التمياط وعدد من مديري الدوائر الحكومية و الاعلاميين والأهالي حيث أقامت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمكتبة الامير تركي بن عبدالعزيز ندوة عن الاكتشافات الأثرية بمحافظة دومة الجندل لأعمال الفريق السعودي الإيطالي الفرنسي ..

وبدأت الندوة بتقديم مدير متحف الجوف الإقليمي أحمد القعيد ومشاركة المترجم معيدي الريس .
وبدأ عضو الفريق السعودي الإيطالي الفرنسي د.جون شاركوس بتقديم الشكر لحكومة السعودية والشكر لرئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ودعم سموه المستمر لما نقوم به من أبحاث ودراسات الأثرية والشكر لامير الجوف والشكر لمحافظ دومة الجندل وسياحة الجوف .
وبدأ جون بعرض صور عن مراحل التنقيب و الدراسات الأثرية في أحياء واحة الجوف القديمة مرورا بالمنطقة الأثرية بدومة الجندل حتى السور الأثري غرب دومة الجندل وهي لمحة عامة عن نتائج 6 مواسم من الأعمال الأثرية بدومة الجندل 2010-2016 أجراها فريق المشروع السعودي-الفرنسي-الإيطالي المشترك بإشرافي والدكتور/رومولو لوريتو حيث حظى المشروع بدعم من عدة مؤسسات دولية خاصة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، والمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي وشرح جون أهداف المشروع وتوجهاته الأثرية من عام 2010م حتى الآن وتطرق إلى قضايا تخص حماية التراث المحلي والمحافظة على آثار دومة الجندل ؛ وكانت دراسة الواحة الحديثة نسبيا.

واستشهد بوصف الرحالة الدنماركي نيبور واحة الجوف في نهاية القرن الثامن عشر. كما وصفها بدقة رحالة في القرنين التاسع عشر والعشرين بدءاً من زيتسن عام 1808 وبورخارت في عام 1822. جرى مسحها مرتين، بين عامي 1962 و 1967 وعامي 1976 و 1977، قبل أن تنقب في بعض مواقعها الاستراتيجية وكالة الآثار والمتاحف السعودية في 1985-1986 .
واوضح ان تاريخ واحة دومة الجندل عريق وثري وقد ورد ذكرها في حولية الآشوريات الحديثة منذ 2800 سنة وفي النقوش النبطية ومصادر التراث منذ 2000 سنة، كما ذكرت في عدة مصادر عربية من العصور الوسطى.
كما وُصِفَ جُل رسوم الأطلال وبقايا الآثار منذ سنوات ، وبعضها قليل الأهمية وهو ما يهدف إليه مشروعنا هذا لدراستها لفهم هذا التراث وحمايته والإسهام في تهيئة الموقع سياحياً وتطويره أيضاً.

وتساءل الباحث جون انه كيف ندرس المباني ونهيئ الواحة سياحياً ونطورها ؟ كيف يتحقق هذا على أرض الواقع؟
وأجاب
نحن نمضي وقتاً طويلاً في مراقبة البيئة الحالية محاولين فهم البيئة القديمة أملاً في العثور على آثار وجود بشري أو حيواني. وللقيام بذلك ، استقطبنا عدة باحثين متخصصين في مختلف المجالات. ويظهر على الشاشة النباتات الحالية والقديمة ويتضح ذلك من خلال الحيوانات والجيولوجيا وفن العمارة والآثار أو التاريخ ..
وتبين بعض الصور موقع واحة دومة الجندل في خَسْف مما جعل المياه الجوفية تَنِزُّ إلى سطح الأرض مغذية الواحة.
واشار الى ان دراسة بقايا الآثار مرت بمرحلتين أثناء مهمتنا: المرحلة الأولى هي مسح الواحة وما جاورها ودراسة النقوش خاصة في أقرب المناطق إليها وهي نقوش تحكي عن أناس نحتوا أسماءهم عليها، ودونو لغاتهم وكتاباتهم على تلك الشواهد التي من شأنها أن تساعدنا في معرفة طرق سفرهم وتنقلاتهم ولإيجاد تأريخ تقريبي لذلك.
والمشكلة أن هذه المواقع تتعرض غالباً إلى التخريب كما يلحقها ضرر سواء من الناس أو المعدات الثقيلة وهي أعمال يعاقب عليها القانون في المملكة العربية السعودية ولا بد من وقفة حازمة في وجه هذه التعديات على تاريخ الجوف والمحافظة عليه وأن نفعل بكل وسعنا لحماية المواقع الأثرية لأجيالنا القادمة. فهي في المقام الأول تراثكم الأصيل وتاريخكم المجيد، وذاكرة آبائكم وأجدادكم وأسلافكم ندين لهم كل الاحترام والتقدير.
والمرحلة الثانية هي التنقيب داخل الواحة. تجري هذه الدراسة ميدانياً بمساعدتكم فأنتم من يثري معرفتنا بالمنطقة.
ولذلك نزور كل بقعة من الواحة بحثاً عن أدلة أثرية ومقابلة المواطنين والحديث معهم.
ويزيح بعض الاكتشافات الستار عن تنظيم الواحة، وكثرة المهن فيها، ومناطقها وما يمكن حمايته منها حيث ينصب جل اهتمامنا على تاريخ اجدادكم وهو يستحق
الاهتمام الخاص. لذلك نحاول أن نحدد بدقة حدود القرى القديمة الرئيسة مثل (الغرب، السبيلة، الحسن، الحصيني، الضير، حبوب، غطيّ، الدلهمية، خدمة،
جراوي وغيرها) لمعرفة سبب اختيار أمكان المستوطنات بها وحاولنا أن نعرف أنظمة الري القديمة لبساتين النخيل وتضم القرى والواحات عموماً نظام قنوات وآبار حيث ذكر أن في الجوف “ألف بئر وألف ينبوع متدفقة”.
وبالرغم من استحالة التحقق من ذلك إلا أنه ثبت فعلاً بأن حدائق الواحة وبساتين نخيلها كانت تسقيها شبكة مياه معقدة واوضح جون انه تمكن الفريف خلال هذه الدراسة من رسم خريطة لجميع آبار دومة الجندل وقنواتها وينابيعها . ونشكر كل من ساعدنا من المواطنين على مساعدتهم لتحديد تلك الآبار والعثور على أطلالها ومعرفة استخداماتها.
واستطاع الفريق خلال هذا المسح من العثور على معالم آثار قديمة وقمنا بدراستها كالقصير أو ما يسمى بقصر الخطاب يقع خلف المتحف قريبا من قلعة مارد ؛ وقد جاء ذكر القلعة لدى الرحالة أغسط والين عام 1854م ودرس الفريق قصر جوهر أو حزام حيث شيدت “قصر الحاكم” عام 1856م عائلة بن رشيد في حائل. وهو حصن عسكري، مستطيل الشكل طوله (82) م وعرضه (45) م.
وقد درس الفريقان السعودي والإيطالي المنطقة التاريخية للواحة وهم ينقبون في مجس كبير منذ عام 2009م للكشف عن تسلسل الاستيطان بشكل كامل بالموقع .
وكشف الفريق عن فترة استيطان نبطية عمرها 2000 سنة وعدة مراحل استيطان رومانية وفترة الإسلام حتى وقتنا الحاضر.
وكشف
الفريق ان قصر مارد شيد دون معرفة تاريخ ذلك على تلة جيرية تطل على كل بساتين النخيل المجاورة ، وورد أول ذكر لقصر “مارد” ويعني (المتغطرس،
المتمرد) يبدو ان تاريخه يعود إلى القرن الثامن ميلادي (الضبي: مجلد 1، ص143-144)، حيث يرتبط بالمقولة الشهيرة ” تمرد مارد وعز الأبلق “استشهد به
كثيرا (مثل بن سلام البغدادي: مجلد 1،ص 94). يحكي عن فشل القوات التدمرية أثناء هجومها على حصون الدوما وتيماء.. ويذكر ياقوت الحموي في القرن الثالث
عشر عن وجود قلعة في الدومة تعرف بـ(مارد) تعود للحاكم أخيضر.
وفي المنطقة الاثرية السياحية مسجد عمر بن الخطاب وهو من أهم المعالم البارزة في دومة الجندل والمنطقة وقد درس الأستاذ الدكتور/خليل المعيقل في الثمانينات 1980م . تاريخ المسجد وانه قد يعود إلى العصر الأموي ؛ إلا أن هناك شك في نسبه إلى خليفة المسلمين عمر بن الخطاب في غياب أدلة ثابتة.
وأجرى الفريق دراسة على الجزء الغربي من السور الأثري على بعد 3 كلم غرباً المركز التاريخي بين بئر حسية وحي السبيلة قريباً من البرج.
وكشفت الابحاث عن سور طوله 2 كلم يصل ارتفاع بعض أطلاله أحياناً إلى (4.5) م حيث يغلق أسفل الوادي ويتجه
ناحية الجبل المجاور ويحتمل أنه عمارة الأكيدر . وبدأ السور قديماً جداً ربما عمره من 2000 عام ظل مستخدماً خلال الفترة الإسلامية حتى قرنين مضت .
واكتملت دراسة هذا القطاع عن طريق التنقيبات ودراسة التضاريس تمكنا خلالها من الكشف عدة مبان قديمة في الوادي ويظهر قمة الرجم ببرجه وأريكته وهي صالة اجتماع نبطية جرى تنقيبها وكشفها تماماً واكد جون ان المشكلة تكمن في حماية هذا الإرث من الاندثار والسبب أن تدمير الأطلال الأثرية كثير في المنطقة ناهيك عن نبش المواقع والتنقيبات المخالفة بها وقد تضرر جزء من السور القديم عام 2011م لقربه الشديد من الأحياء السكنية
هذا الذي جعلني أطلب رسميا بدعم مواطني دومة الجندل والبلدية لحماية هذا التراث الحيوي أما المواقع بديعة الفنون مثل تيماء والقريات، ودومة الجندل التي
يتوجب علينا حمايتها بشتى الطرق لتبقى إرثاً لأطفالنا.
أتساءل: لما لا يحول هذا القطاع والمكان إلى متحف مفتوح مثلاً؟
هذا هو مشروع حماية التراث استلمته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني عام 2011م ولابد من تنظيف السور ويوجد خطة لمشروع الترميم .
وناشد جون الجميع لمساعدتنا في حماية تاريخ المنطقة وهذه الواحة الجميلة. أرجو من الجميع المحافظة على ما تبقى من أطلال المنطقة وإرثها وتراثها ولا يُزالُ شيء إلا بإذن من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.
كما ناشد الخبراء لحماية ما تبقى من الماضي و تعليم الأبناء احترام ماضيهم، وعدم تدمير تلك المواقع الأثرية والنقوش والآبار، فهي مجد حاضر من ماض تليد .
ثم تم الاجابة على بعض المداخلات والتساؤلات من الحضور ..